الفقر المائي والجفاف.. خطران يهددان مستقبل اليمن
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
يواجه اليمن خطرًا مستقبليًا بيئيًا يهدد موارده المائية، وسط تحذيرات أممية من استمرار استنزاف المياه الجوفية بمعدلات مرتفعة تصل إلى ضعف معدل تجديدها، في ظل حالة الجفاف التي تضرب أراضي البلد الزراعية، نتيجة للتغيّرات المناخية التي يشهدها العالم.
وكان وزير المياه والبيئة، المهندس توفيق الشرجبي، قال خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، الذي انعقد في مارس/ آذار الماضي، إن بلاده "أكثر دول العالم فقرًا في المياه".
وأكد الشرجبي أنه "لا يزال أكثر من 40% من سكان اليمن لا يحصلون على مياه مأمونة، خاصة في المناطق الريفية التي تمثّل حوالي 65% من إجمالي مساحة وسكان البلاد".
تحديات مجتمعة
في هذا الشأن، قال مستشار وزير المياه والبيئة لشؤون الموارد المائية، المهندس ناصر اليزيدي، إن اليمن يعيش حاليًا أزمة مائية حقيقية، من مؤشراتها أن نصيب الفرد من المياه المتجددة لا يتجاوز 70 مترا مكعبا في العام.
وأشار اليزيدي إلى أن ذلك يأتي في ظل استمرار تعرض المياه الجوفية للاستنزاف منذ ثمانينات القرن الماضي، بفعل زيادة عدد السكان وتوسع الخدمات الحضرية للمياه والصرف الصحي في المدن والأرياف، إضافة إلى تزايد أثر التغيرات المناخية وتدهور الموازنات المائية، ما أدى إلى تفاقم الفجوة بين كميات استخدام المياه الجوفية وكميات تغذيتها الطبيعية.
وحذّر، في حديث لـ"الخليج 365"، من تفاقم الأزمة مستقبلًا في حال عدم تقنين كميات استخدام المياه في اليمن، بما يتلاءم مع كمياتها المتجددة.
وأشار إلى أطر قانونية وأخرى استراتيجية وهياكل مؤسسية لإدارة الموارد المائية، "لكن المشكلة تكمن في مواجهة ثلاثة تحديات مجتمعة".
أولها، بحسب المستشار، "يتمثل في تدني الوعي السياسي والمجتمعي بالأخطار التي تشكلها أزمات المياه في مختلف المناطق على جوانب الحياة، وثانيها يكمن في شحّ القدرات المؤسسية القادرة على فرض سيادة القانون، وفي مقدمتها التمويل الكافي وغياب التكنولوجيا العصرية".
"أما التحدي الثالث فيتجسد في زيادة عدد السكان وتوسع الاستثمار المعتمد على المياه في ظل غياب رؤية تنموية قائمة على التكامل والتنسيق القطاعي على المستويات المحلية والوطنية، فضلًا عن الوضع السياسي والأمني المستجد، الذي أثّر سلبًا وبصورة جدّية على إدارة المياه".
ورأى أن "هناك حلولًا تساعد في الحدّ والتخفيف من أزمات المياه والتغيرات المناخية، كأن يمنح قطاع المياه أهمية أكبر في الوعي السياسي وفي أروقة متخذي القرار، بشكل ينعكس على التخطيط التنموي الشمولي المستند على الربط عمليًا بين الأمن المائي والأمن الغذائي، كقاطرة للتنمية الوطنية المستدامة".
وقال المهندس اليزيدي إن توفير الموازنات الكافية لقطاع المياه سيمكنه من العمل بصورة طبيعية، إلى جانب أهمية تحديد واجبات ومسؤوليات جميع القطاعات، ومنها العمل بنظام الإدارة اللا مركزية للأحواض المائية.
وتطرق إلى أهمية حلّ المشاكل الحالية المتفاقمة بفعل الحرب وتوقف التمويل، كحل أزمة خدمات المياه والصرف الصحي، وإعادة تفعيل شبكات مراقبة المياه الجوفية، وضبط المخالفات المتعلقة بحفر آبار المياه ومراقبة التلوث، وضرورة الاستفادة من جميع مصادر المياه المتاحة.
ضرورة التقنين
بدوره، شدد مدير مركز "الكود" للأبحاث الزراعية، الدكتور محمد الخاشعة، على أهمية سنّ القوانين النافذة للسيطرة على عمليات ضخ المياه في ريّ الحقول الزراعية ووضع عدادات لها، "خاصة حقول الموز في محافظة أبين، التي تشهد عملية ريّها إسرافًا كبيرًا في ظل عدم إدراك المجتمع لقيمة موارده المستدامة، وأهمية الحفاظ عليها وعدم استنزافها كونها تمثّل مستقبل الأجيال".
وقال الخاشعة، لـ"الخليج 365"، إن الوضع المائي في دلتا أبين لا يزال بخير نسبيًا، مقارنة بوضع المحافظات الأخرى، كمحافظة لحج ومحافظات شمال البلاد، "ورغم ذلك لا بد من اتخاذ الاحتياطات اللازمة في وضع القوانين ووقف الحفر العشوائي للآبار، فلو نظرنا إلى ما قبل 40 عاما، كان عمق آبار المياه في دلتا أبين يصل إلى 30 مترًا، لكنه في الوقت الحالي وصل إلى عمق 80 مترًا".
تراجع الزراعة
من جانبه، أشار وكيل وزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية، لقطاع الريّ واستصلاح الأراضي، المهندس أحمد الزامكي، إلى معاناة اليمن من شحّ الموارد المائية بشكل عام، وما تفرضه تأثيرات التغيّرات المناخية من تحديات كبيرة لدول العالم، بما فيها اليمن، وما تسببه من حالة الجفاف التي باتت تطغى على الأراضي الزراعية اليمنية، خلال عقدين إلى العقود الثلاثة الأخيرة.
وقال الزامكي، لـ"الخليج 365"، إن حجم التحديات التي يواجهها اليمن كبيرة جدًا، فبالإضافة إلى شح الموارد المائية وتأثيرات التغيّرات المناخية، فإن حالة النزاع المسلح التي يمرّ بها البلد منذ العام 2015 ضاعفت حجم التحدي".
وأضاف: "أدت إلى ارتفاع في كافة المدخلات الزراعية وأيضًا المشتقات النفطية، المشغلة لمضخات المياه والجرارات الزراعية، وهذا ما ينعكس سلبًا على الأمن الغذائي ويفاقم من حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها البلد، في ظل تراجع الزراعة المحلية".
وحول أبرز جهود الوزارة في هذا الجانب، أكد الزامكي أنها قامت بالتنسيق مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة لاستئناف العمل في مشروع سدّ حسان الاستراتيجي، في محافظة أبين، بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية.
وبين أن هذا المشروع سيتمكن عقب إنجازه من ريّ حوالي 10 آلاف هكتار، ويؤدي إلى استصلاح بعض الأراضي الزراعية في المنطقة، وتخفيف انجراف التربة.
كما سيساعد، وفق الزامكي، في الاستفادة من المياه السطحية الجارية في الوادي، خلال المواسم الزراعية، حتى في ظل شح الأمطار، "وبالتالي فإن هذا المشروع سيمكننا من التغلب على جزء من الجفاف في منطقة دلتا أبين، والحدّ من التحديات التي تواجه التربة الزراعية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الفقر المائي الجفاف الطقس الزراعة الموارد المائیة المیاه الجوفیة المیاه فی
إقرأ أيضاً:
دورة تدريبية عن تطبيقات النظائر المشعة والإشعاع لتحقيق لاستغلال الأراضى المتأثرة بالملوحة والجفاف
افتتح اليوم بهيئة الطاقة الذرية الدكتور هداية أحمد كامل – نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية للتدريب والتعاون الدولي و الدكتور طارق المغربي ممثل الهيئة العربية للطاقة الذرية، و الدكتور سليمان محمد سليمان نائب رئيس الهيئة للتدريب والتعاون الدولي الأسبق و الدكتور يحيي جلال محمد جلال المنسقين المحليين للدورة التدريبية عن استخدام تقنيات النظائر المشعة والإشعاع للاستغلال الأمثل للأراضي المتاثرة بالملوحة والجفاف.
فعلى مستوى العالم تعتبر الملوحة أكثر أشكال الإجهاد اللاحيوي انتشاراً على الأراضي الزراعية، مما يؤدي إلى تقليص نمو وإنتاجية العديد من المحاصيل الحقلية المهمة إلى حد كبير. وفي أكثر من 100 دولة تتأثر حوالي 20 % من الزراعة بالملوحة. وهذا يعني أن 100 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة تتأثر سلبًا بالتركيز العالي للملح، مما يقلل من نمو المحاصيل وإنتاجيتها.
ويتزايد اتجاه التملح في جميع أنحاء العالم بسبب ندرة المياه العذبة وتغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر. ومع ذلك، يمكن للمحاصيل المقاومة للملوحة والممارسات الزراعية المبتكرة أن تساعد في ضمان الأمن الغذائي. لذا فقد بات الآن أن الملوحة تشكل جزءاً لا يتجزأ من بيئتنا، وأننا في حاجة إلى تبني ممارسات علمية جديدة لحماية البيئة والحد من التأثير السلبي للملوحة، ومن أهم هذه التقنيات تطبيقات النظائر المشعة والإشعاع.
وفي هذا الإطار صرح الدكتور طارق المغربي ممثل الهيئة العربية للطاقة الذرية بأن الهدف الأساسي للدورة هو تقديم الخبرات والمعلومات الضرورية لتأهيل الكفاءات المتخصصة من الدول العربية في مجال تطبيقات النظائر المشعة والإشعاع لتحقيق الاستغلال الأمثل للأراضى المتأثرة بالملوحة والجفاف. وكذا الإطلاع بشكل عميق على كل ما هو جديد بحثياً وتقنياً في هذا المجال الهام بما يخدم فتح آفاق علمية جديدة للتعاون بين الدول العربية والتي تعاني الكثير منها من الأراضي المتأثرة بالملوحة والجفاف نتيجة التأثيرات من تغير المناخ.
وقد أوضح الدكتور/ سليمان محمد سليمان المنسق المحلي للدورة بأن الدورة ستغطي مجموعة من المحاور الهامة والتي تشمل:
الاجهادات البيئية غير الحيوية: مقدمة للاجهادات الرئيسة وأثرها فى الزراعة الى جانب وسائل
التغلب عليها واستراتيجيات موائمة المحاصيل مع الظروف المعاكسة.
التغييرات المناخية والأمن الغذائى والزراعة الذكية: المعضلات، سياسات الأمن الغذائى، العائد
البيئى ودور الزراعة الدقيقة.
الادارة الجيدة للتربة-الماء-النبات فى ظل ظروف الملوحة والجفاف ونظم الزراعة المستدامة.
نظم الانتاج الزراعي المرن مع التغيرات المناخية الخطيرة والاجهادات البيئية.
التوجهات الحديثة فى مجال استخدام التكنولوجيا الحيوية واللقاحات الميكروبية والتقانات النانوية لمعالجة الآثار السلبية للملوحة والجفاف.
الاستغلال الأمثل للنباتات البديلة المقاومة للملوحة والجفاف ذات القيمة المضافة بيئياً واقتصادياً.
حوكمة ملوحة التربة الزراعية : تدوير المياه واستغلالها مع نظم الرى الحديثة والمتطورة.
وأضاف الدكتور/ يحيي جلال محمد المنسق الوطني للدورة بأنها ستعقد على مدار خمسة أيام ويحضرها عدد 21 مشارك من الكوادر من عدة دول عربية بالإضافة لمصر.
كما أوضح بأن البرنامج التدريبي لها سيشمل محاضرات علمية تغطى الجانب النظري وكذلك على دروس عملية سواء حقلية أو معملية والتي تشمل زيارة ميدانية لموقع المزارع التجريبية للهيئة بمدينة الفيوم والتي تعتبر مثالاً واقعياً على تطبيقات النظائر المشعة على الأراضي المتأثرة بالملوحة والجفاف في مصر. حيث ستشمل الزيارة تدريب عملي على كيفية إدارة المياه والتسميد في الأراضي الملحية، وكذلك كيفية استخدام تقنيات الأشعاع والاستشعار عن بعد.
صرح الدكتور هداية أحمد كامل نائب رئيس الهيئة للتدريب والتعاون الدولي بأن المشاركون في الدورة سيحصلون على فرصة للتدريب العملي وهو من أهم مايميز برامج التدريب في هيئة الطاقة الذرية المصرية وسيشمل التدريب العملي بالدورة مجموعة من الاختبارات على التقنيات المستخدمة لزراعة وري الأراضي الملحية بالمزارع التجريبية للهيئة بمدينة الفيوم.
فيما صرح الدكتور عمرو الحاج رئيس الهيئة بأن الهيئة لديها خبرات متقدمة في مجال تطبيقات النظائر المشعة والإشعاع لتحقيق الاستغلال الأمثل للأراضى المتأثرة بالملوحة والجفاف وأن هذه الدورة تعمل على تبادل الخبرات وتدريب الكوادر البشرية من الدول العربية للتعرف على الإتجاهات الحديثة البحثية والتقنية في هذا المجال الهام الذي ينعكس على توفير الغذاء للدول العربية.
وقال الدكتور شريف الجوهري المتحدث الرسمي للهيئة بأن الهيئة تواصل جهودها وبرامجها التدريبية مع الهيئة العربية للطاقة الذرية لدعم وتدريب الكوادر البشرية بالدول العربية لبناء أجيال مؤهلة في مجالات تطبيقات النظائر المشعة والإشعاع لتحقيق الاستغلال الأمثل للأراضى المتأثرة بالملوحة والجفاف. كما أن هذه الدورة هي آخر دورة مع الهيئة العربية للطاقة الذرية خلال عام ٢٠٢٤.