(مقالات معطلة)
تعطلت مقالاتي في الأسابيع الماضية لأسباب كثيرة؛ أقلها شخصي وأكثرها سياسي، فالظروف الصحية (وبالتالي الذهنية) مقدور عليها، فكم كتبنا ونحن نعاني، وسنظل نكتب برغم كل معاناة، لكن الظرف العام الذي نعيشه في مصر محزن ومهلك للمشاعر وللضمائر وللعقول أيضا، فتصور أننا دولة بعد 21 قرنا من ميلاد المسيح تصورٌ افتراضي لا يقترب من حقيقة المعيشة التي يعيشها في مصر أي مواطن يحمل فوق كتفيه رأسا ويلتمس بعضا من (وليس كل) الكرامة.
الدولة في مصر بكل أطيافها ومؤسساتها أقل احتراما ومواثيق من أي طور قَبَلي أو إدارة ريفية في قرية نائية، دولة تتحدث في كل شيء بمنطق "اللغة الخشبية" التي هجاها "أورويل" في مقال جريء وهجومي، وبديهي أن تتأثر المقالات السياسية بحالة الكلام الدائر لدى النخب ولدى الناس في الشارع، وبديهي أيضا أن تتخذ الكتابة هدفا أو جمهورا تخاطبه وتؤثر فيه، وبديهي أن يقيس الكاتب حالة التلقي، ومدى تأثير كتاباته في جمهورها المفترض.. لكن هذه البديهيات غائبة تماما، وتجعل من الكتابة السياسية (في مصر تحديدا) خالية من أي هدف وأي تأثير، يعني "كلام فارغ" حسب التعبير الشعبي المصري الثاقب..
ربما كان لهذا المناخ العام التأثير الأكبر في تعطلي عن الكتابة، فأنا لم أتعود المشاركة في السرادقات التي ينصبها النظام كلما رغب في "جمع النقطة" من المعازيم، وهذا العزوف عن المشاركة "وضع الماء في فمي"، وهي حالة مزعجة لتكويني النفسي فلا أستطيع الصبر عليها، وسريعا ما أبصق الماء في وجوه المنافقين وأنطلق في الكلام المضاد..
لكن يعاودني السؤال:
هل يفيد الكلام؟
وهل يعقل العجول؟
(لا تلقي الجواهر أمام الخنازير)
كتبت في الأسابيع الماضية أجزاء من مقالات لم أستكملها لشعوري بأنها أخطر من أن تنشر في "سوق الخبل المنصوب"، منها مقال بعنوان "ما لكَ وأولادنا أيها المالتوسي؟"؛ أناقش فيه تصريحات السيسي خلال ما سمي "المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة والتنمية" الذي أقيم قبل أسبوعين برعاية الحاكم الكاره للسكان وللصحة وللتنمية، ومنها مقال عن الهدم العشوائي الذي يقترفه "مقاول الهدد" بزعم سعيه للبناء والتطوير، ومنها مقال عن خلفيات الانضمام لـ"بريكس"، والذي يذكرني بإجابة التلاميذ الظرفاء على سؤال: بتعملوا إيه في المدرسة يا حبيبي؟
بالنسبة للناس في بلادي، فهم يعرفون أكثر بكثير مما نكتب عنه، فسوء الأحوال المعيشية بلغ درجة يصعب وصف مرارتها بأي كلام، ومن هذه الأزمة يفرض الصمت حضوره
فيقولون: بنلعب مع أصحابنا وناكل الساندويتشات، فالنظام الذي لا يملك ما يصدره وينتفع به انتفاعا إيجابيا، ينظر للانضمام باعتباره فرصة سانحة للاقتراض، فدخول مطعم أو نادٍ والتعرف على بعض الأثرياء يعتبر "إنجازا" عند أصحاب العقول والجيوب المفلسة، لأنه يدعم سياسة "سلّفني وخد الساعة رهن"..
لم تكتمل هذه المقالات وغيرها، ربما لأنني وصلت لحالة اليأس القاطع من الإصلاح السياسي عن طريق النقد، أو النقاش، أو تحليل الخطاب، أو إظهار العيوب والأخطاء لنظام أحمق لا يعترف إلا بما يقوله ويفعله هو، فمن الصعوبة على عاقل أن يضع نفسه في موضع حوار مع أحمق يتذاكى.
وبالنسبة للناس في بلادي، فهم يعرفون أكثر بكثير مما نكتب عنه، فسوء الأحوال المعيشية بلغ درجة يصعب وصف مرارتها بأي كلام، ومن هذه الأزمة يفرض الصمت حضوره.
(عن ماذا أكتب إذن؟)
توقفت برهة أمام عنوان هذه الفقرة، وسألت نفسي: أكتبها "إذن" أم "إذاً"؟ وسخرت بمرارة من هذا التدقيق مستدعياً قولا شهيرا يتداوله الظرفاء على مواقع التواصل وفي البيوت للفيلسوفة يسرا تقول فيه "يا اختي كده ينفع، وكده ينفع"..
وبينما أنا مستغرق في التفكير المعطل على طريقة "حمار بوريدان" طرأ على ذهني تعبير "العِجْل هدّ المصطبة"، وتصورت في أول الأمر أنه مثل شعبي، ثم تذكرت أنه مقطع من أغنية ريفية شهيرة في حفلات الزواج تقول كلماتها: "العجل هدّ المصطبة/ يا مْنجِّد عللّي المرتبة/ عروستنا حلوة مؤدبة/ واعمل حساب الشقلبة"..
انتبهت أن الأغنية عبرت سريعا على "جريمة العِجل" ووجهت رسالتها للمنجّد لتؤكد عليه تعلية المرتبة تحسبا لمخاطر الشقلبة.
لكن لماذا سيطر العِجْل على تفكيري؟
قلت بما يناسب الحالة العبثية التي تحاصرني: ولماذا لا أكتب عن هذه القضية المهمة؟.. لماذا لا أكتب عن العِجْل وما فعله بالمصطبة؟
(كده ينفع وكده ينفع!)
أتأخر في إصدار أحكامي لأسباب ترتبط بالتدقيق والإتقان والتيقن (ثلاثة تاءات)، وبالمرة حتى لا أسقط ضحية لأبواق الجماعة الإرهابية، ثم يخرج المصدر الأمني لينفي كل ما تحمست من أجله ضد النظام البريء، ولذلك لم أنجرف في أحاديث الناس الطيبين على مواقع التواصل بخصوص هدم الآثار والمقابر التاريخية، لكن فجأة وجدت أمامي نص استقالة مهندس مسؤول يحتج على طريقة التعامل التي تتم في منطقة المقابر التاريخية في صحراء المماليك شرق القاهرة، مؤكدا بأن هناك "إهدارا وصل لتحطيم أماكن لها قيمة تاريخية".
أستاذ الهندسة المحتج "أيمن ونس"، كان يتولى رئاسة لجنة الطراز المعماري في شرق القاهرة، ويتحدث من واقع تخصصه الهندسي ومن منطلق مسؤوليته عن الثروة المعمارية في المنطقة محل الهدم..
إحساس جميل أن تشعر بشجاعة مسؤول مصري يحترم تخصصه ويراعي ضميره العلمي والوطني، فيكشف لنا حقيقة ما يحدث من تخريب تحت مسمى التطوير، لذلك ينبغي أن نناقش القضية كجريمة (بحكم قوانين حماية الآثار والطرز المعمارية)، فهي منسوبة لجهة اختصاص وليس لشائعات تستهدف البلبلة وتطعن في الإنجازات العظيمة للجمهورية الجديدة، وكنت أبتسم وأنا أفكر في ورطة المصدر الأمني المتخصص في النفي، فالكلام هذه المرة من المشرف على المصطبة بذات نفسه!
المخيب للابتسام أنني قرأت النفي سريعا، ولكن على لسان المشرف نفسه، فقد حذف الاستقاله من حسابه وكتب مؤيدا لجهود الدولة ومؤكدا عودته لرئاسة لجنة "الهدر الحتمي"، وقال الدكتور ونس: لاحظت إساءة استخدام استقالتي للهجوم على جهود الدولة المستمرة في التطوير وتحسين البيئة العمرانية وحياة المواطنين (بالمرة)، وقال إنه يثمن جهود الدولة ويعلم قيمتها جيدا، من خلال عمله كرئيس لإحدى اللجان الدائمة لحصر المباني التراثية، وكدت أسمع الكمنجات تعزف: ضحيت هنايا فداه.. اشهد عليه يا ليل.
وقلت: حتى أنت يا ونس؟
سألتني شيطانتي: ونس أم ولس؟
قال قريني المستظرف: يا أختي كده ينفع وكده ينفع.
(أين العِجْل؟)
عادت شيطانتي لدأبها الشرير فقالت هازئة:
كتبت عن حمار بوريدان والمنجِّد والمرتبة ويسرا وأستاذ التصميم المعماري وبروتس.. ثم فعلت ما فعلته الأغنية الريفية ولم تخبرنا عن العِجْل وما فعل.
قلت: سأكتب، سأكتب بكل تأكيد.. أعرف أن الناس يرددون النصيحة التي تربى عليها عمرو أديب: إن دخلت بلد تعبد العِجْل حِشّ واديلو، لكنني لم أحش يوما لأي عجل ولا أنوي علف العجول.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الكتابة الآثار مصر آثار السياسة سخرية الكتابة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الع ج ل فی مصر
إقرأ أيضاً:
ما الذي يجعل Huawei Y6p خيارًا ميسور التكلفة؟
لقد اكتسبت هواوي سمعة في إنتاج الهواتف الذكية الميسورة التكلفة التي لا تتنازل عن الجودة، وهاتف Huawei Y6p ليس استثناءً. تم إطلاقه في عام 2020، ولا يزال هذا الهاتف خيارًا قويًا للمستخدمين ذوي الميزانية المحدودة في عام 2024. مع شاشته الكبيرة، ونظام كاميرا لائق، وعمر البطارية الممتاز، يغطي هاتف Y6p جميع الأساسيات ويقدم ميزات إضافية تجعل منه خيارًا متميزًا في سوق الهواتف الاقتصادية. يتناول هذا الاستعراض كل جانب من جوانب هاتف Y6p ليشرح لماذا لا يزال خيارًا قابلاً للاستخدام لأولئك الذين يبحثون عن هاتف ذكي موثوق بسعر معقول.
ما هي أبرز ميزات Huawei Y6p؟العرض والتصميميتميز Huawei Y6p بشاشة IPS LCD بحجم 6.3 بوصة ودقة 720 × 1600 بكسل، مما يوفر تجربة مشاهدة جيدة في فئته السعرية. توفر نسبة العرض إلى الارتفاع 20:9 وكثافة 278 بكسل لكل بوصة ألوانًا زاهية وصورًا واضحة، مما يجعلها مثالية للاستخدام اليومي. جسم الهاتف مصنوع من إطار جانبي وخلفي بلاستيكي مع واجهة زجاجية في الأمام، مما يعطي تصميمًا قويًا وخفيف الوزن في الوقت نفسه. يتوفر الهاتف بألوان الأسود، والأخضر، والبنفسجي، ويعزز جماله تصميمه النحيف والبسيط، مما يجعله خيارًا جذابًا للمتسوقين ذوي الميزانية المحدودة.
أداء الكاميرايتميز Huawei Y6p بنظام كاميرا ثلاثي العدسات يشمل كاميرا رئيسية بدقة 13 ميجابكسل، وعدسة واسعة جدًا بدقة 5 ميجابكسل، ومستشعر عمق بدقة 2 ميجابكسل. يتيح هذا الإعداد خيارات تصوير متعددة، من اللقطات الواسعة إلى اللقطات المقربة الأكثر تفصيلًا. يدعم النظام ميزات مثل HDR وPanorama، مما يضمن أن المستخدمين يمكنهم التقاط صور عالية الجودة في مختلف الإعدادات. كما يوفر الهاتف كاميرا أمامية بدقة 8 ميجابكسل مع فتحة f/2.0، وهي مناسبة لصور السيلفي ومكالمات الفيديو. على الرغم من أن أداء الكاميرا قد لا ينافس الهواتف الذكية عالية الجودة، فإنه يوفر إمكانيات ممتازة بالنسبة لسعره.
عمر البطارية والشحنإحدى الميزات البارزة في Huawei Y6p هي بطاريته الكبيرة بسعة 5000 مللي أمبير في الساعة. تضمن هذه البطارية ذات السعة العالية أن يتمكن المستخدمون من إتمام يومهم دون القلق بشأن الشحن المستمر. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الهاتف لا يدعم الشحن السريع، مما يعني أنه يستغرق وقتًا أطول للوصول إلى شحن كامل مقارنة ببعض الأجهزة الأخرى في السوق.
كيف يعمل Huawei Y6p في الاستخدام اليومي؟أداء المعالج والذاكرة العشوائيةيعمل هاتف Huawei Y6p بمعالج MediaTek Helio P22 ثماني النواة وذاكرة RAM بسعة 3 جيجابايت، مما يوفر أداءً مرضيًا للمهام اليومية. تضمن عملية التصنيع التي تعتمد على تقنية 12 نانومتر استهلاكًا فعالًا للطاقة، بينما يتولى معالج الرسوميات PowerVR GE8320 معالجة الألعاب والمهام الوسائطية الأساسية بكل سهولة. يسمح هذا المزيج من الأجهزة للهاتف بالعمل بسلاسة للأنشطة اليومية مثل تصفح الإنترنت، ومشاهدة مقاطع الفيديو، واستخدام تطبيقات الوسائط الاجتماعية، مما يجعله خيارًا موثوقًا للمستخدمين الذين يحتاجون إلى هاتف ذكي يعتمد عليه للاستخدام اليومي.
تجربة المستخدم مع EMUI 10.1يعمل Huawei Y6p بنظام EMUI 10.1 القائم على Android 10، ويوفر واجهة مستخدم سهلة الاستخدام مع العديد من خيارات التخصيص. يوفر متجر تطبيقات هواوي AppGallery الوصول إلى العديد من التطبيقات، مما يضمن أن يتمكن المستخدمون من العثور على بدائل لمعظم التطبيقات الشهيرة. يشمل EMUI 10.1 ميزات مثل الوضع المظلم على مستوى النظام، وتحسين إدارة الملفات، وإعدادات الأمان المعززة، مما يجعلها واجهة شاملة وموجهة للمستخدم. يمكن للمستخدمين الاستمتاع بتجربة سلسة وبديهية أثناء التنقل بين برامج الهاتف، مع تحديثات منتظمة تضمن تحسينات في الأداء المستمر.
التحديثات البرمجية والنظامعلى الرغم من إطلاقه في عام 2020، لا يزال Huawei Y6p يتلقى التحديثات البرمجية التي تعزز من وظائفه وأمانه. تلتزم هواوي بتوفير الدعم المستمر لأجهزتها، مما يضمن للمستخدمين الاستفادة من أحدث الميزات والتحسينات. يضمن التركيز على التحديثات البرمجية أن يظل Y6p جهازًا ذا صلة وآمنًا، على الرغم من سعره الميسور. هذه العناية في الحفاظ على جودة البرمجيات تضمن للمستخدمين الاعتماد على Huawei Y6p لفترة أطول دون الحاجة إلى الترقية بشكل متكرر.
هل يُعد Huawei Y6p قيمة جيدة مقابل المال؟المتانة طويلة الأمد والقيمةيقدم Huawei Y6p قيمة ممتازة على المدى الطويل بفضل بنائه المتين وأدائه الموثوق. يضمن الإطار الخلفي البلاستيكي مع الواجهة الزجاجية الأمامية أن يتحمل الهاتف الاستخدام اليومي. علاوة على ذلك، يجعل عمر البطارية الكبير والتحديثات البرمجية المستمرة منه خيارًا عمليًا للمستخدمين الذين يتطلعون للاستثمار في جهاز يدوم لفترة طويلة. على الرغم من سعره الميسور، لا يتنازل Y6p عن الميزات الأساسية، مما يوفر تجربة هاتف ذكي متكاملة تلبي مجموعة واسعة من الاحتياجات.
الفوائد للمستخدمين ذوي الميزانية المحدودةبالنسبة للمستخدمين المهتمين بالميزانية، يقدم Huawei Y6p العديد من الفوائد.إن مزيجه من شاشة كبيرة ونظام كاميرا متعدد الاستخدامات وعمر بطارية ممتد يجعله خيارًا عمليًا للاستخدام اليومي. يقابل غياب الشحن السريع سعة بطارية الهاتف المثيرة للإعجاب، مما يضمن بقاء المستخدمين على اتصال طوال اليوم. علاوة على ذلك، فإن تضمين دعم بطاقة SIM المزدوجة وفتحة بطاقة microSD يضيف إلى تعدد استخدامات الهاتف، مما يجعله خيارًا ممتازًا للمستخدمين الذين يحتاجون إلى مساحة تخزين إضافية أو يرغبون في إدارة أرقام هواتف متعددة.
الخلاصةيُعد Huawei Y6p هاتفًا ذكيًا ميسور التكلفة يقدم مزيجًا جذابًا من الميزات والأداء والقيمة. تجعل شاشته الكبيرة، ونظام الكاميرا الجيد، وعمر البطارية الممتاز منه مناسبًا لمجموعة واسعة من المستخدمين، بينما تضمن التحديثات البرمجية المستمرة أنه يظل خيارًا ذا صلة في عام 2024. على الرغم من بعض القيود، مثل غياب الشحن السريع وعدم دعم خدمات جوجل، فإن Huawei Y6p يوفر قيمة ممتازة مقابل سعره، مما يجعله استثمارًا ذكيًا لأولئك الذين يبحثون عن هاتف ذكي موثوق وبأسعار معقولة.