إذا دخلت المسجد والإمام ساجدا فما التصرف الشرعي؟ الأزهر يجيب
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
هل يجوز انتظار الإمام لحين القيام من السجود؟ السجود من أحب الأعمال إلى الله حيث يُدخل صاحبه الجنة لما ثبت في صحيح مسلم عن معدان بن أبي طلحة اليعمري رضي الله عنه قال: لقيت ثوبانَ مَولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعملٍ أعمله يدخلني به الجنة، أو قال: قلت: بأحبِّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً، إلا رَفَعَك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة»، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال ثوبان، [أخرجه مسلم].
حكم انتظار الإمام للقيام من السجود
قالت لجنة الفتوى التابعة مجمع البحوث الإسلامية، إنه إذا دخل المُسلم المسجد لصلاة الجماعة فوجدهم سجدًا، يجوز له انتظار الإمام حتى يقوم للركعة من أولها.
وأوضحت «البحوث الإسلامية» في إجابتها عن سؤال: «أدخل المسجد لصلاة الجماعة فأجدهم سجدًا فهل أدخل معهم أم أنتظر حتى يقوم الإمام للركعة من أولها؟»، أنه يجوز للمُسلم أن ينتظر الإمام، مشيرة إلى أنه من السُنة أن يدخل المُصلي مع الإمام على الهيئة التي هو عليها.
وأضافت لجنة الفتوى التابعة مجمع البحوث الإسلامية أنه من أدرك الإمام كبّر تكبيرة الإحرام قائمًا ودخل معه على الحالة التي هو عليها، موضحة أنها لا تعد ركعة حتى يدرك ركوعها.
واستشهدت بما ورد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– قال: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة».
حكم نسيان الركوع أو السجود في الصلاة
وتابعت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، إن نقص المسلم في صلاته بأن ترك ركنًا من أركان الصلاة كالركوع أو السجود، وجب عليه أن يأتي به طالما لم يتلبس بالركعة التي بعدها ثم يسجد للسهو.
وأضافت لجنة الفتوى في إجابتها عن سؤال: «ما حكم من نسى ركنا من أركان الصلاة كسجدة ونحوها؟: «إن تلبس المصلى بركعة أخرى وجب عليه أن يأتي بركعة جديدة خلاف التي ترك منها ركوعًا أو سجودًا ثم يسجد للسهو.
السجود في الصلاة أحد أركان العبادة ولا يصح إلا بها، ولا يسقط السجود بهيئته من لمس جبهة الرأس للأرض إلا لعذر كالمرض الذي يمنع من أدائه، وعرف الفقهاء السجود بأنه هو وضع الجبهة على الأرض ويكون على الأعضاء السبعة في كل ركعة مرتين لقوله تعالى: “واسجدوا”. وللأحاديث الواردة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم به وفعله له وقوله: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
الأعضاء السبعة التي يجب أن تلمس الأرض في السجود هي الجبهة والأنف واليدان والركبتان وأطراف القدمين، فلا بد أن يباشر كل واحد من هذه الأعضاء موضع السجود وحسب الإمكان.
أعضاء السجود في الصلاة
يجب على المصلّي أن يقوم بالسجود على سبعة أعضاءٍ، كما بيّنت ذلك السنة النبوية، وهي: الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، وإلى هذا ذهب كلٌّ من فقهاء الشافعية، والحنابلة، والمالكية، وغيرهم، أمّا الدليل على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أُمِرتُ أن أسجدَ على سبعةٍ أعظُمٍ، على الجبهةِ -وأشار بيدِه على أنفِه- واليدينِ، والركبتينِ، وأطرافِ القدمينِ، ولا نَكفِتَ الثيابَ والشعرَ»، على أن الأمر الوارد في الحديث النبوي للوجوب، وأجمع المسلمون على وجوب السجود على كلٍّ من اليدين والوجه.
كيفية الهوي إلى السجود
اختلف الفقهاء في تقديم اليدين أو الركبتين عند النزول إلى الأرض، وكان اختلاف ذلك إلى قولين؛ القول الأول: وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وغيرهم، من أنّ السنة أن يقدّم المصلّي عند نزوله إلى السجود ركبتيه قبل يديه، ودليلهم على ذلك ما رواه كلٌّ من علقمة والأسود: «حفِظنا عن عمرَ في صلاتهِ أنه خرَّ بعدَ ركوعهِ على ركبتيهِ، كما يخِرُّ البعير، ووضع ركبتيهِ قبلَ يديهِ».
أمّا القول الثاني: فذهب إليه كلٌّ من فقهاء المالكية، والإمام أحمد في روايةٍ عنه، والإمام الأوزاعي، وغيرهم، من أنّ السنة في النزول إلى الأرض للسجود تقديم اليدين على الركبتين، ودليلهم في ذلك ما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وأنّ هذه الصفة في النزول أدعى وأحسن للخشوع، كما أنّ بتقديم اليدين على الركبتين يتجنب المصلّي حصول الألم في ركبتيه إذا جلس عليهما.
صفة النهوض من السجود
اختلف الفقهاء في الصفة التي ينهض بها المصلّي من السجود للقيام، على قولين؛ فذهب فقهاء الحنفية، والحنابلة، وغيرهم، إلى أنّه من السنة أن يرفع المصلي يديه قبل ركبتيه، إلّا إذا كان في ذلك مشقةً عليه، أمّا فقهاء المالكية، والشافعية، فذهبوا إلى أنّه يُستحبّ للمصلّي أن يقوم من سجوده معتمدًا على يديه.
شروط صحة السجود
يشترط في صحة السجود عددٌ من الأمور التي يجب مراعاتها كي يكون السجود صحيحًا، ومنها:
أن يكون السجود على شيءٍ يابسٍ، تستقرّ الجبهة عليه؛ كالحصير، والبساط.
عدم وضع الجبهة على الكفّ، وقد ذهب كلٌّ من الشافعية، والمالكية، والحنابلة، إلى بطلان الصلاة بوضع الجبهة على الكفّ، بينما ذهب الحنفية إلى عدم بطلانها، مع كراهة وضع الجبهة على الكفّ.
ألّا يكون موضع الجبهة مرتفعًا عن موضع الركبتين أثناء السجود.
يقع بعض المصلين في أخطاء أثناء السجود، ومنها أولًًا: عدم الطمأنينة في السجود: بعض الناس أيضا يُسرع في سجوده فينقره نقرًا من غير طمأنينة، في حين أن السجود محلّ للتسبيح والإكثار من الدعاء، وقد قال صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا».
ثانيًا أخطاء في السجود: رفع أطراف القدمين في السجود: فمن الناس من يرفع قدميه أثناء السجود، ومنهم من يطوي أصابع قدميه إلى الخلف، بينما السنة أن يسجد على رؤوس الأصابع يضعها على الأرض، كما سيأتي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
ثالثًا أخطاء في السجود: رفع الأنف عن الأرض في السجود: من الخطأ رفع الأنف على الأرض في حالة السجود إلا مِن عُذر، لأن السجود ينبغي أن يكون على سبعة أعظم. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أمرت أن أسجد على سبعة أعظم؛ على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدَمَين». متفق عليه.
رابعًا أخطاء في السجود: بسط الذراعين في السجود: من الخطأ في السجود أن يبسط الساجد ذراعيه حتى تلامس مرافقه الأرضَ، تماما كما تفعل السّباع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم برفع المرفقين عن الأرض، ونهى عن بسط الذراعين، ففي صحيح مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سجدتَ فضعْ كفيك، وارفعْ مرفقيك».
وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلاَ يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ».
خامسًا: أخطاء في السجود: ترك التسبيح في السجود: من الناس مَن يشتغل بالدعاء في السجود، ويترك التسبيح فيه. ولا شك أن الدعاء في السجود مُرَغّبٌ فيه، فقد حثّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ». لكن من السنة أيضا أن يقول المصلي في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" على الأقل ثلاث مرات، ثم يدعو بعد ذلك بما يشاء من خيرَي الدنيا والآخرة. فقد أخرج ابن ماجة في السنن عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا رَكَعَ: « سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: « سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
أدعية تقال في السجود
قالت دار الإفتاء، إنه يُستحب للمُسلم الإكثار من الدعاء والتسبيح في السجود، مشيرة إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أمته بالفضل العظيم للسجود.
وأوضحت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: « ما الذي يُقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟»، أنه يُستحب الدعاء والتسبيح في السجود، وقد وردت بعض صيغ الدعاء والاستغفار في السجود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واستشهدت بما روي عن السيدة عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» أخرجه البخاري في صحيحه.
واستدلت بما جاء عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وتابعت بما أضاف علي بن ابي طالب: اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
فضل السجود لله
إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، ومن ثم فإن أفضل الدعاء في السجود لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ). رواه مسلم، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من حديث له بين فيه فضل السجود لله وحث أمته عليه منه:
أولًا من فضل السجود : أحب الأعمال إلى الله حيث يُدخل صاحبه الجنة لما ثبت في صحيح مسلم عن معدان بن أبي طلحة اليعمري رضي الله عنه قال: لقيت ثوبانَ مَولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعملٍ أعمله يدخلني به الجنة، أو قال: قلت: بأحبِّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً، إلا رَفَعَك الله بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة»، قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال ثوبان، [أخرجه مسلم].
ثانيًا من فضل السجود : مرافقة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة: لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: «سل» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة. قال -صلى الله عليه وسلم-: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
ثالثًا من فضل السجود : يرفع الله به الدرجات، ويحط به السيئات: لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم-: «ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه سيئة»، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن عبد يسجد لله سجدةً إلا كَتَب الله له بها حسنة، وحطَّ عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة؛ فاستكثِروا من السجود» (أخرجه ابن ماجه).
رابعًا من فضل السجود : إذا سجد بن آدم اعتزل الشيطان يبكي، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا قرأ بن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت أنا بالسجود فعصيت فلي النار».
خامسًا من فضل السجود : أقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد: لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: «إن أقرب ما يكون العبد من الله تعالى أن يكون ساجدًا»، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «أقرب ما يكون العبد إلى الله عز وجل إذا سجد فأكثروا الدعاء عند ذلك».
سادسًا من فضل السجود : من علامات المؤمنين يوم اليامة وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة قالوا: وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق، قال: أرأيت لو دخلت صبرة فيها خيل دهم بهم وفيها فرس أغر محجل أما كنت تعرفه فيها؟ قال: بلى، قال: «فإن أمتي يومئذ غر من السجود محجلون من الوضوء».
سابعًا من فضل السجود : إنَّ مَن سَجَدَ لله عز وجل، فلن تأكل النار أَثَرَ سجودِه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «تأكل النار من ابن آدم إلا أَثَر السجود؛ حرَّم الله على النار أن تأكل أَثَر السجود»؛ (متفق عليه).
ثامنًا من فضل السجود : إنَّ العبد أقرب ما يكون مِن ربِّه وهو ساجد؛ قال الله عز وجل: «فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ» (العلق: 17 - 19)، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أقربُ ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد؛ فأكثِروا فيه الدعاء»، (أخرجه مسلم).
تاسعًا من فضل السجود: إنَّ السجود موضعُ استجابةٍ للدعاء؛ عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأمَّا الركوع، فعظِّموا فيه الرب، وأمَّا السجود، فاجتهِدوا في الدعاء؛ فقَمِنٌ أن يستجاب لكم)» (أخرجه مسلم).
عاشرًا من فضل السجود: إنَّ السجود من أسباب رحمة الله لعبده؛ قال الله جل جلاله: «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا» (الفرقان: 60)، وذكر العلماء أن السجود من أسباب الرحمة؛ ولهذا قال: «اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ» (الفرقان: 60) سواء السجود العام أو السجود الخاص، فإنه من أسباب الرحمة، ولهذا لم يقل: اسجدوا لله، بل قال: «اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ» (الفرقان: 60)، يعني: لتصلوا إلى رحمة هذا المسجود له.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السجود رسول الله صلى الله علیه وسلم النبی صلى الله علیه وسلم ه صلى الله علیه وسلم ی صلى الله علیه وسلم البحوث الإسلامیة الأعمال إلى الله رضی الله عنه قال لجنة الفتوى الجبهة على ول الله ص على سبعة السجود م ى الله ع المصل ی من الس إلى أن
إقرأ أيضاً:
شروط صلاة الجنازة على الميت الغائب
قالت دار الإفتاء المصرية إن صلاة الجنازة من فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء؛ وقد رَغَّب الشرع الشريف فيها، وندب اتباع الجنازة حتى تدفن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّي، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» متفق عليه. وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيه».
بيان شروط صلاة الجنازة على الغائب
وأضافت الإفتاء أن فقهاء الشافعية، والحنابلة ذهبوا في المعتمد، وهو المختار للفتوى جواز الصلاة على الميت الغائب؛ يقول الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 130، ط. المكتب الإسلامي): [تجوز الصلاة على الغائب بالنية، وإن كان في غير جهة القبلة، والمصلي يستقبل القبلة، وسواء كان بينهما مسافة القصر، أم لا] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 121، ط. دار الكتب العلمية): [(ويُصَلِّي إمام) أعظم (وغيره على غائب عن البلد ولو كان دون مسافة قصر أو) كان (في غير جهة القبلة) أي قبلة المصلي (بالنية إلى شهر) كالصلاة على القبر لكن يكون الشهر هنا من موته] اهـ.
وقد اشترط الشافعيةُ والحنابلةُ لجواز الصلاة على الميت الغائب شرطين:
أولهما: أَنْ تَبْعُد بلد المُتَوفَّى عن بلد الصلاة عليه، ولو كانت المسافة بين البلدين دون مسافة القصر، فإن كان المصلون والمُتَوفَّى في بلدٍ واحد؛ فلا تجوز الصلاة إلَّا بحضور المُتَوفَّى والمصلون في مكان واحدٍ ولو كَبُرت البلد، إلا إذا تَعذَّر حضور المصلين لمكان الصلاة على الميت؛ وذلك كما هو حاصلٌ في وقتنا هذا من تَعذُّر حضور بعض المصلين للصلاة على الجنازة لا سيما في أوقات حظر حركة التَّنَقُّل، ولا يشترط في جواز الصلاة على الميت الغائب عندهم أن يكون الميت في ناحية القِبْلة التي يُصَلِّي إليها المُصَلِّي.
والثاني: اعتبار الوقت، فالشافعية لا يقيِّدون صحة الصلاة على الميت الغائب بوقتٍ مُعيَّن، بل تصح عندهم الصلاة على الميت الغائب ولو بَعُدَ تاريخ وفاته، بنيما قيَّد الحنابلة الوقت بشهرٍ مِن حين وفاته؛ وعلَّلوا بأنَّه لا يعلم بقاء الميت من غير تلاش أكثر من ذلك. انظر: "تحفة المحتاج" لشيخ الإسلام ابن حجر (3/ 149، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"شرح المنهج" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (2/ 277، ط. دار الفكر)، و"شرح المنتهى" للعلامة البهوتي (1/ 363، ط. عالم الكتب).
وقد زاد الشافعية وحدهم شرطًا آخر، وهو تقييد صحة الصلاة على الميت الغائب بمَنْ كان مِن أهل فرضها وقت الموت، بأن كان مُكَلَّفًا؛ لأنه يؤدِّي فرضًا خوطب به، بخلاف مَن لم يكن كذلك. انظر: "تحفة المحتاج" (3/ 149).
واستدلال الشافعية والحنابلة حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النجاشي مَلَكِ الحبشة؛ فقد روى البخاري ومسلم بسندهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث.
وروى البخاري ومسلم أيضًا بسندهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم النجاشي ثُمَّ تَقدَّم، فصفوا خلفه، فكَبَّر أربعًا.
قال الشمس الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 485-486، ط. دار الفكر): [(ويصلى على الغائب عن البلد) ولو في مسافةٍ قريبةٍ دون مسافة القصر وفي غير جهة القبلة والمصلي مستقبلها؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة. رواه الشيخان، وذلك في رجب سنة تسع] اهـ.