من الأُمِّي في عصر الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
مؤيد الزعبي **
من هو الأمي في عصرنا الحالي عصر الذكاء الاصطناعي؟ وهل فعلًا هناك مهارات يجب أن نتعلمها حتى لا نفقد وظائفنا في المستقبل القريب؟
عزيزي القارئ.. مهما كانت وظيفتك؛ سواءً أكنت تُحبُها أو لا تحبها؛ سواءً أكنت ممن يحبون بيئة العمل أو ممن يكرونها، إلّا أنك ستتفق معي على أنك لن تكون سعيدًا لو وجدت روبوتًا أو أداة ذكاء اصطناعي بديلة عنك، والذي سيجعلك حزينًا أكثر عندما تعلم أن مهاراتك العملية الحالية لن تشفع لك أبدًا في قادم الوقت؛ بل على العكس ستبحث شركتك أو مؤسستك عمّن يمتلك مهارات لم تعلم أساسًا بأنها مهارات يجب أن تمتلكها.
لا تقول لي إنك لم تلاحظ أن الذكاء الاصطناعي بدأ في الدخول لكافة المجالات؛ فلو كنت محاميًا فالذكاء الاصطناعي سيكون قادرًا على أن يقوم بمهامك في قادم الوقت، ولو كنت مهندسًا معماريًا تجد في نفسك المهندس الأسطوري الذي يصمم أفضل العمارات والمباني؛ فالذكاء الاصطناعي لن يتركك في حالك، وها هو بدأ يصمم بيوتًا وعمارات ويصمم مدنًا وبجودة عالية، وبأفكار لا تخطر على بالك!
ولو كنت طبيبًا فأنت "شايف وعارف" أن الأذرع الروبوتية بدأت فعليًا بالدخول لغرف العمليات، وبدأت الحواسيب قادرة على تشخيص الأمراض والتنبؤ بها- إن أردت ذلك- ولو كنت صحفيًا أو إعلاميًا تتباهى بأنَّ مكانك محفوظ في مستقبل الذكاء الاصطناعي، فاعلم يا صديقي أن الذكاء الاصطناعي بات هناك في غرف الأخبار ويُقدم نشرات الأخبار ويكتب مقالات وأخبارا في مختلف المجالات، وقريبًا سيُدير منظومات إعلامية أكبر! ولو كنت مُعلِّمًا وتقول لنفسك إن المنظومة التعليمية لن تستغني عنك، فأنت مُخطئ، فحتى لو لم يتم استبدالك بالروبوتات فهناك مشكلة تواجهك؛ فمهاراتك التدريسية غير كافية بالنسبة لمنظومة التعليم المستقبلية.. اعتذر منك أيها المُعلم، فأنت بمهاراتك الحالية أُمِّيٌ (بتشديد الميم) حتى لا تفهمني خطأ!
حسب الدراسات، فإن 44% من المهارات سوف تتغير خلال الخمس سنوات المُقبلة، وما نجده اليوم مهارات عملية متطورة، ستصبح أقل من المستوى في قادم الوقت؛ فالمستقبل سيتطلب منك مهارات جديدة؛ مثل أن تكون على علم بكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي. نعم صديقي القارئ؛ فالذكاء الاصطناعي أنت مطالب بأن تفهمه وتفهم كيف تُدخِله في أعمالك لتُنجِز مهامًا أكثر وأسرع، وإلّا أنت تعرف الإجابة وإلى أين سينهي بك المطاف لو تعنَّتَ وقلت ليس ضروريًا.
مهما كانت وظيفتك، فيجب أن تتعلم كيف تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي، وكيف تجعلها مساعدك الشخصي؛ لتُنجز أعمالك بشكل مُتقَن وبسرعة أكبر وبإبداع أكبر، ومهما كانت وظيفتك قريبة من العمل الإنساني البعيد عن الآلات والروبوتات والحواسيب؛ فيجب أن تتعلم الذكاء الاصطناعي وكيف يمكنه أن يحسن ما تقوم به، والأمر لا يقتصر على الموظفين فقط؛ بل حتى المدراء والطلاب أيضًا، فمهارات الذكاء الاصطناعي ستكون مطلب لا غنى عنه في جميع مراحل الحياة.
خلال السنوات القليلة المقبلة ستصبِحَ مُطالبًا بأن تستخدم "شات جي بي تي" وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليديّ؛ لتوليد نصوص وصور وفيديوهات ورسومات وتصاميم بأفكار وخيالات مغايرة، سيكون مطلوبٌ منك كيفية توظيف البيانات وعلوم البيانات لإنجاز مهامك في بعض الأحيان، سيكون مطلوبٌ منك أن تُثقِّف نفسك بكل ما هو جديد في عالم التقنية؛ لتتمكن من استخدام كل ما هو جديد ضمن مجال عملك وتخصصك.
مهارات الحواسيب التقليدية لن تكون مهمة في قادم الوقت، فلا تقول لي إنك ماهر في الطباعة وفي استخدام برمجيات الأوفيس، ولا حتى ماهر في إدخال البيانات، فكل هذه المهارات ستصبح بلا قيمة مستقبلًا؛ بل عليك أن تكون ماهرًا في استخدام البرمجيات والأدوات التي تقوم بكل هذه المهام أوتوماتيكيًا ودون تدخلك، وسيكون مطلوبٌ منك أن تُحدِّث نمط تفكيرك وتعاملك مع الذكاء الاصطناعي وأن تجد فيه رفيقك ومساعدك حتى لا يجلس هو مكانك.
إنَّ المهارات المستقبلية ستتركز في كثير من الأحيان على كيفية استخدامك للأدوات المُستحدثة في عالم التقنية؛ فتخيل معي عزيزي القارئ أنه منذ ظهور ChatGPT، زاد الطلب على المتخصصين في هذه الأنظمة لإدخال هذه التقنية في المؤسسات وتدريب العاملين عليها، ولك أن تتخيل أنك لو سابقت الزمن وجهّزت نفسك لكل مهارة مستقبلية مُحتمَلة فسيكون لك نصيب الأسد في بيئة العمل المستقبلية.
المستقبل لن يعترف بأي مهارة معتمدة على السرعة ولا على أي مهارة تعتمد على التكرار؛ بل ستعتمد على مهارات تتحدث بشكل سريع؛ فاليوم أنت مطالب بكيفية استخدام أداة معينة، وغدًا سيكون مطلوب منك أن تتعلم أداة أكثر تطورًا. وملاحقة هذه السرعة في التقدم ليست بالأمر الهين، لكن إن جعلت الأمر شغفًا بتطوير الذات، فسوف تجد في ذلك المتعة.. المهم أن لا يُقال عنك أُمِّيًّا في قادم الأيام.
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
Manus AI يثير الضجة في عالم الذكاء الاصطناعي.. هل يهدد عرش ChatGPT؟
مع مطلع عام 2025، لمع نجم نموذج الذكاء الاصطناعي Manus AI كأحد أبرز اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي، بعدما أحدث نقلة نوعية في سوق النماذج اللغوية الكبري LLMs داخل الصين، حيث تفوق بقدراته المتقدمة على روبوتات الدردشة التقليدية مثل ChatGPT، مقدما أداء أكثر فاعلية وتطبيقات عملية واسعة تتجاوز حدود المحادثات النصية.
ما هو Manus AI؟لفت نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني Manus AI الأنظار محليا ودوليا بعد عرضه لقدرات تشمل تصميم المواقع وتحليل البيانات المالية وتقديم نصائح عقارية بالإضافة إلى تخطيط دقيق للرحلات عبر موقعه الالكتروني على الإنترنت.
ويعد Manus AI هو وكيل ذكاء اصطناعي عام، تم تطويره بواسطة شركة Monica، يهدف إلى تحويل الأفكار إلى أفعال من خلال التخطيط والتنفيذ الذاتي للمهام.
يتميز Manus AI بقدرته على استخدام أدوات متعددة مثل البرمجة، تصفح الإنترنت، وتحليل البيانات، مما يجعله أكثر تقدما من روبوتات الدردشة التقليدية التي تقتصر على تقديم النصائح فقط.
القدرات الرئيسية لـ Manus AI- التخطيط والتنفيذ الذاتي: يستطيع Manus تحليل المهام المعقدة وتفكيكها إلى خطوات قابلة للتنفيذ، ثم تنفيذها بشكل مستقل.
- استخدام أدوات متعددة: يدمج Manus بين البرمجة، تصفح الإنترنت، وتحليل البيانات، مما يسمح له بأداء مهام متنوعة مثل تطوير البرمجيات، إعداد التقارير المالية، وتنظيم الرحلات.
- التفاعل البشري الآلي: يقدم Manus تجربة تفاعلية تشبه العمل مع زميل بشري، حيث يمكنه فهم التعليمات وتنفيذها دون الحاجة إلى إشراف مستمر.
- الخصوصية والأمان: تركز Manus على حماية بيانات المستخدم، حيث لا تقوم بتخزين المعلومات الشخصية أو سجل المهام، مما يعزز من ثقة المستخدمين في استخدامها.
الانتشار والاستخدامعلى الرغم من أن Manus لا تزال في مرحلة الوصول المحدود، إلا أن لديها قائمة انتظار تضم أكثر من مليوني مستخدم، مما يدل على الاهتمام الكبير بها.
تستخدم Manus في مجموعة متنوعة من المجالات مثل التحليل المالي، تخطيط الرحلات، تطوير المحتوى، وإدارة الموارد البشرية.
رغم إمكانياتها المتقدمة، تواجه Manus بعض الانتقادات المتعلقة بالخصوصية والأمان، خاصة فيما يتعلق بجمع البيانات الحساسة.
كما أن استخدامها في بيئات حساسة قد يثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة، ومع ذلك، تواصل الشركة تحسين تقنياتها وتوسيع نطاق استخداماتها لتلبية احتياجات المستخدمين.
ووصف "ريد شياو هونج"، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، وكيل الذكاء الاصطناعي Manus بأنه "أقرب إلى الإنسان" من ربوت دردشة، لأنه لا يكتفي بالإجابة بل يتفاعل مع البيئة، ويجمع الملاحظات ويعيد استخدامها لتحسين أدائه، وهو ما يمثل نقلة نوعية في الطريقة التي ينظر بها إلى الذكاء الاصطناعي.
وأوضح شياو في مقابلة حديثة أنه لم يكن مهتما بتطوير نماذج لغوية من الصفر، بل فضل التركيز على التطبيقات المباشرة، لأن هذا المجال لا يزال في بداياته مقارنة بتقنيات النماذج نفسها.
وقد تم بناء "Manus" على نماذج موجودة مسبقا مثل "Claude" من شركة Anthropic، ونسخ معدلة من نموذج Qwen التابع لمجموعة علي بابا.
وفي حين تتنافس عشرات الشركات الصينية لتطوير نماذج لغوية خاصة بها، تتبع "Butterfly Effect" طريقا مختلفا يركز على تقديم منتج تطبيقي فعال وذو قيمة مباشرة، مما لاقى دعما كبيرا في أوساط المستثمرين، حتى أن شركة "ByteDance" حاولت الاستحواذ عليها مقابل 30 مليون دولار في أوائل عام 2024، لكن العرض رفض.
ومؤخرا، أبرمت Manus شراكة مع نموذج الذكاء الاصطناعي Qwen التابع لشركة على بابا، مما يعزز من قدراتها التكنولوجية ويوسع نطاق استخدامها في السوق الصينية.
كما حصلت على دعم من الحكومة الصينية، حيث تم تسليط الضوء على إنجازاتها في وسائل الإعلام الرسمية مثل CCTV، مما يعكس التزام الصين بتطوير شركات الذكاء الاصطناعي المحلية ذات الإمكانات العالمية.