قد تسيطر على المرأة الحامل في الأسابيع الأخيرة، قبل الولادة، رغبة كبيرة في تنظيف البيت وإعادة ترتيبه وتنظيم الخزانات وإعداد الطعام، في محاولة منها للسيطرة على البيئة المحيطة قبل قدوم الطفل، حيث تعد السيطرة على البيئة المحيطة من سمات التحضير للولادة لدى البشر وغيرهم من الكائنات الحية، وهو ما يطلق عليه المختصون "متلازمة التعشيش".

ما "التعشيش"؟

يعد "التعشيش" أمرا شائعا وغريزة لدى النساء الحوامل قبل الولادة. ويعرف موقع "بيبي سنتر" متلازمة التعشيش بأنه انفجار الطاقة لدى معظم النساء في الأسابيع القليلة الأخيرة من الحمل التي تلهمهن تنظيف المنزل وتنظيمه استعدادا لوصول الطفل.

ومن الشائع أن تقوم النساء بعمل مضاعف من خلال "التنظيف العميق" في تلك المرحلة، الذي يتضمن تنظيف الخزانات، وغسل السجاد وتجهيز الطعام وتنظيم الثلاجة وإعداد ملابس ومستلزمات الطفل الجديد.

وفي الوقت الذي يشير فيه الدكتور ياسر عبد الحفيظ، استشاري أمراض النساء والولادة، أن متلازمة التعشيش أمر منتشر في الثقافات العربية، فإن بعض النساء لا تمر بغريزة التعشيش إطلاقا خاصة من تعرضن لمشاكل صحية أثناء فترة الحمل أو أجهضن في وقت سابق.

من الشائع أن تقوم النساء بعمل مضاعف من خلال "التنظيف العميق" قبل الولادة (شترستوك) متى يبدأ؟

يبدأ التعشيش عادة في نهاية الثلث الثالث من الحمل، أي حوالي الأسبوع 38 أو 39 من الحمل أو قبل أسابيع قليلة من موعد الولادة، ولا يشكل الأمر دليلا على دخول المرأة في مرحلة المخاض. ويعتقد الدكتور عبد الحفيظ أن ما يعرف بالتعشيش قد يرتبط بالتغيرات الهرمونية التي تحدث طوال فترة الحمل وتدفع المرأة لاستغلال طاقتها من أجل الاستعداد للولادة. وربما، أيضا، يكون التعشيش بمثابة آلية للتعامل مع القلق والتوتر العام أو المرتبط بالحمل لفترة طويلة.

ويقول الدكتور عبد الحفيظ للجزيرة نت إن التعشيش يرتبط بالثقافة العربية بشكل أكثر وضوحا من الغربية، موضحا "يعد تنظيف البيت وإعداده جزءا أساسيا من اهتمامات المرأة العربية، وعندما تكون حاملا تدرك أن رعاية الطفل تستغرق الكثير من الوقت والطاقة، وتريد أن يكون كل شيء جاهزا قبل وصول الطفل. جزء من التعشيش من أجل الاطمئنان والاستعداد والسيطرة على بيئة المولود الجديد، وجزء آخر يرتبط بالترقب والسعادة في انتظاره".

ليس لكل الحوامل

يمكن أن يكون التعشيش أمرا جيدا، حيث من المحتمل أن يكون الفرصة الأخيرة للقيام بالتنظيف والتنظيم قبل وصول الطفل، خاصة أن بعد قدومه يستهلك معظم طاقة ووقت الأم ولن يكون هناك مجال للقيام بتلك الأعمال.

ورغم أن الدكتور عبد الحفيظ يرى أن التعشيش أمر صحي ومفيد، فإنه يشدد على أن ممارسة "التعشيش" لا تناسب جميع الحوامل، ويوضح أن المرأة التي تمر بفترة الحمل وهي بصحة جيدة واختبرت الولادة الطبيعية من قبل، لمرة أو أكثر، هي التي يكون "التعشيش" مفيدا لها، بل وضروريا أيضا.

ويقول عبد الحفيظ "نشجع تلك المرأة على الحركة والترتيب خلال الشهرين الأخيرين لتسهيل عملية الولادة الطبيعية، لذا فالتعشيش أمر مفيد لها".

في الوقت نفسه، يحذر من قيام المرأة الحامل التي تعاني مشاكل صحية من الاستجابة لغريزة "التعشيش"، ويقول "هناك حالات يمنع فيها تماما التعشيش، وهي الحامل التي تعاني من مشاكل صحية، أو التي ولدت بعملية قيصرية من قبل، أو الحامل التي تعاني من حالات المشيمة المتقدمة، يجب أن يلزمن الراحة تماما حتى لا تحدث ولادة مبكرة".

ويوضح الدكتور عبد الحفيظ مخاطر الولادة المبكرة التي قد تحدث نتيجة "التعشيش"، أهمها ولادة أطفال مبتسرين، قائلا "أي طفل يولد قبل الشهر التاسع يكون وزنه ضعيف وصحته غير سليمة، ويسمى طفل مبتسر حتى لو كانت أعضاؤه مكتملة، وقد يولد الطفل المبتسر بسبب حركة الأم وهي تعاني مشاكل صحية تلزمها الراحة المستمرة حتى موعد الولادة".

التعشيش أثناء الحمل ليس ضارا للطفل ولا للأم أيضا التي تتمتع بصحة جيدة (شترستوك) مفيد ولكن بشروط

يمكن للأم ممارسة غريزة التعشيش من خلال:

إعداد وجبات الطعام المغذية وتخزينها لاستخدامها بعد الولادة، حيث يصعب على الأم بعد الولادة إعداد الطعام لفترة من الوقت. التسوق وشراء مستلزمات البيت والأغذية المناسبة للأم في الرضاعة. التسوق وشراء مستلزمات الطفل الضرورية. تجهيز حقيبة الولادة. إعداد غرفة الطفل وترتيب مستلزماته في أماكن واضحة. تنظيف البيت وترتيبه.

ومع ذلك، ينصح الدكتور عبد الحفيظ الحامل بأخذ الاحتياطات اللازمة عند ممارسة "التعشيش" حتى لا ينتج عن ذلك ضرر للأم أو الجنين. وبشكل عام يؤكد ضرورة الحرص على:

عدم الإرهاق وبذل مجهود مضاعف. عدم حمل الأشياء الثقيلة. عدم الوقوف على كرسي أو تسلق سلم للتنظيف. عدم استخدام مواد التنظيف الكيميائية مثل مواد التبييض أو ذات الروائح النفاذة أو خلط مواد التنظيف مع بعضها. التأكد من التهوية الجيدة. أخذ فترات راحة مستقطعة من العمل. شرب الماء والسوائل والاهتمام بالتغذية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

لماذا الأطفال حديثي الولادة ليس لديهم مناعة؟

توصل باحثون من هانوفر إلى استنتاج مفاده أن حقيقة أن الأطفال يولدون بدون مناعة تقريبا أمر طبيعي.

 

تحذير للنساء.. الأدوية البديلة للهرمونات تؤدي إلى الصمم مناعة الأطفال حديثي الولادة

قرر العلماء معرفة كيف يتغير الأطفال حديثي الولادة تحت تأثير البيئة وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنه عند الولادة ليس لديهم آلية وقائية خاصة بهم تقريبا، ولكن هذا ليس صدفة على الإطلاق. 

 

ووفقا لأبحاث العلماء، فإن الأشخاص الذين ولدوا للتو غير قادرين على التباهي بمناعة قوية، لأن أجسامهم الشابة لم تتمكن بعد من التكيف مع مختلف المشاكل الناشئة في العالم المحيط وفي الوقت نفسه، يكون الجسم مستعدا لإدراك التحديات المختلفة، ولكن إلى حد صغير.

 

 

وفي المستقبل، ستؤثر البيئة التي يقع فيها المولود الجديد على تكوين المناعة، والتي ستكون قادرة على التعامل مع المشاكل الصحية الحالية بالإضافة إلى ذلك، اتضح أن صحة الأم تلعب دورا كبيرا، لأنها تعتمد على مدى قوة الطفل وتشكل صحة الأم القوى الوقائية في جسم الطفل.

 

في الوقت نفسه، يقول العلماء إنه بالفعل في السنة الأولى من الحياة، تتشكل مناعة الطفل أخيرا، وتتأثر بالعديد من العوامل، بما في ذلك البيئة التي يقع فيها. ومع ذلك، من المهم أيضا مراعاة العوامل الوراثية وببساطة الحالة الصحية للطفل نفسه.

كل هذا يمكن أن يؤثر على مدى قدرة جسده على مقاومة المحفزات الخارجية المختلفة والفيروسات وأنواع مختلفة من العدوى. وفي عملية مكافحة العدوى، يخفف الجسم أيضا ويصبح مقاوما لها.

مقالات مشابهة

  • دراسة رائدة ترصد تغيرات غير معروفة للدماغ أثناء الحمل
  • الأولى من نوعها..دراسة تكشف التغيرات بدماغ المرأة خلال الحمل
  • دراسة جديدة تكشف تأثير الحمل والولادة على الدماغ
  • لأول مرة.. دراسة ترصد التغيرات التي تطرأ على دماغ المرأة أثناء الحمل
  • حماية الطفل من بعض مضاعفات سكري الحمل ممكنة
  • دراسة تحذر من تأثير السمنة أثناء الحمل
  • لماذا الأطفال حديثي الولادة ليس لديهم مناعة؟
  • «ضحك مميت».. ماذا تعرف عن متلازمة «كورو» التي أنهت حياة آلاف البشر؟
  • العثور على جثمان طفل حديث الولادة في كيس بلاستيكي بمدينة عدن
  • الحمل وعظام الحوض