التقنية الرقمية في خدمة التراث الثقافي غير المادي
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
تعد المنطقة العربية مهدا للعديد من الحضارات العريقة التي وجدت على كوكب الأرض منذ فجر التاريخ، وهذا مكنها من أن تخطو مؤخرا خطوات هائلة وتبذل جهودا جبارة للحفاظ على مآثر وشواهد تلك الحضارات وصيانتها من عوادي الزمن.
ومن تلك الجهود المبذولة إنشاء منصة رقمية جديدة برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وبتمويل سخي مقدم من المملكة العربية السعودية.
ثقافة حية وتراث بشكل عصري ّ!
ساد زمن عد فيه الإنتقال إلى وجهات بعيدة من العالم للتعرف على ثقافات وحضارات مختلفة حلما بعيد المنال بالنسبة للكثير من الناس، ولكن لم يعد الأمر كذلك الآن بفضل تمكن ثلثي سكان العالم من الوصول إلى شبكة الإنترنت والإطلاع على تلك الثقافات والحضارات بكل سهولة ويسر. مع مبادرة اليونسكو الجديدة – « الغوص في التراث “، باتت الفرص أكبر أمام الجميع للتعرف على المواقع التراثية العالمية المدرجة على قائمة التراث العالمي، وبصورة تفاعلية وباستعمال تقنيات الواقع الافتراضي والمضخم. بفضل توفر البيانات وتمكن أي شخص أو شركة في العالم من الإطلاع عليها، فقد سهل هذا الأمر نمو ما يسمى بـ « السياحة الرقمية»، والتي يقصد بها استضافة الأدوات والأنظمة التي يمكن استعمالها لحجز الرحلات الكترونيا. وفي المستقبل، يمكن أن يعني هذا المصطلح الكثير. تخيل نفسك قادرا على سماع الأصوات ورؤية المناظر، بل الاقتراب من المواقع الأثرية واشتمام عبق التاريخ الكامن خلفها وأنت على بعد آلاف الأميال منها، ودون أن تغادر منزلك! هذا الأمر، وإن حدث فسيفتح المزيد من الآفاق، ويسهم في « دمقرطة « الثقافة والتاريخ، وجعلهما في متناول بلايين البشر القاطنين على سطح الكوكب لتزداد بذلك معارفهم، وتغنى حياتهم، ويرتبطون ببعضهم أكثر وأكثر.
إكتشف التراث العالمي بالرسوم الثلاثية
تقوم مبادرة» الغوص في التراث « على الاستفادة من البيانات الرقمية التي جمعت سابقا ونشرت عبر المنصة الإلكترونية للمبادرة، والتي سوف تمكن زوارها من الإطلاع على التراث العالمي بسهولة. الرجاء الضغط على « شغل « لإظهار النماذج الثلاثية الأبعاد لموقع « الهجر» التاريخي. تنقية مواقع الإنترنت واستخراج معلومات أكثر دقة ومصداقية ...
إن أكبر كم من المعلومات التاريخية التي نملكها حول الحضارات البشرية يوجد إما بصورة غير موحدة أو منقحة، وفي العديد من الحالات، غير مصاغة بشكل جيد، أو عبارة عن شذرات وأشتات متناثرة عبر الشبكة العنكبوتية. ولكن الآن، وباستعمال التكنولوجيا، أمكن ترتيب تلك المعلومات وإرجاعها إلى جهة مركزية وإخضاعها للإشراف الأكاديمي والعلمي والبحثي الدقيق بغية تنقيتها للخروج في النهاية بقصة حقيقية ودقيقة حول الحضارة البشرية. يتصف التراث بأنه عنصر معنوي قابل للتطور المستمر، ولهذا السبب، كثير من عناصر ذلك التراث يمكن أن تفقد أو يساء تقويمها مع مرور الوقت. تخيل إن كان للجميع القدرة على الاستماع للغات القديمة بعد أن تبعث من جديد، أو لديهم القدرة على تفسير الرسومات المنقوشة على صخور يعود تاريخها لآلاف السنين بدقة بالغة، أو تخيل أنه بعد مرور 1000 عام من الآن، كيف يمكن للمعرفة والمهارة التي نمتلكها الآن أن تكون مصدرا للمعرفة أو الإلهام للأجيال التي سوف تأتي بعدنا ؟
دعم التنمية المستدامة
إن استعمال التقنيات الرقمية في المجالات المتصلة بالتراث والثقافة سوف يسهم في زيادة القدرة على حمايتهما. وقد تبدى هذا من خلال عمليات التصنيفات الرقمية التي تقوم بها منظمة اليونيسكو اليوم لمواقع التراث العالمي بصورة أكثر فعالية ودقة. وهذا بلا شك يمكنه ليس فقط تعزيز قدرة اليونيسكو على التصرف بسرعة للحفاظ على النواحي التراثية الفريدة والقيمة، بل أن تكون المنظمة الدولية أكثر تحديدا فيما يتعلق بخياراتها في هذا الصدد. في هذا العام وحده، قامت اليونسكو بدراسة 50 موقعا تراثيا جديدا تمهيدا لإدراجها على قائمة التراث العالمي، والتي تضم 1,157 موقعا من المواقع التراثية العالمية، كلها تمثل كنزا ثمينا بالنسبة للعالم. هذا عدا عن 56 موقعا مدرجا على قائمة المواقع التراثية المعرضة للخطر.
بديهي أن حماية التراث يعتبر محورا هاما من محاور التنمية المستدامة الناجحة، وأن البيانات المتصلة بذلك التراث من شأنها أن تسهم في جعل الجهود المنصبة على حماية التراث أكثر تكاملا مع أهداف التنمية المستدامة لكل دولة من دول العالم. بعد سنوات من الآن، سوف تكون النواحي الفريدة من تراثنا وثقافتنا هي ما تكلمنا حوله وناقشناه اليوم، ولهذا، من المهم أن يلعب كل منا دوره في الحفاظ على التراث وحمايته بأي طريقة يستطيعها، بما في ذلك التقنيات الرقمية، والتي تنطوي على إمكانات هائلة ومدهشة، لكي نحفظ للبشرية ذاكرتها من النسيان!
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا التراث العالمی
إقرأ أيضاً:
انطلاق فعاليات تدريب اعتماد مدربين جدد في مجال التراث الثقافي بجامعة الأقصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت الدكتورة صابرين عبدالجليل رئيس جامعة الأقصر، اليوم الثلاثاء، فعاليات البرنامج التدريبي الأول "اعتماد مدربين جدد في مجال التراث الثقافي"، الذي ينظمه مركز التراث الحضاري بكلية السياحة والفنادق بجامعة الأقصر.
التدريبرافق رئيس الجامعة، خلال الزيارة الدكتور أحمد محيي حمزة عميد كلية الفنون الجميلة، والدكتور مايكل مجدي عميد كلية السياحة والفنادق، والدكتور حسن رفعت مدير مركز التراث الحضاري بالجامعة، والدكتور أحمد حمدي، وكيل كلية الفنون الجميلة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور قرشي سعدي، مدير حاضنة مسار.
وشهد اليوم الأول من البرنامج قيام الدكتورة هبة مهران، أستاذ علم المصريات، بتقديم جلسات تدريبية مميزة، حيث لاقت تفاعلًا كبيرًا من المشاركين. وأبدى الحضور اهتمامًا عميقًا بالمحتوى التدريبي، كما أعقب ذلك قيام الدكتور أحمد حلمي أبو المجد، أستاذ تكنولوجيا التعليم والمعلومات، مدير مركز التعلم الإلكتروني والاختبارات الإلكترونية، بتقديم جلسات تدريبية حول استخدام التكنولوجيا في التدريب.
ويُعقد البرنامج بحاضنة الأعمال "مسار" بكلية الفنون الجميلة، ويستمر البرنامج التدريبي حتى يوم الأربعاء الموافق 29 يناير 2025، بمعدل خمس ساعات يوميًا، ويتضمن جلسات مكثفة حول أحدث الأساليب والتقنيات التدريبية، إلى جانب إعداد الحقائب التدريبية المتخصصة، ويهدف إلى إعداد وتأهيل كوادر متخصصة للعمل كمدربين معتمدين في مجال التراث الثقافي.
د.صابرين: البرنامج يأتي ضمن مبادرات الجامعة الداعمة للتنمية الثقافيةوأكدت الدكتورة صابرين عيد الجليل خلال تفقدها فعاليات الدورة التدريبية أن هذا البرنامج يمثل إحدى مبادرات الجامعة؛ لدعم التنمية الثقافية وتعزيز دورها كمركز ريادي في بناء القدرات البشرية المتخصصة في مجال التراث، مشيرة إلى أهمية تزامن البرنامج التدريبي مع الجهود المبذولة حاليًا؛ لتحويل الأقصر إلى مقصد للسياحة الريفية.
واستمعت رئيس الجامعة لردود الفعل من جانب المتدربين، حول البرنامج، والذين أشادوا بعملية التنظيم وتعاون القائمين على البرنامج في الرد على كافة الاستفسارات، وسط مطالب بتكرار التجربة وتقديم مستويات جديدة.
كما أوضح الدكتور مايكل مجدي زكي، عميد كلية السياحة والفنادق، أن البرنامج يمثل خطوة مهمة؛ لتطوير مهارات التدريب في مجال التراث الثقافي، بما يسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية ونقلها للأجيال القادمة بأسلوب علمي مبتكر.
فيما أشار الدكتور حسن رفعت، مدير مركز التراث الحضاري، إلى أن البرنامج يوفر تجربة تدريبية شاملة، تجمع بين الجانب النظري والتطبيقي، مع حصول المشاركين على شهادات معتمدة من الجامعة، بالإضافة إلى حقيبة تدريبية متكاملة؛ مما يؤهلهم للانضمام إلى فريق مدربي المركز.
التدريب (2) التدريب (1) التدريب (10) التدريب (9) التدريب (8) التدريب (7) التدريب (6) التدريب (5) التدريب (4) التدريب (3)