لجريدة عمان:
2024-10-06@15:33:38 GMT

لن تكون الهند الدولة الأولى التي تغير اسمها

تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT

يكون اسم الدولة عادة مشبعا بقرون من تاريخها وثقافتها، وقد يجسد هوية شعبها، ولذلك يعد تغيير اسم الدولة خطوة بارزة، عادة ما يكون لها دلالات سياسية.

ولهذا السبب شدّ انتباه الحاضرين في الاجتماع الأخير لمجموعة العشرين في الهند، عندما بدا رئيس الوزراء (ناريندرا مودي) واضحا بشدة عند ذكر اسم الهند بالاسم الهندي والسنسكريتي البديل لها وهو: بهارات.

في القمة، جلس مودي خلف لوحة تحمل اسم الدولة المضيفة باسم بهارات، وكانت دعوة سابقة لحضور مأدبة لكبار الشخصيات الزائرين موجهة من «رئيس بهارات»، كما وزّع كتيب على ضيوف مجموعة العشرين تحت عنوان «بهارات: أم الديمقراطية».

والسؤال الذي كان يدور في أذهان الجميع: هل كان مودي يمهد الطريق للتغيير الرسمي لاسم الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم؟

لن يكون هذا مفاجئا إطلاقا إذا صدر عن رئيس الوزراء مودي، الذي يُسمى حزبه السياسي حزب (بهاراتيا جاناتا)، ويعني باللغة الهندية (حزب الشعب الهندي). كان اسم (بهارات) بالإضافة إلى (الهند) الاسمين المعترف بهما رسميا للبلاد منذ الاستقلال عن بريطانيا العظمى، بعد رفض الاسم الثالث المقترح، (هندوستان)، ويستعمل العديد من الهنود الاسمين بالتبادل عند التحدث باللغات واللهجات المتعددة السائدة في البلاد، على الرغم من أن «الهند» هو الاسم الشائع باللغة الإنجليزية.

إنّ أي تغيير محتمل في الاسم يأتي على خلفية صعود القومية الهندوسية على حساب الأقليات الأخرى، والتي أججها مودي وحزب (بهاراتيا جاناتا) منذ وصوله إلى السلطة في عام 2014.

كثيرا ما كانت المشاعر القومية والمعادية للغرب سببا وراء تغيير أسماء البلدان، خاصة تلك التي أطلق عليها المستعمر تلك الأسماء، فهي أداة مساعدة للزعماء السياسيين الذين يسعون إلى تعزيز شرعيتهم من خلال تأجيج المشاعر المناهضة للاستعمار وغرس الشعور بالوطنية.

ففي أفريقيا، على سبيل المثال، عندما استولى ضابط عسكري متوسط الرتبة يدعى (جوزيف موبوتو) على السلطة في انقلاب عام 1965 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أطلق حملة سماها «الأصالة» تهدف إلى إزالة بقايا الماضي الاستعماري البلجيكي للبلاد، حيث أُمر المواطنون بتغيير أسمائهم الأوروبية إلى أسماء أفريقية، وأصبح اسم موبوتو نفسه (موبوتو سيسي سيكو كوكو نغبيندو وا زا بانجا)، وهو ما يعني «المحارب القوي الذي، بسبب قدرته على التحمل وإرادته غير المرنة على الفوز، ينتقل من غزو إلى غزو، ويترك النار في أعقابه». كما قام بتغيير اسم البلاد إلى جمهورية زائير، وهي وصف لنهر الكونغو العظيم في لغة الكونغو، إلا أنه في العام 1997، أطاح جيش متمرد بموبوتو، وسرعان ما أعيد اسم البلاد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فالمنتصر هو دائما من يملك حق تسمية البلد.

وعلى نحو مماثل، قام الجنرالات العسكريون الذين يحكمون (بورما) بتغيير اسم البلاد إلى (ميانمار) في عام 1989، كوسيلة لمحاولة إضفاء الشرعية على استيلائهم على السلطة بعد عام من مقتل الآلاف من المتظاهرين في الانتفاضة المناهضة للحكومة. لعقود من الزمن، كانت البلاد تُعرف باسم (بورما) على اسم المجموعة العرقية المهيمنة، ويقول قادة المجلس العسكري إن تغيير الاسم كان ضروريا للانفصال عن الماضي الاستعماري وليكون أكثر شمولا للأقليات العرقية غير البورمية.

تعترف الأمم المتحدة الآن رسميا باسم ميانمار، إلا أن الولايات المتحدة لا تزال تستخدم اسم بورما، لأنها لا تعترف بشرعية الحكومة التي غيرت الاسم.

وفي عام 2018، قام ملك سوازيلاند (مسواتي الثالث) بتغيير اسم بلاده من جانب واحد إلى (إيسواتيني) بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلالها عن بريطانيا، وهو يعني «أرض الشعب السوازيلندي» باللغة السوازيلية.

وقامت دول أخرى بتغيير أسمائها لأسباب لا علاقة لها بالتخلص من نير الاستعمار، فجمهورية مقدونيا أصبحت جمهورية مقدونيا الشمالية في عام 2018 لإنهاء نزاع استمرّ عقودا مع اليونان، التي لديها منطقة تحمل الاسم نفسه، وكان هذا الأمر يمنع البلاد من الدخول في عضوية حلف شمال الأطلسي حتى تغير الاسم. أما جمهورية التشيك، فكان لديها سبب عملي أكثر لتغيير الاسم، فقد كان الاسم الموروث عند تفكك جمهورية تشيكوسلوفاكيا صعب النطق، ولم يكن أحد يعرف ما هو الاختصار الإنجليزي الذي يجب استعماله للإشارة إلى المواطنين، وهكذا أصبحت التشيك.

ولكن لماذا يفكر مودي في تغيير الهند إلى بهارات؟ ولماذا الآن؟

مع استعداد مجموعة البريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا للتوسع وإضافة الأرجنتين ومصر، من بين دول أخرى، ربما كان مودي يأمل في أن يؤدي التحول إلى بهارات إلى حجز مكان للهند بالقرب من رأس الترتيب الأبجدي.

وإلى جانب جذب قاعدته القومية الهندوسية، يبدو أن رئيس الوزراء يدفعه أيضًا مزيج من الغضب والنفعية السياسية الواضحة قبل الانتخابات المقررة بحلول شهر مايو المقبل، فقد أعلن أكثر من عشرين حزبا معارضا في يوليو أنهم وحدوا قواهم في الانتخابات المقبلة لمحاولة الإطاحة بحزب (بهاراتيا جاناتا) الذي يتزعمه مودي. يطلق التحالف الجديد على نفسه اسم (التحالف التنموي الوطني الهندي الشامل)، ومن المفارقة العجيبة أن اختصار اسم الحزب باللغة الإنجليزية عند أخذ الحرف الأول من كلّ كلمة من اسم الحزب يكون (إنديا) أي الهند، ولذلك واستغلالا لهذا الاختصار، عدّت المعارضة الانتخابات المقبلة بمثابة اختبار «لمودي في مواجهة الهند»، بينما رد (مودي) على ذلك بتشبيه التحالف بشركة الهند الشرقية للشاي في القرن التاسع عشر، والتي كانت مسؤولة عن استعمار البلاد.

لو افترضنا أن اسم الهند قد غُيّر رسميا، أظن أن كثيرين في مختلف أنحاء العالم سوف يشيرون دائما إلى دولة بهارات باسم دولة الهند، مثلما يشير الفيتناميون الجنوبيون (وبعض جيل طفرة المواليد في الولايات المتحدة) إلى مدينة هوشي منه باسم «سايجون»، أو بالطريقة التي لا يزال العديد من البريطانيين، بما في ذلك الحاكم الاستعماري الأخير لهونج كونج، (كريس باتن)، يطلقون على العاصمة الصينية اسم «بيكينج». أنا شخصيا ما زلت غير قادر على استخدام اسم «رونالد ريغان» للإشارة إلى المطار المفضل في عاصمتنا، فهو سيظل دائما في نظري مطار واشنطن الوطني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اسم الدولة تغییر اسم فی عام

إقرأ أيضاً:

شركة كمران تحذِّر من مساعٍ حوثية للسيطرة على أصولها واستغلال اسمها في تعاملات مشبوهة

حذرت شركة كمران للصناعة والاستثمار من مساعي مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران السيطرة على أصول وأرصدة الشركة عبر الانعقاد غير القانوني لما سميت "الجمعية العمومية".

وأكد مجلس إدارة الشركة، في بيان صادر عنه، أن هذا الاجتماع يهدف إلى نهب إيرادات الشركة التي تعد أحد أهم مصادر تمويل الخزينة العامة للدولة، وتسخيرها لتنفيذ أنشطة تجارية غير مشروعة وغسيل الأموال، والذي يعرض الشركة وعلامتها التجارية المشهورة للعقوبات الاقتصادية الدولية، كونها جماعة مصنفة إرهابية.

وأكد البيان عدم قانونية الاجتماع المنعقد في 30 سبتمبر 2024، وكل ما صدر عنه من إجراءات، كونه فاقداً للنصاب القانوني، وانعقد بشكل أحادي، وبغياب أغلبية رأس المال وبالمخالفة للقانون والنظام الأساسي للشركة وتعديلاته العام 2014، وبدون دعوة من مجلس الإدارة.

وأشار البيان إلى أن في مقدمة تلك الإجراءات غير القانونية القيام بتصعيد عدد من قيادات المليشيا الحوثية إلى مجلس الإدارة، من خارج قائمة المساهمين، بهدف اختطاف قرار الشركة.

وأكد مجلس إدارة شركة كمران أن الحكومة حرصت منذ الانقلاب على استمرار عمل ونشاط الشركة الوطنية الأولى في تصنيع وإنتاج السجائر، والتي تأسست العام 1963، وفقاً لآليات عمل سلسة تضمنتها محاضر اللجان الوزارية للإبقاء على الشركة وسمعتها التجارية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، حرصاً على تحييد الشركات الوطنية الإيرادية عن التجاذبات ضمن منظومة الاقتصاد الوطني وبما يخدم المصلحة العامة.

وبحسب البيان، فإنه في المقابل، عمدت مليشيا الحوثي وبخاصة بعد إعادة فتح ميناء الحديدة، إلى استغلال نشاط الشركة وسمعتها التجارية التي تم بناؤها خلال 61 عاماً من الريادة وبناء جسور الثقة مع البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية، والانحراف في أنشطة الشركة، والغموض في الاستيراد للمواد الخام، ومنع تصدير المنتجات لفروع الشركة في المحافظات المحررة، بهدف تجفيف أي إيرادات للحكومة الشرعية، وفتح المجال لهوامير تهريب وتقليد "تزوير" السجائر.

ومن ضمن الخطوات الحوثية التعسفية سعي المليشيا إلى مصادرة أرصدة الشركة وأصولها من عقارات وأراضٍ، وتغيير المساهمين بالضغط والترهيب، بهدف حوثنة الشركة والاستيلاء عليها، أو إسقاطها لصالح شركات تم إنشاؤها وعمل قانون خاص لدعمها دون غيرها لإقامة مصانع مستقبلاً، وتعمل الآن في تهريب السجائر لأصناف "شملان، مانشست".

مقالات مشابهة

  • «الفاو»: 8% نسبة خسارة الدخل سنويا للأسر التي تعولها النساء بسبب تغير المناخ
  • أردوغان: تركيا الدولة الوحيدة التي فرضت قيودا اقتصادية على إسرائيل
  • سميرة الجزار: نرفض تسليم حديقة الزهرية للجهة السيادية التي قررت إغلاقها ووقف العبث بحديقة المسلة
  • إيطاليا وماضيها الاستعماري.. الدولة التي ابتكرت القصف الجوي
  • الداخلية: المواطنة التي أشار إليها تصريح الوزير أنهت إجراءات البصمة البيومترية في مطار الكويت ودخلت البلاد
  • بعد انتقادات فنانات لبنانيات لها.. يسرا تردّ
  • الطاقة الشمسية في أستراليا قد تكون مخترقة.. ما علاقة إسرائيل وحزب الله؟
  • المنصف المرزوقي يدعو التونسيين لمقاطعة الانتخابات التي وصفها بـ المهزلة
  • «الإمارات الصحية» الأولى عالمياً في «آيزو» إدارة الذكاء الاصطناعي
  • شركة كمران تحذِّر من مساعٍ حوثية للسيطرة على أصولها واستغلال اسمها في تعاملات مشبوهة