تجويع الحيوانات وغرامات الخيار.. ديون الصين تفاقم معاناة المجتمع
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
في نداء غريب من نوعه، دعا صندوق الكائنات المهددة بالانقراض المتطوعين إلى التبرع بالطعام للحيوانات الجائعة الموجودة في حديقة حيوان دونغشان في مقاطعة لياونينغ الشمالية بالصين، إذ أوضحت شبكة "سي أن أن" أن الحكومة المحلية تعاني من أزمة مالية تعيقها عن الإنفاق على حديقة الحيوان.
وكتب الصندوق في منشور على حسابه الرسمي على موقع التواصل Weibo: "لا تزال هناك أشبال دب في الحديقة تحتاج إلى إطعام، وأنثى الفرس على وشك الولادة وقد تم تخفيض طعامها إلى النصف، ولم يحصل موظفو حديقة الحيوان على رواتبهم منذ ستة أشهر".
وأوضحت "سي أن أن" أن حديقة الحيوان، التي تضم ثلاثة غزلان سيكا، وستة دببة سوداء، و10 ألبكة ومئات القرود والطيور، لا تفرض رسومًا على الدخول وتعتمد على أموال الدولة، لكنها لم تتلق أموالًا لمدة ستة أشهر، وفقًا للصندوق.
وفي وافانغديان، المدينة التي تقع فيها حديقة الحيوان، نقلت صحيفة Paper.cn المملوكة للدولة عن موظف حكومي قوله إن التمويل تأخر بسبب "الضغوط المالية" في المدينة.
وأظهر مقطع فيديو نشرته صحيفة "تشاينا نيوزويك" عبر الإنترنت إشعارًا مكتوبًا بخط اليد منشورًا داخل الحديقة يقول: "لم يتم دفع رواتب الموظفين لمدة ستة أشهر. كما أن الحيوانات ليس لديها طعام وسوف تموت جوعًا قريبًا".
أفادت إذاعة الصين الوطنية أن الوضع في حديقة الحيوان لم يتم حله إلا عندما أرسلت حكومة المدينة أموالاً للرواتب والطعام إلى المنشأة بعد أيام من جذب النداء عبر الإنترنت اهتمامًا واسع النطاق.
وضائقة حديقة الحيوان كما أشارت "سي أن أن" هي أحد أعراض الأزمة المالية التي تواجه العديد من حكومات المدن والمقاطعات الصينية، والتي تضطر حاليا إلى خفض الإنفاق في الوقت الذي تواجه فيه الكثير من الديون التي تضخمت خلال جائحة كوفيد - 19 وأسوأ تدهور عقاري في البلاد على الإطلاق.
ووفقا للشبكة، اضطرت الحكومات المحلية إلى إنفاق مليارات الدولارات على الاختبارات الجماعية وعمليات الإغلاق لتطبيق حملة الرئيس شي جين بينغ للقضاء على فيروس كورونا. وتسببت الأزمة في سوق العقارات، والتي نتجت عن انخفاض حاد في مبيعات الأراضي، في حرمان الحكومات المحلية من مصدر دخل رئيسي.
وتظل الديون المستحقة على الحكومات الإقليمية في الصين تشكل خطرا متزايدا على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفقا للشبكة.
فرض الغرامات القاسيةوذكرت "سي أن أن" أن الصين تستخدم نصف الدخل الذي تحققه الحكومات المحلية لدفع الفوائد على ديونها، ولذلك بدأت تظهر وسائل جديد للحصول على المال، ومنها فرض الغرامات القاسية وغير المبررة على المطاعم والشركات الأخرى.
وفي يونيو الماضي، تم تغريم ثلاثة مطاعم في شنغهاي بمبلغ 5000 يوان (685 دولارا) لكل منها لتقديمها شرائح الخيار فوق المعكرونة الباردة دون ترخيص، ما أثار ضجة، بحسب الشبكة.
الصين تفرض غرامات قاسية لتسديد الديونوفي مايو، شكك سائقو الشاحنات في مقاطعة خنان بوسط البلاد في دقة موازين السيارات، المستخدمة لفحص المركبات وحمولاتها، بعد تغريمهم بشكل متكرر لتجاوز الحدود المسموح بها، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء جيميان المملوكة للدولة، وفقا لـ"سي أن أن".
في العام الماضي، اكتشف مفتشو الحكومة المركزية أن مسؤولين في مدينة هويتشو الجنوبية قاموا بتلفيق أدلة حتى يتمكنوا من فرض عقوبات شديدة على سائق شاحنة لإلقاء نفايات البناء، وفقًا لمقال نُشر على الموقع الإلكتروني للحكومة المركزية.
قطاع العقارات المتضرر الأكبرويبرز التدهور الاقتصادي في الصين تحديدا في قطاع العقارات الذي يمثل نحو ربع النشاط الاقتصادي، ما زاد من المخاوف بشأن قدرة صانعي السياسات على وقف التراجع في النمو، وفقا لوكالة "رويترز".
وسوق العقارات هو العمود الفقري للاقتصاد الصيني، ومصدر الاستثمار الرئيسي للعديد من الأسر الصينية، لذلك فإن أي مشكلة يعاني منها القطاع تؤثر على المجتمع بأكمله وربما العالم، وفقا لنيويورك تايمز.
ومنذ ظهور أزمة ديون القطاع في منتصف عام 2021، تعثرت الشركات التي تمثل 40 في المئة من مبيعات المنازل الصينية، ومعظمها من شركات تطوير العقارات الخاصة، وفقا لرويترز.
وأثارت هذه التطورات مخاوف مشتري المنازل، وفي يوليو، انخفضت مبيعات المنازل الجديدة لدى أكبر 100 شركة تطوير في الصين بنسبة 33 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وأعلنت شركة العقارات الصينية العملاقة "كانتري غاردن" التي تواجه أزمة، في أغسطس الماضي، عن "شكوك كبيرة" إزاء تسديد سنداتها ما يفاقم المخاوف حيال قطاع العقارات الصيني المثقل بالديون.
أزمة ديون الصين تتفاقم بسبب تدهور سوق العقاراتوقالت الشركة في بيان نشرته بورصة شنغهاي، الأربعاء، إنّ "هناك شكوكاً كبيرة في الوقت الحالي بشأن تسديد سندات الشركة".
وكانت الشركة، التي أُدرجت على قائمة فوربس لأكبر 500 في العالم، توقّعت تسجيل خسائر بمليارات الدولارات مع خطر تخلّفها عن السداد.
ومن شأن أيّ انهيار لـ"كانتري غاردن" أن يحمل تداعيات كارثية على النظام المالي والاقتصاد الصيني، كما هي الحال بالنسبة لمنافستها المثقلة بالديون "إيفرغراند".
ذكر تقرير نشره موقع "أكسيوس"، في أغسطس الماضي، أن الصين تواجه محنة اقتصادية تنطوي على كثير من التعقيد، إذ عليها أن تختار بين طرح مزيد من الحوافز لدعم الاقتصاد، أو سحب الحوافز الحكومية التي غذت فقاعة العقارات، والمخاطرة بتباطؤ اقتصادي أعمق يمكن أن يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية.
تراجع استهلاك الأسر وزيادة البطالةومع ارتباط 70 بالمئة من ثروات الأسر الصينية بالعقارات، يتسرب تباطؤ كبير في هذا القطاع إلى أجزاء أخرى من الاقتصاد، وأهمها التراجع في إنفاق الأسر.
وكان استهلاك الأسر، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، من أدنى المستويات في العالم حتى قبل جائحة كوفيد-19، فيما وصفه اقتصاديون بأنه خلل هيكلي هام في اقتصاد يعتمد بشدة على الاستثمار القائم على الديون.
تراجع استهلاك الأسر أحد مؤشرات تدهور الوضع الاقتصادي في الصينويرجع اقتصاديون إلى ضعف الطلب المحلي أسباب تراجع الإقبال على الاستثمار في القطاع الخاص وانزلاق الصين في يوليو تموز إلى الانكماش الذي، إذا استمر، فد يؤدي إلى زيادة التباطؤ الاقتصادي ومشاكل الديون.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت بكين وقف نشر نسب البطالة المتزايدة في أوساط الشباب، في ظل سلسلة من المؤشرات المخيبة للآمال التي تثير القلق بشأن ثاني اقتصاد في العالم.
وسجلت البطالة لدى الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما، نسبة قياسية بلغت 21.3 في المئة، في يونيو، بينما ارتفعت نسبة البطالة الإجمالية من 5.2 في المئة، في يونيو، إلى 5.3 بالمئة، في يوليو، وفق المكتب الوطني للإحصاءات.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: حدیقة الحیوان فی العالم فی الصین فی المئة سی أن أن
إقرأ أيضاً:
طائرات مسيرة بأشعة الليزر.. هل تغير الصين قواعد الحرب؟
نجحت الصين في تطوير طائرات مسيّرة قادرة على استخدام أشعة الليزر كأسلحة فتاكة، ويعد ما وُصف بـ"الإنجاز التقني" الذي كان يومًا جزءًا من روايات الخيال العلمي وبات حقيقة ملموسة، فاتحًا أبوابًا جديدة أمام سباق التسلح العالمي.
وتشير التقارير إلى أن الصين ابتكرت نظام ليزر مصغّر يمكن تثبيته على طائرات مسيرة صغيرة الحجم، بخلاف الأنظمة السابقة التي كانت تتطلب منصات ضخمة ومصادر طاقة عالية؛ يأتي هذا النظام الجديد بمرونة وسهولة ما جعل انتشاره سريعا ومثيرا للإعجاب.
وأشعة الليزر ليست تقنية جديدة في المجال العسكري، لكنها لم تُستخدم من قبل على هذا النحو، إذ أن النظام الجديد يمنح الطائرات المسيرة قدرة فائقة على استهداف الأهداف بدقة متناهية، بل ويمتد تأثيره إلى إذابة المعادن، ما يجعلها فعّالة ضد المركبات المدرعة والطائرات الأخرى وحتى أنظمة الدفاع الجوي.
التطبيقات المتعددة
الصين لم تتوقف عند حدود الاستخدام التقليدي لهذه التقنية، حيث إنها عملت أيضا على: الطائرات المسيرة المزودة بالليزر التي تُستخدم لتدمير الصواريخ أثناء تحليقها؛ تعطيل أنظمة المراقبة والاتصالات، وحتّى تنفيذ هجمات دقيقة ضد مواقع حساسة دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.
رغم الإمكانيات الهائلة التي تقدمها هذه الطائرات، فإنها تثير عدد من التساؤلات الأخلاقية والقانونية، واستخدام أشعة الليزر كأسلحة تفتح المجال لمخاطر جسيمة، بما في ذلك إصابات مباشرة للبشر وتدمير بنى تحتية مدنية.
إلى ذلك، مع دخول هذا النوع من الأسلحة إلى الخدمة، قد تجد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية نفسها مضطرة لوضع قيود صارمة تحكم استخدامها، لضمان عدم انزلاق العالم إلى حقبة جديدة من الدمار العشوائي.
ولا تقتصر التكنولوجيا الصينية الجديدة على كونها إنجازًا تقنيًا بل هي رسالة واضحة إلى العالم بأن سباق التسلح قد دخل مرحلة جديدة. كيف سترد القوى العالمية الأخرى؟ وهل سنشهد تحولات كبرى في ميزان القوى الدولية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.