حذر دبلوماسي واتفاقيات دفاعية.. هل تحل تركيا محل فرنسا في غرب أفريقيا الفرنكوفونية؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
سلط الباحث في شؤون الشرق الأوسط، محمد أوزكان، الضوء على تمدد النفوذ التركي في غرب أفريقيا الفرنكوفونية على حساب فرنسا، مشيرا إلى الانقلابات العسكرية الأخيرة في مالي في أغسطس/آب 2020 ومايو/أيار 2021، وغينيا في سبتمبر/أيلول 2021، وبوركينا فاسو في يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2022، والنيجر في يوليو/تموز 2023.
وذكر أوزكان، في تحليل نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن نفوذ تركيا بغرب أفريقيا تصاعد في العقد الماضي، بدءاً من العلاقات التجارية إلى العلاقات السياسية، ومن التعاون في مجال صناعة الدفاع إلى التعليم والتنمية، ما جعل أنقرة صديقاً حاسماً لأفريقيا الناطقة بالفرنسية.
ويرفض أوزكان الزعم بأن الانقلابات العسكرية هي المسؤولة عن انحدار قوة فرنسا، موضحا أن النفوذ الفرنسي ينحسر في المنطقة منذ فترة طويلة، حتى قبل استيلاء العسكريين على السلطة.
وأضاف أن المشاعر المعادية لفرنسا هي مجرد وسيلة أخرى يستخدمها الانقلابيون لكسب الدعم الشعبي والشرعية، ويمكن أن تساعد في كسب الرأي العام العالمي، من خلال إعطاء الانطباع بأن هذه الدول تستعيد استقلالها عن باريس.
كما أن المشاعر المعادية لفرنسا تمثل واحدة من أهم مجالات الاتفاق بين جميع الفئات الاجتماعية الإقليمية، رغم أن حجمها وشدتها يختلفان من بلد إلى آخر، ومن خلال الاستفادة منها، يضع قادة الانقلابات أنفسهم في مخيلة الجمهور باعتبارهم معبرين عن آمالهم.
حذر دبلوماسي
ويلفت أوزكان إلى أن فرنك الاتحاد المالي الأفريقي، المدعوم من فرنسا والمرتبط باليورو، هو العملة الرسمية لـ 14 دولة أفريقية، بينها: النيجر ومالي والجابون وبوركينا فاسو، وتطالب باريس هذه الدول بالاحتفاظ بنصف احتياطياتها من النقد الأجنبي في الخزانة الفرنسية، مؤكدا أن هذه الرابطة المالية، التي لن تنتهي ببساطة، تسمح لباريس بمواصلة ممارسة نفوذها على الشؤون الاقتصادية والسياسية لبلدان الفرنك الأفريقي.
ونوه أوزكان إلى أن الانتخابات التركية فتحت، في مايو/أيار الماضي، فصلاً جديداً في السياسة الخارجية التركية مع الدول الغربية، حيث يبدو أن الرئيس، رجب طيب أردوغان، لم يعد مهتماً بإغضاب الغرب، بما في ذلك فرنسا، وبالتالي ظلت تركيا بعيدة عن الأضواء نسبيًا عندما يتعلق الأمر بالانقلابات العسكرية في غرب إفريقيا.
ويلعب أردوغان دور الدبلوماسي الحذر، رغم تحذيره من "التدخل العسكري في النيجر" لاحتمال أن يؤدي إلى "عدم الاستقرار في المنطقة" وطالب بالعودة إلى "النظام الدستوري والإدارة الديمقراطية" في المنطقة.
اقرأ أيضاً
انقلابات أفريقيا.. نفوذ فرنسا يترنح وتركيا تستعد لاستغلال الفرصة
ومنذ أن أصبح هاكان فيدان وزيراً للخارجية التركية، يبدو أن أنقرة تولي المزيد من الاهتمام لجيرانها المباشرين، خاصة سوريا والعراق، والتهديدات الأمنية الكبيرة النابعة من تلك الحدود.
وأثبتت الرحلات والاجتماعات الخارجية المختلفة، التي أجراها فيدان خلال الأشهر الثلاثة الماضية مع مسؤولين من العراق وإيران وأوكرانيا واليونان وبلغاريا وأذربيجان، ذلك بشكل واضح.
وفي حين أن لذلك لا يعني ضمناً أن تركيا تفقد اهتمامها بالمناطق البعيدة، فإن حقيقة أنها لم تظهر اهتماماً كبيراً بالبلدان الأفريقية، في قمة بريكس التي انعقدت الشهر الماضي في جوهانسبرج، لها دلالة واضحة، بحسب أوزكان.
أولوية إقليمية
فالسياسة الخارجية التركية تعطي الأولوية للقضايا الإقليمية الملحة، بما في ذلك الإرهاب وأمن الحدود والحرب في أوكرانيا لإبراز صورة أكثر استقرارًا وتأثيرًا في سياسة عالمية متغيرة ومضطربة.
وفي العقد الماضي، أصبحت علاقات تركيا مع غرب أفريقيا متعددة الأوجه والطبقات، خاصة على الصعيد الاقتصادي والعسكري والسياسي، كما أن لها مستويات مختلفة من التعاون العسكري مع عدد من دول غرب أفريقيا، بما في ذلك تعليم وتدريب العسكريين.
ولمعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية للتطرف العنيف في غرب أفريقيا، تدير وكالة التعاون والتنسيق التركية مشاريع في عدد من البلدان، بما في ذلك السنغال وتشاد والنيجر وتوغو، ولديها 22 مكتب تنسيق منتشرة في جميع أنحاء القارة.
وتعتبر تركيا جهة فاعلة ذات أهمية متزايدة في تزويد غرب إفريقيا بالمعدات الدفاعية، ووقعت اتفاقيات إطارية عسكرية تغطي التدريب والتعاون الفني والعلمي مع أكثر من 30 دولة أفريقية، بما في ذلك دول منطقة الساحل، لكنها لا تحل بالضرورة محل موردي الأسلحة الحاليين، بل تخلق لنفسها مساحات جديدة.
وهنا يشير أوزكان إلى أن صراع أنقرة مع وجود حركة جولن في دول أفريقيا على دعم متزايد، منذ الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا عام 2016، وكان إغلاق المدارس التابعة للحركة من أبرز القضايا التي أثارها أردوغان في اجتماعاته مع الزعماء الأفارقة منذ عام 2016.
وتتمتع حركة جولن بقاعدة قوية في أفريقيا الفرنكوفونية، ولكن منذ الانقلاب الفاشل عام 2016، تم إغلاق مدارسها أو تسليمها إلى مؤسسة المعارف التركية، وهي مؤسسة حكومية تدير المدارس نيابة عن تركيا في الخارج.
وتدير المؤسسة الآن مدارس في 26 دولة عبر أفريقيا، بما في ذلك النيجر وتشاد والجابون والكاميرون ومالي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج وغينيا.
ويلفت أوزكان أن دعم هذه الدول لأنقرة خلال انقلاب عام 2016، بينما اتبعت العديد من الدول الغربية والدول الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية نهج الانتظار والترقب، يعني أن أفريقيا الناطقة بالفرنسية يُنظر إليها على أنها حليف مخلص في نظر دوائر الأمن والسياسة الخارجية التركية.
ويخلص الباحث في شؤون الشرق الأوسط إلى أن قادة الانقلابات الأفريقية قد يتبنون الخطاب المناهض للإمبريالية لكسب الدعم، لكن لا تركيا، ولا أي دولة أخرى، قادرة حتى الآن على القيام بدور فرنسا في المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تبد تركيا أي اهتمام بالقيام بمثل هذا الدور، وبدلاً من ذلك، تفضل أنقرة تعميق علاقاتها مع دول غرب إفريقيا بطريقة منخفضة المستوى، دون التورط في السياسة الداخلية لدول الانقلابات.
اقرأ أيضاً
تركيا تستدعي سفير باريس احتجاجا على الدعاية السوداء ضدها في فرنسا
المصدر | محمد أوزكان/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا فرنسا أفريقيا الفرانكفونية غرب أفریقیا فی المنطقة بما فی ذلک إلى أن عام 2016 فی غرب
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي روسي: يجب اعتبار أي محادثات مع أوكرانيا كمرحلة نهائية للعملية الخاصة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال سفير المهام الخاصة بوزارة الخارجية الروسية، ومساعد وزير الخارجية الروسي روديون ميروشنيك، الأربعاء، إن المفاوضات المحتملة مع أوكرانيا يجب أن تُعتبر المرحلة النهائية للعملية الخاصة التي ينفذها الجيش الروسي.
وقال ميروشنيك "يجب النظر إلى المفاوضات باعتبارها المرحلة النهائية للعملية الخاصة لتلبية جميع المهام التي حددها الرئيس الروسي. ولا يمكننا أن نسمح بتمرير هذه الحرب كإرث لأطفالنا. لهذا السبب، لا ينبغي أن يكون هناك تجميد للصراع، والذي لا يمكن اعتباره إلا هدوءًا مؤقتا قبل تصعيد جديد على مستوى جديد أكثر دموية"، وفقا لوكالة أنباء تاس الروسية.
وأضاف ميروشنيك أنه "على يقين من أن القرارات السياسية والقانونية التي تحدث عنها الرئيس الروسي في وقت سابق "في حال دخولها مسار المفاوضات، يجب أن تكون منهجية، وتضمن السلام الدائم، وأن تكون خالية من الثغرات القانونية، مع تسلسل واضح للإجراءات لتنفيذها، ومسئولية صارمة عن الفشل في الوفاء بتلك الالتزامات".
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أنه "من خلال توقيع بعض الوثائق مع أوكرانيا، لن يكون من الممكن إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقات التي تم التوصل إليها إلا كجزء من الصفقة مع اللاعبين الجيوسياسيين الرئيسيين".