زنقة20/ المحمدية – توفيق سليماني

شخصية إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، تحولت في السنوات الأخيرة إلى حجر صغير في حذاء العلاقات المغربية-الفرنسية، لتنضاف بذلك إلى أحجار أخرى ألقت بها القرارات الفرنسية غير المفهومة في طريق البلدين. كان بالإمكان أن يسير البلدان الى الإمام وربح الوقت في ظل نظام عالمي جديد لم يولد بعد، لكن الرئيس ماكرون لديه رأي آخر، ليتأجل التوافق الى سنة 2027.

لا شيء يوحي حاليا بأن العلاقات ستعود الى ما قبل وصول ماكرون إلى الحكم. ولا شيء يشير إلى إمكانية زيارة ماكرون للمغرب. الرجل أصبح غير مرغوب فيه حاليا بالمملكة.

في عز الحملة الإعلامية الفرنسية على المغرب والتهجم على رموزه، خرج الرئيس الفرنسي يخاطب المغاربة بشكل مباشر دون المرور عبر القنوات الرسمية. وهذا فيه تطاول على بلد لديه سيادته. ساعات بعد ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، في حديث لإحدى القنوات الإخبارية، عن برمجة زيارة للرئيس ماكرون إلى المغرب، بدعوة من الملك محمد السادس.

ماكرون غير مرغوب فيه

الرد المغربي لم يتأخر، مصدر حكومي رسمي قال إن زيارة الرئيس ماكرون للمغرب “ليست مدرجة في جدول الأعمال ولا مبرمجة”. صحيح أن الرد لم يكن بطريقة رسمية عبر بلاغ رسمي أو تصريح رسمي ومعلوم، لكن قراءة ما جاء بين ثنايا تصريح المصدر الرسمي يؤكد أن ماكرون لم يعد مرغوبا فيه بالمغرب. ويقرأ كذلك على أن المشكل في ماكرون، وليس الشعب الفرنسي. بمعنى، أننا أمام أزمة سياسية ودبلوماسية.

وهذا ما عبر عنه  المصدر الحكومي الرسمي ذاته قائلا إن كولونا اتخذت “هذه المبادرة أحادية الجانب ومنحت لنفسها حرية إصدار إعلان غير متشاور بشأنه بخصوص استحقاق ثنائي هام”.

تكفي العودة إلى ما سبق تصريح الوزيرة الفرنسية لإدراك أن زيارة الرئيس ماكرون للمغرب غير ممكنة في الوقت الراهن. “الزيارات الرسمية لا ترتب من جانب واحد. ولا تعلن من جانب واحد، ولا تكون عبر منصات التواصل الإجتماعي أو الندوات الصحافية”، يوضح الموساوي العجلاوي، الخبير المغربي المتخصص في الشؤون الصحراوية والإفريقية.

العجلاوي يبرز في دردشة مع الموقع الإخباري الإلكتروني “زنقة 20” في نسختها الاسبانية قائلا: “يستحيل في السياق الحالي أن تكون هناك زيارة لماكرون للمغرب. السياق الحالي لا يسمح بزيارة رسمية”. ويبقى إعلان وزيرة الخارجية الفرنسية عن الزيارة “مجرد تنفيس” على ما يعيشه ماكرون من تراجع في الشعبية داخليا وخارجيا، وفق تعبير العجلاوي.

الجمود الدبلوماسي بين البلدين لا يمكن تفسيره دون العودة إلى بعض القرارات الفرنسية في السنوات الأخيرة مثل قرار تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة؛ والحملة التي قادها حزب ماكرون في البرلمان الأوروبي ضد المغرب؛ والتوجس الفرنسي من تزايد حضور ووزن المغرب في أفريقيا؛ كما أنه لأول مرة يقوم رئيس فرنسي بالتوجه بشكل مباشر إلى المغاربة كما لو أن المغرب ليست لديه سيادة؛ إلى جانب أن فرنسا لم تخرج من المنطقة الرمادية بخصوص قضية الصحراء. صحيح أن فرنسا كانت تدعم المغرب في قضية الصحراء، لكن موقفها حاليا لا يرقى الى مستوى الموقف الأمريكي والإسباني والألماني والإسرائيلي، كما أوضح الخبير المغربي العجلاوي.

أزمة فرنسا

تعيش فرنسا أزمة كبيرة داخليا وخارجيا. أفريقيا ترفض فرنسا. في الحقيقة، فرنسا التي يسيرها ماكرون دخلت في صراع مع عدد من الدول الإفريقية الفرانكوفونية. فرنسا خسرت المغرب وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري وأفريقيا الوسطى والنيجر. فرنسا الآن لم يتبقى لها سوى تشاد.

فرنسا أصبحت عاجزة عن مواكبة التنافس الجيوسياسي للقوى الكبرى في أفريقيا. العلاقات بين أفريقيا وفرنسا، من جهة، والمغرب وفرنسا، من جهة أخرى، يستحيل أن تعود الى ما كانت عليه من قبل، يؤكد العجلاوي.

ماكرون لا يستطيع الترشح لولاية ثالثة خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2027، إلا إذا قرر تغيير الدستور، وهذا صعب جدا. وعليه، قبل سنة 2027 يصعب الحديث عن تطبيع أو تقارب دبلوماسي بين المغرب وفرنسا.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: ماکرون للمغرب

إقرأ أيضاً:

باحثة: الزيارة الفرنسية لسوريا تاريخية وتعكس المصالح الأوروبية

أكدت الدكتورة جيهان جادو، الباحثة السياسية، أن الزيارة الفرنسية الأخيرة إلى سوريا تُعد تاريخية، كونها الزيارة الأولى بعد تشكيل السلطة الانتقالية في سوريا، مضيفة أن الزيارة تهدف إلى «جس نبض» الوضع السياسي في سوريا، حيث تسعى فرنسا إلى الحفاظ على دورها كفاعل رئيسي في الاتحاد الأوروبي وعلى مستوى الشرق الأوسط.

السفارة الأمريكية في سوريا: وفد أمريكي بحث في دمشق دعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية أحمد كريمة: الربيع العربي كان خريفًا والكوميديا السوداء اكتملت بسقوط سوريا  الشرق الأوسط

وأوضحت جادو خلال مداخلة على «القاهرة الإخبارية»، أن فرنسا لن تتسرع في اتخاذ خطواتها، بل ستراقب التطورات على أرض الواقع، خاصة في ما يتعلق بمصير السلطة الانتقالية في سوريا، وتُولي باريس اهتمامًا كبيرًا بمصالحها في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا ولبنان، وتسعى لضمان استقرار الأوضاع هناك؟

 الوضع المدني في سوريا

وأشارت إلى أن الهدف من الزيارة هو تقييم الوضع المدني في سوريا ومعرفة ما إذا كانت السلطة الانتقالية ستتحقق فعليًا، وليس مجرد كلام، مؤكدة أن فرنسا تهدف إلى تعزيز حضورها في المشهد السياسي السوري، كما أوضحت أن هناك تخوفات من أن تؤدي التغيرات السياسية في المنطقة إلى تصاعد الأعمال الإرهابية، وهو ما يجعل فرنسا تسعى لضمان مصالحها في ظل هذه المخاوف.

ما يحدث في سوريا هزة ارتدادية لزلزال سقوط الأسد

يذكر أن عمار وقاف، الباحث السياسي، قال إن الملف السوري حاليًا خارج أيدي السوريين، مشيرًا إلى أن ما يحدث في سوريا في الوقت الراهن يبعث على التفاؤل، لا سيما وأن الدول التي تدير الملف السوري مثل تركيا والولايات المتحدة وبعض الدول العربية تدعم الفترة الانتقالية، ويبدوا أنه سيتم تقديم شيئًا ما يريح السوريين في هذه الظروف الكاتمة، مؤكدًا أنه طالما كان تلك الدول تسير في اتجاه واحد، فإن الأمر يبعث على التفاؤل والاطمئنان.

وأضاف «وقاف» خلال مداخلة بقناة «القاهرة الإخبارية»، أن ما يحدث في الداخل السوري من مشاكل يمكن وصفه بأنه هزة ارتدادية بعد سقوط نظام الأسد، ولكن في نهاية الأمر سوف تستقر الأمور، ولكن في حال تعارضت مصالح الدول التي تدير الملف السوري مع بعضها  بشكل كبير، سوف يدعمون أطراف مختلفة ما يعيد عدم الاستقرار إلى ربوع سوريا، ولكن فيما يبدو الأن هناك تفاهمات.

وأوضح المحلل السياسي أن المسألة الوحيدة في سوريا الأن التي تبعث على القلق هي التنافس والتضارب في المصالح بين تركيا والولايات المتحدة فيما يتعلق بدعم الأخيرة لـ «الأطراف الكردية».

ولفت إلى أنه في حال لم تتفاهم الولايات المتحدة وتركيا بخصوص المسألة الكردية في سوريا، قد يهدد ذلك استقرار سوريا ويحول دون عقد انتخابات حرة ديمقراطية في سوريا.

مقالات مشابهة

  • المعارضة الفرنسية تنتقد التشكيل الحكومي الجديد
  • ماكرون يصادق على تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة
  • تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بعد أيام من الترقب
  • ماكرون يتحدث عن إمكانية إعادة هيكلة ديون إثيوبيا
  • ماكرون: فرنسا تشارك في عملية إعادة هيكلة الدين الإثيوبي
  • ماكرون يدعو طرفي النزاع في السودان إلى إلقاء السلاح
  • ماكرون في قلب الإتهام.. غضب واستهجان لسكان مايوت بعد الإعصار
  • باحثة: الزيارة الفرنسية لسوريا تاريخية وتعكس المصالح الأوروبية
  • هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (2-2)
  • التفاصيل الكاملة حول سحب القوات الفرنسية بتشاد