العنوان جزء من قصيدة الشاعر بابلو نيرودا، لكنى أستعيرها لأتكلم عن حرب السودان وكيف عرقلت علاج شاعر ثورة أكتوبر هاشم صديق، حتى أن علاجه تأخر أيامًا لكى يتاح لأهله الانتقال به من منزله فى حى بانت بمدينة ام درمان، إلى أقرب مستشفى أو مركز طبى لسرعة إنقاذه.
هاشم صديق واحد من أبرز أدباء السودان، يتميز بتعدد مواهبه، فهو مؤلف مسرحى واشتهر بمقالاته النقدية وأعماله الإذاعية الساخرة، إلى جانب تألقه فى كتابة الدراما التليفزيونية وكتاباته الصحفية اليومية.
ومن أهم أعماله أوبريت (قصة ثورة) وهو أول وأكبر عمل غنائى استعراضى فى السودان كتب بمناسبة ثورة أكتوبر ١٩٦٤، وصدر لهاشم صديق ١٢ ديوانا شعريا وله أيضا ١٥ مجموعة شعرية لم تنشر.
كان آخر محاولات خروج هاشم صديق من منزله وقت حصار الحرب الذى استمر شهرًا كاملًا من الاشتباكات الدامية بين الأطراف المتصارعة، التف حوله عشرات من الأصدقاء لمحاولة الوصول إلى حل سريع لتبادل أدوية أو محاولة دخول أطباء لسرعة نجدته، إلا أن الجميع أكدوا حاجته لمستشفى، وبعد أكثر من محاولة فاشلة نجحوا فى نقله فوق عربة متواضعة هى عربة نقل البضائع!
ليست أزمة هاشم صديق الأولى، بل إن السودان ودع خمسة عشر شاعرا ومبدعا بسبب الحرب الدائرة هناك، سواء بسبب سقوط قذائف فى منازلهم أو أماكن أعمالهم، من بينهم الشاعر والملحن عمر الشاعر الذى عرف بعبقرى اللحن والموسيقا، والفنانة السودانية شادن حسين سقطت قذيفة على منزلها أدت إلى مقتلها وقبلها الشاعر الصادق إلياس قتل فى إحدى ضواحى شرق الخرطوم، ورحل أيضا الشاعر عبدالعزيز جمال الدين بعد أن دخل فى غيبوبة حزنًا على استشهاد شقيقه فى الحرب، وقتلت أيضًا الشاعرة الفنانة آسيا عبدالواجد أرملة الشاعر الكبير محمد الفيتورى بعد أن أصيبت بشظية، والمؤسف أن تعذر دفنها فى أى مقبرة سواء مقابر الأسرة أو المقابر العامة بسبب القذائف المستمرة، وتم دفنها داخل مبنى مؤسسة تعليمية!
ومن بين الراحلين عازف الفلوت حافظ عبدالرحمن وكانت الصحافة الأوروبية تعتبره واحدًا من أبرز مواهب أفريقيا الموسيقية.
وسقط الموسيقى خالد سنهورى وتم دفنه أمام منزله.
الحرب المستمرة فى السودان حصدت مئات من الشعب وكثيرًا من المبدعين فى مجالات مختلفة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاريزما حرب السودان مستشفي مركز طبي السودان درمان هاشم صدیق
إقرأ أيضاً:
الثامن من مارس: والجالسات على أرصفة العدالة في السودان
تحُدر الثامن من مارس- يوم المرأة العالمي- في الزمان و لم يفرغ علينا من رضابه..في زمن الحرب في السودان.تحول الناس الى أرقام حسب مرات النزوح و قبلته و حسب موقعهم من مقاييس الجوع التي تحددها المنظات الدولية قبل أن تعلن المجاعة و تناشد الشعوب علها تنقذ البلاد.و العباد..على أن الحرب قد شنت على اجساد النساء منذ اول يوم اندلاعها في العاصمة الخرطوم و على ذلك و ثقت أضابير مجلس الامن الدولي... في الأثناء، ما يزال السياسيون السودانيون يحاولون عقلنة موا قفهم تجاه الحرب بعضهم آثر الرجوع الى المدرسة الدينتولوجيكالية و بعضهم اعتمد على المدرسة التيليولوجيكالية "حتى يظهر كل طرف تفوقه الاخلاقي" كما ذكر د. بكري الجاك في مقاله "المأزق الاخلاقي الماحق في حروب السودان".
هل تمكن العسكريون من إيجاد الصيغة المثلى لتكتيكاتهم في استئصال شأفة الآخر؟ ربما فشلت "الالياذه" و استراتيجيات الحروب البيزنطية في تحقيق النصر الكاسح و استئصال (العدو) ..لكن البطولة و الخلود تاتي عبر السلام و إحياء الانفس و الحفاظ على وحدة البلاد..بيدهم.. لا بيد عمرو لو كانوا يعلمون!
في يوم المرأة العالم تتذكر شعوب الأرض الأعلام من النساء و كفاحهن و لعل من أروع ما خلد من أعمال عن مآسي الحروب وويلاتها ما كتبته نساء من روايات مثل "كوخ العم التوم" لهاريت بتشر ستو كما كتبت بيتى سميث و غيرهن.فابدعن..وفي السودان سيذكر التاريخ أبطالاً لنا..ست النفور و رفيقاتها..و رفاقها " آباؤهم نحن...اخوانهم نحن..اخواتهم نحن.. و نحن امهات الشهداء" ...و تستمر سير الكفاح ف ليس "كل شئ هادئ على الضفة الغربية".
و بعيداً عن المدارس الفلسفية لتبرير الحرب، تحولت النساء الى ارقام و حيوات مختفية قسرياً في احصائيات الحروب في السودان..و هي حروب لم تبدأ في ابريل 2023 م كما نعلم، و لا زالت النساء يعانين جراءها ... داخل البلاد في اماكن النزوح و في مضارب خارج البلاد منذ بداية الالفية..في دارفور وفي المناطق الثلاث ( جبال النوبة و النيل الأزرق و منطقة ابيي) حسب توصيف "اتفاقية نيفاشا" التي ظلت شاهداً على كيف تؤدي اتفاقيات السلام الى وأد السياسة في بلاد السودان.
من اماكن الايواء و الغابات الى المعسكرات و في المهاجر، تفضح أحوال النساء المفاهيم الكسلى و المعاقة لحماية المدنيين و حقوق الانسان ..و منابر التفاوض تتمطى و تتزمل وتتدثر "و تتوه لمن يجي الميعاد" ... فهي غير قادرة على ضبط البوصلة على الاحداثيات المطلوبة ... و الاتفاقيات بغير ضامن..تبحث عن الفضل بيننا ...فمن دخل دار ابي سفيان فهو أمن... أو كما قال.
حدثوا مارس عنا و الزمانا عندما كانت سماؤنا ذات رجع و ارضنا ذات صدع. ذات أحقاب..و اذا بالنساء بفعل الحروب ... ساجيات... تحت التطهير العرقي و الاسترقاق و الاختطاف اما الاغتصاب فاصبح مسرحاً للإذلال لادمية البشر برافعة القبلية ..كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها. و تسيًد الجوع و المتربة و ترويع الأطفال و قهر الرجال و اذلالهم و تعذيبهم و التصفية على الهوية ..مما يضاعف من ماساة الحرب ووقعها على المرأة اينما كانت.
..نسيت النساء في دارفور شواء المونساس و مشروب البركيب.. وطفقن يجمعن اوراق الاشجار لاطعام الصغار في مخيم ابو شوك و مخيم زمزم ...منصات الاملاق... حيث يموت الاطفال يومياً من المجاعة ... أفلت الهولاكيون من العقاب.. و ام قرقداً سايح الجمتها الكوارث فتركت الغناء و الشكر" و في الفاشر الكبير طلعوا الصايح...دقوا الجوز عديل اصلو العمر رايح".
يابنية مالكي ...زعلانة مالكي...الدمار... الحصار في كردفان..هربت "الكمبلة" من اقنعة القبيلة و هجر "المردوم" الساحات...و لم تجزعي .."خلوني يا خلايق حبل الصبر ممدود... للخير بجيك سايق"...و غد العدالة لناظره قريب.
يا لاجئة تتوه من مرفأ... لمرفأ..لك العتبى ف "لا أحد يترك و طنه اذا لم يكن قد اصبح فك سمكة قرش. يجب أن تفهم ان لا أحد يضع الاطفال على متن قارب الا أذا كان الماء اكثر أمناً من اليابسة"..(من قصيدة ورسان شاير التي اصبحت رمزاً للاجئين).
و يا سارية الجبال و الغابات...بتطلعي من وديان مع النسمة الصباحية و من صوت طفلة بتحفظ في كتاب الدين... و طفلة ..وسط اللمة منسية في معسكرات.اللاجئين . فاقدة للرعاية الاسرية... و فاقدة الهوية..قطعت الاميال في وهاد السافنا "شكت الالم من لمسات حجولا... ليه ببعادا الأيام عجولة"... و لم تكن الوحوش البشرية بارفق عليها من.الضباع..سنرجع يوماً الى أحيائنا و مدننا ...لكنها مع التايهين تفضل تعد...و تنسى العدد ...و يوم في الشتات بالف سنة مما تعدون.
يا نازحة...و" شوق لي نيلنا ..الاهل و الطيبة و باقي ذكرى حبيبة ..وين غسيل النيل و شر هدوم في رمالو وينو ماضي الحلة و ين و مين الشالو". انها حرب ضد الجميع وضد الذاكرة و التاريخ..و ضد الحياة..مدعاة للحزن و النحيب ".يا سواقي بلدنا..مالو صوتك مالو...وينو فارع مويتك غنى باسم حالو"...لعل السواقي فقدت صوتها بعبرات حرًى .سكبتها على من غابوا...اني خيرتك فاختاري ما بين ان نتاسف على الماضي اللي ما برجع...على الفرقة الزمانا طويل .. و بين أن نقبض على الامل و الذكرى كالقابض على الجمر...تودع لدى الامواج و الشطئان..فهي حاديها و دايماً...دليلا:
يا ترع حلتنا و حفير حلتنا و يا بحر حلتنا ...في رمالك ذكرى لا بتشيلها الموجة و لا بتفارق الفكرة..نلقاها يوم فرح البعيد العاد..و يا وطناً وقت اشتاق له برحل ليه من غير زاد:
غداً نعود...حتماً نعود.
و يا من على موازين العدالة...لا يجرمنكم شنأن قوم على الا تعدلوا..اعدلوا هو اقرب للتقوى.
ايمان بلدو
eiman_hamza@hotmail.com