مدير «الدفاع الوطني» الأسبق: خطة الخداع الاستراتيجي جعلتنا نواجه ربع جيش إسرائيل في «6 أكتوبر».. وأعتبره نصف النصر «حوار»
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
يعتبر اللواء دكتور محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، ومدير سلاحى المدرعات والشرطة العسكرية سابقاً، أن حرب أكتوبر المجيدة لم تبدأ مع اندلاع شرارة الحرب فى الساعة الثانية و5 دقائق من ظهر يوم 6 أكتوبر، لكنها بدأت قبل ذلك بأيام، حين نجحت كافة أجهزة الدولة فى إخفاء نية الحرب عن إسرائيل، حتى وصل الأمر بقياداتها العسكرية لسؤال كافة أجهزة المخابرات حول العالم، والتى تحدثت عن أن التجهيزات التى تقوم بها مصر على جبهة القتال دفاعية، وأن الرئيس الراحل أنور السادات «يلهى شعبه»، تحت ستار أنه يستعد للحرب، ومن ثم كثف المشروعات التدريبية.
ويقول اللواء دكتور محمد الغبارى، فى حوار لـ«الوطن»، إنه قبيل الحرب أقرت القيادة العامة للقوات المسلحة اختصار العام التدريبى السنوى ليصبح 6 أشهر فقط، ما يعنى أن كافة أجهزة القيادة العامة للقوات المسلحة والأسلحة الأساسية كانت تتوجه لجبهة القتال مرتين سنوياً أو أكثر تحت ستار مشروعات تدريبية، أو مشروع استراتيجى عسكرى للتدريب على أمر ما، ما دفع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للحديث عن عدم جدية مصر فى الدخول فى حرب.
بداية.. كيف تنظر لوثائق التحقيق فى «لجنة أجرانات» مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «إيلى زعيرا» فى أعقاب الحرب؟
- تلك الوثائق هى بمثابة تأكيد وإثبات رسمى أن الدولة المصرية استطاعت أن تُخفى معلومات استعدادها للحرب بشكل كامل، وهى خطط وإجراءات ما زالت تُدرس فى الكليات العسكرية المصرية، بل وفى العالم، حول خطط الخداع الاستراتيجى للعدو، لتحقيق مبدأ المفاجأة، وصولاً لإفقاده التوازن لعدة أيام، فالحرب لم تبدأ بـ«الرصاص»، ولكن بدأت بالاستعدادات أمام أعين إسرائيل ومخابرات العالم بأن هناك حالة استعداد قصوى للجيش المصرى لإجراء المناورة «تحرير 41»، قبيل أن يتحول «التدريب» إلى «حرب».
وما الفارق بين انطلاق حرب بوقت مفاجئ أو مناورة تتحول لـ«حرب»؟
- نتحدث هنا على جانبين، أولهما التكلفة المرتفعة لبقاء القوات بحجم كبير يُقدَّر بنحو 100 ألف مقاتل بأسلحتهم ومعداتهم واحتياجاتهم الإدارية على جبهة القتال لفترة طويلة، وهو ما تحقق على فترات متباعدة، لم تكلف مصر الكثير، فى مقابل تحقيق غرضها، وهو وجود القوات فى المكان والزمان المناسبين، دون إثارة شكوك العدو، أما الجانب الآخر فهو تكوين الجيش الإسرائيلى، فثلاثة أرباع الجيش الإسرائيلى ليسوا قوات عاملة، أى يتم استدعاؤهم فقط عند الحاجة، ومعنى أنك ربحت عنصر المفاجأة أنك ستحارب «ربع جيش» فقط لساعات أو أيام، وهو ما تحقق فى الحرب، حتى تمكنت مصر من استغلال انتصارها العسكرى والدبلوماسى معاً، وتحرير شبه جزيرة سيناء كاملة من الاحتلال الإسرائيلى.
وإلى مَن تُرجع الفضل فى ذلك؟
- الفضل يعود لخطة الخداع الاستراتيجى التى لم تجعل إسرائيل تفيق على هزيمتها إلا بعد العبور المصرى بالفعل، ثم ما استتبعه من عمليات قتالية، أدت لكسب مصر مساحة 30 كيلومتراً على نطاق المواجهة مع إسرائيل، وهو ما حرّك جمود القضية، ومكّن السادات من انتزاع سيناء كاملة من إسرائيل.
تقصد أن خطة «الخداع الاستراتيجى» لها فضل كبير فى تحقيق النصر؟
- أقولها بصراحة إن «نصف نجاح مصر فى النصر» من خطة الخداع الاستراتيجى، وهنا أشير إلى أن القيادة العسكرية والسياسية المصرية كانت تنتظر بفارغ الصبر نتائج اجتماعات مجلس الوزراء الإسرائيلى مع القيادة العسكرية الإسرائيلية يوم «5 أكتوبر»، وأن الرئيس السادات، والمشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، تيقنوا من النصر يوم «5 أكتوبر»، أى قبل بدء الحرب، نظراً لعدم إعلان التعبئة العامة فى الجيش الإسرائيلى قبل الحرب، وحاجتهم لقرابة 24 ساعة لنقل قواتهم لجبهة القتال، وعدم قدرتهم على شن «ضربة استباقية» تحبط العمليات العسكرية قبل بدايتها.
وما دليلك على ذلك؟
- جانبان، الأول زيارة وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه ديان إلى جبهة القتال يوم «5 أكتوبر»، وخلال هذه الزيارة وجد الأمور على «الجبهة» عادية، فلم يكن الضباط والجنود يعلمون بالفعل أن هناك «حرباً»، فوجد ضباطاً يستحمون فى البحيرات، وضباطاً يلعبون، وآخرين يأكلون، وعاد لينقل لهم هذا الشعور، قائلاً: «مصر غير مستعدة للحرب»، والثانى هو ما ذكرته القيادات العسكرية الإسرائيلية فى التحقيقات التى أزيلت سريتها مؤخراً، من أنهم كانوا يعتقدون هم وأجهزة المخابرات العالمية بأنه لن تقوم حرب.
وكيف تمكنت مصر من تحقيق ذلك فى رأيك؟
- عبر اتباع الأسلوب العلمى السليم فى التخطيط للحرب وإعدادها، وذلك ليس على مستوى القوات المسلحة فقط، ولكن عبر إعداد الدولة بالكامل للحرب، من جوانب عسكرية، وسياسية، ومسرح العمليات الدولى، والإعلام، والوزارات، وكل شىء، والقوات المسلحة اعتمدت على جانبى التدريب والخداع الاستراتيجى.
وكيف نجحت مصر فى «خداع» الجانب الإسرائيلى على أرض الواقع؟
- عبر نظرية «الاعتياد»، بحيث يتم نقل القوات وأسلحتها ومعداتها إلى جبهة القتال لأكثر من مرة فى العام والعودة دون حدوث شىء، لتعتبرها المخابرات الإسرائيلية «أعمالاً عادية أو روتينية»، وتم ذلك عبر تنفيذ مشروع استراتيجى تعبوى بمشاركة الأفرع الرئيسية والأسلحة مع الجيشين الثانى والثالث الميدانيين، دون قيام حرب لأكثر من مرة، وتكثيف العام التدريبى ليصبح 6 أشهر بدلاً من عام، بحيث يتم تنفيذ هذا المشروع مرتين فى العام، وفى حالة الحرب كان الاسترخاء تاماً فى الجيش الإسرائيلى حتى استغللنا هذا الأمر للقيام بالحرب، فآخر مشروع كانت نهايته يوم 4 أكتوبر، وكانت عودة القوات فى 7 أكتوبر، لكننا قمنا بالحرب فى يوم 6 أكتوبر 1973. وحينما سُئلت جولدا مائير فى تحقيقات ما بعد الحرب: «لماذا لم تستدعى التعبئة؟!»، التى تعنى زيادة عدد قواتها لكامل قوتها، قالت: «مدير الاستخبارات العسكرية قال لى إن ما يعمله المصريون ليس سوى تدريب سنوى، وخسرنا فى التعبئة السابقة كثيراً من الاقتصاد الإسرائيلى لتفرغ عناصر الاقتصاد الإسرائيلى من العمل».
لكن عدم نقل معدات التدريب لمصر مرة أخرى كان سينذرهم بالخطر؟
- هذا أيضاً تم أمام أعينهم، فمعدات الحرب الثقيلة وصلت للتدريب فى عربات نقل، وعقب التدريب تم إرجاع 25 ألف مقاتل فى تلك السيارات، وقال مدير المخابرات الإسرائيلية أيضاً: «كيف ستكون دولة ستهاجم وستخرج دفعة رديف؟!.. وهو أمر غير منطقى».
إسرائيل لم ترصد تحرك «قوارب العبور» من حلوان والحقيقة أن «مهربين» نقلوها من محافظة الإسكندرية للقناة قبل الحرب بعامكما أن القوارب المطاطية للعبور مثلاً، وصلت لمصر كمية كبيرة منها، وتُركت فى المخازن لفترة، وهنا تعاون «مهربون» مع قواتنا المسلحة فى نقلها بشكل سرى إلى جبهة القتال وتخزينها قبل الحرب بمدة تقترب من عام، فى مقابل أن القوارب المرصودة من المخابرات الإسرائيلية وغيرها من مخابرات العالم متروكة مخزنة فى منطقة وادى حوف بحلوان، ومن ثم ظن الإسرائيليون أن قوارب العبور لم تصل للجبهة، لكنها كانت موجودة بالفعل. وتم السماح للضباط بالإجازات والعمرة والحج دون إعطاء أى إيحاء بأن الحرب قادمة، كما كانت هناك خطة خداع استراتيجى أيضاً على المستوى المدنى.
كيف ذلك؟
- حينما تريد أن تنفذ حرباً أو عملية هجومية تُخلى المستشفيات من المرضى لاستقبال الجرحى فى العمليات بالمستشفيات المدنية مع المستشفيات العسكرية، وقبل الحرب تم تسريح ضابط من إدارة الخدمات الطبية فى القوات المسلحة، والتحق بمستشفيات مدنية، وقال: «الجيش بيعمل تطهير للمستشفيات من التيتانوس.. إزاى المستشفيات المدنية ماتعملش تطهير؟!»، ووقتها تم نشر الأمر فى الصحف، ليتم بدء التطهير قبل الحرب بأسبوع، مما أفرغ المستشفيات، وجعلها مستعدة لاستقبال الجرحى.
«السادات» كان يقول إنه يسعى للسلام لتفوُّق السلاح الإسرائيلىتلك الطريقة خدعت إسرائيل، ماذا عن باقى أجهزة مخابرات العالم التى ذكر «زعيرا» أنهم قالوا إنه لن تنشب حرب؟
- ذلك الأمر تم بجهد شخصى من الرئيس الراحل أنور السادات، ففى كل جلسات الرئيس السادات مع زعماء العالم كان يتحدث دوماً عن السلام، خصوصاً أن مصر لم تحصل على أسلحة هجومية تواجه بها الأسلحة الهجومية الإسرائيلية، ومعنى حديثه أن مدى الدبابة الإسرائيلية مثلاً هو 2800 متر، ومدى دبابات مصر وقتها 1800 متر، ومدى الطيران أقل من مدى إسرائيل، فكيف سيدخل حرباً إذاً؟
والأمر الأكثر إدهاشاً هو عدم اكتشافهم التنسيق بين مصر وسوريا للحرب، لأنهم قالوا إن «العرب جثة هامدة»، وأخرجوا تقارير سرية على اعتبارها «عادية»، لأنه لن تكون هناك حرب، وجاءت «6 أكتوبر كمفاجأة كبرى لهم».
لكن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ذكر أن هناك «عميلاً للموساد»، يقصد أشرف مروان، أخبرهم بموعد الحرب فجر يوم 6 أكتوبر؟
- حينما تحدث عن أن «مصدرهم فى مصر»، كما كان يتحدث، فإنه ذكر فى البداية أنه قال ستكون هناك حرب، ولم تحدث الحرب، وهنا يقال إنه كان «عميلاً مزدوجاً»، وكان يوصل لهم المعلومات التى نريد أن يوصلها إليهم، فأجهزة المخابرات العالمية حينما تعمل توصل المعلومات عن طريق مصادر علنية، أو عن طريق عملاء، أو زرع فى سلوك القوات، كل ما هو مطلوب ليظهر العمل عادياً غير مخابراتى. وبالحديث عن جهود أجهزة المخابرات المصرية، فهى شاركت أيضاً فى عملية الخداع الاستراتيجى قبل الحرب مباشرة، بعدم القيام بنشاط استخباراتى عالٍ جداً قبل الحرب، والاكتفاء بالمعلومات التى تم جمعها قبلها، وهو ما أظهر لإسرائيل أيضاً أن مصر لم تكن تستعد للحرب، على نقيض الحقيقة.
خطة الخداعالتقديرات كانت تقول إن مصر ستخسر 60% من قواتها لكسب كيلومتر واحد فى سيناء، خلال محاولات اقتحام قناة السويس، وتسلق الساتر الترابى، والتعامل مع النقاط القوية، ومعنى ذلك أنك خسرت الحرب قبل أن تبدأ، لكن الخسائر كانت أقل من ذلك بكثير، بفضل خطة «الخداع الاستراتيجى»، وتمكُّن القوات المسلحة من تنفيذ ضربة جوية ناجحة لمراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية، وتنفيذ خطط العبور بكفاءة واقتدار، ولو لم يحدث ذلك لم تكن مصر لتستطيع أن تنتصر بالمعطيات العادية التى كانت تؤكد تفوق الجيش الإسرائيلى قبل الحرب، ولم نكن لنستعيد كامل مساحة سيناء دون شبر واحد.
«خطة المفاجأة» هكذا استعدت مصر للحرب «تحت أعين إسرائيل»حاول الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يستقدم، بالتنسيق مع القوات المسلحة، أسلحة هجومية تحقق التوازن العسكرى مع إسرائيل، إذا لم نكن متفوقين عليها، لكن لم يتمكن من ذلك، ليقرر أن مصر لا يوجد أمامها سوى دخول الحرب «بما لديها من سلاح»، ما استلزم اختيار أضعف أوقات إسرائيل لدخول تلك الحرب بأقل قدر من الخسائر. واستلزم تحقيق خطة الرئيس الراحل أنور السادات، وأجهزة القيادة العامة للقوات المسلحة، تحقيق مبدأ «المبادأة»، «المفاجأة»، للعدو، بما يحرم إسرائيل من فترة الإنذار اللازمة للتعبئة، وعدم القيام بضربة وقائية، لينجح العبور بأقل خسائر ممكنة. وضع «خطة المفاجأة»، كما عرفها المشير محمد عبدالغنى الجمسى، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، فى مذكراته، أو «الخداع الاستراتيجى»، طبقاً للمسمى الإعلامى المعروف لها، بعدد محدود جداً من ضباط هيئة العمليات للقوات المسلحة، كما كُتبت بـ«خط اليد»، بما أكد لإسرائيل أن إجراءات حشد القوات على الجبهة «دفاعية»، وليست «هجومية»، بما حرم إسرائيل من تعزيز قواتها قبل بداية الحرب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدفاع الوطني الشرطة العسكرية الوطن القوات المسلحة حرب الجيش الإسرائيلي الاستخبارات العسکریة العسکریة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلى القوات المسلحة للقوات المسلحة الرئیس الراحل أنور السادات جبهة القتال خطة الخداع قبل الحرب وهو ما
إقرأ أيضاً:
إبعاد كل رعية أجنبي يشكل تهديداً للأمن.. وإعداد مخططات وزارية في كل القطاعات لتنفيذ التعبئة العامة
في إطار ما يسمى بالتعبئة العامة، قد تلجأ السلطات العليا في البلاد، إلى استدعاء العسكريين الاحتياطيين والمواطنين لدعم قواتها المسلحة ودفاعها الشعبي، كما قد تلجأ إلى الاستعانة بالقطاعين العام والخاص وبمختلف الهيئات الوزارية، في حالة وجود خطر يهدد أمن واستقرار البلاد وسلامته البرية والبحرية والجوية.
وتحصلت النهاراونلاي على مقتطفات من مشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة، حيث ينص المشروع على تحديد الأحكام المتعلقة بكيفيات تنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة المنصوص عليها في المادة 99 من الدستور، كما يندرج في إطار مساعي الدولة الرامية إلى تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة.
ويحتوي مشروع قانون التعبئة العامة على 69 مادة موزعة على 7 فصول، وينص في أحد مواده على أن رئيس الجمهورية يقرر التعبئة العامة في مجلس الوزراء طبقا للمادة 99 من الدستور، من خلال إعداد المخططات الخاصة للتعبئة العامة من طرف الوزارات المعنية.
وعلى أساس تلك المخططات، تقوم وزارة الدفاع الوطني بإعداد المخطط العام المتعلق بها، ليتم عرضه للمصادقة من طرف الرئيس.
وقد يتم في حالة إعلان التعبئة العامة، تشكيل احتياطات التعبئة من طرف الوزارات المعنية، تعليق الإحالة على التقاعد للموظفين والعمال الذين يشغلون وظائف ومناصب لها صلة بالتعبئة العامة، وتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي طبقا للتشريع الساري المفعول.
انتقال القوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب.. مفهوم التعبئة العامة
ويقصد بالتعبئة العامة حسب مضمون مشروع القانون، بمجموع التدابير الواجب اتخاذها لضمان أكبر فعالية في ضمان انتقال القوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية وكذا الاقتصاد الوطني من حالة السلم إلى حالة الحرب.
كما يقصد بها وضع القدرات الوطنية تحت تصرف المجهود الحربي، هذا الأخير الذي يقصد به تركيز كافة أو بعض القدرات والموارد البشرية والوسائل المادية والاقتصادية والمالية للدولة، وكذا تكييف الانتاج الصناعي مع احتاجات القوات المسلحة.
إشراك كافة الوزارات في إعداد مخططاتها قبل إعداد المخطط العام للدفاع
وبحسب مضمون المادة 10 من مشروع القانون، توضع آلية على مستوى الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، تكلف بالنشاطات المرتبطة بالتعبئة العامة ومتابعة تنفيذها، حيث يتم إعداد المخططات الخاصة بالتعبئة العامة من طرف الوزارات المعنية كل في مجال اختصاصها بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، ويتم إعداد المخطط العام لها من طرف وزير الدفاع الوطني.
ويتم تشكيل وثائق تخطيط تتضمن كل المعطيات والمعلومات وكذا كل الوثائق ذات الصلة التي يتم تحضيرها في وقت السلم، لتلبية الاحتياجات المترتبة عن تنفيذ التعبئة العامة.
وهنا يتعين على كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، وضع تحت تصرف وزارة الدفاع الوطني، في كل وقت، المعطيات والمعلومات والوثائق المحينة المرتبطة بالتعبئة. فيما يساهم المجتمع المدني في تحسيس المواطنين بتعزيز الحس الوطني وتوعيتهم بالدور المنوط بهم في مجال التعبئة العامة وإبراز واجباتهم تجاهها.
الرفع من جاهزية القوات المسلحة إلى أعلى درجة وجرد الموارد البشرية والوسائل المادية
يشمل التحضير للتعبئة تنفيذ أعمال مشتركة وأعمال خاصة، قصد السماح بالانتقال الفعال والسريع للاقتصاد الوطني وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية من حالة السلم إلى حالة الحرب وبالرفع من جاهزية القوات المسلحة إلى أعلى درجاتها.
إذ تقع الأعمال المشتركة على عاتق الوزارات وتتمثل في إحصاء وجرد الموارد البشرية والوسائل المادية التي يمكن تعبئتها وتسخيرها مع ضمان تحيينها، صيانة احتياط التعبئة العامة والمحافظة عليهن المشاركة في التمارين على التعبئة العامة واستغلال نتائجها، إلى جانب إعداد تقييم دوري للتدابير المرتبطة بتحضير التعبئة والمقترحات والتوصيات ذات الصلة وعرضها على الوزير الأول.
استدعاء عسكريي الاحتياط إلزامي عند التعبئة العامة
وتتولى وزارة الدفاع الوطني دراسة وتحليل واستغلال المعطيات والمعلومات والوثائق المتعلقة بالتعبئة العامة الموضوعة تحت تصرفها، وكذا تخطيط وتنفيذ التمارين على التعبئة العامة، مع ضمان مشاركة الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية.
كما تتولى وزارة الدفاع السهر على تنسيق نشاطات السلطات العسكرية على المستويين الجهوي والمحلي مع مسؤولي الجماعات المحلية، قصد ربط علاقات متينة ومستمرة ودائمة مع عسكريي الاحتياط والحفاظ عليها، وتنفيذ الأعمال المرتبطة بتحضير الدفاع الشعبي وبإعادة استدعاء عسكريي الاحتياط حسب مضمون المادة 20.
وضع قاعدة معطيات للمواطنين المراد تعبئتهم و”الزماقرة” ملزمون بالدفاع عن وطنهم
وتتولى وزارة الشؤون الخارجية، بحسب نص مشروع القانون، تحسيس أفراد الجالية الوطنية المقيمة بالخارج حول دورهم في مجال التعبئة العامة، في إطار التزامهم ومشاركتهم في الدفاع عن الوطن.
كما تتولى تحسيس الرأي العام والمنظمات الدولية والإقليمية حول شرعية اللجوء إلى التعبئة العامة في حالة وقوع عدوان فعلي على البلاد يوشك أن يقع.
أما وزارة الداخلية، فتعمل على أن يضمن مسؤولو الجماعات المحلية التنسيق الوثيق مع السلطات العسكرية المختصة إقليميا من أجل وضع قاعدة معطيات محينة تتعلق بالمواطنين والموارد المادية المزمع تعبئتهم وتسخيرهم، وتحسيس المجتمع المدني بالدور المنوط بهم.
من جانبها، تتكفل وزارة الصناعة، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني والوزارات الأخرى باتخاذ التدابير المناسبة لضمان تكييف الانتاج الصناعي المدني مع احتياجات القوات المسلحة والمجهود الحربي في حال التعبئة، على أن تتكفل وزارة النقل بتحضير وتكييف الموارد البشرية والوسائل المادية للنقل العمومي والخاص مع احتياجات القوات المسلحة.
تهيئة وبناء الملاجئ من طرف الأشغال العمومية
وتقوم وزارة الأشغال العمومية، بحسب نص مشروع القانون، ببناء وتهيئة الملاجئ وصيانة شبكة طرق والمواصلات وتهيئة المنشىآت المتعلقة بها وفقا لاحتياجات القوات المسلحة، فيما تقوم وزارة الصحة بتعبئة مهنيي القطاع وهياكله ووسائله.
أما وزارات الطاقة والفلاحة والموارد المائية والتجارة، فهي تعمل على ضمان توفر المواد الطاقوية والمائية والاستهلاكية.
شبكة اتصالات مؤمنة وموثوقة تضمنها وزارة البريد
وتسهر وزارة البريد من جهتها، على تطوير والرفع من قدرات شبكة المواصلات السلكية واللاسلكية الوطنية الموثوقة والمؤمنة بما يخدم ويغزز أعمال التعبئة العامة، فيما تسهر وزارة الشؤون الدينية على تعزيز مبدأ الانتماء الوطني والمحافظة على استقرار البلاد والقيم التي يمليها الواجب الوطني تجاه الوطن.
أما فيما يخص الشق المتعلق بواجبات وزارة الاتصال، فهي مكلفة بالسهر على ترقية إعلام وتحسيس المواطنين للحفاظ على استقرار البلاد.
تعليق إنهاء الخدمة في صفوف الجيش والإحالة على التقاعد لأصحاب المناصب ذات الصلة بالتعبئة
وبحسب المادة 32 من نص المشروع، فإنه في حالة تنفيذ التعبئة العامة، تواصل أجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية وكافة القطاعات أداء مهامها بصفة عادية مع ايلاء أهمية لاحتياجات القوات المسلحة.
ويترتب عن تنفيذ انتقال القوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب، تعليق إنهاء الخدمة بصفة نهائية في صفوف الجيش لجميع المستخدمين العسكريين، وإعادة استدعاء عسكريي الاحتياط، تنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، تنفيذ إجراءات التسخير، تعليق الإحالة على التقاعد للموظفين والعمال الذين يشغلون وظائف ومناصب لها صلة باحتياجات التعبئة العامة، فيما يتولى وزير الدفاع الوطني بالتنسيق مع الوزارات المعنية، التفعيل التدريجي للمخطط العام للتعبئة من خلال دعم القوات المسلحة وكذا ترشيد استهلاك واستعمال بعض المواد الطاقوية والمائية والاستهلاكية الأساسية.
كما يسهر وزير الدفاع الوطني مع وزير الداخلية على تنفيذ تدابير التعبئة العامة من خلال الحماية والدفاع عن المنشآت والمؤسسات الحيوية والحساسة والاستراتيجية للبلاد.
وزير الداخلية لضمان تسهيل تحرك القوات المسلحة وتسهيل حركة المرور
ويقوم وزير الداخلية من جانيه، باتخاذ التدابير التي تهدف إلى تسهيل عمليات تعبئة المواطنين، وتكييف مخطط حركة المرور قصد ضمان سيولتها وتسهيل تحرك القوات المسلحة، وكذا اعلام المواطنين حول التدابير الفورية المتخذة وحثهم على المشاركة في دعم المجهود الحربي.
إبعاد كل رعية أجنبي يشكل تهديدا لأمن البلاد
ويمكن لوزير الداخلية أيضا، أن يتخذ إجراء ابعاد دون آجال كل رعية لاسيما من الدولة أو الدول المعادية المقيم في الجزائر متى كان بقاؤه يشكل تهديدا لأمن البلاد.
ومقابل ذلك، يسهر وزير الاتصال بالتنسيق مع وزير الدفاع الوطني، على تنفيذ النشاطات الإعلامية المتعلقة بتنفيذ التعبئة العامة وايصال وبث ونشر المعلومة للرأي العام وللمواطنين حول التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية.
استجابة فورية لأوامر الاستدعاء لتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي
وتلزم المادة 43 من مشروع القانون، كل مواطن باحترام الإجراءات والتدابير المتعلقة بالتعبئة العامة لاسيما الاستجابة الفورية لأمر الاستدعاء أو إعادة الاستدعاء، الاستجابة دون آجال لتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، الخضوع للتسخير، الامتناع عن نشر وتداول لاسيما عبر وسائل التكنولوجيات الحديئة جميع المعلومات التي من شأنها المساس بالتعبئة العامة أو التأثير عليها سلبا، تبليغ السلطات العمومية المختصة عن كل رعية من الدول المعادية يتواجد بالإقليم الجزائري وعن جميع الأفعال والأعمال التي يمكن أن تعيق التعبئة.
التسخير اجباري على كل شخص يمكن أن يقدم خدمةأما المادة 47 من مشروع القانون،
فيخضع لالتزامات التسخير الأشخاص الذين من شأنهم تقديم خدمة، باستثناء أولئك المعنيين بالالتزامات العسكرية بعد استلام أوامر الاستدعاء أو أعادة الاستدعاء والمعنيين بتدابير الدفاع الشعبي، وسترتب عن التسخير الحق في تعويض مادي ومنصف طبقا للتشريع والتنظيم الساري المقعول. كما يمكن اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة في حالة وجود نزاع يتعلق بالتعويضات المستحقة المرتبة عن تسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات.