يوسف قعيد: تحرير سيناء مسئولية جيل عانى من عار الهزيمة
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
قال الكاتب والروائي الكبير يوسف القعيد، إنه التحق بالقوات المسلحة في عام 1965، وبعد وقوع النكسة صدر قرار استبقاء الجنود حتى تحقيق النصر الكامل على العدو الإسرائيلي.
وأضاف خلال لقائه مع الإعلامي محمد الباز في برنامج "الشاهد" على شاشة "إكسترا نيوز"، أنه كان برتبة جندي ثم رقي إلى رقيب، وهذه الفترة التي عاشها في الحرب كان جزءا من المشهد الثقافي المصري، وكتب روايته "الحِداد يمتد عاما آخر"، لكن الرقيب رفض العنوان لأنه متشائم "لسه هانستنى عام آخر" فغيره إلى "الحِداد" فقط.
وذكر أنه أسس مع الكاتب الراحل جمال الغيطاني سلسلة "كتاب الطليعة"، وطبع فيها القعيد رواية "الحداد" بينما طبع الغيطاني مجموعته القصصية الأولى "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، وساعدهما الأديب سمير ندا، وطبعت في مطبعة الجبلاوي في شبرا، وهذه الرواية كانت بكائية على أحداث 1967.
مسؤولية جيلولفت إلى أنه حين التقى مع الروائي جمال الغيطاني بالأديب محمود أمين العالم، عرض عليهما الالتحاق بجريدة الأخبار، والتحق الغيطاني بوظيفة محرر عسكري، بينما لم يتمكن القعيد من العمل وقتها؛ لأنه مجند في الجيش.
ونوه إلى أنه لاحظ بعد النكسة أن القوات المسلحة المصرية تستعد لحدث كبير ومهم، وأصبح اسم سيناء حاضرا بشكل رومانسي في الخيال المصري، وأن تحرير سيناء هي مسؤولية هذا الجيل.
وأشار إلى أنه بعد انتهاء مدة خدمته صدر قرار الاستبقاء للجميع دون استثناء، وهذا الاستبقاء له قواعد أخرى غير التجنيد، فالمستبقى من حقه المبيت بمنزله، والخروج في إجازات أكثر، وأن يصبح قياديا، وبدأ يشعر من الأخبار التي تصل إلى وحدته أن الأمل يظهر من جديد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: يوسف القعيد القوات المسلحة النكسة العدو الإسرائيلي جندي
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الأماكن كلها مشتاقة لك
#الأماكن_كلها_مشتاقة_لك
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 5 / 5 / 2008
رفع رأسه من تحت غطاء البكم بعد أن تفقّد ماء الروديتر ، مسح مؤشر الزيت بخرقة لا تقل سواداً عن لون الزيت المحروق، أغلق الغطاء وأدخل إبريق الوضوء الى الداخل ، ثم طلب من ابنته (عيشة) أن تغسل الأرجيلة جيداً وتضع بعض معسّل التفاحتين بورقة قصدير..
أخرج يحيى حصيرة من بيت الدرج ،نفضها من غبرة الفصول ثم وضعها في صندوق البكم ، بينما كانت تسكب أم يحيى الشاي المغلي في السخّانة / ماركة الطاووس.. كان (عايش) يجلس قبالتها وهو يرتدي فردة واحدة من الجوارب ويهدد بمنتهى الجديّة : لدّي، إذا ما بخليني شلاش..البس البوط الأزرق ترى بلعن اللي هَهَ ..فتردّ الأم بمنتهى طولة الروح ، وهي تدوّر غطاء السخّان باتجاه عقارب الساعة : ( قلّه اذا اجت أمي هسع ، بتشلّخ نياعك)..
فور خروجهم من البيت يخفض #ابو_يحيى صوت الراديو قليلاً ويستفتي العائلة سائلاً سامعين في صوت طقّة؟) ، أم يحيى تنفي ، يحيى يشكك، عيشة تؤّكد ، عيّاش يستبعد ، شايش يرجّح، شلاش يأمل، بينما عايش لا يعلق كونه خارج قمرة القيادة فهو يجلس في الصندوق الخلفي..كل مئة متر تقريباً يخفض ابو يحيى صوت الراديو ويسألهم: (سامعين في صوت طقّة بالبكم ؟)..وتعود أم يحيى للنفي ، ويحيى للتشكيك، وعيشة للتأكيد ، وعياش للاستبعاد ، وشلاش للأمل، وعايش للصمت ..بينما رسمية وعبّود يلتهيان بأغنية متعب السقار (لدّ لدّ تشيفنّه)..
فوق كل مطب أو حفرة تعود أم يحيى لتضبط سخّان الشاي بين قدميها جيداً نتيجة الحركة المفاجئة، أما الأرجيلة فلم تزل بحضن عيشه بالكرسي الخلفي والماسورة مصوبة باتجاه الوالد..
عند أقرب مسطح حرجي وتحت أول شجرة شاغرة ، أوقف أبو يحيى بكمه ..نزل أولاً عايش من الصندوق بفردة جواربه ، حاملاً بين ذراعيه الحصيرة ، تبعه بالنزول رسمية وعبّود ، ثم شلاش وهو يرتدي البوط الأزرق وبيده جركن ماء ، ثم نزلت عيشه وهي مسكونة بحياء الصبايا وبيدها العهدة( الأرجيلة) ثم نزلت أخيراً أم يحيى وبيدها سخّان الشاي..
أثناء قيام ابو يحيى بتجميع الأرجيلة قال من باب إحماء الوجه: هيك الطشّة أحسن بدون شوي ..فردّت أم يحيى وهي تستخرج الأكواب من كيس بلاستيكي : الله يقطع اللحم والجاج ،زهقناه ..ثم انضمّت عيشة الى الأوركسترا وقالت: آه والله!! احنا طالعين انطش ولا نوكل؟؟ ..ثم علق يحيى بمنتهى النفاق: هيك بنكسب الوقت أحسن من قرف الهش والنش ..أما عايش فقد تمتم أول كلمتين بصوت منخفض ثم أكمل العبارة بسرّه : بدّي ألعن اللي..هه..هسع الشاي أحسن من الشوي ؟ .
طلب أبو يحيى من شلاش أن يأتيه بقبس من جمر من أحدى الأماكن القريبة ، ذهب الى العائلة الأولى وعاد محبطاً: زيّنا، قاعدين بشربوا شاي، فيش فحم ..ذهب الى الشجرة الأبعد قليلاً ، ثم عاد بالمنقل فارغاً وقال: هظول كمان بشربوا قهوة سادة ،بيش فحم ، نظر أبوه نظرة دائرية في المنطقة ثم بعثه الى عائلة تجلس قرب سيارة مرسيدس حديثه..غاب شلاش ثم عاد خائباً للمرة الثالثة : هظول بشربوا شنينة وبوكلوا معها خبز، مش مولعين شوي ..وقف أبو يحيى فوق تلة قريبة فشاهد مجموعة من الرجال على بعد كيلو يجلسون بوقار قرب باص كيا ارزق ويرتدون الدشاديش البيضاء..فسلّمه رسالة خطية وابتعثه الى أولئك المشايخ، بعد نصف ساعة عاد شلاش وهو يضرب المنقل بركبته قائلاً: هظول يابا قاعدين بسبّحوا.. بس معاهم مسابح ومية زمزم .. تأمل أبو يحيى جميع الأماكن المحيطة ..فلم يجد أي من المتنزهين يشعل نار الشواء ..ثم بدأ يغني للّحم الغائب وهو يفك أجزاء الأرجيلة : الأماكن كلها مشتاقة لك ..