التبسيط والتركيب في أسس التفكير في الحرب
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
التبسيط والتركيب في أسس التفكير في الحرب:
يرى الكثير من المعلقين أنه لا يوجد فرق بين الجنجويد والجيش، وبالتالي فإن الموقف الصحيح هو اعتماد الحياد بين طرفي الحرب السودانية. ولكن هذه طريقة مقاربة خاطئة وبالتالي تقود إلى نتائج خاطئة أو إشكالية على أقل تقدير.
السؤال الذكي ليس له علاقة بما إذا كان الجيش متفوقا أو أدنى من الجنجويد في مسابقة جمال أخلاقي.
السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن يضبط ويوجه التفكير والمواقف هو ما هي العواقب التي سترثها الأمة والسياسة والمجتمع إذا انتصر الجنجويد، أو انتصر الجيش، أو انتهت الحرب بالتعادل. من الواضح أن عواقب كل سيناريو تختلف جذريًا ويجب على كل شخص أن يختار جانبه اعتمادًا على المزايا والمشاكل التي يخلقها تحقق أي من السيناريوهات.
ومن الواضح أن من يعتقدون أن السودان سيكون أفضل إذا انتصر الجنجويد وتم سحق الجيش عليهم أن يدعموا الجنجويد صراحة كما يقع عليهم واجب صياغة حجة تقنعنا بالانضمام لموقفهم الذي يحقق مصلحة السودان. والأمر نفسه ينطبق على من يعتقدون أن انتصار الجيش سيخلق عالماً اجود أو على الأقل عالما مشوهاً وإشكالياً، لكنه يظل أفضل من عالم يشكله ويسيطر عليه الجنجويد.
لكن موقف الحياد يبدو هو الاغرب لأن الوقوف على مسافة متساوية بين الجانبين لا يمكن الدفاع عنه إلا إذا أمكن القول بأن السودان الذي سيخرج من الحرب لن يتأثر بتاتا بمن يفوز ومن يخسر وسيكون جيدًا أو سيئًا بنفس القدر بغض النظر عن انتصار الجيش أو الجنجويد. لكن هذه الحجة لا تبدو منطقية على الإطلاق لأنه من المستحيل القول إن مصير السودان لن يتأثر أو يتشكل بأي درجة استنادا على من يفوز ومن يخسر. الحرب
اتعاطف مع وادعم تمامًا الأصوات المدنية التي تفهم أن كلا من الجيش والجنجويد يجب أن يخرجا من السياسة. ولكن علينا أن نتذكر شعار الثورة وكان ولا يزال “العسكر للثكنات والجنجويد ينحل” ولم يساو الشعار بين جهة واجبة الحل والفناء وجهة عليها الانسحاب من المشهد السياسي الي ثكناتها.
وأن هذه حرب تدور رحاها بين ميليشيا وجيش وأن الحركة الديمقراطية المدنية لن تخرج منتصرة من هذه الحرب لأن القتال الماثل هنا الان سينتهي بانتصار الميليشيا أو الجيش، وليس بانتصار لقوي مدنية لا بندقية لها ولا عصا ولا نبلة. وبالطبع فإن القوى المدنية الديمقراطية، وأنا منها، ستعمل على تغيير معادلة الحكم، ولكن هذا حلم ويمكن تحقيقه على المدى الطويل أو المتوسط في أحسن الأحوال وليس في المدي القصير عقب نهاية الحرب مباشرة.
ودعونا لا ننسى أن المدى الطويل يتكون من سلسلة ما يحدث في المدي القصير، وهذا يعني أن الوضع الذي سينتهي عليه السودان على المدى المتوسط والمدى الطويل يعتمد إلى حد كبير على ما يحدث في المدى القصير – أو بعبارة اخري سيتحدد المستقبل السياسي – بما في ذلك ممكناته ومستحيلاته – بهوية من سينتصر في الحرب.
اختلفنا ام اتفقنا مع داعمي الجيش يجب الا نغفل عن ان موقف الكثير منهم، اخطأوا ام أصابوا، على الأقل يمكن تبريره بدفاعهم عن الدولة السودانية لا عن قيادة الجيش الحالية ولا تاريخ انتهاكاته ولا دفاعا عن كيزان. وهذا التفسير واضح في حالة الكتاب الذين يخلو تاريخهم الطويل من دعم أي حكم عسكري أو دكتاتوري أو إسلامي وهكذا يأتي موقفهم مبنيا على تقدير امين لا دخل للمصلحة الخاصة أو الحزبية فيه.
لذلك لا افهم مزايدات أصوات تدعي المدنية والديمقراطية على هذه الأصوات الامينة وبالذات مزايدات القوي التي تحالفت مع نفس الجيش وبنفس قيادته عقب سقوط نظام البشير – لا دفاعا عن الدولة السودانية، بل بهدف اقتسام كيكة السلطة معه وفي حماية بندقيته ونامت دهرا معه في العسل نوما مثاليا متناغما. وكانت هذه القوي جاهزة لتجديد شراكة العسل مع نفس الجيش وإذا بها فجأة تكتشف انه جيش فاسد يسيطر عليه الكيزان، ولكن فقط بعد ان اختلفت المصالح وكوش الجيش علي جل الكيكة. فتأمل.
هناك فرق بين قوي تحالفت مع الجيش للالتفاف على الثورة السودانية واجهاضها بقسمة كيكة السلطة وبين أصوات ناصرت الجيش دفاعا عن مؤسسات دولة سودانية من غير أي مكسب شخصي أو حزبي آني أو مستقبلي أو في ماض.
في الدولة المدنية الديمقراطية المستقبلية، يجب على المناهج المدرسية تدريس الفلسفة والمنطق ونظرية المعرفة والمنهج لتمكين المواطن من التفكير المعقد وعدم الوقوع في فخ التبسيط المخل الخطير. الشعب لا يحتاج مفكرين يفكرون نيابة عنه، المطلوب هو انتاج شعب قادر على التفكير بنفسه لنفسه.
ونحن بحاجة أيضاً إلى خلق مواطن شجاع لا يهاب الكيزان وفي نفس الوقت لا يهاب إرهاب الاتهام بالتواجد في معسكر الإخوان. من يخاف تهم دعاية جزافية بمناصرة الكيزان قد يسبب نفس اضرار الذين انحنوا للكيزان رهبة.
معتصم أقرع
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الحرب
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يعترف بعدم استطاعته السيطرة على قطاع غزة
اعترف الجيش الإسرائيلي للمحكمة العليا، بعدم قدرته السيطرة بشكل فعال في قطاع غزة ، وأنه ولم يتم القضاء على قدرات حركة حماس السلطوية.
ونقل موقع "واللا" العبري اليوم الأربعاء، عن رسالة الجيش الإسرائيلي التي قدمتها النيابة العامة إلى المحكمة العليا، في نهاية الأسبوع الماضي، أن عديد القوات وطبيعة عمليات الجيش الإسرائيلي لا يسمح بترسيخ سيطرة فعالة في قطاع غزة.
وأضاف النيابة العامة باسم الجيش أنه لم يتم القضاء بالكامل على قدرات حماس في ممارسة صلاحيات سلطوية.. "في النقطة الزمنية الحالية أيضا، الجيش الإسرائيلي لا يسيطر بشكل فعال في قطاع غزة، وقدرات حماس على ممارسة صلاحيات سلطوية، رغم استهدافها نتيجة الإنجازات العملياتية لقوات الجيش الإسرائيلي، إلا أنه لم يتم القضاء عليها كليا".
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، أمس، أنه "حققنا نتائج رائعة نحو هدفنا الرئيسي - أن حماس لن تسيطر على غزة. نحن نقضي على قدراتهم العسكرية بطريقة مدهشة، والآن ننتقل إلى استهداف قدراتهم السلطوية، وما زالت هناك خطوات قادمة. حماس لن تكون في غزة".
اقرأ أيضا/ الرئاسة الفلسطينية: نرفض تماما إنشاء منطقة عازلة لتوزيع المساعدات في غـزة
وجاء في رسالة الجيش أنه "على إثر مؤشرات بأن حماس تستغل دخول البضائع من أجل تعزيز نفسها اقتصاديا وعسكريا، تقرر عدم السماح حاليا باستمرار إدخال بضائع من جانب تجار من القطاع الخاص في قطاع غزة. وإلى جانب ذلك، تتواصل الجهود من أجل التوصل إلى حل والمساعدة في إدخال مساعدات إنسانية كبيرة بقدر الإمكان بواسطة دول ومنظمات إغاثة دولية تعمل في القطاع".
من جانبه، زعم وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، خلال مقابلة أجراها معه موقع "واينت" الإلكتروني، اليوم، أن "هذه حرب صحيحة أيضا للاقتصاد، لأنه في نهاية الأمر سيجلب القضاء على أعدائنا أمنا والأمن سيؤدي إلى اقتصاد قوي".
وقال عضو كابينيت الحرب السابق، عضو الكنيست غادي آيزنكوت، خلال مؤتمر تعقده صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، إن "خطة الحرب تشوشت بشكل كبير جدا، لأنه يجلس في الغرفة (أي الحكومة) أشخاص لا يريدون رؤية نهاية الحرب. هل يريدون إعادة المخطوفين بالاستناد إلى مفاهيم نتنياهو الآنية، أو خطة نتنياهو؟ في الخلاصة، هدف الحرب بشأن إعادة المخطوفين هو فشل ذريع يقع على كاهل أي أحد جلس في الكابينيت، وأتحمل المسؤولية عندما كنت في الكابينيت، وعلى نتنياهو الذي لم يفعل شيئا أن يعيدهم".
وتابع آيزنكون أنه "من الناحية الفعلية يسعون إلى أن يكون الجيش الإسرائيلي مسؤولا عن توزيع المساعدات، ولإقامة حكم عسكري، وهكذا ستكون المسؤولية المطلقة على دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي، وهذه خطوة أخرى لثلة لا تعرف تحمل المسؤولية".
المصدر : عرب 48