السودان: استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع ومعلومات متضاربة من الطرفان
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
بينما أشار إعلام قوات الدعم السريع لتنفيذ عملية نوعية بمعسكر في منطقة كرري العسكرية قال إنه أسفرت عن خسائر ضخمة في الأرواح والعتاد، أكد الناطق بإسم القوات المسلحة السودانية سيطرتهم على الأوضاع بالعاصمة السودانية.
الخرطوم: التغيير
استمرت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة السودانية، اليوم الأربعاء، والتي اشتدت منذ مطلع الأسبوع الحالي، وسط تضارب المعلومات الواردة من الطرفان.
بينما أشار إعلام قوات الدعم السريع لتنفيذ عملية نوعية بمعسكر في منطقة كرري العسكرية بأم درمان قال إنها أسفرت عن خسائر ضخمة في الأرواح والعتاد، أكد الناطق بإسم القوات المسلحة السودانية سيطرتهم على الأوضاع بالعاصمة الخرطوم.
وبحسب إعلام الدعم السريع استهدفت العملية النوعية التي جرى التخطيط لها وتنفيذها بدقة تجمعات “مليشيات البرهان”من جهاز الأمن والمخابرات سيئ السمعة، وكتائب جماعات الهوس الديني المتطرفة التي تدعي الجهاد”.
وذكر بأن حصيلة القتلى بلغ أكثر من 280 فرداً وتدمير عدد 3 دبابات و 5 مدافع متنوعة ومخزن للذخيرة، وعدد من المركبات وناقلات الجنود، وأن بقية القوات لاذت بالفرار واحتمت بمنازل المواطنين في الأحياء المجاورة للمعسكر.
كذلك أشار إعلام الدعم السريع لتنفيذ عمليات نوعية أخرى في القيادة العامة وسلاحي المهندسين والإشارة، قال إنها تسببت في مقتل المئات، وأنه لا خيار أمام القوات المتبقية في تلك المواقع العسكرية سوى التسليم.
محاولة فاشلةبالمقابل أكد الناطق بإسم القوات المسلحة نبيل عبدالله، أن جميع الفرق والمناطق العسكرية مستقرة.
ولفت لمحاولة “عناصر من المليشيا المتمردة” الهجوم على بعض المواقع المتقدمة في محيط القيادة العامة، قال إنه تم دحرهم وتدمير عدد من الآليات القتالية.
وبحسب الناطق بإسم القوات المسلحة تضمنت تلك الآليات سيارات تحمل مدافع ثنائية ورباعية وعدد من المدرعات وسيارات الدفع الرباعي (لاندكروزر).
بجانب سقوط عشرات من القتلى والجرحى، وأكد بأن العدو لاذ بالفرار.
وأضاف: “في بقية مناطق العاصمة تواصل قواتنا ضرباتها القوية والمؤلمة ضد المليشيا المتمردة وتكبدها خسائر في العتاد والمعدات في الأرواح”.
وتصاعدت الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع خلال هذا الأسبوع في منطقة كرري وسلاح المهندسين بأم درمان، والقيادة العامة وسلاح المدرعات بالخرطوم وسلاح الإشارة بالخرطوم بحري.
الوسومآثار الحرب في السودان إعلام الدعم السريع الناطق بإسم القوات المسلحة حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان إعلام الدعم السريع الناطق بإسم القوات المسلحة حرب الجيش والدعم السريع الناطق بإسم القوات المسلحة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟
طلعت محمد الطيب
رأينا ومنذ بدء هذه الحرب القذرة كيف ظل إعلام الفلول يثابر في إلصاق تهمة إنحياز تنسيقية تقدم إلي قوات الدعم السريع وإتهامها بأنها جناح سياسي له، ولكن دون تقديم حجج مقنعة.
الواقع ان تقدم وغيرها من قوي سياسية ومدنية وافراد ومنظمات تبذل ما تستطيع من جهد لوقف العدائيات وعودة الفريقين إلي طاولة المفاوضات. هذا المقال لا يهدف إلى مناقشة هذا الأمر، بل هو محاولة لتقديم رؤية أقرب لواقع الوجدان السوداني تجاه الفريقين المتحاربين وهي حرب نعلم جميعا إن الوطن والمواطن هو من يدفع تكلفتها الباهظة جدا ويسعى كل العقلاء إلى إيقافها، بل يتوق الناس إلى العودة لحياتهم الطبيعية قبل الحرب رغم ما كان بها من معاناة وشقاء.
حتي نفهم مشاعر الناس تجاه الفريقين المتقاتلين لا بد من الاستعانة بنظرية التطور والحداثة الثانية (استخدمها في مقابل الحداثة الاولي)، لأنها تبنت موقف يرتكز علي حقيقة أن المعرفة ثنائية وهي معرفة العقل مقابل الفطرة. والاستعانة بالتطور لا علاقة له بالقضايا الوجودية الكبري مثل الإيمان والإلحاد بل إنها استعانة ذات طابع معرفي أو ابستمولوجي ودليلي علي ذلك هو وقوف العديد من الدعاة الإسلاميين بحماس شديد مع نظرية التطور بحكم ان العلم الحديث والحفريات ظلت تؤكد صحتها في مجملها. هناك مثلا الشيخ عدنان ابراهيم في أوروبا وهناك عبد الصبور شاهين في مصر وهو للمفارقة كان ممن قدموا دعوة ضد الكاتب الراحل نصر حامد أبو زيد يكفره فيها ويؤيد ضرورة التفريق بينه وبين زوجته!.
بل حتي رموز الإسلام السياسى من أمثال القرضاوي كان قد صرح في لقاء تلفزيوني شهير فيما يتعلق بنظرية التطور، أنه علي إستعداد لإعادة تأويل النصوص الدينية لتستوعب نظرية التطور. وقبل ذلك كان الشهيد محمود محمد طه له موقف واضح مؤيد لنظرية تشارلز داروين بمعني أن أبو البشرية آدم كان له اب وام.
التطور يعني أن اسلاف الإنسان عاشوا ملايين السنين قبل ان يظهر الإنسان بشكله الحديث قبل عشرات الالاف إلي مائة الف سنة تقريبا. ومن المعروف أن غرائز الإنسان تطورت لتعزيز تناسله وتطوره وانطبعت تلك الغرائز في تلافيف الدماغ وهي قوية جدا لأنها ارتبطت ببقاء الإنسان. ومن المعروف ايضا أن الإنسان كان قد عاش آلاف السنين في مجموعات صغيرة ومن الغرائز القوية لديه هي غريزة الانتماء لمجموعته وحمايتها لأن في ذلك حماية لنفسه ولذلك أصبحت غريزة ( نحن) ضد ( الآخرين ) لحماية أنفسنا منهم ، قوية جدا ، بحيث لا يقل تاثيرها علي سلوك الإنسان عن غرائزه الجنسية والبيولوجية الأخري.
تطور العقل بمعني السببية والمنطق كان تطورا لاحقا وبطيئا في مقابل الفطرة intuition حتي ان أحدهم قال أن نمو ريش الطيور بعد أن تطورت من الزواحف كان بغرض التدفئة وليس الطيران وإن الطيران جاء عرضا. عقل الإنسان لانه مازال ضعيفا واسيرا لفطرته الحيوانيه يحتاج إلي روافع مثل المؤسسات والقيم وكل ما شانه تعزيز وترقية التفكير الجماعي. وقد شبه عالم النفس الامريكي الشهير جوناثان هيدت العقل براكب الفيل، والفيل في هذه الحالة هي الفطرة، وإنت لا تملك سوي توجيه ذلك الفيل الضخم إلي الوجهات الصحيحة ولا يمكنك تجاهله لانه سيكون من يقودك في هذه الحالة. مشكلة الحداثة الاولي إنها اعتقدت بقدرة العقل علي السيادة بل تحول دعاتها حتي إلي شئ شبيه ب " عبادة السبب" وهذا ما فعله الناس اثناء الثورة الفرنسية حينما دخلوا إحدى كاتدرائيات باريس وقاموا بتكسير تصاوير العذراء والسيد المسيح وكل الرموز الدينية واستبدلوها بشعارات تمجد السبب reason والعقل.
مع أن الواقع يقول أن القيم الدينية وكل القيم الإنسانية هي ضالة المجتمعات الإنسانية التي تسعى إلي الإستقرار والاحساس بالأمان والسعادة.
غريزة ( نحن) و( هم) هي المتحكمة بقوة الآن في الشهد السوداني، فهناك من يميل وجدانه إلى تأييد مليشيات الجيش لانه ينتمى إلي مجموعات وسط وشمال السودان المهدد ب ( الآخر) او حتي وهم إفتراض قومية الجيش رغم ان كل الدلائل تشير وبقوة الي غير ذلك. هناك من يقف مع قوات الدعم السريع ايضا بحكم الانتماء الجغرافي لغرب السودان وهناك من ينطلق من الانتماء إلي( قبيلته الايديولوجية ) في انحيازه إلي هذا الفريق أو ذاك .
ولذلك علينا أن نساعد عقلنا علي التحكم في ( فيل المعرفة الفطرية ) وتوجيهها إلي الطريق الصحيح ، طريق التفاوض من اجل السلام والامن والتفاهم والاستقرار.
talaat1706@gmail.com