فريدمان: من أنت يا نتنياهو.. نريد أن نعرف؟
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
خصص الصحفي توماس فريدمان مقاله الأسبوعي بصحيفة "نيويورك تايمز" هذه المرة لمخاطبة الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل لقائهما أمس الأربعاء في واشنطن.
وقال، إن هذا هو أول لقاء بين الرجلين منذ عودة نتنياهو إلى سدة الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأضاف مخاطبا الرئيس بايدن، أن نتنياهو شكّل "أشد الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل، ومع ذلك تدرس إدارتك إقامة شراكة معقدة مع ائتلافه (الحاكم)، والمملكة العربية السعودية".
وأعرب فريدمان عن أمله -في أقصر عمود أسبوعي يكتبه على الإطلاق، حسب قوله- في أن لا يمضي بايدن قدما دون الحصول من نتنياهو على إجابات مرضية عن 3 أسئلة رئيسة، "لكي نعرف فقط ما إسرائيل، وما بيبي (لقب نتنياهو)، الذي نتعامل معه"؟
وأورد الكاتب الأسئلة الثلاثة في شكل خطاب مباشر موجّه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، مذكرا إياه أن "اتفاق تشكيل ائتلاف حكومتك هو الأول من نوعه في تاريخ إسرائيل، الذي يحدد ضم الضفة الغربية على أنه أحد أهدافه -أو أنه إنفاذ للسيادة الإسرائيلية في يهودا والسامرة، كما ينص الاتفاق".
وأردف القول، "لكنك دعمت في وقت سابق خطة (الرئيس السابق دونالد) ترامب لسلام الشرق الأوسط التي اقترحت تقسيم الضفة الغربية، بحيث تمنح إسرائيل السيطرة على نحو 30% من الأراضي، والدولة الفلسطينية حوالي 70%، وإن كان ذلك مع ضمانات أمنية مشددة، وعدم تواصل بينهما.
هل تنوي ضم الضفة؟ووجه إليه سؤالا قائلا، "هل تنوي ضم الضفة الغربية، أو ستتفاوض بشأن ترتيباتها المستقبلية مع الفلسطينيين؟ نعم أو لا؟ نريد أن نعرف. لأنك إن كنت تنوي الضم، فإن كل اتفاقياتك للتطبيع مع الدول العربية ستنهار، ولن نتمكن من الدفاع عنك في الأمم المتحدة بشأن تهم بناء دولة فصل عنصري".
أما ثاني الأسئلة فيتعلق ببرنامج إيران النووي، وتطوير علاقات إسرائيل المتنامية مع العالم العربي، إذ كان نتنياهو قد أبلغ أول اجتماع لحكومته في ديسمبر/كانون الأول، أن الموضوعين سيكونان في صدر أولوياته. ويستدرك فريدمان في مخاطبته نتنياهو قائلا، "لكننا رأيناك تقرر، بدلا من ذلك، إعطاء الأولوية لانقلاب قضائي يجرد المحكمة العليا الإسرائيلية من قدرتها على مساءلة حكومتك".
وتساءل الكاتب، "لماذا ينبغي لنا جعل مواجهة برنامج إيران النووي أولويتنا، بينما لا تفعل أنت ذلك"؟
ومضى فريدمان مخاطبا نتنياهو، "السعوديون -يا رئيس الوزراء- على استعداد لفعل شيء صعب، وهو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ونحن نبذل قصارى جهدنا للمساعدة في تسهيل ذلك، بصياغة معاهدة دفاع مشترك مع السعودية. فما الأمور الصعبة التي أنتم مستعدون للقيام بها إزاء الفلسطينيين لإتمام الصفقة"؟
وختم مقاله موجها كلامه لرئيس الوزراء الإسرائيلي قائلا، "بيبي، أنت خارج نطاق اهتمام الشعب الأميركي. ونريد أن نعرف: من أنت الآن"؟
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هل تنزلق إسرائيل إلى حرب أهلية في عهد نتنياهو؟
القدس المحتلةـ "لن تكون هناك حرب أهلية"، عبارات بات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يكررها كثيرا في الآونة الأخيرة، وذلك في ظل تصاعد الاحتجاجات المطالبة بوقف الحرب على غزة وإبرام صفقة تبادل، وذلك في محاولة بائسة لتصوير نفسه على أنه مناحيم بيغن على متن سفينة "ألتالينا" قبل 77 عاما.
ويروق لليمين الإسرائيلي الاستشهاد بموقف بيغن حينما كان قائدا لمنظمة "إرغون إتسل" خلال النكبة، ومنع حربا أهلية بكلماته التصالحية بين المنظمات العسكرية اليهودية المسلحة ما بعد حرب 1948، والحكومة الإسرائيلية الأولى برئاسة ديفيد بن غوريون، التي أرادت إخضاع كافة المنظمات المسلحة تحت قيادة الجيش.
وتشهد إسرائيل حاليا حالة من الانقسام وتعميق الشرخ المجتمعي والاستقطاب السياسي والخلافات بشأن قضايا خلافية جوهرية، سواء قانون تجنيد الحريديم أو الإصلاحات بالجهاز القضائي أو إقالة رئيس الشاباك رونين بار، لتعود قراءات الكتاب والمحللين إلى الأحداث التاريخية بشأن الخلافات داخل الحركة الصهيونية، وهي الصراعات التي تغذت وتوسعت في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية.
آلة السمفي العودة إلى الوراء، يقول مراسل شؤون التاريخ في صحيفة هآرتس، عوفر أديرت، إن الفحص الدقيق للأحداث التاريخية يشير إلى أن عبارة "لن تكون هناك حرب أهلية"، كان شعارا فارغا، وكما حدث في مناسبات أخرى طوال التاريخ الصهيوني، فإن الذي حرض الشعب وقسمه أكثر من غيره كان اليمين.
إعلانوأضاف أديرت أن "الذي دفع الناس إلى الحرب الأهلية أكثر من أي شخص آخر هو اليمين، واليوم في إسرائيل، كما كان الحال آنذاك، فهو أيضا من يفترض أن يدعو للتحذير من الانزلاق إلى حرب بين الأخوة، لكنه على ما يبدو يدفع نحوها، وهو ما يشكل تهديدا لاستقرار إسرائيل واستمراريتها كدولة ديمقراطية يهودية موحدة".
واستعرض أديرت بعض محطات التاريخ الصهيوني التي حملت في طياتها تحريض جامح شنه اليمين ضد حاييم أرلوزوروف الذي قتل عام 1933، وإلى التحريض الذي قاده اليمين ضد إسحاق رابين عام 1995، قائلا إن "اليمين هو الذي قادنا عدة مرات عبر التاريخ إلى خطوة واحدة على شفا الحرب الأهلية".
وأوضح أن نشطاء تيار معسكر اليمين لجؤوا إلى أساليب الإرهاب الشخصي والترهيب والتشهير والتحريض الجامح ونشر الكراهية والأكاذيب، قائلا إن "نتنياهو، آخر شخص في العالم يستطيع أن يكتب الجملة التالية: لن تكون هناك حرب أهلية".
ويعتقد أديرت أن "نتنياهو عراب التحريض والانقسام السياسي الإسرائيلي لأجيال، والذي دخل المعترك السياسي مستغلا موجات التحريض التي أطلقها ضد إسحاق رابين، ثم شغل لاحقا آلة السم التي لا تزال تعمل بقوة في هذه اللحظات خلال الحرب على غزة".
خطر نتنياهووفي مؤشر على جدية المخاطر التي تهدد استقرار إسرائيل داخليا، ينشط رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، في اجتماعات مع كتل أحزاب المعارضة وإحاطات لوسائل الإعلام بإرسال رسائل أن نتنياهو يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل ويدفع بها نحو الدكتاتورية، ولا بد من الإطاحة به وعزله.
وأختار ليبرمان، افتتاح الجلسة الأسبوعية لكتلته البرلمانية بالتهديد والوعيد لرئيس الوزراء، قائلا إنه "إذا لم تحترم الحكومة قرار المحكمة العليا بشأن تجميد إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي الشاباك، رونين بار، سأتوجه إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ، وسأطلب منه إقالة رئيس الوزراء نتنياهو من منصبه".
إعلانوأضاف ليبرمان: "علينا جميعا أن نتذكر أن كل مسؤول وجميع مؤسسات الدولة يجب أن تكون موالية للمملكة لا للملك، في اللحظة التي يتغير فيها هذا الوضع، تتحول الديمقراطية إلى دكتاتورية، وإسرائيل بالطريق لتتحول إلى مملكة نتنياهو، لكننا سنحبط وسنمنع ذلك"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت.
وبدا ليبرمان أكثر جديا في خطابه، حين قدم رسما توضيحيا لقنبلة تحمل "الخط الأحمر" للانتقال بين الديمقراطية والدكتاتورية، ليذكر بالرسم التوضيحي الذي قدمه رئيس الوزراء نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة العقد الماضي بشأن المشروع النووي الإيراني.
وأوضح ليبرمان أن "الاختبار سيكون قرار الحكومة باحترام حكم المحكمة العليا من عدمه"، مشيرا إلى أنه غير متأكد من "الاستقرار العقلي" لرئيس الوزراء: "لأنني أعرفه منذ عقود، فأنا أنظر إليه وإلى تعبيرات وجهه وكلامه، وأقول إنني لست متأكدا من استقراره العقلي".
الدولة العميقةوتحت عنوان "سيكون من الصعب إعادة جنِّي الدولة العميقة إلى القمقم"، كتبت الدبلوماسية السابقة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، توفا هرتسل، مقالا بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، استعرضت فيه الحديث المتزايد عن "الدولة العميقة" وتداعيات ذلك على مستقبل إسرائيل من حيث الثقة المتبادلة بين مؤسسات الحكم والجمهور.
وأشارت إلى أن الترويج بإسرائيل إلى مصطلح "الدولة العميقة"، خاصة من قبل نتنياهو، يذكّر بـ"بروتوكولات حكماء صهيون"، وهي وثيقة نشرتها المخابرات القيصرية في روسيا أوائل القرن الـ20، التي من المفترض أنها تحتوي على خطة يهودية مفصلة للسيطرة على العالم.
وقالت هرتسل: "لا يتعين عليك أن تكون مؤرخا لكي تدرك أن عندما يلقي القادة باللوم في إخفاقاتهم على أعدائهم، فإن الطريق إلى القمع يكون قصيرا، ويتم تصوير الحاكم على أنه شخص يعمل على إنقاذ البلاد، وإذا كان هذا يتطلب تفكيك المؤسسات القائمة ومنحه هو وأتباعه مزيدا ومزيدا من السلطة، وهذا عمليا ما يقوم به نتنياهو".
إعلانوفي الحالة السائدة في إسرائيل، تعتقد أنه سيكون من الصعب إعادة الجنّي -الذي أطلقه نتنياهو والروح الشريرة المتمثلة في الدولة العميقة- إلى القمقم.
حرب أهليةوبدوره، حذر رئيس مجلس إدارة معهد "جابوتنسكي" في إسرائيل، يوسي أحي- مائير، وهو كاتب مقال في صحيفة معاريف، من تداعيات الأوضاع الداخلية التي تشهدها إسرائيل، ورجح أن التلويح بكلمة "خائن"، والشرخ المجتمعي والاستقطاب السياسي والانقسام كلها عوامل تقود إلى حرب أهلية.
وأوضح أحي-مائير، الذي كان سابقا عضوا بالكنيست عن حزب الليكود، أن كلمة "خائن" باتت دارجة وشائعة في الخطاب العام الإسرائيلي عامة وبين الليبراليين على وجه الخصوص، قائلا: "ليس من ينطق بها ويروج إليها هم على هامش المعسكر السياسي، بل هم قادة يتصدرون المشهد، فإن اندلعت حرب أهلية، سيتحملون المسؤولية".
وتساءل إذا كانوا سيتجاوزون هذه الأيام الصعبة من دون الوقوع في حرب أهلية، قائلا: "يمكننا أن نأمل، ولكن من الصعب تصديق ذلك، لأن حاملي لواء التحريض، الذين يصفونه بالخيانة، هم قيادات الأحزاب والمتحدثون البارزون في وسائل الإعلام، وإذا اندلعت حرب أهلية، فإنهم سوف يتحملون مسؤولية الكارثة".