جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-18@13:36:17 GMT

الأولويات الوطنية

تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT

الأولويات الوطنية

 

علي بن حبيب اللواتي

 

عندما هبت العواصف وأرعدت السماء وتحركت الأنواء المناخية لتطيح بالجسور وتغرق القرى والمدن وتحطم الشوارع وتقلع الأشجار وتطيح بالجسور، فهبت حينها كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ومؤسسات المجتمع والأفراد والجماعات لتلبي نداء الوطن لترسم أروع وأجمل لوحة من التكاتف الوطني لنجدة الناس والمدن المتضررة، وقتها كانت هي الأولوية العليا الوحيدة والقصوى لكل تلك المؤسسات فشمخت بعنفوان الرجل الواحد ليزيل كل آثار إعصار جونو المدمرة.

.. إنها اللحمة الوطنية قد تجلت بهذا الصمود تقف خلف القيادة لإنقاذ الوطن.

إنه فقه الأولويات الذي فرض نفسه على كل المشهد الوطني بكل تفاصيله.

وبعد ذلك بدأت جائحة كورونا التي أثرت على حركة المجتمع فكان من آثارها بطء الحركة الاقتصادية لتنكمش، وليتزامن ذلك مع انخفاض أسعار بيع النفط إلى ما دون الـ28 دولارًا، ليتراجع النمو الاقتصادي العالمي، وتتأثر جميع الدول المعتمدة على واردات بيع النفط والغاز.

هنا لجأت بعض الدول لمعالجة تلك الآثار بتطبيق خطط التوازن المالي لكي تعيد بناء الأولويات الوطنية بالحفاظ على كيان الدولة كتسديد الديون الخارجية وتقليل الإنفاق وضبط جودته ومنع الهدر وفرض مختلف أنواع الضرائب تحت مسميات عديدة هدفها النهائي رفع من واردات الدولة لتتمكن من تسديد ديونها السابقة وتبدأ بإعادة تحريك قطار التنمية من جديد. ودول أخرى قامت بإعادة توجيه مواردها المالية لتحفز اقتصادها بفروعه المتعددة ليكون كجرعات أوكسجين لإنعاش الجسد الاقتصادي وتحريك السوق وتحفيز النمو وتوسيع الأعمال وتوفير الوظائف من جديد للمجتمع. ودول أخرى كالصين مسكت العصاة من المنتصف فجمعت بين التوجهين، لتعود لتحقيق مستويات نمو متسارعة فتسبق العالم.

استطعنا أن ننجح في تطبيق التوازن المالي ولكننا للأسف لم نسع إلى تطبيق التوازن الاقتصادي، وبينهما فارق عظيم؛ فالتوازن المالي مكَّننا من السيطرة على الدين العام من خلال إجراءات طُبقت على فئات المجتمع، ولكن بسبب عدم تطبيق مفردات وخطط التوازن الاقتصادي لم يساعدنا على توسيع قاعدة أنشطة اقتصادية جديدة لتساهم في دوران العجلة الاقتصادية لأسباب عديدة؛ منها: عدم القدرة على تحفيز الاستثمارات المحلية بقوة ولا جلب الاستثمارات الأجنبية الحقيقه بكثافة، رغم الجهد المبذول في تغيير القوانين، لكننا وجدنا أنفسنا في دوامة عدم التكامل وتبسيط الإجراءات وعدم الشفافية الإحصائية.

وعدم توسيع القاعدة الاقتصادية جعلنا نشاهد حدوث تغيرات اجتماعية لم نعهدها من قبل منها التسريح الجماعي للقوى البشرية العمانية، ازدياد عدد الباحثين عن عمل، وبتعبير آخر انتشار البطالة بين الفئات العمرية الشابة، لتتخطى أعدادهم 150 ألفًا تقريبًا، في مجتمع لم يتجاوز تعداده السكاني الوطني 3 ملايين مواطن، لتكون بذلك شريحة عريضة مُعطَّلة قدراتها ولا تنتج لتطوير الاقتصاد.

هذا الوضع انعكس على انتشار صور العوز والفقر بين فئات المجتمع، فانتشرت مشاهد مؤلمة؛ حيث النساء والصبية يبيعون الشاي والماء ومختلف الأغذية بالشواع بحثا على لقمة كريمة.

وقد كثرت وتعددت الدعاوى القانونية ضد المُسرَّحين الذين توقف مصدر رزقهم فجأة، فلم يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم المالية (القروض)، فوجدوا أنفسهم خلف قضبان السجون وبيعت ممتلكات البعض منهم. وفي هذا السياق لا يفوتني هنا إلا أن أرفع القبعات احترامًا وإجلالًا للجمعيات والفرق الخيرية المنتشرة في ربوع الوطن التي بادرت بكل وفاء بواجب توفير نوع من المساعدات الاجتماعية لتلك الفئات المتضررة.

وأزمة الباحثين عن عمل أصبحت الآن بمرتبة الأولوية الوطنية الأولى العليا بلا منازع، حتى إنها قد سبقت وعلت على بقية الأولويات المالية الأخرى؛ فحفظ المجتمع أولى وأسمى من أي أهداف أخرى.

إن فقه الأولويات والمنطق يُعيد لنا توجيه ترتيب الأولويات والأهداف الوطنية ليقرر أن معالجة الأزمة الاجتماعية الحادة هو الواجب الحالي والتركيز عليها بفاعلية من دون تأخير ولا تردد، لما لها من إنعكاسات سلبية على المستوى الوطني، فيتم بذل كل الجهود في التوظيف والتشغيل وكذلك التمكين للشباب العاطل والمسرحين كطرف في معادلة الحاضر، والإعداد للمستقبل بزيادة البعثات الداخلية مع توفير مخصصات مالية لكل مقبول للدراسة محليًا وزيادة البعثات الخارجية، إنهم جيل المستقبل وحاملين رايات التقدم، خاصةً أن الوضع المالي في تحسن بارتفاع سعر برميل للنفط الذي تجاوز 90 دولارًا علمًا بأنَّ الموازنة بُنيت على سعر 55 دولارًا، وأن الدين العام قد انخفض والتصنيف المالي قد تحسن.

لم تعد الأولوية الآن إنشاء مبانٍ حكومية جديدة ويُوجِد لها البدائل ولا حتى إقامة مشاريع لا تتماشى مع تلبية احتياجات العسر الاجتماعي الوطني التي يمكن حصرها بدفع عجلة التوظيف والتشغيل والتمكين والتمويل لأفراد المجتمع، وبرفع رواتب المتقاعدين من كلا القطاعين: كقطار منطلق بعجلة متسارعة ليصل لأهدافه الوطنية المُقدَّسة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خلال مؤتمر AIDC بمعرض Cairo ICT: مصادر الطاقة وتحديد الأولويات أهم عناصر توطين الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات

 

ناقشت الجلسة الأولى في مؤتمر AIDC ضمن فعاليات الدورة الـ28 لمعرض Cairo ICT أولويات صناعة الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.


أوضح  المهندس محمد نصر، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة المصرية للاتصالات، أن الحوسبة السحابية وفرت فرصة لتطوير مراكز البيانات وتأثيرها على مختلف القطاعات، مؤكدًا أن الكهرباء ومصادر الطاقة هي الأساس عند التفكير في إنشاء صناعة لمراكز البيانات.


وقال نصر: "الأهم هو تحديد الأولويات والمتطلبات بما يتناسب مع التكلفة، ومن المهم أيضًا معرفة الشروط المطلوبة لإنشاء مراكز البيانات، حيث تُعد القوة الكهربائية العنصر الأهم في هذا المجال، ولكن حجر الزاوية هو التواصل بين كل الجهات ذات العلاقة".


وأضاف الدكتور إسماعيل شاكر، الرئيس التنفيذي لمجموعة شاكر الاستشارية، أن المحرك الرئيسي لأنظمة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات هو عنصر الكهرباء والطاقة. 
وأشار إلى أن حجم هذه الصناعة يتسع بشكل كبير، ويجب وضع ضوابط لهذه الصناعة حسب احتياجات الطاقة والتكلفة وغيرها من العناصر، مما يتطلب جعل مراكز البيانات أكثر ذكاءً عبر حلول الذكاء الاصطناعي.
ونوه فينهاي مونزارا، الرئيس التنفيذي لمركز البيانات الأفريقي، إلى أن مجالات الطاقة المتجددة هي العنصر الأهم في صناعة مراكز البيانات، مضيفًا أن مصر والقاهرة تعدان السوق الرئيسي في عملية التنمية في إفريقيا، وأن مصر تستطيع أن تكون رائدة في هذا المجال.
وأكد على أهمية كفاءة المياه المستخدمة في التبريد، في ظل الاهتمام بالطاقة المستخدمة داخل مراكز البيانات.
وأضاف أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنية، أنه من الضروري التمييز بين أنواع وأحجام مراكز البيانات حسب المستفيدين من الخدمات.
وأشار إلى أن مصر تمتلك عناصر هامة للنهوض بصناعة مراكز البيانات، منها الموقع الجغرافي المتميز وتوافر بنية تحتية ذات كفاءة عالية، مما يتيح فرصة كبيرة للتوسع في هذه الصناعة.
وقال إن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر هي الدول التي ستقود صناعة مراكز البيانات، وهو الأمر الذي يحظى بالإجماع.
وأوضح رانجيت جاجاري، رئيس قسم تطوير الأعمال والمبيعات الدولية في شركة SWDC، أنه من الضروري تحديد المجالات الأساسية التي تُقام مراكز البيانات من أجلها. وذكر أن الموجة التالية لمراكز البيانات ستعتمد على الذكاء الاصطناعي من خلال تجميع القدرات ومصادر الطاقة، موضحًا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تم تفعيلها بالفعل في العديد من مجالات مراكز البيانات.
يأتي المعرض برعاية كل من شركة "دل تكنولوجيز" ومجموعة "إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية"، والبنك التجاري الدولي CIB مصر، وشركة "هواوي"، وشركة "أورنچ مصر"، وشركة "مصر للطيران"، بالإضافة إلى "المصرية للاتصالات" و"ماستركارد"، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا"، وشركة "فورتينت". 
كما تضم قائمة الرعاة "إي آند إنتربرايز"، ومجموعة "بنية"، وشركة "خزنة"، وشركة "سايشيلد"، ومجموعة "شاكر"، وشركتي "ICT Misr" و"IoT Misr"، و"نتورك إنترناشيونال"، و"Cassava Technologies"، و"إيجيبت تراست".
وتقام فعاليات النسخة الثامنة والعشرين لمعرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وإفريقيا "Cairo ICT 2024"، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية، وبرعاية الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتنظم Cairo ICT 2024 شركة "تريد فيرز إنترناشيونال" بالتعاون مع "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، تحت شعار "The Next Wave"، حيث يستعرض المؤتمر الموجة التالية من التقدم التكنولوجي وأحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات بحضور كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.

مقالات مشابهة

  • «اجتماعية الشارقة» تشارك بـ«فرحة وطن» احتفالاً بالعيد الوطني
  • اعتماد الميثاق الوطني للسلم الاجتماعي كوثيقة ملزمة في ختام ملتقى المصالحة الوطنية ببنغازي
  • العيد الوطني الـ54.. احتفاء بالهوية العُمانية والإنجازات الوطنية
  • خلال مؤتمر AIDC بمعرض Cairo ICT: مصادر الطاقة وتحديد الأولويات أهم عناصر توطين الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات
  • برلماني: قانون الإجراءات الجنائية يهدف لتحقيق التوازن الدقيق بين حقوق الأفراد وحماية المجتمع
  • المركز الوطني لمكافحة الأمراض: تطعيم أكثر من 700 ألف طفل ضمن الحملة الوطنية
  • وفد من الكنيسة يهدي محافظ الغربية مصحفًا في لقاء يجسد الوحدة الوطنية
  • الكنيسة الكاثوليكية تهدي محافظ الغربية مصحفًا يجسد الوحدة الوطنية
  • بمناسبة يوم الجودة العالمي .. رئيس الهيئة الوطنية للإستثمار يهنئ كل الجهود الساعية للوصول لإفضل المعايير في العمل الحكومي والقطاع الخاص