أكّدت الدكتورة معصومة المطاوعة أستاذ التربية المشارك بجامعة البحرين على ضرورة تعلّم اللغة العربية كعنصر أساسي في الحفاظ على هويّة الأبناء. وقالت بأن من أبرز الجوانب في تعلّم اللغة العربية كونها الوسيلة التي من خلالها يتمّ تشرّب العادات والتقاليد والثقافة التي ننتمي إليها، مؤكدةً أن اللغة «أسلوب حياة كامل وليس فقط صوت أو وسيلة للتواصل كما يعتقد البعض، ولذلك فإن تعلّم اللغة العربية يمس جوانب متعددة وحسّاسة في حياتنا ومستقبلنا».

وأكدت أنه وبالرغم من التحديات التي نواجهها بسبب اللغة الأجنبية إلا أنها أصبحت ضرورة حياتية، ولها العديد من الإيجابيات فهي من اللغات العلمية والاقتصادية والسياسية الأولى في العالم، وتجعل الناس أكثر وعيًا وانفتاحًا مع الثقافات الأخرى وهي احد مظاهر المجتمعات المتحضرة الناهضة. جاء ذلك في محاضرة نظمها مركز عبدالرحمن كانو الثقافي، مساء أمس الأول بعنوان «التربية والهوية.. في ظل الثنائية اللغوية»، وأدار الحوار الدكتور خليفة بن عربي، بحضور عددٍ غفير من الجمهور والأكاديميين والإعلاميين. وتضمنت الندوة مجموعة من المحاور الأساسية منها أثر الثنائيّة اللغوية على الأطفال، ومفهوم كل من الهوية وتفكّك الهوية وأنواعها، وأهمية تعلّم اللغة العربية للحفاظ على الهويّة، وعلى تداعيات التحدث باللغة الأجنبية في الحياة اليومية مع الأبناء. وتطرقت بالحديث أيضًا عن بعض الحلول لمعالجة إشكالات الهوية لدى الجيل الحالي. وقسّمت المطاوعة الأسر الخليجية والعربية في تعاطيها مع اللغة إلى ثلاث فئات، أولها تشمل الأسر ممّن لا يرغبون في أن يتكلم أبناؤهم اللغة العربية بوعي أو بدون وعي، يليهم من ليس لدية رؤية واضحة لمفهوم الهوية ويريد أولاده أن يتحدثوا الإنجليزية لضمان المستقبل، وآخرهم من يدرك أهمية اللغة والحفاظ علـى الهوية ولكن يريد لأبنائه تعلم الإنجليزية لضمان الوظيفة والمستقبل ولكن لا يعرف كيف يوازن بين الاثنين. كما أشارت إلى العوامل التي تؤثر في بناء الهوية وشملت جنس الفرد والانتماء للجماعة والأداء المدرسي ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمؤثرات الداخلية مثل الأمراض النفسية أو الجسمية والعوامل السياسية مثل اللجوء السياسي أو الحرب أو الخوف. وختمت الدكتورة معصومة ندوتها بعدد من الحلول لعلاج مشكلة الهوية لدى الجيل الحالي أبرزها دور المسؤولين في المدارس على تشجيع تلقي الطلاب المعلومات الخاصة بأصالتهم وتاريخهم أولا ثم الحضارات الأخرى. كما دعت إلى ضرورة الاجتهاد في تصميم وتطوير مناهج اللغة العربية بحيث تقود إلى تحبيب الطلاب للغة العربية باختيار القصص والأناشيد التي تلائم توجهات الجيل الحالي، وأن تعمل وسائل الاعلام في تمثيل اللغة العربية إعلاميا كلغة راقية تعبر عن اهتمامات المجتمعات المحلية والعربية.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع اللغة العربية مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي؟

في 18 ديسمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ اليوم العالمي للغة العربية، وهو مناسبة أقرّتها منظمة اليونسكو للاحتفاء بهذه اللغة العريقة التي تُعد واحدة من أكثر اللغات انتشارًا وتأثيرًا في تاريخ البشرية. يأتي هذا اليوم لتسليط الضوء على أهمية اللغة العربية كجسر للثقافة والمعرفة والإبداع، وكذلك لطرح التحديات التي تواجهها في العصر الحديث، خصوصًا في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع وثورة الذكاء الاصطناعي.

اللغة العربية، التي شكّلت ركيزة أساسية للحضارة الإسلامية وكانت لغة العلم والفكر لقرون، تجد نفسها اليوم في مواجهة تغييرات جوهرية فرضتها التكنولوجيا. في هذا الإطار، يبرز السؤال: هل تستطيع اللغة العربية أن تحافظ على مكانتها التاريخية وأن تتكيف مع متطلبات العصر الرقمي؟ وهل يمكنها أن تصبح لغةً فاعلة في منظومة الذكاء الاصطناعي التي تشكل حاضر ومستقبل العالم؟

لطالما كانت اللغة العربية رمزًا للهوية الثقافية ووعاءً للمعرفة والإبداع، لكنها اليوم تجد نفسها في مواجهة عدة تحديات تعيق تقدمها. من أبرز هذه التحديات تعقيد بنيتها النحوية والصرفية، مما يجعل من الصعب تطوير خوارزميات قادرة على معالجتها بدقة. هذا التعقيد يرافقه تنوع اللهجات المحلية، ما يجعل من الصعب بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم جميع أشكال العربية المتداولة.

على الجانب الآخر، نجد أن المحتوى الرقمي باللغة العربية على الإنترنت لا يزال محدودًا مقارنة بلغات أخرى مثل الإنجليزية أو الصينية. نقص هذا المحتوى لا يعكس فقط تراجع استخدام اللغة العربية في المجالات الأكاديمية والتكنولوجية، بل يُظهر أيضًا تحديًا كبيرًا أمام تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على كميات هائلة من البيانات لتعلم ومعالجة اللغة.

رغم هذه التحديات، يحمل الذكاء الاصطناعي فرصًا واعدة لتعزيز مكانة اللغة العربية في العالم الرقمي. يمكن لهذه التكنولوجيا أن تُستخدم لتطوير أدوات تعليمية تُعلم العربية بطريقة مبتكرة وجاذبة، خاصة لغير الناطقين بها. كما يمكن لتقنيات الترجمة الآلية أن تساهم في تقريب المسافات بين العربية واللغات الأخرى، مما يفتح المجال أمام انتشارها عالميًا.

في المجال البحثي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا محوريًا في تحليل النصوص العربية القديمة وتحويلها إلى صيغة رقمية قابلة للبحث والدراسة. هذا لا يسهم فقط في الحفاظ على التراث الثقافي، بل يتيح أيضًا فرصًا جديدة لفهم أعمق للثقافة العربية وتاريخها.

لكن السؤال الذي يظل مطروحًا هو: كيف يمكن للغة العربية أن تستفيد من هذه الفرص دون أن تفقد هويتها وأصالتها؟ هل يمكننا تطوير أدوات تكنولوجية تخدم اللغة العربية دون أن تجعلها مجرد انعكاس للخوارزميات؟ الإجابة تكمن في مدى التزامنا بتطوير محتوى عربي رقمي غني ومتنوع، وفي تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والتكنولوجية لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي باللغة العربية.

في المستقبل القريب، ستحدد قدرتنا على التعامل مع هذه التحديات والفرص مكانة اللغة العربية في العالم الرقمي. فهل سنشهد عصرًا جديدًا تصبح فيه العربية لغة تكنولوجية وعلمية رائدة كما كانت في الماضي؟ أم أنها ستبقى حبيسة التحديات الحالية، مكتفية بدورها كلغة تراثية؟ هذه الأسئلة تظل مفتوحة، لكنها تدعونا للعمل الجاد لضمان مستقبل مشرق لهذه اللغة العريقة.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام لمؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية : اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية
  • عيد اللغة العربية
  • برج الحوت.. حظك اليوم السبت21 ديسمبر: الحب هو اللغة التي نفهمها جميعًا
  • «الوطني» يواصل مناقشة سياسة الحكومة في تعزيز اللغة العربية
  • مؤتمر «مدائن التراث» يوصي بالحفاظ على الهوية الحضارية للمدن العربية
  • هل تستطيع اللغة العربية مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي؟
  • جمعة: اللغة العربية هى جسر الحضارة ووعاء المقدس
  • إنقاذ لغتنا العربية.. لمسايرة طرق التدريس العالمي
  • هل تعيد الدبلوماسية الثقافية البديلة تأسيس الهوية العربية؟ قراءة في كتاب
  • احتفالية الإمارات بـاليوم العالمي للغة العربية ترسخ الهوية وتعزز الحضور الثقافي