وصلت، اليوم الأربعاء، مذكرات الكاتب السوري جمال سعيد إلى القائمة القصيرة لجائزة هيلاري ويستون للكتابة غير الخيالية، والتي تصل قيمتها المالية إلى 75 ألف دولار، ودفع المترجم، المولود في اللاذقية عام 1959، ثمن ذلك الصعود غاليا جدا، إذ قضى 12 عاما في السجون العسكرية للنظام السوري، وروى القصة بعد خروجه.

وينتظر أن يُعلن عن الفائز بالجائزة في 12 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

واختارت لجنة تحكيم مكونة من إيف جوزيف وميشيل بورتر والفائز العام الماضي دان ويرب (وهم كتاب كنديون غير روائيين) القائمة القصيرة بعد النظر في 99 عنوانا مقدما من 55 دار نشر، ويحصل كل متأهل للتصفيات النهائية على 5 آلاف دولار أميركي، بينما يحصل الفائز على 70 ألف دولار إضافية.

النجاة والذاكرة

وصل جمال سعيد كلاجئ إلى كندا في عام 2016 مهاجرا من موطنه سوريا، بعد أن فر للنجاة بما بقي من حياته بعد سجنه 3 مرات لمدة 12 عاما دون تهمة رسمية ودون إجراءات قضائية نتيجة معارضته السياسية للنظام الحاكم.

في كتابه المرشح للجائزة "طريقي من دمشق" والذي ترجمته للإنجليزية الأسكتلندية كاثرين كوبهام، لا يروي الكاتب السوري قصة السنوات القاسية التي قضاها في أسوأ السجون العسكرية في سوريا فقط، بل يروي أيضا تحولات حياته خلال التغيرات الدرامية التي شهدتها البلاد.

يكتب سعيد عن سوريا الحديثة منذ خمسينيات القرن العشرين وحتى هروبه إلى كندا، ويتتبع انحدارها من مشروع دولة إلى أداة في يد قوى فاسدة، ويرسم صورة لحياة القرية، ويحكي عن مرحلة الشباب والتمرد في حياته الفكرية، وعن مراهق يعيش مختبئا لمدة 30 شهرا أثناء مطاردته من قبل الشرطة السرية، ويتذكر سنوات سجنه القاسية، وإطلاق سراحه الأخير، وهروبه مع عائلته إلى كندا.

ولعل ما دفع لجنة تحكيم الجائزة إلى ترشيح مذكرات جمال سعيد هو أنه في حين تركز العديد من مذكرات السجن على قسوة التجربة، يقدم كتاب "طريقي من دمشق" نسيجا من حياة كاملة، حيث ينظر الكاتب بشكل مباشر إلى التوحش الذي يمارس ضده، ولكنه يقبض على جمر الجمال والشعر والأمل.

حياة الأفارقة والسكان الأصليين

وتتنوع موضوعات الكتب التي صعدت للقائمة القصيرة لجائزة كتاب هيلاري ويستون للكتب الواقعية، فالكتاب الثاني في القائمة هو "ملاحظات عادية" (Ordinary Notes) للباحثة الأميركية كريستينا شارب، أستاذ الدراسات السوداء في جامعة يورك بتورنتو، حيث قامت شارب بكتابة 248 ملاحظة، تتعلق بالخسارات الإنسانية في ظل العنصرية، وتدني حياة الأفارقة في الشمال الأميركي.

كتاب "ملاحظات عادية" (الجزيرة)

وتنسج كريستينا شارب بمهارة نماذج أثرية من الماضي، عامة وشخصية بشكل مؤثر مع حقائق الحاضر والمستقبل المحتمل، مما يؤدي بشكل معقد إلى بناء صورة غامرة للوجود اليومي للسود. وتتعلق الموضوعات التي يتردد صداها في صفحات الكتاب باللغة والجمال والذاكرة، وللتاريخ والفن والتصوير الفوتوغرافي والأدب نصيب أيضا في حياة السود.

وفي "ملاحظات عادية" حضور واضح لوالدة المؤلفة، حيث اعتبرتها المدرسة التي تعلمت فيها ومنها وقالت عنها "لقد أهدتني أمي حب الجمال، وحب الكلمات". وباستخدام هذه الهدايا وطرق الرؤية الأخرى، تستدعي شارب الأصوات والخبرات إلى صفحات الكتاب، وتفحص بدقة مواقع الذاكرة، وتنحت شكلا أدبيا جديدا رائعا.

أما الكتاب الثالث، فهو للصحفية أنجيلا ستريت، والتي تعمل في قناة "سي بي سي بفانكوفر" عاصمة مقاطعة كولومبيا البريطانية بشمال غرب كندا، وهو المؤلف الأول للصحفية الشابة، حيث جاء في صورة مذكرات بعنوان "غير المكسورة"، وترصد فيه قضية السكان الأصليين وتأثير نمط حياة المستعمر الأبيض على انخفاض أعدادهم ومستوى معيشتهم.

وتشارك أنجيلا قصتها من التنقل في الشوارع إلى أن تصبح صحفية حائزة على جوائز. عندما كانت مراهقة، كتبت في دفتر ملاحظاتها من أجل البقاء. وهي الآن تقدم تقارير عن حالات اختفاء ومقتل نساء السكان الأصليين في كندا، موضحة كيف يخلق الاستعمار والعنصرية مجتمعا يتم فيه التقليل من قيمة السكان الأصليين.

ويأتي الكتاب الرابع المرشح لجائزة هيلاري ويستون للصحفية وعالمة الفولكلور إميلي أوركهارت التي استخدمت مهاراتها المهنية في مجموعتها" حكاية عجيبة عادية" (Ordinary Wonder Tales)، لتكشف عن السحر الكامن في تفاصيل الحياة اليومية. كتبت أوركهارت في مقدمة كتابها "أُفضِّل مصطلح الحكاية العجيبة، وهو أيرلندي الأصل، لأنه يوحي بالرهبة المقترنة بالسرد، وهذه هي معظم قصصنا".

حرائق الغابات

أما المرشح الأخير، فهو جون فايلانت المقيم في فانكوفر، عن كتاب "طقس النار" (Fire Weather)، وهو سرد لحرائق الغابات التي اجتاحت مقاطعة ألبرتا في كندا عام 2016.

كتاب "طقس النار" للكاتب جون فايلانت (الجزيرة)

أدت الكارثة التي كلفت مليارات الدولارات إلى إذابة المركبات، وتحويل أحياء بأكملها إلى قنابل حارقة، ودفعت 88 ألف شخص إلى ترك منازلهم في يوم واحد.

من خلال عدسة هذا الحريق المروع -الذي يعادل حريق الهشيم لإعصار كاترينا- يحذر جون فايلانت من أن هذا لم يكن حدثا فريدا ولكنه عرض صادم لما يجب أن يتم الاستعداد له في عالم أكثر سخونة وأكثر قابلية للاشتعال.

مع نثر بارع وعين سينمائية، يخوض فايلانت رحلة مثيرة عبر التواريخ المتشابكة لصناعة النفط في أميركا الشمالية وولادة علم المناخ، ثم يتحدث عن الدمار غير المسبوق الذي أحدثته حرائق الغابات الحديثة، وإلى حياة تغيرت إلى الأبد بسبب هذه الكوارث.

جائزة هيلاري ويستون الدولية للإنجاز المهني في الأعمال الواقعية استحدثت هذا العام، ويتم تقديمها من قبل صندوق الكتاب الكندي بدعم من مؤسسة هيلاري وغالين ويستون ومقرها تورونتو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جمال سعید

إقرأ أيضاً:

محطات خالدة في حياة القمص أنجيلوس

رحل عن عالمنا، الخميس الماضي، القمص أنجيلوس القمص أبولوس، كاهن كنيسة السيدة العذراء والأنبا تكلا هيمانوت بالزقازيق بعد سنوات من الخدمة المثمرة و39 عاماً فى خدمة الكهنوت.

أُقيمت صلاة التجنيز عصر أمس السبت فى الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، واستقبال المعزين فى القاعة الملحقة بكنيسة القديس الأنبا تكلا بالإبراهيمية، وتقام صلاة الثالث صباح اليوم الأحد فى تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً.

ولد القمص أنجيلوس القمص أبولوس فى 18 يونيو 1942م باسم جورج عبدالله، ثم سيّم قساً فى تاريخ 15 ديسمبر 1985م بيد المتنيح نيافة الأنبا ياكوبوس، وحصل على رتبة القمصية فى 23 يوليو عام 2000م.

تولى الأب الراحل خدمة العديد من الخدمات الكنسية من أبرزها خدمة السجون على مستوى الإيبارشية، ثم خدم فى الكهنوت خدمة جليلة امتدت نحو تسعة وثلاثين عاماً بجدية ونشاط.

مقالات مشابهة

  • تأييد حكم إعدام المتهمين بإنهاء حياة المذيعة شيماء جمال
  • النقض تقضي بتأييد إعدام المتهمين بإنهاء حياة الإعلامية شيماء جمال
  • محطات خالدة في حياة القمص أنجيلوس
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (2- 15)
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة- محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن «مقاربة» «1- 15»
  • محكمة تونسية تقضي بالسجن عاما ضد محامية انتقدت قيس سعيد
  • محكمة تونسة تقضي بالسجن عاما ضد محامية انتقدت قيس سعيد
  • نائب يؤكد صحة كتاب رئاسة البرلمان بشأن قرارات مجلس محافظة نينوى الأخيرة
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة – محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (1- 15)
  • أهم محطات حياة رجاء الجداوي في ذكرى وفاتها