الرئيس المشاط: أهنئ قائد ثورة الـ21 من سبتمبر المباركة وصانع هذا اليوم الأغر السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
– العيد التاسع لثورة 21 سبتمبر – ثورة الـ 21 من سبتمبر يمنية الهوى والهوية ووطنية الوجه واليد وهي التي لم تولد في أقبية المخابرات أو دهاليز السفارات جاءت الثورة المباركة بعد عقود من الوصاية المقنعة وإهدار النظام البائد لكل فرص النهوض قبل الثورة وصل الفساد والعبث بمقدرات البلد إلى الحد الذي تم فيه بيع الغاز اليمني لشركات أجنبية الثورة أرادت أن تؤسس لنمط جديد من التفكير السياسي وتطوي صفحة الماضي الأليم وتفتح الأفق واسعاً أمام العمل المشترك مع الأسف الشديد كبر على خصوم ثورة 21 سبتمبر الإصغاء لصوت العقل والحكمة فقرروا وأدها بالقوة نثمن جهود الأشقاء في سلطنة عمان في تحقيق السلام العادل والشامل نقاشات الوفد الوطني في الرياض وُصِفَتْ بالإيجابية وسرنا ما نقله الوفد عن القيادة السعودية صنعاء كانت وما تزال تناضل من أجل السلام وإنهاء الحرب العدوانية التي فُرِضَتّ عليها أدعو خصومنا المحليين للعودة إلى جادة الصواب والمضي نحو السلام واحترام وطنهم وشعبهم التسلح بالخارج ضد أبناء البلد عمل مشين ونتطلع إلى حوار يمني – يمني يُفضي إلى الحل السياسي المنشود النظام البائد حوّل بلاد السعيدة إلى واحدة من أفقر بلدان العالم وأكثرها فساداً
الثورة / سبأ
أكد فخامة المشير الركن مهدي المشاط- رئيس المجلس السياسي الأعلى، الحرص التام على تحقيق السلام العادل والشامل، معبرا عن التقدير العالي لما يبذله الاشقاء في سلطنة عمان من جهود مشكورة في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة.
وأشار الرئيس المشاط في خطابه مساء أمس في الذكرى التاسعة لقيام ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة، إلى أن الوفد الوطني المفاوض عاد برفقة الوساطة العمانية أمس إلى العاصمة صنعاء قادما من الرياض بعد أربعة أيام من النقاشات التي وصفت بالإيجابية.
وقال” لقد سرنا ما نقله الوفد المفاوض عن القيادة السعودية – باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015- وهي من الناحية النظرية لاشك تعتبر رسائل وتأكيدات إيجابية ونضعها موضع الترحيب المشروط بسرعة العمل على وضعها موضع التنفيذ”.. مؤكدا أن صنعاء كانت وما تزال تقاتل وتناضل من أجل السلام وإنهاء هذه الحرب العدوانية التي فرضت عليها من دون أي مسوغ منطقي أو سابق إنذار.
كما أكد الرئيس المشاط، أن صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء، ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وكافة بلدان أمتها المسلمة.
وقال” أدعو خصومنا المحليين للعودة إلى جادة الصواب والكف، والمضي معنا في السلام واحترام وطنهم وشعبهم على أساس من قداسة السيادة والاستقلال والخروج على نحو فوري من تحت عباءة الخارج ومغادرة أية اصطفافات خارجية ضد أبناء بلدهم مؤكدين أن التسلح بالخارج ضد أبناء بلدهم عمل مشين ومعيق لما نتطلع اليه من حوار يمني يمني يفضي إلى الحل السياسي المنشود».
ورحب الرئيس المشاط، بانفتاح المجتمع الدولي على صنعاء.. مشددا على أهمية إنهاء الاصطفافات العدائية المعيقة لعملية السلام في اليمن.
وعبر عن تطلعه إلى تعديلات جوهرية في المواقف الدولية التي تسببت كثيرا في إطالة أمد الحرب العدوانية على الشعب اليمني العزيز.
وتوجه الرئيس المشاط بالتهاني إلى الشعب اليمني باحتفالاته الوطنيةِ بالعيد التاسع لثورة 21 سبتمبر، وإلى صانع هذا اليوم الأغر قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
فيما يلي نص الخطاب:
الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وارضَ اللهم عن أصحابه المنتجبين وبعد،
باسمي ونيابةً عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى للجمهوريةِ اليمنيةِ أباركُ لشعبنا اليمنيِ العزيزِ احتفالاتهِ الوطنيةِ بمناسبةِ حلولِ الذكرى التاسعةِ لثورتهِ المجيدة، وبالمناسبةِ نفسها أُهنيءُ قائدَ هذه الثورةِ المباركة ، وصانعَ هذا اليوم الأغر السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ، كما أجدها فرصةً لأتقدمَ بخالصِ التهاني والتبريكاتِ إلى أبطالِنا المرابطين – في جميعِ جبهاتِ الشرف – دفاعاً عن حقوقِ الشعبِ العزيز، وذوداً عن حمى الوطنِ الغالي ، وهي أيضاً موصولة ٌ لكلِ المخلصينَ في مختلفِ ميادينِ الجهادِ الواسعة ، ولكلِّ الشرفاءِ والأحرارِ في عمومِ الداخلِ والخارج.
أيُّها الإخوة والأخوات
إن احتفاءنا بالحادي والعشرين من سبتمبر المجيد ليس سلوكاً ترفياً، ولا عملاً فائضاً عن الحاجة، وإنما هو تجديدٌ في الوعي واليقين، وإثراءٌ في العملِ والأمل، وتتويجٌ سنويٌ لنضالاتِ شعبٍ كريمٍ قررَ الخلاصَ من براثين الوصاية متفيئاً حراكاً مجيداً وثورةً متوثِّبَةٍ وضعت عزةَ اليمنِ وحريتهِ واستقلالهِ نصبَ عيْنيْها من أولِ يوم.
ثورةٌ يمنيةَ الهوى والهوية، ووطنيةَ الوجه واليد ، ولا غروَ في ذلك فهي تلك الثورة الخالدة التي لم تولد في أقبيةِ المخابرات ، ولا في دهاليزِ السفاراتِ ، وغرفِ الظلامِ والمؤامرات ، وإنما جاءت من صميمِ الشعب اليمني العزيز، وتدفقت من رَحِمِ معاناتهِ وأشواقهِ وتطلعاتهِ ، وهذا – لاشك – سِرُّ صمودِها ونموها وما هي عليه اليومَ من صلابةٍ وثباتٍ رغمَ كلِ الأهوالِ والتحدياتِ التي داهمتْها من لحظةِ ميلادِها الى هذا اليوم.
وفي مناسبةٍ كهذهِ ، لعل من الأهميةِ بمكانٍ أن نستذكرَ شيئاً من إرهاصاتِ الثورةِ وطبيعةِ الظرفِ الذي أنضجَ مُوجِباتِها لكي نعرفَ ويعرفَ العالم كُلهُ بأنَّ شعبنا لم يكن في ثورتِهِ الخالدةِ من الأشِرِينَ ولا من البَطِرِيْن ، وإنما كان ينزعُ عن حاجةٍ يمنيةٍ ماسة ، وعن ضرورةٍ دينيةٍ ووطنيةٍ ملحةٍ لوقفِ العبثِ الممتدِ عبرَ السنينِ الطِوال والذي كان قد أتى على كلِ شيءٍ جميلٍ في هذا البلد .
أيها الإخوة والأخوات
لقد جاءت الثورةُ المباركة بعدَ عقودٍ طويلةٍ من الوصايةِ المقنِّعَة، وإهدارِ النظامِ البائدِ لكلِ فرصِ النهوضِ بواجِباتِهِ ومسؤولياتِهِ وبعد أن تحوَّلتْ التبعيةِ الى ثقافةٍ وممارسة، والوصايةِ إلى غولٍ مدمرٍ ومعولِ هدمٍ حقيقيٍ أجهضَ حُلُمَ الإنسانَ اليمني في رؤيةِ دولةِ يمنيةِ قويةِ تمتلك قرارها، وتصونَ سيادتِها واستقلالِها ، وتحمي أمنَ المواطن، وتبني اقتصاد البلد، وبعدَ أن حوَّلوا بلاد السعيدةِ إلى واحدةٍ من أفقرِ بلدانَ العالمِ وأكثرها فسادا، وبعد أن صنعوا منها بيئةً حاضنةً للظلمِ والفسادِ والاستبدادِ ومرتعاً خصباً للإرهابِ والممارساتِ الظلاميةِ الغريبةِ والدخيلةِ على مُجتمعنا اليمني، وكُلنا ما يزالُ يتذكر كيف كانت مجاميعُ القاعدةِ تجوسُ خلالِ الديارِ وتنشرُ فكرَ الأحزمةِ الناسفةِ برعايةِ اطرافٍ نافذةٍ في السلطةِ حتى أن أعلامها كانت ترفرف في أرحب وجبل راس وفي البيضاء ومناطق كثيرةٍ ومتعددة لا، بل وكانت أعلامُها قبل مجيء الثورةِ بأيامٍ ترفرفُ في أجزاءٍ من منطقةِ سعوان بقلبِ العاصمة، تماماً كما هي الآن تُرفرِفُ في مدينةِ مأرب وفي عمومِ أراضينا المحتلة.
وكانت دروسُ الذبحِ والتفخيخِ تُلْقَى على شكلِ محاضراتٍ وبروفاتٍ فيما كان يسمى بجامعة الإيمان ومعسكراتِ الفرقةِ تحديداً، وهذا ليس تجنياً وإنما حقائقَ يثبِتُها ارشيفٌ زاخرٌ بالشواهد، وتثبتها علاقاتِهم المستمرةِ مع القاعدةِ التي هي اليوم جزءٌ لا يتجزأ من مزعومِ شرعيتهم الزائفة، وكانوا أيضاً قد عمدوا منذُ وقتٍ مبكرٍ إلى إقصاءِ الشرفاءِ من كل المؤسسات وخصوصاً في مؤسستيْ الأمن والجيش.
ووفقَ خُططٍ مبكرةٍ وممنهجةٍ عمِدوا إلى تفكيكِ الجيشِ وتحجيمهِ في التسليحِ والتدريبِ ومسخِ هويتهِ وعقيدتهِ القتالية ، وتحويل مهامهِ من جيشٍ وطنيٍ يُفترضُ أن يُدافِع عن البلدِ ويحمي ترابهِ العزيزِ إلى ما يُشبهَ الشركاتِ الأمنيةِ المخصصةِ فقط لحمايةِ أدواتِ الخارج ، وكلنا يتذكر كيف كانوا يستعمِلونِ هذهِ المؤسسةِ لقمعِ المصلحينِ اليمنيينِ في الداخلِ واجتياحِ القرى والمدن اليمنية ، في الوقتِ الذي ظهرَ المقاتلونَ ببنادقٍ خرساء أمام من قتلوا جنودنا في جزيرةِ حنيش، وأمام من كانوا يقضِمون أراضينا قطعةً قطعة من دونِ أي مقاومةٍ أو طلقةِ رصاص،
وكلنا أيضاً يتذكر الثاراتِ وموجاتِ الذبحِ والتصفياتِ التي طالتْ كوادرَ المؤسسةِ العسكريةِ والأمنية، إلى جانب انتشارِ آفةِ الثاراتِ والأزماتِ وبراميلِ التقطعِ وعمليات السطوِ والسرقةِ التي كانت تجتاح البلد من أقصى الجنوبِ إلى أقصى الشمال ، وإضافةً إلى ذلك كانت البلاد قد تحولت – منذ فترةٍ طويلةٍ – إلى بيئةٍ طاردةٍ للعقولِ والكفاءاتِ وللأيديْ العاملةِ حتى أصبح المغتربون اليمنيون يملؤون دول العالمِ من مختلفِ المستوياتِ والطبقات كما هو معروف، ناهيك عن الفسادِ والعبثِ بمقدراتِ البلدِ إلى الحدِ الذي باعوا فيه الغاز اليمني لشركاتِ أجنبية، لا بل ووصل الفسادُ إلى حدِ قيامِهم بتقاسُم آبار النفطِ وتوزيعها على أشخاصِهم وأُسرِهم، وظلت الأمورُ تسوءُ والمعاناةُ تكبُر من دونِ أيِّ هدفٍ حتى وصل كل شيءٍ منتهاه وأعلنت حكومة ما قبل الثورةِ افلاسها وعدم قدرتها على تسليمِ المرتبات ، وكل ذلك في مرحلةِ سلمٍ وفي ظلِ مواردٍ مكتملةٍ ومساعداتٍ خارجيةٍ مهولة.
أيها الشعب اليمني العزيز
إن هذه الإشارة المقتضبةِ – لبعضِ ملامِح الواقعِ المرير الذي سبقَ مجيءِ ثورتِكم المجيدة – لا أقصُد من ورائِها الإساءةِ أوِ الانتقاصِ من أيِّ جهةٍ في أيِّ عهدٍ أو عصرٍ – بقدر ما أردتُ التذكيرَ بأن من ينظرُ بعينِ الإنصافِ أو يدققَ بقلبِ الباحثِ المتجردِ – في مراحلِ ما قبل الثورةِ سيدركَ حتماً بأنَّ أوضاعَ البلدِ لم تكنْ على ما يُرام، وأن الحادي والعشرينَ من سبتمبر المجيد قد مثلَ بالفعلِ الاستجابةِ المنطقيةِ والطبيعيةِ لنداءِ الواجب، وصوتَ الضمير، تجاهَ وطنٍ يضيع وقيمٌ تتلاشى تحت وطأةِ الوِصايةِ الخارجيةِ وأدواتِها المحليةِ المحكومةِ بالفسادِ والتبعية، ولا أدَّعِيْ أنَّ ثورتَنا الخالدةِ قد نقلتكُم إلى الوضعِ المثالي الذي نصْبُو إليه ولكنَّ الوقتَ بالتأكيدِ ما يزالَ متاحاً أمامها لصناعةِ ذلك ، ولديها من القيمِ والعزمِ والإيمان ما يكفي إن شاء الله لتحقيقِ ذلك.
لقد حاولت الثورةُ من أولِ يومٍ أنْ تُصْلِحَ الوضعَ بطرقٍ سلميةٍ وحضاريةٍ فعفتْ عن خصومِها وحاورتهم وأبقتْهم في مناصِبِهم وقدمت كلَّ التطْمِيناتِ في الوقتِ الذي كانَ بمقدورِها أن تحاكِمَهم وتُعَلِّقَهُم على حبالِ المشانقِ تحت تصفيقِ الجماهيرِ لكنَّها أرادت أن تُؤسس لنمطٍ جديدٍ من التفكيرِ السياسيِ الخلاقِ لعلَّها بذلك تطوي صفحةَ الماضي الأليم ، وتفتحَ الأفقَ واسعاً أمامِ العملِ المشترك، وذلك كل ما فَعَلَتْهُ بِحقِّهم أنَّها دعتْهم فقط إلى احترامِ سيادةِ البلادِ والتوقف عن الفسادِ والاستبداد ، ووقفِ العلاقةِ مع الإرهابِ وتصحيحِ الاختلالاتِ والمضيِّ قُدُماً نحو بناءِ الدولةِ اليمنيةِ العادلة ، مجسدةً بذلك ما جُبِلَ عليه شعبُها من التسامُحِ والصفحِ الجميل ، ومن الميلِ إلى السلامِ والحوار، ولكن مع الأسفِ الشديدِ كَبُرَ على خصومِها الإصغاءُ لصوتِ العقلِ والحكمةِ والأخلاق ، فقرروا وأْدَهَا بالقوةِ لِيبْدأَ فصلٌ جديدٍ من فُصُولِ الثورةِ في مشهدٍ عكسَ حقيقةِ الصراعِ القائمِ بينَ مشروعِ الوطنِ (الذي يدعو إلى يمنٍ قويٍ وعزيزٍ ومستقل) وبين مشروعِ الخارجِ (الذي يُحاوِلُ إبقاءِ اليمن كجدارٍ قصيرٍ ومسرحٍ للتدخلات ).
وعلى مدى تسعَ سنينٍ عجافٍ ضاعفتِ الحربُ العُدوانيةِ معاناةِ شعْبِنا – قتلاً وترويعاً وحصاراً وتجويعاً ودماراً واسعَ النطاقِ – ومع ذلك أثبت شعبنا ، بأن ثورتهُ وُجِدت لتبقى وتستمر، ويكفي هذه الثورةَ فخراً واعتزازاً أنها حافظت على أخلاقها وقيمها ومبادئها ولا أَدلُّ على ذلك من إبقائها باب العفوِ مفتوحاً وتعامُلِها النبيلِ مع الأسرى ، ومضت على قاعدةِ يدٌ تبني ويدٌ تحمي واستطاعت بفضل الله أن تُحَوِّل هذه الحربِ وهذهِ المعاناةِ إلى شاهدٍ على عظمةِ شعبها وحكمةِ قيادتِها، وعدالةِ قضيتِها، وبسالةِ مقاتليِها، وصنعت من كلِ التحدياتِ فُرصاً ثمينةً للعملِ الدؤوب، وإحياءِ خصائصِ الصبرِ والتعاونِ والتكامل ، وتحصينِ الجبهةِ الداخلية .
وتحت النارِ والحصارِ أذْكَت الروحَ اليمنيةِ المبدعة ، وراكمت التجاربِ والخبراتِ فبنت جيشاً يمنياً عملاقاً، وصنعت كلَ متطلباتِ المقاتلِ من الطلقةِ إلى الصاروخِ والطائرة، وبنت قوةً أمنيةً ضاربةً قضت بشكلٍ كليٍ على القاعدةِ وداعش وكلِ نتوءاتِ الإرهابِ والتطرف، ونشرت الأمن والسكينة في الطرقاتِ والقرى والمدن في عمومِ مناطقِ سيطرتها، وأَدْخَلَت الكثير من الإصلاحات، والعديد من المشاريع في مختلف المجالات، ووضعت الحكومة التعليمات الصارمة لقيادة الثورة وقيادة الدولة بخصوص منع تجنيد الأطفال موضع التنفيذ، وأولت الجانب الزراعي عناية فائقة ، وبكفاءة منقطعة النظير أدارت الثورة معركة التحرر الوطني المستمرة ، وكل ذلك في ظل ظروف صعبة وإمكانات شحيحة وفي مواجهة حرب عدوانية كبيرة واصطفاف عالمي غير مسبوق ، وهذا ما شهدت به التقارير الصادرة عن كبريات المراكز العالمية الى جانب ما يصدر عن الجهات المعادية من إقرارات واعترافات متكررة بهذه الحقيقة، ولا ندعي نجاح الثورة الكامل في القضاء على الفساد فهذه معركة ما تزال طويلة كما تعرفون ، لكنها على الأقل أطاحت بكبار الفاسدين والنافذين ، ووظفت الإمكانات المتاحة في خدمة الصالح العام طبقا لأولويات المرحلة ، كما حمت النفط اليمني والغاز اليمني من السرقة والنهب ، وحافظت على العملة ، وما تزال تصرف بين فترة وأخرى نصف راتب، وكل ذلك من موارد محدودة للغاية الأمر الذي يعطي مؤشرات ودلائل كافية على انحسار واضح في مساحة الفساد ، وبالتأكيد مازلنا في صدد الترتيب للمزيد والمزيد من التغييرات والإصلاحات الشاملة.
أيها الإخوة والأخوات
سأكتفي بهذا القدر من الحديث عن ثورتكم الخالدة مع إبقاء المجال مفتوحا أمام النخب وحملة الأقلام الشريفة لإثراء الحديث عنها بقدر من التوسع أكثر وأكثر.
وأختم بما يلي:
أولا – أجدد التهنئة بمناسبة أعيادنا الوطنية وبمناسبة اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف وهي لا شك عيد الأعياد واحبها إلى قلوب العباد وبهذه المناسبة أدعو الجميع إلى نشر قيم المحبة والإخاء والتسامح والتصالح بما يعزز الجبهة الداخلية ومواصلة حشد الطاقات بما يضمن نيل الحقوق كاملة غير منقوصة.
ثانيا – نؤكد حرصنا التام على تحقيق السلام العادل والشامل ونقدر عاليا ما يبذله الأشقاء في سلطنة عمان من جهود مشكورة في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة، وفي هذا الصدد أود الإشارة إلى أنني كنت قد أعددت خطابا مختلفا تماما عن هذا الخطاب لكنني أجلته في اللحظة الأخيرة وكلي أمل أن لا أضطر للعودة إليه في أي مناسبة قادمة.
لقد عاد وفدنا الوطني المفاوض برفقة الوساطة العمانية يوم أمس إلى صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية قادما من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بعد أربعة أيام من النقاشات التي وصفت بالإيجابية ، وقد سرنا ما نقله الوفد المفاوض عن القيادة السعودية – باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015- وهي من الناحية النظرية لا شك تعتبر رسائل وتأكيدات إيجابية ونضعها موضع الترحيب المشروط بسرعة العمل على وضعها موضع التنفيذ مؤكدين أن صنعاء كانت وماتزال تقاتل وتناضل من أجل السلام وإنهاء هذه الحرب العدوانية التي فرضت عليها من دون أي مسوغ منطقي ومن دون سابق إنذار ، وبكل صدق وشفافية ووضوح نؤكد بأن صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وكافة بلدان أمتها المسلمة .
ثالثا – أدعو خصومنا المحليين للعودة إلى جادة الصواب والكف، والمضي معنا في السلام واحترام وطنهم وشعبهم على أساس من قداسة السيادة والاستقلال والخروج على نحو فوري من تحت عباءة الخارج ومغادرة أية اصطفافات خارجية ضد أبناء بلدهم مؤكدين أن التسلح بالخارج ضد أبناء بلدهم عمل مشين ومعيق لما نتطلع إليه من حوار يمني يمني يفضي إلى الحل السياسي المنشود.
رابعا – أرحب بانفتاح المجتمع الدولي على صنعاء وأشدد على أهمية انهاء الاصطفافات العدائية المعيقة لعملية السلام في اليمن كما أتطلع إلى تعديلات جوهرية في المواقف الدولية التي تسببت كثيرا في إطالة أمد الحرب العدوانية على الشعب اليمني العزيز.
المجد والخلود للشهداء
الشفاء للجرحى
الحرية للأسرى
النصر للشعب اليمني العزيز والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الرئیس المشاط من سبتمبر هذا الیوم أن صنعاء ما تزال من دون
إقرأ أيضاً:
استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية
استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية
صلاح شعيب
بالأمس مرت ذكرى قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي أنهت أسوأ فترة استبدادية في تاريخ البلاد. إنها الثورة التي قدم فيها شبابنا تضحيات عظيمة في فترة كالحة أذاقت السودانيين كل العذاب. فضلاً عن ذلك فإن ما سمي المشروع الحضاري أضاع أكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة، حيث شهدنا كيف أنه تم توظيف الإسلام كأداة تجارية ضد الإسلام نفسه. ولا نحتاج لتذكير الناس أن نسخة الإسلام السياسي السودانية ساهمت في فصل جنوب السودان عن شماله، وخلقت طبقة إسلاموية سيطرت وحدها على مفاتيح السياسة، والاقتصاد، ومنابر الثقافة والإعلام، والخدمة المدنية، والقطاع الخاص، وغيرها من مجالات العمل في السودان. كل هذه السيطرة الاستبدادية تعززت منذ عشريتها الأولى بقبضة أمنية أداتها تعذيب المعارضين، وإغلاق كل المنافذ أمامهم دون الحظر بحياة كريمة.
وقد أدى هذا الوضع إلى هجرة معظم العقول السودانية، وما بقيت في الداخل لُوحقت بالمضايقة المنتظمة حتى قبل لحظات من سقوط نظام الحركة الإسلامية. وأثناء هذا الوضع تفشت المحسوبية، والفساد، وشراء ذمم الناس الضعيفين حتى انهارت مهنية الخدمات، والأجهزة العسكرية، والأمنية. وكذلك أفرزت سياسة الإسلاميين الاغتيالات السياسية، والإبادة الجماعية في دارفور، وقصف الأبرياء بالبراميل الحارقة في مناطق النزاع. ولعل هذه الحرب الدائرة الآن أكبر دليل على انهيار مؤسسات الدولة، وتفريغها من فاعليتها. بل إن هذه الحرب لا تنفصل من تأثير سياسة الإسلاميين السالب على النسيج الاجتماعي في الدولة، إذ استعانت بالمليشيات وسيلة للدفاع عن فساد نخبة المؤتمر الوطني.
إن ما فعله الإسلاميون ما قبل مفاصلتهم، وبعدها، لا يمكن إجماله في هذا الحيز. ولكن المهم القول هو إن الحركة الإسلامية قدمت أسوأ نموذج للاستبداد السياسي في التاريخ الحديث. ولذلك كانت ثورة ديسمبر فرصة للسودانيين لإثبات جدارتهم في إلحاق الهزيمة بأنظمتهم الديكتاتورية التي كلها ذهبت إلى مزبلة التاريخ ليكسو العار وجوه الذين أسّسوا لذلك النظام السياسي الفاسد، والقمعي، والقبيح.
إن استهداف ثورة ديسمبر بدأ منذ نجاحها بتدبير من قيادات في المكون العسكري ربطت بينهم والإسلاميين علاقات خفية. ورغم ما أبداه البرهان، وياسر العطا، وكباشي، وحميدتي، من انحياز مرحلي للثورة إلا أن عرقلتهم لتطلعات رئيس الوزراء وطاقمه، والمؤسسات الأخرى التي شغلها كوادر تحالف الحرية والتغيير كان أمراً ظاهراً ما أدى إلى شل حركة حكومة الانتقال الديمقراطي. ذلك حتى استطاعوا إحداث الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي أنهى المرحلة الانتقالية. ومع ذلك لم ينثن الثوار أمام الآلة القمعية للانقلابيين، وقدموا نضالات غاية في التضحية في سبيل إفشال مخطط تقويض الثورة. وهكذا عجز الانقلابيون في تنفيذ مخططهم الذي بدأ باسترداد الأموال، والأملاك، التي تحكمت فيها لجنة إزالة التمكين، وإعفاء السفراء الذين تم استرجاعهم للخدمة المدنية، وعودة الممارسات القمعية ضد الإعلاميين، وحظر نشاط الحركة الجماهيرية.
جاءت الحرب كخيار أخير للقضاء على ثورة ديسمبر بتوافق البرهان، وأركان حربه مع الإسلاميين بقيادة علي كرتي، وقد أتاح هذا المناخ الاستبدادي الجديد الفرصة للإسلامويين، ودواعشهم، للظهور علناً لدعم الجيش في حربه المقصودة أصلاً ضد الثورة. وبمرور الأيام كشفت أبواق الحرب عن مكنون مقاصدها في استهداف رموز، وأحزاب الثورة، ولجان المقاومة، عبر حملة إعلامية مسعورة تواصل النهار بالليل حتى تخلق رأياً عاماً مشوهاً في رؤيته للحرب، وسير مجرياتها.
وتواصلت أكاذيب، وتلفيقات إعلاميي النظام السابق، وبعض الانتهازيين الذين تم استخدامهم لتزوير الوقائع، وعكس صورة مخالفة للهزائم المستمرة التي مني بها الجيش وتحويلها لانتصار زائف.
ومع ذلك لم تنجح الحملات الإعلامية السافرة التي صرف لها الإسلاميون بسخاء من نزع حلم استئناف الثورة من مخيلة، وأفئدة، غالب الشعب السوداني، والذي ظل يأمل إيقاف الحرب لتنتهي المآسي الإنسانية التي خلفها المشروع الحربي لعودة الإسلاميين للحكم، ومن ثم يضطلع المدنيين بأمر الحكم المدني، ويكتمل الانتقال الديمقراطي لتحقيق شعار الثورة: حرية، سلام، وعدالة، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
لقد مرت الذكرى السادسة لاندلاع ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018، وقد شغلت كل منصات التواصل الاجتماعي، حيث سيطر النشطاء والكتاب الثوريون على منشورات هذا اليوم، مسترجعين ذكريات من النضال المشهدي ضد نظام الحركة الإسلامية، ومؤكدين إصرارهم على هزيمة مشروع إجهاض الثورة التي أتت لتقطع مع عهد التيه والضلال، ومعبرين عن رفضهم لاستمرار الحرب بوصفها وسيلة إنتحارية لقتل حلم السودانيين في عهد ديمقراطي، وإسترداد كامل النظام السابق، وتأديب الثوار. ولكن هيهات فثورة ديسمبر انبثقت لتبقى جذوتها حية مهما طال امد التآمر ضدها.
الوسوماستمرار الحرب النضال ثورة ديسمبر السودانية حلم السودانيين صلاح شعيب