العجلاوي لـRue20 : عزلة ماكرون في المغرب وإفريقيا جعلته شخص غير مرغوب فيه
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
زنقة20/ المحمدية – توفيق سليماني
شخصية إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، تحولت في السنوات الأخيرة إلى حجر صغير في حذاء العلاقات المغربية-الفرنسية، لتنضاف بذلك إلى أحجار أخرى ألقت بها القرارات الفرنسية غير المفهومة في طريق البلدين. كان بالإمكان أن يسير البلدان الى الإمام وربح الوقت في ظل نظام عالمي جديد لم يولد بعد، لكن الرئيس ماكرون لديه رأي آخر، ليتأجل التوافق الى سنة 2027.
لا شيء يوحي حاليا بأن العلاقات ستعود الى ما قبل وصول ماكرون إلى الحكم. ولا شيء يشير إلى إمكانية زيارة ماكرون للمغرب. الرجل أصبح غير مرغوب فيه حاليا بالمملكة.
في عز الحملة الإعلامية الفرنسية على المغرب والتهجم على رموزه، خرج الرئيس الفرنسي يخاطب المغاربة بشكل مباشر دون المرور عبر القنوات الرسمية. وهذا فيه تطاول على بلد لديه سيادته. ساعات بعد ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، في حديث لإحدى القنوات الإخبارية، عن برمجة زيارة للرئيس ماكرون إلى المغرب، بدعوة من الملك محمد السادس.
ماكرون غير مرغوب فيه
الرد المغربي لم يتأخر، مصدر حكومي رسمي قال إن زيارة الرئيس ماكرون للمغرب “ليست مدرجة في جدول الأعمال ولا مبرمجة”. صحيح أن الرد لم يكن بطريقة رسمية عبر بلاغ رسمي أو تصريح رسمي ومعلوم، لكن قراءة ما جاء بين ثنايا تصريح المصدر الرسمي يؤكد أن ماكرون لم يعد مرغوبا فيه بالمغرب. ويقرأ كذلك على أن المشكل في ماكرون، وليس الشعب الفرنسي. بمعنى، أننا أمام أزمة سياسية ودبلوماسية.
وهذا ما عبر عنه المصدر الحكومي الرسمي ذاته قائلا إن كولونا اتخذت “هذه المبادرة أحادية الجانب ومنحت لنفسها حرية إصدار إعلان غير متشاور بشأنه بخصوص استحقاق ثنائي هام”.
تكفي العودة إلى ما سبق تصريح الوزيرة الفرنسية لإدراك أن زيارة الرئيس ماكرون للمغرب غير ممكنة في الوقت الراهن. “الزيارات الرسمية لا ترتب من جانب واحد. ولا تعلن من جانب واحد، ولا تكون عبر منصات التواصل الإجتماعي أو الندوات الصحافية”، يوضح الموساوي العجلاوي، الخبير المغربي المتخصص في الشؤون الصحراوية والإفريقية.
العجلاوي يبرز في دردشة مع الموقع الإخباري الإلكتروني “زنقة 20” في نسختها الاسبانية قائلا: “يستحيل في السياق الحالي أن تكون هناك زيارة لماكرون للمغرب. السياق الحالي لا يسمح بزيارة رسمية”. ويبقى إعلان وزيرة الخارجية الفرنسية عن الزيارة “مجرد تنفيس” على ما يعيشه ماكرون من تراجع في الشعبية داخليا وخارجيا، وفق تعبير العجلاوي.
الجمود الدبلوماسي بين البلدين لا يمكن تفسيره دون العودة إلى بعض القرارات الفرنسية في السنوات الأخيرة مثل قرار تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة؛ والحملة التي قادها حزب ماكرون في البرلمان الأوروبي ضد المغرب؛ والتوجس الفرنسي من تزايد حضور ووزن المغرب في أفريقيا؛ كما أنه لأول مرة يقوم رئيس فرنسي بالتوجه بشكل مباشر إلى المغاربة كما لو أن المغرب ليست لديه سيادة؛ إلى جانب أن فرنسا لم تخرج من المنطقة الرمادية بخصوص قضية الصحراء. صحيح أن فرنسا كانت تدعم المغرب في قضية الصحراء، لكن موقفها حاليا لا يرقى الى مستوى الموقف الأمريكي والإسباني والألماني والإسرائيلي، كما أوضح الخبير المغربي العجلاوي.
أزمة فرنسا
تعيش فرنسا أزمة كبيرة داخليا وخارجيا. أفريقيا ترفض فرنسا. في الحقيقة، فرنسا التي يسيرها ماكرون دخلت في صراع مع عدد من الدول الإفريقية الفرانكوفونية. فرنسا خسرت المغرب وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري وأفريقيا الوسطى والنيجر. فرنسا الآن لم يتبقى لها سوى تشاد.
فرنسا أصبحت عاجزة عن مواكبة التنافس الجيوسياسي للقوى الكبرى في أفريقيا. العلاقات بين أفريقيا وفرنسا، من جهة، والمغرب وفرنسا، من جهة أخرى، يستحيل أن تعود الى ما كانت عليه من قبل، يؤكد العجلاوي.
ماكرون لا يستطيع الترشح لولاية ثالثة خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2027، إلا إذا قرر تغيير الدستور، وهذا صعب جدا. وعليه، قبل سنة 2027 يصعب الحديث عن تطبيع أو تقارب دبلوماسي بين المغرب وفرنسا.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: ماکرون للمغرب
إقرأ أيضاً:
أزمة دبلوماسية جديدة| الجزائر تطرد 12 موظفًا من السفارة الفرنسية .. وباريس تتوعد بالرد
في خطوة مفاجئة تحمل في طياتها أبعاداً دبلوماسية وأمنية حساسة، طلبت السلطات الجزائرية من 12 موظفاً في السفارة الفرنسية مغادرة أراضيها خلال مهلة لا تتجاوز 48 ساعة. القرار الذي أعلنه وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، أثار موجة من الجدل وفتح الباب أمام أزمة جديدة في العلاقات الثنائية المتقلبة بين البلدين.
توقيف جزائريين في فرنسا على خلفية "مخطط إرهابي"
تأتي الخطوة الجزائرية كرد فعل على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا، أحدهم يعمل في قنصلية جزائرية، بتهم تتعلق بالخطف والاحتجاز التعسفي في سياق تحقيق مرتبط بمخطط إرهابي، بحسب ما أعلنت النيابة العامة الفرنسية المختصة بمكافحة الإرهاب. ويُشتبه في أن الموقوفين الثلاثة ضالعون في اختطاف المعارض والمؤثر الجزائري أمير بوخرص، المعروف بلقب "أمير دي زد"، الذي جرى اختطافه في أبريل 2024 داخل الأراضي الفرنسية.
بين اللجوء والاتهام بالإرهاب
يبلغ أمير بوخرص من العمر 41 عاماً، ويقيم في فرنسا منذ عام 2016، حيث حصل على اللجوء السياسي في 2023، بعد أن رفض القضاء الفرنسي تسليمه إلى الجزائر عام 2022. وتتهمه الجزائر بالاحتيال وارتكاب جرائم إرهابية، وقد أصدرت بحقه تسع مذكرات توقيف دولية، مطالبة بتسليمه لمحاكمته أمام العدالة الجزائرية.
رد فرنسي وتحذير من التصعيد
في تعليقه على القرار الجزائري، قال الوزير الفرنسي بارو: "أطلب من السلطات الجزائرية التراجع عن قرار الطرد الذي لا علاقة له بالإجراءات القضائية الجارية في فرنسا"، مؤكداً أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، وأضاف: "إذا تمسكت الجزائر بطرد موظفينا، فسنكون مضطرين للرد فوراً".
مصدر دبلوماسي فرنسي أوضح أن بعض الموظفين المشمولين بقرار الطرد يتبعون لوزارة الداخلية الفرنسية، ما يعكس حساسية الموقف وتصعيده لأعلى المستويات.
الجزائر: لن نترك القضية دون تبعات
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً شديد اللهجة مساء السبت، وصفت فيه الموقف الفرنسي بـ"غير المقبول وغير المبرر"، معتبرة أن ما حدث "من شأنه الإضرار بالعلاقات الجزائرية-الفرنسية"، وأكدت تصميمها على أن "لا تمر هذه القضية دون عواقب".
اللافت أن هذه التطورات تأتي بعد أيام فقط من إعلان وزير الخارجية الفرنسي عن "مرحلة جديدة" في العلاقات بين البلدين، عقب لقائه بنظيره الجزائري أحمد عطاف والرئيس عبد المجيد تبون.
أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات
هذه الاحداث الجديد بين الجزائر وباريس يعيد العلاقات بين البلدين إلى مربع التوتر وعدم الثقة، ويضع مصير التقارب الذي جرى الترويج له مؤخراً على المحك. ما إذا كانت هذه الأزمة ستتطور إلى قطيعة أوسع، أم ستفتح باباً لمراجعة العلاقات وبحث جذور الخلافات يبقى رهناً بالقرارات السياسية المقبلة في كلا العاصمتين.