صاحب العمل والمقاول (1)
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
حمود بن سيف السلماني **
شركات المقاولة كثيرة وعديدة في وقتنا الحاضر وأصبحت تحتل مرتبة مرتفعة في أي سوق من الأسواق في أي مجتمع مُعين، والمقاولة لا تقيد بالمفهوم المتعارف وهو شركات بناء المنازل فقط، وإنما المقاولة لها تعريفها القانوني المستمد من قانون المعاملات المدنية بأن المقاولة هي عقد يلتزم بمقتضاه المقاول بصنع شيء أو أداء عمل لقاء أجر، ويمكن أن يتم الاتفاق على أن يقدم المقاول مادة العمل (الأسمنت والأخشاب والطابوق وغيرها)، لصنع الشيء المتفق عليه، أو أن يقتصر عمله بالصناعة فقط دون أن يُقدم الأدوات ومواد البناء، وقانون المعاملات المدنية نظم عمل المقاول تفصيلًا ووضح ما عليه من التزامات وما له من حقوق في ذلك، بالإضافة إلى القوانين الأخرى المنظمة لذلك.
ويجب على طرفي العقد أن يوضحا تفصيلًا في العقد ما يتوجب أن يقوم به المقاول بالإضافة إلى المدة الزمنية المستغرقة في البناء، والمبلغ المتفق عليه، كما يوضح تفاصيل البناء والخدمة التي يقوم بها المقاول في العقد، وإذا لم يتم الاتفاق على بعض النقاط فيكون توضيحها وفق المتعارف عليه في أعمال المقاولة. وخلال عملنا في مجال المحاماة نجد كثيرًا بأن أغلب -إذا لم يكن كلها- عقود المقاولة مكتوبة بطريقة عادية جدًا وبسيطة جدًا وتفتقر للكثير من البيانات، ونذكر جزء منها : الأدوات المستخدمة في العمل هل هي جديدة أو مستعملة، ونوعية المواد وفي حالة عدم توفرها، وبلد المنشأ وغيرها من البيانات المهمة التي يتوجب ذكرها في عقود المقاولة.
ومن خلال ما نشاهده من أحداث متكررة في الواقع العملي، نجد أنه في كثير من الأحيان يتم توقيع عقد المقاولة، بعد أن يذكر المقاول أن لديه عدد لا بأس به من العمال المتخصصين في أعمال المقاولة، ولكن في حقيقة الأمر يظهر بعد توقيع العقد وسداد الدفعة المقدمة والتي في الغالب تكون مرتفعة، أن المقاول ليس لديه عمال بناء، وإنما يقوم باستئجارهم من شركة أخرى أو بعمل عقد من الباطن لشركة أخرى للاستفادة من العمال فقط، يتعاقد معهم على نظام خدمة اليد.
ويتبين لنا في بعض الأحيان وخلال وجودنا في قاعة المحكمة المتخصصة في نظر دعاوى المقاولة، أن مالك الشركة لا يعرف أي شيء عن المقاولات، وإنما يقوم بتسليم الشركة لمشرف الشركة والذي بدوره يقوم بمتابعة أمور الشركة كاملة من رواتب وإشراف على البناء وغيرها، بالإضافة إلى قيامه بتوجيه العمال بالبناء بطريقة تخالف الأصول الفنية لأعمال المقاولة، ويظهر ذلك جليًا من خلال التقارير التي تصدر من الخبراء المتخصصين في مثل هذه الأعمال بعد الاستعانة بهم من قبل المحكمة المختصة.
وصاحب العمل عندما يريد التوقيع مع مقاول لبناء منزله، فإنه في أغلب الأحيان يبحث بداية عن المقاول الذي يقدم له عرضا بسعر رخيص جدًا وعادة ما يكون الفارق لا يذكر أبدًا- ريال أو ريالين- وبعد البدء في العمل ينصدم صاحب العمل بأن العمل المُنجز على أرض الواقع متأخر كثيرًا عن ما تم الاتفاق عليه في الاتفاقية المبرمة مع المقاول. ونعطي مثالًا على ذلك، بأن يتم الاتفاق على مدة إنجاز العمل خلال سنة كاملة، ويبدأ المقاول في البناء ولكنه يتأخر كثيرًا في البناء، وقد يكون وصل إلى مرحلة الهيكل ولم يتبق من السنة سوى شهرين فقط لتسليم المبنى، فكل ذلك يعود الى أن المقاول يحاول جاهدًا الحصول على العقد بدون القيام بالحسبة الصحيحة لمدة إنجاز العمل الحقيقية، ويجعل صاحب العمل في حيرة من أمره، لا يستطيع عمل أي شيء سوى تسليم أمره للأمر الواقع الذي هو فيه، ونجده في أغلب الأوقات منعزلًا عن الجميع ويضغط على المقاول لإنجاز العمل في المدة المحددة، وقد يقوم صاحب العمل بسداد الدفعات مقدمًا من أجل تسريع العمل، ولكنه في الحقيقة يجد نفسه متأخرًا في استلام منزله في المدة المتفق عليها بالعقد.
ويتوجب على صاحب العمل (مالك المنزل) عندما يقرر بناء المنزل أن يبحث عن المقاول المناسب حتى يكون العمل منظمًا ووفقًا للأصول الفنية لأعمال المقاولة، وعليه بصفة خاصة التأكد من بعض النقاط والتي تكون على سبيل المثال فقط، وهي:
أن يتأكد أن صاحب الشركة هو من يشرف على البناء ومتابعة أعمال الشركة. أن يتأكد من توافر العمال في الشركة، وذلك بالحصول على نسخة من بطاقات العمال التابعين للشركة. التأكد من الأعمال الفعلية على أرض الواقع وذلك للحصول على فكرة صحيحة عن طبيعة العمل. التأكد من أن سعر البناء المعروض حقيقي ووفق السوق ولا يقل عن السوق كثيرًا، لأنَّ السعر القليل قد يؤدي إلى خسارة المقاول وعدم استطاعته شراء مواد البناء في الوقت المناسب، في حالة ارتفاع الأسعار للحديد أو غيره.وفي الأخير وهو الأمر المهم جدًا على صاحب العمل القيام به، هو فحص التربة لموقع البناء أو الاتفاق مع المقاول على فحص التربة قبل البدء في العمل حتى لا يحدث مشكلة مستقبلًا بنزول التربة بعد الانتهاء من البناء، والتسبب في خسارة كبيرة لا مخرج منها، إضافة إلى الاستعانة باستشاري بناء متخصص ويكون الاتفاق معه على متابعة الأعمال بشكل دائم وبزيارات محددة في الأسبوع؛ وذلك لضمان قيام المقاول بالعمل وفق المتفق عليه ووفقًا للأصول الفنية لأعمال المقاولة، وكتابة التقارير حول طبيعة العمل ومراحله أولًا بأول واستلام نسخة من تلك التقارير لدى صاحب العمل للاحتفاظ بها لديه.
** محامٍ ومستشار قانوني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أوبن إيه آي ترفض عرض إيلون ماسك شراء الشركة.. كم دفع؟
أعلن رئيس مجلس إدارة شركة "أوبن إي آي"، الجمعة، أن المجلس رفض بالإجماع عرضا قدمه إيلون ماسك لشراء الشركة لقاء 97,4 مليار دولار.
وقال رئيس مجلس الإدارة بريت تايلور في بيان نشرته الشركة على منصة "إكس" إن "أوبن إيه آي ليست للبيع ومجلس الإدارة رفض بالإجماع أحدث محاولة لماسك لقطع الطريق على منافسيه".
وتابع البيان أن "أي إعادة تنظيم محتملة للشركة ستعزز مؤسستنا غير الربحية ومهمتها المتمثلة بضمان استفادة البشرية جمعاء من الذكاء الاصطناعي العام".
وقدم ماسك، الأربعاء، وثائق للمحكمة قائلاً إنه سيسحب عرض شراء "أوبن إيه آي" إذا أعاد مجلس إدارتها الشركة الرائدة في الذكاء الاصطناعي إلى نموذج "مؤسسة خيرية" غير ربحية.
تعمل "أوبن إيه آي" حاليا وفق بنية هجينة تجمع بين المؤسسة غير الربحية التي تتفرع منها شركة مدرة للربح. أدى التغيير إلى نموذج ربحي، وهو ما يعتبره المدير العام سام ألتمان أمرا بالغ الأهمية لتطوير الشركة، إلى تفاقم التوتر مع ماسك.
كان ماسك وألتمان من أعضاء الفريق المكون من 11 شخصا الذي أسس شركة "أوبن إيه آي" في 2015، عندما قدم الأول تمويلا أوليا بقيمة 45 مليون دولار. وبعد ثلاث سنوات غادر ماسك الشركة وتحدثت "أوبن إيه آي" عن "نزاع مستقبلي محتمل لإيلون... مع استمرار تيسلا في التركيز بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي".
أسس ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي تحت مسمى "إكس إيه آي" في أوائل 2023 بعد أن فتحت "أوبن إيه آي" الطريق نحو هذه التكنولوجيا.
وأرغمت التكاليف الضخمة لتصميم وتدريب ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي شركة "أوبن إيه آيه" على البحث عن هيكل مؤسساتي جديد من شأنه أن يمنح المستثمرين حصصا وأسهما ويوفر حوكمة أكثر استقرارا. ويتطلب الانتقال إلى شركة ربحية تقليدية موافقة من سلطات كاليفورنيا وديلاوير، اللتان ستدققان في كيفية تقييم الذراع غير الربحي لشركة "أوبن إيه آي" عندما تصبح مساهما في الشركة الجديدة. ويفضل المستثمرون الحاليون تقييما أقل حجما لتكبير حصتهم في الشركة الجديدة.
ويبدو أن عرض ماسك الذي يقدر قيمة شركة "أوبن إيه آي" غير الربحية بنحو 97,4 مليار دولار، أي ما يزيد بنحو 30 مليار دولار عن المستوى المطروح في المفاوضات الحالية، وفقا لموقع "ذي إنفورميشون"، مصمم لتعطيل جهود الشركة لجمع التمويل.
وقال كبير مسؤولي الشؤون العالمية في شركة "أوبن إيه آي" كريس ليهان، إن عرض ماسك جاء من منافس "بذل جهودا حثيثة لمواكبة التكنولوجيا والتنافس معنا في السوق".