سلط الباحث في شؤون الشرق الأوسط، جيمس دورسي، الضوء على سياسة الولايات المتحدة في الخليج، معتبرا إياها تعبيرا عن حالة من "الارتباك"، خاصة فيما يتعلق بالتزام الولايات المتحدة بأمن دول مجلس التعاون.

وذكر دورسي، في تحليل نشره بموقع "أوراسيا ريفيو" وترجمه "الخليج الجديد"، أن هذه الحالة، المستمرة في عهد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أدت إلى تغذية حالة من عدم اليقين بشأن سياسة الولايات المتحدة وكذلك مواقف الخليج في عالم متطور نحو تعدد الأقطاب، كما غذى عديد المفاهيم الخاطئة.

وأضاف أن ما يزيد هذا الارتباك إثارة للقلق أن الأسس التي تقوم عليها العلاقات الأمريكية الخليجية "لا شك فيها"، إذ تحتفظ الولايات المتحدة بمصالح استراتيجية في المنطقة، حتى لو تحول اهتمامها نحو آسيا.

 كما أن الصين وروسيا لا قدرة لهما، أو رغبة، في الحلول محل الولايات المتحدة في ضمان أمن الخليج، حسب تقدير، بدانيا ظافر، المديرة التنفيذية لمنتدى الخليج الدولي.

وفي السياق، يشير دورسي إلى الحشد العسكري الأمريكي الأخير في الخليج لردع إيران بآلاف من مشاة البحرية المدعومة بطائرات مقاتلة من طراز F-35 وحاملة طائرات، واصفا إياه بأنه ساهم في طمأنة دول الخليج على المدى القصير، وكذلك الأمر بالنسبة لاحتمال قيام الولايات المتحدة بوضع أفراد مسلحين على متن السفن التجارية التي تسافر عبر مضيق هرمز.

وأوضح أن هذا الحشد العسكري الأمريكي جاء في أعقاب انسحاب دولة الإمارات من التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يضم 34 دولة في مايو/أيار الماضي؛ لأن الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات حاسمة ضد الهجمات الإيرانية على السفن الخليجية، بما في ذلك سفينة متجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي.

أهداف متناقضة

ومع ذلك، سمحت الولايات المتحدة باستمرار الارتباك وعدم اليقين، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة ودول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، تسعى إلى تحقيق أهداف متناقضة، بحسب دورسي، الذي استشهد بتقدير للعميد السابق والملحق الدفاعي بسفارة قطر في واشنطن، نواف بن مبارك آل ثاني، مفاده أن "الولايات المتحدة لم تصغ نهجا واضحا بشأن الكيفية التي تريد بها العمل مع دول مجلس التعاون الخليجي ككل بدلا من التعاون مع دول الخليج بشكل فردي".

وأضاف: "ما لم تصبح الولايات المتحدة واضحة في نواياها بشأن الطريقة التي تريد بها المضي قدمًا في علاقتها الدفاعية المستقبلية مع دول مجلس التعاون الخليجي ككل، أعتقد أننا سندور في دوائر".

اقرأ أيضاً

وصاية أمنية أم شراكة حقيقية.. ماذا تريد دول الخليج من أمريكا؟

وهنا يشير دورسي إلى أن الولايات المتحدة حاولت، دون جدوى، دفع دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء نظام دفاع جوي وصاروخي متكامل لعدة سنوات، مستشهدا ببلال صعب، المسؤول السابق في البنتاجون والباحث في شؤون الشرق الأوسط، الذي لفت إلى أن الولايات المتحدة تحركت في حالة السعودية لتعزيز الثقة من خلال مساعدة المملكة على تحويل جيشها إلى قوة قتالية قادرة وتطوير أول رؤية للأمن القومي، لكنها فشلت في الوصول لذلك بشكل صحيح.

وأضاف: "إن قيادتنا الجغرافية في المنطقة، والمعروفة أيضًا باسم القيادة المركزية للولايات المتحدة (CENTCOM)، تجري تحولًا تاريخيًا هادئًا من كونها قيادة في زمن الحرب إلى شيء من كونها تكاملًا أمنيًا لتفعيل الشراكات وتحقيق الأمن جماعيا".

وأوضح صعب: “الأمر لا يتعلق فقط بالثقة في الدور الأمريكي، بل يتعلق أيضًا بثقة الولايات المتحدة في رغبة وقدرة تلك الدول الخليجية على المشاركة في هذه المهمة الجديدة المتمثلة في القيام بالأشياء معًا".

وتابع: "مشكلتي الأكبر هي أننا لا ننقل هذه الأمور بشكل جيد (..) هناك الكثير من الالتباس في الخليج حول ما نحاول القيام به".

اتفاقيات دفاعية

ويحذر المحللون، بمن فيهم صعب، من أن استعداد الولايات المتحدة الأخير للنظر في إبرام اتفاقيات دفاعية مع دول الخليج مثل السعودية والإمارات يتعارض مع نهجها الأمني ​​المتجدد في المنطقة.

فقد طالبت السعودية باتفاقية أمنية إلى جانب ضمان الوصول إلى الأسلحة الأمريكية الأكثر تطوراً كجزء من صفقة تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.

وأصدرت الإمارات في البداية أصواتاً مماثلة بشأن اتفاقية الدفاع، لكنها اختارت منذ ذلك الحين مراقبة كيفية تطور المحادثات الأمريكية مع السعودية، حسب تقدير صعب، الذي اعتبر أن اتفاقية الدفاع، التي تطلبها المملكة، "تتعارض بشكل لا يصدق مع ما تحاول القيادة المركزية الأمريكية القيام به"، في إشارة إلى "الاعتماد على الولايات المتحدة كوصي وعدم قيام دول الخليج بالقليل لتعزيز وتطوير قدراتها العسكرية".

اقرأ أيضاً

المجلس الأطلسي: صفقة أمريكا والبحرين بداية لاتفاقيات مماثلة بمنطقة الخليج

ويرى دورسي أن تقديرات صعب قد تكون أكثر قابلية للتطبيق على السعودية من الإمارات، إذ استثمرت الأخيرة في قدراتها العسكرية منذ فترة طويلة، بما يتجاوز مجرد الحصول على أسلحة متطورة.

وتكمن جذور الارتباك بشأن التزام الولايات المتحدة تجاه الخليج في تطور الفهم للعلاقة الأمنية بين الطرفين استنادا إلى مبدأ كارتر في عام 1980، ورد الولايات المتحدة على الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والغزو السوفييتي لأفغانستان في ذلك العام.

فقد طرح الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، هذا المبدأ في خطابه عن حالة الاتحاد عام 1989، قائلا: "إن أي محاولة من قبل أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج ستعتبر بمثابة اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وسيتم صد مثل هذا الهجوم بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية".

ويصر روبرت إي هانتر، الذي كان آنذاك مسؤولاً في مجلس الأمن القومي وكاتب خطاب كارتر، على أن الهدف من هذا المبدأ كان ردع القوى الخارجية، ولا سيما الاتحاد السوفييتي، وليس الدفاع عن دول الخليج ضد إيران أو تأمين الشحن في الممرات المائية الإقليمية الاستراتيجية.

مبدأ ريجان

أما مبدأ ريجان، الذي أعلنه بعد 5 سنوات خليفة كارتر، رونالد ريجان، فقد عزز موقف سلفه، وجاء فيه أن "الولايات المتحدة يجب عليها إعادة بناء مصداقية التزامها بمقاومة التعدي السوفييتي على مصالح الولايات المتحدة ومصالح حلفائها وأصدقائها، وتقديم الدعم الفعال لدول العالم الثالث التي ترغب في مقاومة الضغوط السوفييتية أو معارضة المبادرات السوفييتية المعادية للولايات المتحدة".

وهنا يلفت دورسي إلى أن تطوير الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج دبليو بوش، للعقيدة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول على نيويورك وواشنطن زاد من إشكالية الهاجس الأمني بالنسبة لدول الخليج، فقد دافع بوش عن حق الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها ضد الدول التي تؤوي أو تساعد الجماعات المسلحة، وهو ما ترجمه بغزو أفغانستان والعراق.

وقد رأت دول الخليج أن حرب العراق تسببت في زعزعة الاستقرار وإثارة المشاكل، وخاصة مع مطالبة بعض المنتمين إلى اليمين الأمريكي باستيلاء الولايات المتحدة على حقول النفط السعودية.

ومع ذلك، كان لدى دول الخليج الكثير من الأسباب لإعادة تفسير مبدأ كارتر ليشمل التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن دول الخليج ضد التهديدات الإقليمية والخارجية.

وكانت إعادة تفسير دول الخليج ناجمة عن افتقار الولايات المتحدة إلى الوضوح والإجراءات التي أكدت على ما يبدو فهمها المنقح.

وشملت ذلك قيادة الولايات المتحدة تحالفا عسكريا يضم 42 دولة أخرج القوات العراقية من الكويت في عام 1991، وإنشاء قواعد في الخليج في أعقاب الغزو العراقي، والتدخل الأمريكي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، والحماية المستمرة لدول الخليج وللشحن البحري ضد الهجمات الإيرانية.

ونتيجة لذلك، لا يزال انعدام الوضوح والارتباك في واشنطن وعواصم الخليج يهيمن على النقاش حول العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والخليج، وهو ما علق عليه صعب بقوله: "أود أن أفهم من دول الخليج ما إذا كان ما نبيعه، هم في الواقع يشترونه. ما نبيعه هو شراكة حقيقية للغاية. لم تعد الوصاية قائمة، بل الشراكة الفعلية. لا أعرف موقف الدول من هذه المقترحات، وإلى أن نحصل على أرضية مشتركة حول هذا الأمر، ليس هناك شيء في الشرق الأوسط نفعله يمكن أن ينجح حقًا".

اقرأ أيضاً

الممر الاقتصادي.. الهند وأمريكا تبحران في تيارات الخليج ضد رياح الصين

المصدر | جيمس دورسي/أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الخليج السعودية الإمارات مجلس التعاون الخليجي دبي الفجيرة الولایات المتحدة فی أن الولایات المتحدة دول مجلس التعاون دول الخلیج فی الخلیج إلى أن مع دول

إقرأ أيضاً:

بعد أدائه الضعيف.. هل فات الأوان على استبدال بايدن؟

تحدث تقرير لمجلة "فورين بوليسي" عن إمكانية استبدال الرئيس الأمريكي جو بايدن كمرشح للحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر، وذلك عقب الأداء الضعيف الذي ظهر عليه خلال المناظرة الرئاسية التي عقدت الأسبوع الماضي مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن "هذا ليس بالأمر الغريب في تاريخ الولايات المتحدة. ففي سنة 1968؛ وقبل أكثر من سبعة أشهر بقليل من موعد إجراء انتخابات تلك السنة، صدم الرئيس آنذاك ليندون جونسون الأمة بإعلانه التخلي عن ترشحه لإعادة انتخابه بعد أن كاد دعمه لحرب فيتنام أن يكلفه خسارة الانتخابات التمهيدية الرئيسية".

وأضافت: "لكن في معظم الديمقراطيات الأخرى، لن يكون إجراء تغيير في المرشحين قبل سبعة أشهر من الانتخابات أمرا غريبا على الإطلاق، وفكرة إجراء مناظرة قبل أكثر من أربعة أشهر من يوم الانتخابات أمر غير مألوف".

وأشارت المجلة إلى أن هذا "هو الحال بشكل خاص في الديمقراطيات البرلمانية؛ حيث يمكن الدعوة إلى الانتخابات في أي وقت إذا توافرت الظروف المطلوبة. فلدى المملكة المتحدة حملة انتخابية مدتها ستة أسابيع هذه السنة. وبدأت فترة الحملات الانتخابية الرسمية في المكسيك في 1 آذار/ مارس، أي قبل ثلاثة أشهر فقط من الانتخابات العامة، وهي نفس الفترة التي بدأت في سنة 2018. وكان لدى المرشحين البرازيليين شهران فقط للحملة الانتخابية في سنة 2022".

واستعرضت المجلة كيفية اختتام العديد من الديمقراطيات الأخرى في أوروبا وأمريكا اللاتينية للانتخابات بشكل أسرع بكثير من الولايات المتحدة.

مواسم أقصر للحملات الانتخابية
وأوضحت المجلة أنه قبل أن يصل أي مرشح رئاسي أمريكي إلى المناظرة، فإن عليه أن يعلن ترشحه ويخوض ستة أشهر من المؤتمرات الحزبية والانتخابات التمهيدية - بدءا من ولايات آيوا ونيو هامبشاير ونيفادا وفلوريدا وولايات "الثلاثاء الكبير".

ثم، عندما يتم فرز جميع تلك الأصوات والمندوبين، فإنه لا يزال هناك خمسة أشهر أخرى من مؤتمرات الترشيح الحزبية والمناظرات والخطب الدعائية والتصويت المبكر قبل يوم الانتخابات. وهذا أيضًا هو طول العملية الانتخابية لسباقات مجلس الشيوخ البالغ عددها 33 سباقًا وسباقات مجلس النواب البالغ عددها 435 سباقًا كل سنتين.

وفي كل مكان آخر في العالم تقريبا، ليس هذا هو الحال. ففي المملكة المتحدة، يحدث ما يعادل النظام التمهيدي الطويل الذي ينتج المرشحين الرسميين للرئاسة الأمريكية للحزبين الرئيسيين قبل فترة طويلة من الانتخابات نفسها، بحسب التقرير.


وفي فرنسا، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 9 حزيران/ يونيو. ويدخل ذلك في الانتخابات التمهيدية في العملية: ستُجرى الجولة الأولى من التصويت يوم الأحد، تليها انتخابات الإعادة في 7 تموز/ يوليو للمرشحين  الذين لا يفوزون بالأغلبية المطلقة. وفي ألمانيا المجاورة، بمجرد تحديد المرشحين، يكون أمامهم تقليديًا ما بين أربعة إلى ستة أسابيع فقط لخوض الحملة الانتخابية.

حتى الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، فإن لديها أيام تصويت أقل من الولايات المتحدة عندما تؤخذ الانتخابات التمهيدية الأمريكية في الاعتبار. وأجرت البلاد انتخابات مرحلية على مدى ستة أسابيع في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو، والتي أعادت رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى السلطة، بحسب ما أورده التقرير.
وذكرت المجلة أن الحملات الانتخابية في المكسيك، التي انتخبت مؤخرا أول رئيسة لها، كلوديا شينباوم، تقتصر على ثلاثة أشهر. وسُمح للمرشحين رسميا ببدء الحملات الانتخابية في الأول من آذار/ مارس، بينما كان من المقرر إجراء التصويت في الثاني من حزيران/ يونيو.

وفي البرازيل، أصبح الوقت المخصص للحملات الانتخابية للمرشحين للرئاسة أكثر اختصارًا. ففي الانتخابات الأخيرة التي أجريت في االبلاد في سنة 2022، والتي تنافس فيها الرئيس الحالي جايير بولسونارو ضد الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، انطلقت الحملة الانتخابية رسميًا في 16 آب/ أغسطس، ما أعطى كلا الرجلين أقل من شهرين لحشد الدعم قبل تصويت 2 تشرين الأول/ أكتوبر.

أنظمة الانتخابات المركزية
وقالت المجلة إنه على الرغم من وجود قوانين فيدرالية تحمي حقوق التصويت وتنطبق على جميع الأمريكيين بغض النظر عن مكان وجودهم، إلا أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ليست شأنا مركزيا. في الواقع، أدلى الناخبون بأصواتهم لمنصب الرئيس في أكثر من حالتي انتخابات محلية تحدد قواعدها الولايات الفردية وتديرها الحكومات المحلية. وهذا يعني أن متى وكيف تقوم بالتصويت - وحتى ما إذا كنت مؤهلاً للتصويت على الإطلاق - يمكن أن يختلف من ولاية إلى أخرى وحتى في بعض الأحيان من مقاطعة إلى أخرى.

وأضافت المجلة أنه في حين أن النظام الانتخابي الأمريكي - بما في ذلك المجمع الانتخابي الذي ينتخب الرئيس - مستمد جزئيًا من الدستور؛ فإن المملكة المتحدة ليس لديها دستور موحد واحد، وقد تم تحديث قوانين الانتخابات من قبل البرلمانات المتعاقبة على مر السنين.

وأفادت المجلة بأن كل شيء مركزي؛ فبموجب القانون، يتعين على المملكة المتحدة إجراء انتخابات كل خمس سنوات. ولكن في الواقع، يمكن لرئيس الوزراء - وهو أيضًا عضو في البرلمان - أن يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة في أي وقت.

وبينت المجلة أنه بمجرد أن أعطى الملك تشارلز الثالث الضوء الأخضر لسوناك لحل البرلمان في أيار/ مايو، فقد ظل مجلس الوزراء في مكانه، لكن مجلس العموم البريطاني لم يعد يضم أي أعضاء؛ حيث توقف النواب البالغ عددهم 650 نائبًا عن تمثيل مقاطعاتهم حتى 4 تموز/ يوليو، وهو تاريخ الانتخابات.

وتابعت المجلة بأن النظام في فرنسا يسير بنفس الطريقة. وسوف تنتهي العملية برمتها في أقل من شهر بقليل، على أمل أن تتم المفاوضات بشأن تشكيل ائتلاف حاكم جديد في الوقت المناسب قبل حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس في نهاية تموز/ يوليو.

وأشارت المجلة إلى أن هناك مجموعة متنوعة من العوامل التي تسمح للنظام الفرنسي بالتحرك بشكل أسرع من الولايات المتحدة، والتي تعتمد جميعها على مركزية التصويت: وجود منافسة واحدة على بطاقة الاقتراع في كل سباق وطني - سواء لمنصب الرئيس أو البرلمان، وتتم إدارة الانتخابات مباشرة من قبل وزارة الداخلية الفرنسية بدلاً من 50 ولاية أمريكية، بالإضافة إلى الأقاليم ومقاطعة كولومبيا، التي لديها قوانينها ومتطلبات التصديق الخاصة بها، وتنتشر البلاد في منطقة زمنية واحدة فقط بدلا من ستة.


وأوضحت أنه لا يوجد مجمع انتخابي، ما يعني عدم وجود عملية فرز مطولة مثل الفرز في مجلس النواب الأمريكي في 6 كانون الثاني/ يناير 2021، والذي عطلته حشود مؤيدة لترامب بعنف. وفي الواقع، توقعت فرنسا أن تكون النتائج متاحة مباشرة بعد التصويت، والتي سيتم التصديق عليها في وقت لاحق.

قلة المال في السياسة
وقالت المجلة إنه في الولايات المتحدة، تنتشر الإعلانات السياسية في كل مكان، لدرجة أن أعضاء الكونغرس يقضون في كثير من الأحيان الكثير من وقتهم في لجانهم الحزبية في طلب الدولارات للحصول على موجات الأثير، مقارنة بما يقضونه في مكاتبهم في الكونغرس للعمل على التشريعات. وبينما يواجه المرشحون حدودًا للمساهمة؛ فإنهم غير ملزمين بأي قيود على المبلغ الذي يمكنهم إنفاقه. لقد جمع المرشحون للرئاسة الأمريكية ما يقرب من 4 مليارات دولار في سنة 2020.

وفي حين أن واشنطن ليست وحدها في هذه الممارسة؛ فإن العديد من الدول حول العالم تفرض قيودًا صارمة على الإنفاق السياسي للمرشحين وأرقام مساهماتهم، بما في ذلك فرنسا وبلجيكا وكندا وتشيلي واليونان وآيسلندا وإيرلندا وإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية وبولندا وسلوفينيا. وهناك عدد قليل من الدول الأخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والمجر وإيطاليا ونيوزيلندا وسلوفاكيا، تحد من الإنفاق ولكنها لا تضع أي قيود على التبرعات التي يمكن للمرشحين الحصول عليها، وفقا للتقرير.

وذكرت المجلة أنه غالبا ما ترتبط هذه السياسات بطول فترة الحملة الانتخابية في بلد ما. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يبدو أن أحد الأسباب التي تجعل الانتخابات تتحرك بسرعة هو الحد من حجم الأموال التي يمكن إنفاقها على الحملات الانتخابية. فلا يمكن لحزب العمال والمحافظين والأحزاب السياسية الأخرى أن تنفق سوى حوالي 70 ألف دولار لكل مقعد برلماني يريدون التنافس عليه - أي ما يزيد قليلاً على الـ 58 مليون دولار إذا أرادوا إنفاقه على جميع الدوائر الانتخابية البالغ عددها 632، بما في ذلك متوسط التكلفة لكل مرشح. ويرتفع الرقم مع التضخم أيضًا، لكنه يتناقص مع اقتراب موعد التصويت.

وفي فرنسا؛ يحد القانون من المبلغ الإجمالي للأموال التي يمكن للمرشحين الرئاسيين إنفاقها، وتدفع الحكومة ما يصل إلى نصف ما تم إنفاقه على الحملة الانتخابية - مع فكرة وضع حد أقصى للتبرعات الفردية. وفي حين سمح قرار "المواطنون المتحدون" الصادر عن المحكمة العليا في الولايات المتحدة للجهات المانحة المجهولة بتقديم مبالغ غير محدودة من المال إلى ما يسمى "لجان العمل السياسي الفائقة"؛ فإن قانون تمويل الحملات الانتخابية يحظر اتخاذ إجراءات مماثلة في العديد من الدول الأوروبية.

واختتمت المجلة تقريرها، موضحة أن كل هذا يعني أن مواسم الحملات الانتخابية الأمريكية طويلة بشكل غير طبيعي، وفقًا للمعايير العالمية. ففي العديد من البلدان، تعد الفترة التي تسبق الانتخابات العامة - أو انتخابات قيادة الحزب - عملية يمكن أن تتم في غضون أسابيع، وليس عدة أشهر، ما يجعل من الصعب تبادل المرشحين في خضم موسم الانتخابات، ولكن في الولايات المتحدة، لا يزال هناك متسع من الوقت قبل انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر لكي تغير الأحزاب رأيها بشأن مرشحها.

مقالات مشابهة

  • بعد أدائه الضعيف.. هل فات الأوان على استبدال بايدن؟
  • التهديد الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية
  • “سي إن إن”: حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة حال انسحاب بايدن
  • حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة
  • "سي إن إن": حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة حال انسحاب بايدن
  • وول ستريت جورنال: كيف تحدت إيران الولايات المتحدة لتصبح قوة دولية؟
  • برلماني أوكراني يتحدث عن "ذعر كبير" في مكتب زيلينسكي بعد المناظرة الأمريكية
  • رويترز: الولايات المتحدة أرسلت لـ”إسرائيل” آلاف القنابل شديدة التدمير منذ بداية الحرب على غزة
  • رجل أعمال ألماني: مناظرة بايدن وترامب أظهرت أن أمريكا على وشك الانهيار
  • دوت كوم يكشف "سيناريو دمار" الولايات المتحدة