ينتظرُ أحرارُ الشعبِ خلالَ الاحتفالِ السنوي بعيدِ الثورةِ المباركةِ (21 سبتمبر) كلمةَ قائدِ الثورةِ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ـ يحفظه الله تعالى ـ الذي يؤكد دوماً فيها علاقتَه الوثيقةَ بهم المبنيةَ على الحبِ والتفاهمِ والاحترامِ والتقديرِ.
فحدّثت نفسي أن تكون لهم أنفسُهم كلمةٌ موجهةٌ إليه هذا العام بمثابةِ الرسالة، فالشعبُ الثائرُ وقائدُ الثورةِ هما معاً رمزٌ للأملِ والتغييرِ في بلدِنا، ووجهان لعملةٍ واحدةٍ لا يمكنُ فصلُهما.
فهلمّوا يا أحرارَ اليمنِ وأقرأوا رسالتَكم وتعالوا نستذكرُ فيها دورَ قائدِكم المُبجّل ودورَكم في تحقيق هذا النصر العظيم المستمر..
قائدَنا العظيمَ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظك الله تعالى..
نتوجه إليك برسالةٍ في يومِ العيدِ السنوي التاسعِ لثورةِ الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة، التي قُدتَها بكلِ اقتدار، وكان من شرفِنا أن نكونَ جُزءاً من هذا التحركِ التاريخي.
نودُّ أن نُعبّرَ عن تقديرِنا وتأثرِنا العميقِ بمزاياك، وبقدرتِك الاستثنائيةِ على قيادةِ أحرارِ شعبِنا اليمني العزيزِ إبّانَ ثورتِهم، وخلالَ ثمانِ سنواتٍ ـ حتى الآن ـ من تصديهِم للحربِ العدوانيةِ التي يشنُها تحالفُ أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وإسرائيل وغيرها.
في هذا اليومِ العزيزِ على قلوبِنا، نُجدّد الولاءَ لكَ والانتماءَ للثورةِ وقضيةِ شعبِنا العادلة.
لقد كنتَ لسانَ الحقِ الذي يصدحُ في وجهِ الظلمِ والاستبداد، وشرارةَ الأملِ التي أشعلتِ النارَ في قلوبِنا ودَفَعتَنا للنضالِ من أجلِ حقوقِ شعبِنا واستقلالِ بلدِنا واستعادةِ سيادتِه.
لقد ألهمتَ الشعبَ وقُدته نحو التغيير، وكانت كلماتُك الثوريةُ كالرعدِ القوي الذي يهزُ الأرضَ مِن تحتِ الطُغاةِ بقوتِه الهائلة، يحملُ رسالتَنا بصوتٍ قوي لا يُمكن تجاهلُه. وكنتَ الشمسَ التي تُشرِقُ على سمائِنا مُشعةً بنورِ الحريةِ والكرامةِ، وتُحرق النظامَ الفاسدَ شيئاً فشيئا.
وكنتَ النموذجَ الحيَّ للقائدِ الحكيمِ والمؤثِّر الذي جَمَعَ بينَ الشجاعةِ والحِكمة، وأدّى دوراً حاسماً في تحقيقِ تحولٍ حقيقيٍ في بلادِنا، فحكمتُك وحّدتِ الناسَ وشجّعتهم على العملِ معاً لتحقيقِ انتصارِ الثورة، فآمنَ أحرارُ الشعبِ بقيمِك وانضووا تحتَ رايتِك في رحلةِ الحرية.
وبتواضعِ القادةِ العظماءِ ما برحتَ تؤكدُ أننا نحنُ مَن جعلَ الثورةَ مُمكنةً، وأننا نحن من أعطى لها فعاليتَها وقوتَها، وأننا من انتصرَ فيها وأننا من أبقينا نارَها مُشتعلةً.
فلتسمحْ لنا يا قائدَنا المفدّى ـ في عيدِ ثورتِنا ـ أن نذكّرَ بالتحدياتِ التي تخطيناها سوياً، وبالتحولاتِ التي حققناها معاً. فإن كنا قوةَ الثورةِ فقد كنتَ الدافعَ وراءَ التغيير، وإن كنا القاعدةَ التي ارتكزت عليها ثورةُ شعبِنا، فأنت قائدُها والرأسُ الذي وجّهَها حتى صارت صوتَ العدلِ في مواجهةِ الظلم، والنورَ في مواجهةِ الظلام، والأملَ في مواجهةِ اليأس.
لقد غرستَ ـ برؤيتِك الثوريةِ ـ رُوحَ التحررِ والتغييرِ في قلوبِنا، فأدركنا أنَ الثورةَ ليست مجردَ حَدثٍ تاريخي، بل رحلةٍ مستمرةٍ نحو التحررِ والتقدم، فقد كنتَ المُعلِّمَ الحكيمَ الذي ينشرُ المعرفةَ والوعيَ في أوساطِ الشعب، ويُلقي مئاتِ المُحاضراتِ والدروسِ لتربيتِهم تربيةً إيمانية، ليتمثّلوا الأخلاقَ الساميةَ والقيمَ النبويةَ المُحمدية، فَرمّمتَ القلوبَ مِمّا كان اعتراها مِن شُروخ، وأعدتَ ما كان قد تهدّمَ من العُقول، وبنيتَ جيلاً جديداً صاعداً له قدرةٌ أكبرُ على مواجهةِ التحدياتِ في المستقبل، وشَهِدنا تحولاً كبيراً وتغيراً إيجابيا في وعي مجتمعِنا بفضلِ رؤيتِك الجريئةِ والتزامِك الراسخ، فصارَ شعبُنا مستعداً للمُضي قُدماً في رحلةِ التحررِ من الهيمنةِ والوصاية، ولمواجهةِ التحدياتِ بشجاعةٍ وتصميمٍ تحتَ قيادتِك المُلهِمَة، ومُدركاً لأهميةِ الوحدةِ والتضامنِ.
لقد تحرّرنا من الاستبداد، واعتبرنا أن الثورةَ هي نارُ الأملِ التي لا تنطفئ، وكنا نبدأُ معاً السعيَ لتحقيقِ الكثيرِ مِن الإنجازاتِ العظيمةِ وبناءِ مستقبلٍ أفضل لشعبِنا ولأولادِنا، ولكنْ شَنَّ أعداءُ اليمنِ حربَهم العدوانيةَ علينا وعلى ثورتِنا، بعدَ انتصارِها بستةِ أشهرٍ فقط، فاعتمدَ كلانا على الآخَرِ ـ بعدَ اللهِ سبحانه وتعالى ـ للإبقاءِ على هذا الأملِ مُتوقّداً، فأنت قلبُ الثورةِ النابضُ بالإيمانِ والتضحية، ونحنُ نبضاتُه التي تُشبه دقّاتِ الطبولِ الحربيةِ التي كانت تُدوّي خلالَ نضالاتِ الأجدادِ ضدَ الغُزاة.
وبينما كان الناسُ تحتَ تأثيرِ صَدمةِ بدءِ العدوان بتلك الغاراتِ القويةِ على الأحياءِ السكنيةِ في العاصمةِ صنعاء، وَثبتَ أنتَ لمواجهةِ العدوانِ دونَ خوفٍ للدفاعِ عن الشعبِ بكلِ قوةٍ وشجاعة، تُثبّتُ الناسَ، وتشدُ العزائمَ، وتَنظِمُ الأمرَ والصُفوف، وتُعِدُ العُدةَ، ولتقولَ للأعداءِ بكلِ ثقةٍ «أخطأتم بالتورطِ في محاربةِ شعبِنا العزيز، سنواجِهُكم وسنخوضُ ضدَّكم معركةَ النَفَسِ الطويل»، فبرهنتَ أنكَ الشجاعُ الحكيمُ الصادقُ الأمين.
كانت القياداتُ المزعومةُ ترتعشُ مِن الخوفِ وتخشى المواجهة، وكنتَ وحدَك مَن ينبري لاتخاذِ القراراتِ الصعبةِ والجريئةِ في سبيلِ الدفاعِ عن الشعبِ والوطن، ومثلما امتلكتَ رؤيةً واضحةً قادتْ إلى انتصارِ الثورة، فقد امتلكتَ رؤيةً استراتيجيةً تُوجِّهُ الشعبَ نحو الصمودِ أمامَ المعتدين، رؤيةً كالصقرِ الجارحِ الذي يُحلّق عالياً في سماءِ الأحرار، ينظرُ إلى المستقبلِ بعينين حادتين تبحثانِ عن حريةِ شعبٍ وسيادةِ وطن.
لقد كانت الثورةُ صرخةَ الحقِ التي هزّت عُروشَ طغاةِ الداخل، وصارت صرخةً في وجهِ أشرارِ الخارجِ المعتدين.
ومثلما كان بأسُك السيفَ الحادَ الذي قطعَ جميعَ القيودَ وحرّرَ الشعبَ مِن قيودِ الاستعباد، كان مجاهدونا الأسودَ الذين ينهشون مواقعَ العدوِ بأنيابِهم الحادة، وكانوا الريحَ العاصفةَ التي لا تهدأُ، يجتاحون ـ بصرخاتِهم ـ كلَ الجبهاتِ فيقتلعون العدوَ مِنها اقتلاعَ الحشائشِ من أفنيةِ الدُور.
أمّا على شعبِنا فكنتَ أنتَ نسيمَ الحريةِ الذي يهبُ عبرَ البلاد، ينشرُ بين الناسِ عبيرَ الأملِ والتغييرِ، كأنه عِطرُ الوردِ في الهواء، لا صوتَ غيرَ صوتِك كان قادراً على تعزيزِ ثقةِ الشعبِ بنفسِه، وبَعثِ الأمل، فأنت مَن تفهمُ احتياجاتَه ومخاوفَه، أوصلت رسائلَك بسلاسةٍ ووضوحٍ ففهِمَها الأحرارُ وتجاوبوا معها.
لم تكن قائداً وطنياً مُحترماً متميزاً فحسب، بل كنتَ أيضاً قائداً رؤوفاً متعاطفاً، أعطيتَ الأولويةَ دائماً لحمايةِ الناس، وعملتَ بلا كللٍ لضمانِ سلامتِهم، فحميتَ غالبيةَ الشعبِ مِن مصيرٍ مُرعبٍ سيئٍ جداً كان يريدهُ العدوُ لهم.
قدّمتَ قدوةً للشجاعةٍ والتضحية، وأثبتَّ أنك لا تستسلمُ أبداً أمامَ التحديات، وأنك تُحافظُ على سيادةِ وطنِنا بكلِ شرفٍ وشُموخ، فاستلهمَ أحرارُ شعبِنا منك الشجاعةَ والعزيمة، والتزموا بالدفاعِ عن وطنِنا بكلِ قوةٍ وإخلاص، وكنتَ الرايةَ التي تجمّعَ حولَها الأحرار، تُوجهُنا بحكمةٍ وإلهامٍ نحو الصمودِ والتغلبِ على التحديات، وتَحثُنا على الاستمرارِ في النضالِ على طريقِ النصر.
لا يُمكنُ تجاهلُ دورِك في قيادةِ الدفاعِ عن شعبِنا ووطنِنا، فبرؤيتِك الاستراتيجيةِ وقيادتِك الحازمةِ وتكتيكاتِك العسكريةِ الرائعة، استطعنا تنظيمَ صفوفِنا، وصدَّ العدوِ الخارجي، وتوجيهَ ضرباتٍ مُوجِعةٍ له وللخونةِ مرتزقتِه، وتحقيقَ انتصاراتٍ عظيمةٍ هي في الحساباتِ العسكريةِ تُشبه المستحيلَ، وبفضلِك ـ بعد الله سبحانه وتعالى ـ عاش ويعيش أغلبُ شعبِنا بعزةٍ وكرامة، وتنعمُ المناطقُ الحرّة بالأمان.
إن دورَك في إعادةِ بناءِ وتنظيمِ وقيادةِ القواتِ العسكريةِ لتتمكنَ مِن مُواجهةِ الغُزاةِ وحمايةِ الشعبِ مِن خطرِهم لا يقدّر بثمن، فلو وُضع دورُك على ميزانِ الوطنيةِ في كفّةٍ وأدوارُ جميعِ القادةِ اليمنيين عبرَ التاريخِ في الكفّةِ الأخرى لرَجَحتْ كفّة دورِك أنت.
فمِن أيِّ أكاديميةٍ لتعليمِ القيادةِ العسكريةِ تعلّمتَ، ومن أيٍّ منها تخرّجتَ حتى تمكّنتَ من التخطيطِ الاستراتيجي والتنظيمِ الفعّالِ للجهودِ والمواردِ والعملياتِ، والقدرةِ على تحديدِ الأولوياتِ وتوزيعِ المهامِ بشكلٍ مناسب؟
كيفَ أتقنتَ التعاملَ معَ المواقفِ المختلفةِ حينما كانَ الأعداءُ يُكثّفون عدوانَهم؟ كيفَ أمكنكَ التكيّفَ مع التحولاتِ والتغيراتِ السريعةِ حينما كانوا يُشدّدون من حصارِهم؟ كيف أمكنكَ استغلالَ المواردِ الضئيلةِ المتاحةِ والابتكارَ في مواجهةِ التحدياتِ الجديدة؟
لقد كنتَ وما زلت قائداً ثابتاً وفذّاً مميزاً تمكّنَ مِن تحويلِ التحدياتِ إلى فُرَصٍ وتحقيقِ الانتصاراتِ المُدهشةِ، فبالإلهامِ والتحفيزِ جسّدتَ أعظمَ الخِصالَ القياديةَ في الواقعِ حينما أشعلتَ الشَغَفَ في عَزائمِ المجاهدين ليُصنِّعُوا الصواريخَ المتنوعةَ ـ باليستيةً وغيرَها ـ والطائراتِ المُسيَّرَةَ بأنواعٍ مختلفةٍ، سيسجّلُ التاريخُ أن رجالَك كانوا أولَ مَن استخدمَ الطيرانَ المُسيّرَ في الحروبِ المُعاصرةِ وبكفاءةٍ منقطعةِ النظير ـ شَهِدَ لهم العدوُ بها ـ وعَمِلوا على تصنيعِها وتطويرِها خلالَ وقتٍ قصيرٍ وظروفٍ لا أصعبَ منها، لتُفاخر بإنجازِهم يوماً وتقول «نحنُ اليمنيين صِرنا نصنعُ سلاحَنا بأنواعِه مِن المُسدس إلى الصاروخِ، وجميعَ ما نحتاجُه مِن عَتاد».
فكيفَ ِلسجلّاتِ القادةِ الأحرارِ أن تستوعبَ جميعَ مآثرِك وبطولاتِك، فسجلُك حافلٌ لم تتوقفْ تدويناتُه بانتصارِ الثورةِ فحسب، بل تتضاعفُ كلَ يومٍ مِن خلالِ تفانيكَ في قيادةِ الصمودِ اليماني في وجهِ الغزاةِ والمحتلين.
أمّا حينَ عَجزَ العدوُ عسكرياً فزادَ من حربِه الناعمةِ بمؤامراتٍ قويةٍ وفِتن، وتفعيلِه للطابورِ الخامس، كنتَ أنتَ البوصلةَ الحكيمةَ التي تُوجِّهُ أحرارَ الشعبِ نحوَ مواجهةِ العدوِ الخارجيِ المتحالفِ على بلدِنا ونحوَ مواجهة أدواتِه فقط، فحميتَ أذهانَ المُجاهدين، وحفظتَ استقرارَ الجبهةِ الداخلية، وعزّزتَ الوحدةَ والتضامنَ في صُفوفِ الأحرار، فكانت حِكمتُكَ شمساً ساطعةً في سمائِهم أنارتْ لهمُ الطريقَ ليواصلوا سيرَهم في الطريقِ الصحيحِ نحوَ الحريةِ والتحرير، وكنتَ وما زلتَ الدِرعَ الحصينَ الذي يَحمي الشعبَ، وبفضلِك أصبحنا قُوةً لا يُستهانُ بها.
معاً لم نسمحْ للعدوانِ أن يَسود، ولم نسمحْ له أن يُحققَ أهدافَه، ولم نسمحْ له أن يهزمَنا، فقد كنتَ تحفّزُ الشعبَ على العملِ والتضحيةِ مِن أجلِ الدفاعِ عن قضيتِه العادلةِ وأهدافِه النبيلة، وكنا نحنُ جيشَ الثورةِ الذي لم ولن يتوقفَ حتى يُحقق النصرَ، كالنهرِ الذي يتدفقُ بضراوةٍ وقوةٍ جارفاً كلَ أعداءِ الوطنِ والشعب.
إن كنّا تحدّينا الصعابَ وتصدّينا للعدوانِ بعزيمةٍ لا تلينُ كصخرةٍ قويةٍ لا تتزعزع، فلأننا استندنا إلى جبلٍ صامدٍ لا تهزُه ريح الصِعاب، جبلٍ يتحدّى العواصفَ ويصمدُ في وجهِ كلِ المِحَنِ هو أنت، أنتَ العمودُ الفقريُ للشعبِ، تُعيد إليهِ هويتَه الإيمانيةَ، وتمنحُه القوةَ والاستقامةَ للصمودِ في وجهِ العدوِ ومواجهةِ جميعِ التحديات.
لقد أثبَّتَ ـ يا قائدَنا الحبيبَ ـ وأظهرتَ للعالمِ أننا شعبٌ قويٌ وصامدٌ لا ينكسر، ولا يُمكِنُ لأحدٍ أن يهزمَنا تحتَ رايتِك، فالعالمُ أجمعُ يراك قائداً يعملُ بجديةٍ وإخلاصٍ لصالحِ الشعبِ، قائداً ثابتَ العزيمةِ يواجِهُ التدخلاتِ الخارجيةَ والقوى المعاديةَ بقوةٍ وصلابة، لا يتراجعُ أمامَ أكبرِ التحديات، ويستمرُ في النضالِ حتى تحقيقِ أهدافِه، قائداً فعالاً يستطيعُ تنظيمَ القواتِ، قائداً اجتماعياً قادراً على إقناعِ الشعبِ بالصمودِ وتحمّلِ الظروفِ الصعبةِ التي فرَضَها العدوانُ العسكريُ والاقتصادي، حريصاً على توفيرِ الخدماتِ الضروريةِ للفقراءِ والمُحتاجين، وتعزيزِ الزراعةِ ودعمِ الفلاحين وتطويرِ القطاعِ الزراعي، قائداً عربياً مسلماً يهتمُ بحمايةِ وتعزيزِ الثقافةِ اليمنيةِ والهويةِ الإيمانيةِ الوطنية، قائداً وطنياً متمسكاً بالسيادةِ الوطنيةِ يقاومُ الاحتلالَ الخارجيَ بهدفِ استعادةِ بلدِه للسيادةِ الكاملة، قائداً قادراً على تحقيقِ النجاحاتِ على الصعيدين العسكري والسياسي، ورغم ذلك فهو راغبٌ على الدوامِ في السلامِ العادل.
أمّا الأعداءُ فحتماً يعرفون قدرَك أكثر منّا، لأنهم أكثرُ اندهاشاً منّا بك، فهم يُدركون أنك قائدٌ قلّما يجودُ التاريخُ بمثلِك، يفهمون أن سِرَ تميّزِك هو أنكَ ظهرتَ في الزمنِ الصعبِ، الذي كان فيه اليمنيون بحاجةٍ ماسةٍ لقائدٍ قويٍ وحكيمٍ وصادقٍ مثلك، هم يَرون المشهدَ كاملاً بينما نغرقُ نحنُ في التفاصيلِ فلا نراكَ كما ينبغي، يُدركون عَظمتَك لأنهم يفهمون الظُروفَ التي يعيشُها اليمنُ منذُ عقود، فَهُم مَن صَنَعَها، يعرفون النزاعَ المُسلّحَ والصراعَ الداخليَ الذي أغرقوا فيه شعبَنا منذ ُعقود، ويعرفون حجمَ شراسةِ عدوانِهم وحِصارِهم منذُ ثمانِ سنوات، وأثرَ كلٍ منهما على التنمية، هم يعرفون أنهم كانوا يتحكّمون ببلدِنا ـ طيلةَ عقودٍ ـ كما لو أنه في حُكمِ الولايةِ الأمريكيةِ أو المحافظةِ السعودية، يعرفون أن حكوماتِ الأنظمةِ السابقةِ جَعلتْ وطنَنا أبرزَ نموذجٍ على هَوْلِ الفسادِ الحكومي، يعرفون أنّ شعبَنا يُعاني مِن وضعٍ إنسانيٍ صعبٍ منذُ عقود، تُصنّفُه المنظماتُ الدوليةُ بأنّه تحتَ خطِ الفقرِ، ويعرفون أنهم أوصلوا الملايينَ من أبنائه إلى حافةِ المَجاعةِ بعدوانِهم وحصارِهم.
إنهم يُراكمون جميعَ أنواعِ التحدياتِ الإنسانيةِ والاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ وغيرِها أمامَك، ويُؤثرون بشكلٍ كبيرٍ على حياةِ أبناءِ الشعبِ كي تَصعُبَ عليكَ قيادتَهم نحوَ تحقيقِ التغيير، يتهرّبون مِن مسؤوليتِهم في تَحمُّلِ تبعاتِ الحربِ بالتعويضِ وإعادةِ الإعمارِ وتنميةِ البنيةِ التحتيةِ المتضررةِ جرّاءَ عدوانِهم، ويحرمون شعبَنا مِن ثرواتِه لإيجادِ نقصٍ في التمويلِ والموارد، ويسرقون مُرتباتِ الموظفين، ويُعمّقون الفقرَ والبَطالة لتصعُبَ عليكَ مُهمةُ توفيرِ الاحتياجاتِ الأساسيةِ والضروريةِ لحياةِ شعبِنا.
يفعلون ذلك رغمَ أنهم قد تمكّنوا ـ منذُ عقودٍ ـ مِن تفتيتِ شعبِنا إلى أطرافٍ مختلفةٍ، فجعلوه يُعاني مِن انقساماتٍ سياسيةٍ وتوتراتٍ داخليةٍ، يُعمّقون الانقسامَ السياسيَ أكثر لإعاقةِ جهودِ التوصلِ إلى شراكةٍ وطنيةٍ ينخرط ُفيها كلُ وطني يُريدُ أن يبنيَ بلَدَه لا حزبَه أو طائفتَه.
جاءوا بالفِتنةِ وجئتَ بالوحدة، جاءوا بالأمرَكةِ والوهابيةِ وجئتَ بالهويةِ الإيمانية، جاءوا بالفوضى والتوتراتِ السياسيةِ، وجئتَ بالاستقرارِ السياسي في زمنِ الحرب، جاءوا بهيكلةِ الجيشِ وتفكيكِه، وجئتَ فبنيتَه وقوّيتَه وجعلتَه مُتماسكاً.
يُريد أعداءُ اليمنِ أن يَراكَ شعبُنا مُشكلةً، لكنَ أبناءَ شعبِنا يرونك ـ بعقولهم وقلوبِهم ـ الحلَّ الوحيدَ للمشكلاتِ التي صَنعها أولئك الأعداء، يَرونك الحلَّ الوحيدَ القادرَ على توجيهِ الجهودِ نحو تجاوزِ هذهِ التحدياتِ والعملِ على تحقيقِ الاستقرارِ والتقدمِ في البلاد.
أعداءُ اليمن يَضعون التحدياتِ المُختلِفةَ أمامَك، لكنَّ الشعبَ يزَدادُ ثقةً بِك، وإيماناً بكونِك العاملَ الأساسيَ لتجاوزِها، نظراً لِحكمتِك وشجاعتِك وقُوتِك وصِدقِك وما لَمَسُوه أفعالاً قبلَ الأقوال، إن شعبَنا لا يَرى في الساحةِ اليمنيةِ أحداً غيرَك قائداً استراتيجياً مُؤثراً وقوياً ومُحنّكاً.
لقد نالتْ تجربتُك ـ في قيادةِ الثورةِ وقيادةِ الصمود ـ إعجابَ الكثيرِ مِن المتابعين في العالمِ ـ وليس فقط إعجابَ أبناءِ شعبِنا ـ كقائدٍ شابٍ نَجحَ في قيادةِ حركةِ أنصارِ الله، ثُمَّ الثورةِ اليمنيةِ في وجهِ الوصايةِ الأجنبية، يتميزُ بقدرتِه على توجيهِ وتنظيمِ الجماهيرِ وتحفيزِها، ونجحَ في تشكيلِ تحالفاتٍ قويةٍ والاستفادةِ من الظروفِ المحليةِ والإقليميةِ لصالحِ شعبِه ووطنِه، واستطاع تجاوزَ العقباتِ، وتحدّى ـ من دونَ أيِّ دعمٍ دولي ـ قواتِ التحالفِ التي تتمتع بقوةٍ عسكريةٍ لا مثيلَ لها في العالم، وتمكّنَ من توجيهِ رسالةٍ قويةٍ إلى الشعبِ وإلى المجتمعِ الدولي مفادُها «عليكم أن تحترموا الشعبَ اليمنيَ وسيادةَ اليمن».
وها نحنُ نَراهم يُؤكدون ـ عبرَ وسائلِ الإعلامِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعي ـ عدمَ قدرةِ أيِّ قائدٍ في أيِّ بلدٍ في العالمِ على مُواجهةِ التحدياتِ التي وَاجَهها قائدُ الثورةِ اليمنيةِ السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه اللهُ تعالى.
فيا قائدَنا المفدّى، نحن نعلمُ أنَّ المسيرةَ ما زالت طويلةً، وأنَّ هناك الكثيرَ مِمّا يجبُ تحقيقُه، ولكننا على ثقةٍ بأننا ـ بتوجيهاتِك السديدةِ وقيادتِك الحكيمةِ ـ سنواصلُ النضالَ مِن أجلِ بناءِ وطنِنا الحديثِ والمزدهر، نحنُ لا نستطيعُ أنْ نسمحَ للخوفِ أو الإحباطِ أو اليأسِ بأن يُوقفَنا، سنستمرُ في الكفاحِ حتى نُحققَ أهدافَنا في التغييرِ الإيجابي وبناءِ وطنٍ يعيشُ فيهِ جميعُ أبناءِ شعبِنا بكرامةٍ وسلام.
وكما وَضَعتِ الثورةُ حَدّاً للوصايةِ الأمريكيةِ والأجنبيةِ والتأثيراتِ السلبيةِ للتدخلاتِ الخارجيةِ على الشأنِ الداخلي للبلاد، سينتصرُ أحرارُ الشعبِ في معركةِ استعادةِ الاستقلالِ والسيادةِ اليمنيةِ ضدَ تحالفِ العدوانِ بإذنِ اللهِ سبحانه وتعالى، وستتحققُ العدالةُ الاجتماعية، وتُوزّعُ الثروةُ بشكلٍ عادلٍ في المجتمع، وسينتهي الاستغلالُ الاقتصاديُ والسياسيُ الداخليُ والخارجيُ الذي يُعاني مِنه الشعب.
إننا في هذا اليومِ المجيد ـ ونحن نحتفلُ بعيدِ ثورتِنا التاسع ـ نُجدِّدُ لكَ التزامَنا الثابتَ بقضيةِ شعبِنا ووطنِنا، ونتعهدُ بأنْ نُواصِلَ العملَ مِن أجلِ تحريرِ كاملِ بلدِنا، وتحقيقِ ما أمكنَ مِن طموحاتِ شعبِنا العزيز، سنظل نعملُ معاً على تحريرِ بلدِنا، وتعزيزِ مؤسساتِنا، وتمكينِ مواطنينا، وسنتغلبُ على جميعِ التحدياتِ، وسنبني مستقبلاً أفضل للجميع بإذنِ اللهِ سبحانه وتعالى.
وليعلمَ الأعداء والعالمُ أجمع أنَّ ثورتَنا لن تموتَ أبداً، وأن شعبَنا الحرَ لن يستسلمَ أبداً،
فاللهُ سبحانه وتعالى معنا، وأنتَ قائدُنا، والنصرُ حليفُنا، والمستقبلُ بإذن الله لنا.. وتقبّل خالصَ احترامِنا وتقديرِنا..
التوقيع: شعبٌ يفخر بكونِك قائدَه..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة: المشروع الصهيوني تهديد للأمة وعدوان عليها في هويتها ودينها واستقلالها وحريتها
يمانيون/ خاص
أوضح قائد الثورة أن المشروع الصهيوني الذي يتحرك فيه الأمريكي والإسرائيلي هو مشروع عدواني على أمتنا يصادر الحرية والاستقلال للشعوب ويصادر الأوطان والحقوق.
وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمه له، اليوم الخميس، حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية والدولية، أن المشروع الصهيوني هو تهديد للأمة وعدوان عليها في هويتها ودينها واستقلالها وحريتها وفي أوطانها وثرواتها.
وأضاف أن تقبُّل من ينتمي لهذه الأمة رسميا أو شعبيا للمشروع الصهيوني يعني الاستسلام وأن تكون مع عدوك المستهدف لك ولأمتك.. مشيراً إلى أن المشروع الصهيوني يريد أن يكون من تقبّلَه مجرد أداة لخدمته فيما هو خطر على الأمة، وهذا هو الغباء والخسارة بكل ما تعنيه الكلمة
وقال السيد القائد أنه كان ولا يزال من المهم جدا تحديد الخيار لأن الأمريكي يريد إما أن تكون في الوضعية التي يريدك أن تكون عليها وإلا فهو سيعتبرك ضد برنامجه ومشروعه.. مؤكداً أن تحديد الخيار وتحديد الموقف هي مسألة مهمة جدا لأن المسألة مصيرية للدنيا والآخرة.
وأشار السيد إلى أن من أخطر ما يمكن أن تتعرض له الأمة هو عندما يتجه البعض لتحديد خياراته واتخاذ مواقفه بشكل منفصل عن المبادئ والقيم والقرآن الكريم.
مشدداً على أنه عندما تنفصل مسألة تحديد الخيارات والمواقف عن مسألة المبادئ والأخلاق فستكون النظرة مغلوطة تحت عنوان المصالح.