موسم الصرب .. لوحات جمالية تكشف سحر الطبيعة
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
ينتهي اليوم الخميس فلكيا موسم الخريف في محافظة ظفار، ويبدأ دخول موسم الصِّرب أوموسم الربيع، حيث تتفتح الزهور وتُحصد المحاصيل الزراعية الموسمية التي تزرع في فترة سقوط أمطار الخريف، ومع انقضاء موسم الخريف الأشهر سياحيا والأكثر ازدحاما وحركة من قبل الزوار يتغير المشهد ويبدأ فصل آخر من جمال المحافظة، حيث تشهد حالة من السكون والهدوء بعد حركة تكاد لا تنقطع ليلا ونهارا في ذروة أيام موسم الخريف، ولكن هذا السكون والهدوء ليس إلا استراحة وجيزة لبداية تفاصيل أخرى مرتبطة بحياة الإنسان ونشاطه وتكشف جبال المحافظة صفحات أخرى من جمالها الطبيعي المتفرد، حيث تخيّم هذه الأيام على جبال ظفار وسهولها وعيونها أجواء رائعة لا توصف، وأنت تسرح بعينيك في جمال الطبيعة الخضراء التي أسدل عنها ستار الضباب الذي كان يخفيها عن العيون، وسطوع نور الشمس بلونها الذهبي الذي يعمل على تجفيف ما علق بتربتها الزاكية من أمطار، فالعشب الأخضر يكون أكثر قوة وتماسكا، وترى أغلب المنسجمين مع هذه الأجواء يفترشون تلك المسطحات الخضراء وسط مروج من الزهور التي تفتحت وتلألأت ألوانها المختلفة والفراشات تحوم حولها مبتهجة بسطوع الشمس وانحسار الضباب والمطر عن الجبال.
ويستمتع أبناء محافظة ظفار والمقيمون هذه الأيام الجميلة بقضاء أوقات ممتعة مع مناظر الطبيعة الخلابة بين الأشجار الوارفة الظلال والسواقي والجداول المائية ويقضون إجازتهم الأسبوعية في تلك المتنفسات الطبيعية إلى ساعات متأخرة من الليل ومنهم من يفضل المبيت في أجواء آمنة وهدوء.
ومن صفحات الأفراح البهيجة في هذا الموسم قديما هو عودة المسافرين عبر البحر بعد أن هدأت أمواجه وتلبس فيه الملابس الجديدة وكأنه عيد وتقام فيه المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس والختان وكذلك بعض الفنون الريفية وخاصة فن المشعير الذي يمارس في أيام خطيل الأبل إلى الوديان.
ولو نبدأ باستعداد أهل الريف قديما لهذا الموسم فنجد أنهم يهتمون بتوفير لباس جديد وبخاصة يوم خطيل الإبل من السهول والنجد إلى الجبال والأودية حيث يلبس الرجال والنساء الملابس الجديدة وكأنهم في عيد موسمي، وتعدّ عادة خطلة الإبل من أشهر العادات الاجتماعية التي تمارس في موسم الصرب منذ القدم، وما زالت حتى الآن، حيث تنزل الإبل مع بداية موسم الخريف إلى السهول أو تتجه شمالا خلف الجبال في المناطق التي لا تصلها أمطار الخريف وتمكث في تلك الأماكن حتى نهاية سبتمبر لأنها لا تتأقلم مع تضاريس الجبال في موسم الخريف بسبب تساقط الأمطار المستمر وانزلاق التربة وكثرة الذباب اللاسعة في نهار الخريف ونتيجة لانحصار مكوث الإبل في السهل طوال موسم الخريف؛ ترعى الإبل في السهول أو يتم حجزها في الأحواش حتى ينتهي فصل الخريف، ومع بداية شهر أكتوبر في موسم الصرب تسرح الإبل على شكل قطعان في عدد من الأودية الشهيرة مثل أودية ( قوصد وجنين وخشيم ونحيز ودربات وثيدوت وريثوت وغيضت) بالإضافة إلى العديد من المناطق الجبلية الأخرى.. وخلال رحلة خطل الإبل في الجبال والأودية الخضراء يتم مرافقتها من الرعيان وهم ملاك هذه القطعان لمدة شهر أو شهرين تنتقل فيها الإبل من مكان إلى آخر في الطبيعة الخضراء ويستمتعون فيها بالمكوث بين أحضان الطبيعة ويتخلصون في تلك الفترة من كل ما هو مرتبط بالحداثة والمدنية والكثير من ملاك هذه الإبل يحرصون على قضاء عطلاتهم الأسبوعية وتأجيل عطلاتهم السنوية لهذا الموسم.
ومن صفحات موسم الصرب الجميلة هو النشاط الإنساني الذي اعتاد عليه أهل المحافظة منذ قديم الأزل وهي عادات ما تزال تمارس حتى الآن وإن تغيرت في بعض جوانبها أو اختلفت الوسائل وتغيرت الأدوات التي كانت تصاحب هذا الموسم قديما بتطور أساليب الحياة، وبشكل عام يعتبر عند أهل المحافظة من أفضل المواسم على الإطلاق ولا عجب أن يطلق عليه موسم الرخاء الاقتصادي، حيث تنتشر قطعان الأغنام بكثرة في الجبال في الموسم وبخاصة في المنطقة الشرقية المتاخمة لجبل سمحان وتتميز الأغنام والأبقار والإبل في موسم الربيع بوفرة إدرار الحليب لما تنعم به هذه الأنعام من مراعٍ طبيعية غنية.
كما يتم خلال الموسم حصاد المحاصيل الزراعية التي تم زرعها في موسم الخريف مثل الفاصوليا وما يعرف محليا بالدجر وكذلك الخيار والذرة الظفارية مما يوفر لهم غذاء طيلة مواسم السنة الأخرى ولهذا يستبشرون قديما بدخول فصل الربيع لارتباطه بأيام الحصاد.
كما يستبشر أهل الساحل بدخول الموسم، حيث يرتاد الصيادون البحر بعد أن توقفوا طيلة موسم الخريف الذي يتسبب بارتفاع أمواج البحر، ومن سنن البحر أن يجتمع الصيادون ليحددوا اليوم الذي سيبدأ فيه عمل الضواغي ويعرف ذلك اليوم المحدد (بيوم الفتوح) وهو اليوم الذي تبدأ فيه مزاولة حرفة صيد أسماك السردين أو ما تعرف محليا " بالضواغي " ومفردها ضاغية وهو مصطلح يطلق على مجموعة من الأفراد الذين يعملون معا على شكل مجموعة يقومون بصيد سمك السردين بطرق تقليدية ثم يتقاسمون ما تم بيعه من تلك الأسماك ولكل ضاغية ربان يقوم بالإشراف عليها وتسييرها ويكون من ذوي الخبرة في البحر وأنوائها وتقلباتها، ويقوم ذلك الربان بتوزيع الحصص المالية على المشاركين كل حسب اختصاصه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: موسم الخریف الإبل فی فی موسم
إقرأ أيضاً:
قرية الهجير.. وجهة المغامرة بين الطبيعة الخلّابة والتضاريس الجيولوجية
تتميز قرية الهجير بوادي بين خروص بولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة بمرتفعات جبلية ومنحدرات تتخللها مناظر خلابة كما أنها تشتهر بإنتاج العديد من المحاصيل الزراعية. يقول سليمان بن يوسف الخروصي عضو المجلس البلدي بمحافظة جنوب الباطنة: تعتبر قرية الهجير التي تبعد عن مركز الولاية حوالي 12كلم، من القرى السياحية الجميلة وهي أول القرى بوادي بني خروص، محاطة بسلسلة من الجبال، وتحدها شرقًا قرية ستال بوادي بني خروص وغربًا قرية العير بوادي بني عوف بولاية الرستاق وشمالًا العوابي مركز الولاية وجنوبًا ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية، ويعود سبب تسمية القرية بـ(الهجير) لهجران الشمس عنها حيث تشرق متأخرة وتغرب مبكرة. وأضاف الخروصي: تشتهر قرية الهجير بزراعة النخيل بكافة أنواعها ويأتي الاهتمام بنخلة الفرض من قبل أصحاب القرية، وهو مضرب المثل حتى يومنا هذا والمعروف «بفرض الهجير» يتميز بجمال المنظر أصفر اللون وحباته كبيرة وزراعة بعض الفواكه كالفيفاي والعنب وغيرها، والحبوب كالقمح والشعير، وكافة أنواع البقوليات، وتشتهر بجودة المحاصيل الزراعية، ولا يزال أهالي القرية يهتمون بهذا الجانب صغارًا وكبارًا فهم متمسكون بالزراعة، ويحافظون عليها وعلى جودة المنتجات ولديهم روح التنافس حيث يمارسون العمل بها بأنفسهم من أجل ضمان جودة الزراعة والمحافظة عليها، كما يشتهر أهالي القرية بموروث تربية المناحل ذات الجودة والمتعارف عليها على مستوى سلطنة عُمان. كما تشتهر كذلك بجمال فلجها الذي ينحدر من قمم الجبال، ويعود تاريخيًا إلى ما قبل ٥٠٠ عام تقريبًا، ولا ننسى وجود الثروة الحيوانية ذات السلالة القيّمة والمتوارثة جيلًا بعد جيل، والتي تشكل رفدًا اقتصاديًا للأهالي. روح المغامرة وأشار أحد الهواة المغامرين وهو رياض بن محكوم الهنائي إلى أن قرية الهجير تتميز بفلجها الذي يقصده الكثير من الهواة ومحبي التسلق والسباحة، ويبعد فلج الهجير عن محافظة مسقط قرابة ساعة ونصف الساعة. وذكر الهنائي أن المسار يحتاج من ثلاث إلى خمس ساعات حيث تبدأ المغامرة بجولة مريحة تتبع مجرى فلج الهجير، حيث تبدأ الرحلة بهدوء قبل أن تواجه تحديًا مثيرًا يتمثل في الصعود لمسافة 500 متر، يعقبه نزول بالمسافة نفسها للوصول إلى قلب الوادي، بعد ذلك يستمر السير وسط طبيعة الوادي الخلابة حتى نصل إلى أول بركة ماء، حيث تلمس روح المغامرة حقًا. ومن هنا يبدأ الجزء الأكثر إثارة، حيث نتسلق بمحاذاة جرف جبلي شاهق للوصول إلى أجمل بركة ماء في الوادي، مستخدمين معدات السلامة المناسبة لضمان تجربة آمنة وممتعة، وبعد الاستمتاع بجمال الطبيعة نبدأ رحلة العودة بطريقة فريدة ومشوقة، حيث ننزل بالحبل ونتحدى المياه بالسباحة لاختصار الطريق والعودة بمزيج من الإثارة والتجديد. وأفاد الهنائي بأن من المعالم الجمالية التي يتميز بها الفلج التضاريس الجبلية الجيولوجية وهندسة الأفلاج الجميلة الممزوجة مع الطبيعة وكيف شق الإنسان العماني هذه الأفلاج، مضيفًا: إنه لا بد من أخذ احتياطات السلامة مثل لبس الخوذة وسترة النجاة، كما على الشخص أن يمتلك القوة واللياقة البدنية. |