لجريدة عمان:
2024-11-26@13:06:58 GMT

تجديد تمويل صندوق المناخ الأخضر بالكامل

تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT

فيرا سونجوي -

محمود محيي الدين -

عندما أُنشئ صندوق المناخ الأخضر قبل ما يزيد قليلا عن عشر سنوات، كان يُـعَـد أداة مفيدة محتملة لدعم البلدان النامية في التحول إلى مسارات التنمية منخفضة الانبعاثات والقادرة على الصمود في ظل ظروف تغير المناخ.

اليوم، أصبح أكبر صندوق مخصص لدعم العمل المناخي على مستوى العالَـم، ويمثل حصة كبيرة من الأموال المخصصة لمكافحة الانحباس الحراري الكوكبي، ويجب أن يتلقى التمويل الكافي لكي يتسنى له إحراز النجاح.

لمواصلة تمويل العمل المناخي الطموح، يحتاج صندوق المناخ الأخضر إلى زيادة التعهدات من جانب المساهمين التقليديين، كما يحتاج إلى أن يتقدم المساهمون الجدد للمساعدة أثناء جولة تجديد تمويل الصندوق الثانية، والتي تجري حاليا.

ليس من قبيل المبالغة أن نقول إن حملة تجديد موارد صندوق المناخ الأخضر تُـعَـد اختبارًا لالتزام العالَـم بمكافحة تغير المناخ؛ ذلك أن التوصل إلى نتيجة ناجحة من شأنه أن يساعد البلدان المتقدمة على إعادة بناء الثقة من خلال إظهار فهمها لمدى إلحاح الأزمة وقدرتها على الوفاء بتعهداتها.

أثبت مؤتمرا الأمم المتحدة الأخيران المعنيان بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 26، ومؤتمر الأطراف 27) أن قادة العالم يدركون أهمية الحد من الزيادة في درجات الحرارة الناجمة عن الانحباس الحراري الكوكبي بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، لكن تحدي التنفيذ -الذي أبرزه بوضوح مؤتمر الأطراف (COP27) في شرم الشيخ العام الماضي، وقمة ميثاق التمويل العالمي الجديد في باريس في يونيو، وقمة المناخ الإفريقية التي عُـقِـدَت هذا الشهر في نيروبي- يتمثل في تدبير مبلغ 2.4 تريليون دولار الذي ستحتاج إليه البلدان النامية سنويا بحلول عام 2030 لتحقيق هذا الهدف. يواجه العالَـم النامي رياحا معاكسة عنيفة في جهود التخفيف والتكيف مع تغير المناخ.

أثناء العام الفائت، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن إعانات دعم ضخمة لتحفيز الاستثمارات المحلية في الطاقة النظيفة. صحيح أن هذه السياسات من المرجح أن تؤدي إلى تقدم سريع في التكنولوجيا الخضراء، لكنها عندما تقترن بأسعار الفائدة وتكاليف التمويل المتزايدة الارتفاع فإنها ستزيد أيضا من الصعوبات التي تواجهها البلدان النامية التي تسعى إلى الاستفادة من هذه الإبداعات في اجتذاب رأس المال.

علاوة على ذلك، انخفض إجمالي عدد السندات الخضراء التي تصدرها البلدان النامية خلال الفترة من 2020 إلى 2022، في حين ازداد عدد السندات الصادرة في الغرب، وتأتي فجوة الطاقة المتجددة المتزايدة الاتساع بين البلدان المتقدمة والنامية إلى جانب تباطؤ الاستثمارات في الطاقة النظيفة في عام 2022.

وتعمل ارتباكات سلاسل التوريد على إلحاق مزيد من الضرر باقتصادات الأسواق الناشئة، كما تسببت الحرب الدائرة في أوكرانيا في تعقيد عملية التحول الأخضر من خلال عرقلة خطط بعض البلدان للتخلص التدريجي من طاقة الفحم والوقود الأحفوري.

واضطرت بلدان أخرى عديدة إلى تعديل جداولها الزمنية والتزاماتها الخاصة بصافي الصِـفر من الانبعاثات، في حين بادر قطاع الشركات أيضا إلى تعديل أهدافه نزولا.

لعل الأمر الأكثر أهمية أن العديد من البلدان النامية استنفدت احتياطياتها من النقد الأجنبي وأصبحت تفتقر إلى الحيز المالي اللازم لتمكينها من ملاحقة أهدافها المناخية، وذلك بسبب الزيادات غير المسبوقة في أسعار الغذاء والوقود والأسمدة (والتي كانت إلى حد كبير نتيجة ثانوية للحرب)، وارتفاع أسعار الفائدة، وأعباء الديون غير القابلة للاستدامة.

في الوقت ذاته، يتسبب تغير المناخ في اندلاع عدد متزايد من أحداث الطقس القاسية والشاذة، من الزوابع في جنوب إفريقيا وليبيا، إلى الأعاصير في شرق آسيا وموجات الجفاف في أمريكا اللاتينية.

وإذا استمرت هذه الأحداث بهذه الوتيرة السريعة، فقد يضطر ما يقدر بنحو 1.2 مليار شخص إلى النزوح بحلول عام 2050. وعلى هذا فقد أصبحت بلدان نامية عديدة معرّضة على نحو متزايد للكوارث المرتبطة بالمناخ دون أن ترتكب أي خطأ من جانبها، كما أنها بدأت بالفعل توجه مواردها المحلية إلى جهود التكيف.

الواقع أن هذه الزيادة الهائلة في حجم وتواتر أحداث الطقس القاسية، والتكاليف المتصاعدة المرتبطة بمثل هذه الأحداث، تتناقض بشكل صارخ مع تباطؤ وتيرة الاستجابة العالمية.

كان هذا التنافر، مقترنا بالافتقار الشديد إلى الأدوات المالية التي لا تولد الديون، سببا في تضاؤل ثقة البلدان النامية في البنية المالية العالمية. ففي حين يستطيع العالَـم المتقدم إنفاق المليارات على إعانات الدعم والحوافز الحكومية لتشجيع التحول الأخضر في الداخل، فإن البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل هي الأشد معاناة بسبب التأخير في التخفيف من التأثيرات المترتبة على تغير المناخ والتكيف معه على مستوى العالم.

الأمر الأكثر إثارة للقلق والانزعاج هو ذلك الفيضان من الاستثمارات التي تتدفق إلى صناعة الوقود الأحفوري لتوسيع عملياتها في مختلف أنحاء العالَـم.

تصدرت شراكات تحول الطاقة العادل التي أطلقت في إطار مؤتمر الأطراف 26 عناوين الأخبار الرئيسية مع الوعد بتحويل الأموال من الدول الغنية إلى الدول الأكثر إطلاقًا للانبعاثات في العالَـم النامي. علاوة على ذلك، كان لمؤتمر الأطراف 27 تأثير مماثل مع إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» لصالح البلدان النامية التي تواجه التأثيرات المترتبة على تغير المناخ، فضلًا عن الدعوات الرسمية التي تطالب بإصلاح المؤسسات المالية الدولية وزيادة تمويل صندوق المناخ الأخضر. ولكن لم تتحقق أي نتائج بعد، ونتيجة لهذا تستمر فجوة تمويل العمل المناخي العالمي في الاتساع.

ومع تزايد التكاليف بدرجة هائلة، يفقد العالَـم النامي الأمل. بيد أن هذا الاتجاه ليس بلا رجعة. فبوسع العالَـم المتقدم ومؤسسات مثل صندوق المناخ الأخضر أن تأخذ زمام المبادرة في ثلاثة مجالات أساسية لاستعادة ثقة البلدان النامية ودعم قدرتها على الصمود في مواجهة تغير المناخ.

بادئ ذي بدء، يتعين على البلدان المتقدمة أن تزيد بدرجة كبيرة تمويل صندوق المناخ الأخضر -المؤسسة الدولية التي تتلخص مسؤوليتها الوحيدة في مكافحة تغير المناخ. وبوسع صندوق المناخ الأخضر أن يفعل ما يتجاوز ذلك كثيرا، وخاصة من خلال المساعدة في بناء وتنفيذ برامج البلدان وخطط التكيف، وعن طريق تمكين تنفيذ مشروعات خفض الانبعاثات. لتحقيق قفزة كبرى في تكنولوجيات المناخ، على سبيل المثال، تحتاج البلدان النامية إلى التمويل لتمكينها من تبنّي استراتيجيات تكيف وتخفيف قابلة للتوسع.

علاوة على ذلك، من الممكن أن يساعد الاستثمار في عمليات نقل التكنولوجيا في تحويل قطاعات وصناعات أخرى -مثل الزراعة- فضلًا عن مكافحة المناخ.

على نحو مماثل، بالاستعانة بمزيد من رأس المال، يستطيع صندوق المناخ الأخضر أن يقدم التمويل الأرخص ويسهم في توفيره للبلدان النامية. بهذا، تصبح هذه البلدان قادرة على تعزيز جهود التخفيف من تأثيرات تغير المناخ والتكيف معها دون زيادة مستويات الديون المستحقة عليها وبالتالي اجتذاب مزيد من الاستثمار.

الآن، وقد بات من المفهوم على نطاق واسع أن تمويل العمل المناخي هو في حقيقة الأمر تمويل لجهود التنمية، يستطيع صندوق المناخ الأخضر أن يضطلع بدور مهم في زيادة عدد مقايضات «الديون مقابل الطبيعة» وتطوير أدوات مبدعة أخرى. ويشمل هذا العمل مع المؤسسات الخيرية والقوى الفاعلة في القطاع الخاص لتحديد الحلول، واختبارها بتكلفة منخفضة، وتقديم التوجيه على نطاق واسع.

أخيرا، يستطيع صندوق المناخ الأخضر، من خلال برامج التأهب، أن يساعد في تحسين عمليات جمع البيانات لأغراض صنع القرار.

وعندما يتعلق الأمر بمكافحة الانحباس الحراري الكوكبي، يتعين على البلدان المتقدمة أن تفي بمسؤولياتها تجاه بقية العالَـم. وأفضل السبل لتحقيق هذه الغاية يمر عبر إظهار التقدم المحرز في تمويل صندوق المناخ الأخضر لدعم مشروعاته وقدرته على إدارة البرامج. وكما أثبتت السنوات القليلة الأخيرة، فإن تغير المناخ لا يعرف حدودا، وتتطلب الاستجابة لهذا الخطر الذي يهدد وجودنا تعبئة جهود العالَـم أجمع. وأي شيء أقل من هذا لن يضمن إلا الهزيمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تمویل صندوق المناخ الأخضر البلدان النامیة العمل المناخی تغیر المناخ العال ـم من خلال

إقرأ أيضاً:

ختام COP 29.. تمويل 300 مليار دولار سنويا للبلدان النامية

بعد أسبوعين من المفاوضات، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو الأحد على اتفاق يوفر تمويلا سنويا لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية لمكافحة التغير المناخي، حسب ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر الأطراف COP 29، مساء السبت.

وإثر ليلتين من التمديد في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP 29)، قبلت البلدان النامية بهذا الالتزام المالي من البلدان المتقدمة حتى عام 2035.

وكانت التعهدات المالية للدول النامية لمساعدتها على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، محور مناقشات مكثفة في باكو، مع وجود صراع حول أي الدول يجب أن تدفع ومن أي مصادر يجب سحب الأموال.

وكانت رويترز قد ذكرت في وقت سابق أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول غنية أخرى سيدعمون هدف التمويل العالمي السنوي البالغ 300 مليار دولار في محاولة لإنهاء الجمود في القمة التي تستمر أسبوعين.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد القادم.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنويا للدول النامية بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.

واتفقت الدول مساء السبت أيضا على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون التي يقول المؤيدون إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

مقالات مشابهة

  • 300 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ سنوياً.. ما القيمة التي يشكلها هذا المبلغ مقارنة بقطاعات أخرى؟
  • لا يلبّي الطموح المنشود.. «مؤتمر المناخ» يتفق على تمويل بقيمة 300 مليار دولار للدول النامية
  • "كوب-29":  الموافقة على 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية
  • ختام "COP 29".. تمويل 300 مليار دولار سنويا للبلدان النامية
  • انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية
  • مفاوضات "كوب 29" للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة تمويل مكافحة تغير المناخ
  • ختام COP 29.. تمويل 300 مليار دولار سنويا للبلدان النامية
  • اتفاق كوب29 لا يفي بمطالب الدول النامية
  • اتفاق كوب29 لا تفي بمطالب الدول النامية
  • قمة المناخ: متظاهرون يطالبون "الشمال العالمي" بزيادة تمويل مواجهة تغير المناخ