منذ الأيام الأولى لثورة الـ 21 من سبتمبر اتضحت حقيقة تجاهل البعض على مستوى الداخل والخارج اليمني لتلك لمبادئها وأهدافها العظيمة وتعمدوا الوقوف في طريقها ومواجهة واعتراض مسارات تطورها ونذروا أنفسهم للعمل ضد إرادة وتطلعات الجماهير اليمنية الرافضة للوصاية والاستكبار والاستعمار.. وهو الأمر الذي وضع الثورة أمام تحديات جسيمة تفوق قدراتها وإمكاناتها الذاتية لحظة انطلاقها، وعرضها لمخاطر وتآمرات وحروب عدوانية خفية وسافرة داخلية وخارجية وبشكل لم يسبق وأن تعرضت لمثله أية ثورة وطنية تحررية أخرى.

اليوم ونحن نحتفل بالعيد الوطني التاسع لتلك الثورة العظيمة.. حين نعيد النظر في طبيعة الأحداث والتآمرات التي تعرضت لها في مراحلها المبكرة ولا زالت تتعرض لها حتى اليوم نجد أن الكثير من أسباب ودوافع تلك التآمرات الخارجية الموجهة لإجهاض تطلعات الشعب اليمني التحررية وإرادته في التطور والتغيير لها ارتباطات بالإطار المكاني والزماني لثورة الـ 21 من سبتمبر كأول ثورة وطنية تحررية رافضة للوصاية والتبعية والهيمنة الأمريكية الصهيونية في المنطقة العربية وفي منطقة الجزيرة العربية، وهي المنطقة الحيوية والاستراتيجية التي كانت ولا تزال تشكل على الدوام أحد أهم البؤر الكونية لتنافس وصراع قوى الهيمنة والاستكبار والنفوذ وصراع المصالح الاستعمارية القديمة والمعاصرة بدوافعها الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. ولذلك لم يكن بالأمر الغريب أن تعرضت ولا تزال تتعرض تلك الثورة للتآمرات الخارجية الدولية والإقليمية والداخلية التي كان ولا يزال يمثل العدوان الاحتلال السعودي الأمريكي السعودي الإماراتي البريطاني الصهيوني أبرزها.

 

الموقف الأمريكي من الثورة

وبالعودة إلى ما شهدته الأيام الأولى لانطلاق الثورة من تطورات وقائع وأحداث ومواقف وردود أفعال ممانعة فقد وجدت أمريكا ومنظومة الاستعمار الغربي القديم الجديد في ثورة الـ 21 من سبتمبر خطرا وتهديدا حقيقيا لمصالحها الاحتكارية النفطية وهيمنتها على ثروات شعوب المنطقة والشعب اليمني.

ولأن مملكة آل سعود وإمارات الخليج العربي طبقا لسمات وظروف وحقائق المرحلة التاريخية آنذاك كانت قد أصبحت أراضيها مقرات قيادة مركزية وقواعد عسكرية أمريكية.. فقد راهن عليها معسكر الاستعمار والاستكبار الغربي بأسره في الاضطلاع بدور حيوي ورئيسي لخدمة وتأمين مصالحه وشركاته الاستثمارية الاحتكارية وتوفير ضمانات استمرار هيمنته على مصادر الطاقة.

مؤامرة القضاء على الثورة

وفي هذا السياق أسند إليها مهمة القضاء على ثورة الـ 21 من سبتمبر وإجهاض تطلعات الشعب اليمني في التحرر من ربقة الوصاية السعودية.

وفي الوقت الذي كانت فيه صنعاء وعدن وبقية أرجاء ومحافظات الوطن تعيش حالة ثورية وزخما تحرريا جماهيريا غير مسبوق ومتغيرات سياسية تحمل في أحشائها تباشير واضحة بمخاض وطني جديد .. وجد أعداء الثورة من القوى الاستعمارية والغربية وفي مقدمتها أمريكا وأعداء اليمن التاريخيين من القوى الرجعية وفي مقدمتهم ( نظام آل سعود ) أن نجاح مشروع هذه الثورة سيضع حدا نهائيا لوصايتهم وهيمنتهم وسيحد من تدخلهم المباشر على القرار اليمني وسينهي هيمنتهم الاستعمارية على اليمن التي سادت لعقود من الزمن.

 

تحت غطاء الهيكلة

وسارعوا إلى استكمال مخطط مؤامرتهم العدوانية التي كانوا قد بدأوا بتنفيذها قبل قيام ثورة 21 سبتمبر من خلال عبثهم وتدميرهم الممنهج للقوات المسلحة وقدراتها الدفاعية بشكل غير مباشر تحت غطاء ما أسموه بإعادة الهيكلة.

 وفي الـ 26 من مارس 2015م أعلنت قوى الهيمنة والاستعمار والاستكبار من واشنطن على لسان وزير خارجية مملكة الوصاية السعودية عن تشكيل تحالفها العدواني الكوني الغاشم المكون من 19 دولة وبادرت مملكة آل سعود وإمارات آل نهيان بشن عدوانها الغاشم على اليمن بشكل مباشر بهدف إجهاض ثورة الـ 21 من سبتمبر الفتية ووأدها في مهدها.

 

مخاطر وتهديدات

ورغم كثرة المخاطر والتهديدات التي أحدقت بالثورة  وبتطلعات الشعب الرافضة لاستمرار الطغيان والوصاية الخارجية بفعل العدوان الإجرامي الغاشم الذي شنته قوى الهيمنة والاستكبار العالمي والقوى الرجعية، وعلى الرغم من أن الثورة لم تكن في تلك اللحظة تمتلك المقومات والإمكانات الكافية للصمود في وجه طوفان العدوان التآمري أو قادرة على صد عدوان خارجي بذلك المستوى.. تبقى الحقيقة التي لا يمكن لأحد تجاوزها أو القفز عليها هي حقيقة أن قرار الصمود والمواجهة والتصدي لقوى العدوان الذي اتخذه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي كان هو القرار الصائب والدعامة الرئيسية والمدماك الأساسي لاستمرار الثورة باعتبارها حاجة ماسة وملحة للدفاع عن سيادة الوطن اليمني وعزة وكرامة الشعب والانتصار لقضاياه العادلة وقضايا الأمة الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

حكمة وحنكة قائد الثورة

وبعمق نظرته وسعة ثقافته الإيمانية وعظمة ارتباطه الوثيق بالله وبرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وحكمته وحنكته السياسية والعسكرية أدرك قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين أن ثورة الـ 21 من سبتمبر  العظيمة والمباركة لا يمكن أن تتجلى قيمتها التاريخية وأهميتها الوطنية إلا من خلال قدرتها على حماية ذاتها وتأمين وجودها وترسيخ جذورها وتهيئة الظروف المواتية لانتصارها وتحقيق وإنجاز أهداف مشروعها القرآني والوطني والحضاري في نشر وترسيخ الهوية الإيمانية اليمانية والتحرر من الوصاية والهيمنة والاستكبار العالمي وتحقيق تطلعات الشعب في التغيير والتنمية بأبعادها الوطنية والإنسانية.

وفي هذا السياق مثلت خطابات وكلمات وتوجيهات قائد الثورة قاعدة الدعم السياسية والإعلامية والمعنوية والمادية والعسكرية المعززة لاستمرار الثورة وصمودها في مواجهة التآمر والعدوان الذي تتعرض له.

ورغم الإعلان المتبجح لتحالف العدوان الذي قال فيه أن قواته قادرة على حسم المعركة والقضاء على الثورة خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.

بالمقابل حدد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي متطلبات استمرار الثورة والصمود الوطني في وجه العدوان في ضوء طبيعة وقائع وأحداث وتطورات الموقف السائد آنذاك.

 

تلاحم واصطفاف وطني

شكلت التحديات والمؤامرات التي رافقت مشروع الثورة حافزا لأبناء الشعب في تعزيز التلاحم والاصطفاف الوطني والتصدي لمجمل المخططات التي حاولت إعاقة هذا المشروع وسط وعي شعبي يتسم بالنظرة الثاقبة إزاء تلك التحديات باعتبارها مخاضاً حتمياً للاعتماد على الذات في بناء وطن عاش عقوداً من الزمن مسلوب القرار والإرادة.

اتجهت الجهود منذ الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 للاعتماد على الذات وتصحيح المسار الثوري الصادح بمظلومية شعب عانى من القهر والفساد، والتحول نحو بناء الدولة، ودعم معركة الدفاع عن الوطن وإفشال مخططات العدوان ومرتزقته وتلقينهم الهزائم والدروس التي أكدت لهم وللعالم أجمع حقيقة أن اليمن سيظل مقبرة لكل غزاة العصرين القديم والحديث، وتعرية زيفهم وبيان حقيقتهم الإرهابية.

 

مواقف ضبابية ومتغيرات متسارعة

كانت السنوات الأولى من عمر الثورة وعمر العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الذي تتعرض له الثورة والوطن والشعب اليمني مشحونة بالوقائع والأحداث السياسية والعسكرية والمواقف الداخلية والخارجية الضبابية التي صاحبتها متغيرات ومعطيات متسارعة على الأرض كان لها تداعياتها قصيرة وطويلة الأمد والأثر على واقع الشعب والوطن اليمني..لعل أكثرها تأثير وسلبية قد تمثل في انهيار الوضع

الاقتصادي اليمني بفعل الحصار الاقتصادي المتزامن مع العدوان ثم انهيار العملة الوطنية وأخيرا احتلال العدوان عددا من محافظات الوطن لا سيما تلك التي تكتنز تحت ثراها المخزون الأكبر من ثروات الوطن الغازية والنفطية، وكذا احتلال عدد من الجزر والموانئ البحرية الاستراتيحية.

 

صمود ثوري يمني أسطوري

بالمقابل استمرت ثورة الـ 21 من سبتمبر العظيمة والمباركة في السير على درب النضال والصمود اليمني الوطني منقطع النظير ورسمت خارطة أهدافها التي تجلت واقعاً عملياً على الصعيد السياسي والعسكري والأمني ومختلف مجالات الحياة، وكسرت كل الرهانات التي تبددت معها حملات ومحاولات قوى العدوان والفساد والعمالة الهادفة إلى القضاء على الثورة وإعادة اليمن إلى مربع الوصاية من جديد.

وكان الصمود الأسطوري اليمني في وجه العدوان والحصار بفعل استمرار ثورة الـ 21 من سبتمبر ونجاحها في صناعة مفردات المشهد اليمني الذي تجلت أبرز ملامحه من خلال العديد من الشواهد والمعطيات التي غيرت مجرى الأحداث على صعيد واقع المواجهة العسكرية وفي المشهد السياسي واستقلال القرار اليمني ، ونهاية زمن الوصاية وحكم السفراء ووكلاء السعودية في اليمن.. كلها أمور كانت كفيلة بأن تكشف للرأي العام المحلي والدولي والعالمي كافة خيوط المؤامرة التي حاكتها قوى الهيمنة والاستكبار العالمي ومراكز صناعة القرار والمؤسسات الاستخباراتية والدبلوماسية الأمريكية الصهيونية في أكثر من عاصمة إقليمية وعربية ودولية.

 

القضاء على بؤر الإرهاب

وإلى جانب نجاحها في أن تنتشل البلاد من أيادي العابثين والقوى المنتفعة والقضاء على بؤر الإرهاب التي ظلت تعبث بأمن البلاد على امتداد خارطتها الجغرافية، وإسقاط دعاة الفتن والتكفير وفضح مشاريعهم التدميرية..  حملت ثورة الـ 21 من سبتمبر  مشروع الاستقلال والسيادة والتطوير والتصنيع وبناء قدرات المؤسسة العسكرية والأمنية والتحول نحو النهوض بالقطاع الزراعي، وأسقطت في زمن قياسي هوامير الفساد الذين أجهضوا تحقيق أهداف الثورات السابقة وجثموا على صدر الوطن لتحقيق مصالحهم الشخصية.

 

إخفاق العدوان في كسر عنفوان الثورة

وعلى مدى تسعة أعوام من الثورة، أخفق تحالف العدوان في كسر عنفوان الثورة وفي إعادة زمن الوصاية ونفوذ السفارات رغم وحشية الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب اليمني.

وأفرزت معطيات ثورة 21 سبتمبر نجاحا حقيقيا في ترجمة أهدافها بإنهاء التدخلات الخارجية، وإرباك أوراق تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، والتصدي لكافة أشكال المؤامرات، وقطع الطريق على العملاء والمرتزقة في اختراق النسيج المجتمعي.

وجسد اليمنيون بثورة 21 سبتمبر خلال سنواتها التسع ، إرادة لا تقهر محققين تحولات كبرى في المشهد السياسي اليمني وانعكاساته على المستويين الإقليمي والدولي، وانكشفت لشعوب العالم فصول من القبح والارتزاق والمتاجرة بدماء المدنيين لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.

 

منجزات متعددة على كافة المستويات

اليوم بعد تسع سنوات من عمر الثورة، التي تعددت منجزاتها على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية رغم استمرار العدوان والحصار يمكن القول أن أبرز المنجزات التي حققتها ثورة الـ 21 من سبتمبر هو منجز التحرر من الوصاية الخارجية وامتلاك القرار السيادي اليمني الذي تتجلى أبرز مظاهر امتلاكه اليوم في مفاوضات الانتصار والاستمرار في تحقيق أهداف الثورة الجارية في عاصمة مملكة العدوان بعد رضوخها لمطالب وتهديدات القيادة اليمنية الثورية والسياسية والعسكرية باستئناف الحرب إذا لم يتم الإسراع في تنفيذ المطالب والاستحقاقات اليمنية التي لخصها رد صنعاء السريع عبر عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي وعضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد على بيان الخارجية السعودية عقب وصول الوفدُ الوطني برفقة الوسيط العماني إلى الرياض، الذي زعمت فيه أن دعوتها لوفد صنعاء إلى المفاوضات في الرياض تأتي امتدادا لمبادرتها المعلنة عام 2021م في محاولة منها للتنصل عن المسؤولية وحفظ ماء وجهها.

حيث كتب عضو المجلس السياسي الأعلى على منصة إكس ردا على بيان الخارجية السعودية قال فيه : "كما قلنا في رؤية الحل الشامل لايمكن أن يكون الحوار إلا مع تحالف العدوان باعتبار قرار العدوان والحصار وايقافه بيده.

تستمر الحوارات مع السعودية كقائد للتحالف وبين صنعاء الجمهورية وبوساطة عمانية للتوصل لحل في المواضيع التي يتم مناقشتها بالملف الإنسانيّ والمتمثل بصرف مرتبات الموظفين اليمنيين وفتح المطارات والموانئ والإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين وخروج القوات الأجنبية وإعادة الإعمار وصولا إلى الحل السياسي الشامل والتي سبق وأن أعلنها رئيس الوفد قبل المغادرة الى الرياض أملنا أن يتم النقاش الجدي لما فيه مصلحة الشعبين وتجاوز التحديات".

موقف مبدأي ثابت

وبدوره أكد عضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد أن الوساطة عمانية فقط وقال في تصريح له أن الجولة الجديدة للمفاوضات التي تشهدها الرياض تمثل فرصة للنظام السعودي قد لا تتكرر، متسائلا.. هل ينتهزها بن سلمان وينفك من القيود الأمريكية ويجنح للسلام؟ لا سيما والوسيط العماني قد بذل جهود كبيرة في سبيل تحقيق السلام وتحمل كثيراً بجاحة وتقلبات وغباء ورعونة الوفد السعودي المفاوض طوال الجولات السابقة للمفاوضات.

وأضاف الأسد: موقف وفدنا الوطني المفاوض موقف ثابت ومبدئي وينطلق من حق شعبنا اليمني في أمنه واستقراره ووقف العدوان عليه وفك الحصار عنه واستعادة ثرواته السيادية المنهوبة والمودعة لدى البنك الأهلي السعودي والتي هي مرتبات لموظفي الجمهورية اليمنية، وكذلك خروج القوات الأجنبية الغازية وإعادة الإعمار وجبر وتعويض الضرر الذي تسبب به العدوان الغاشم على بلادنا.

ورغم كل ما حققته ثورة الـ 21 من سبتمبر المباركة التي نحتفل بعيدها الوطني التاسع اليوم ستظل تلك الثورة العظيمة مستمرة حتى تحرير كل شبر من الأراضي اليمنية ، وبناء دولة النظام والقانون والحرية والاستقلال ذات السيادة الكاملة غير المنقوصة على كافة أراضيها من المهرة شرقا حتى الحديدة غربا، ومن صعدة شمالا حتى عدن جنوبا، دولة العزة والكرامة اليمنية المتحررة من الوصاية الخارجية التي ينعم فيها المواطن اليمني بخيرات وثروات وثمار بلده ، ويعيش فيها حياة العزة والكرامة، دون أي  تدخل خارجي في شؤونه الداخلية.

المصدر – صحيفة اليمن

 

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب

في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب

تاج السر عثمان بابو

1

تتزامن الذكرى السادسة  لثورة ديسمبر  مع الذكرى 69 للاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955، التي تتطلب تكثيف النضال الجماهيري لوقف الحرب واسترداد مسار الثورة، في ظروف تعاني فيها البلاد من ويلات الحرب التي شردت الملايين وأدت لمقتل وفقدان الآلاف، وتدمير البنية التحتية، والابادة الجماعية ونهب الأراضي ومناجم الذهب وممتلكات المواطنين واحتلال منازلهم، وتوقف عجلة الاقتصاد، وتدهور مريع في الأوضاع الإنسانية والمعيشية، اضافة لخطر تقسيم البلاد وتمزيق وحدتها باطالة أمد الحرب، والاعلان عن تكوين إدارات محلية في مناطق سيطرة الدعم السريع موازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، والإعلان عن تكوين جكومة منفي، في غياب الجماهير ومؤسساتها الدستورية،، اضافة للخطر من  إطالة أمد الحرب  ، مما  يهدد السيادة الوطنية، ويزيد من حمى التدخل الدولي للمحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، بهدف نهب ثروات البلاد ،هذا إضافة لخطر المجاعة التي  تهدد  حوالي 26 مليون مواطن سوداني، فضلا عن مصادرة الحريات والحقوق الأساسية من طرفي الحرب، وحالات التعذيب للمعتقلين حتى الموت، وقصف الجيش والدعم السريع لمواقع المدنيين، مما يؤدي للزيادة المستمرة في ضحايا وجرحي الحرب، كما يحدث في الفاشر، الخرطوم وامدرمان وبحري، والجزيرة. الخ..

2

كما اوضحنا سابقا لم تكن ثورة ديسمبر حدثا عفويا، بل كانت تحولا نوعيا لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الانقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاما التي عبرت عنها الهبات والاضرابات والمظاهرات، والاعتصامات التي واجهها النظام باطلاق الرصاص الحي مما أدي إلي مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام، والالاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات، والشهداء في حروب الابادة في الجنوب حتى تم انفصاله، اضافة لقمع المرأة التي لعبت دورا كبيرا في مقاومة نظام الانقاذ الذي استهدفها، وفي جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لوقف الحرب  واستكمال مهام الثورة.

3

كما جاءت ثورة ديسمبر رغم خصوصيتها علي خطي تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م وتجربة انتفاضة مارس- ابريل 1985 في السودان التي اوضحت أن الثورة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية التي تتلخص في:

– الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع باسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم.

– تفاقم الصراع داخل النظام الحاكم الذي يشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي الي الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة، وتشل اجهزة القمع عن أداء وظائفها في القهر، وأجهزة التضليل الأيديولوجي للجماهير.

– وأخيرا، وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتى النصر.

4

طرحت ثورة ديسمبر شعارات الحركة الوطنية و الجماهيرية التي رفعتها بعد انفجارها بعد نهاية  الحرب العالمية الثانية فى معركة الاستقلال 1956، وثورة اكتوبر 1964 كما في:

– الحرية والديمقراطية والحياة المعيشة الكريمة، وتوفير حق العمل للعاطلين.

– العدالة والسلام ووقف الحرب والسيادة الوطنية.

– استعادة  أموال وممتلكات شعب السودان المنهوبة.

– محاسبة الفاسدين الذين دمروا البلاد ومشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية.

– قومية الخدمة المدنية والنظامية، وعودة المفصولين من الخدمة المدنية والنظامية.

– حل المليشيات (الكيزان والجنجويد، وجيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية.

وغير ذلك من الأهداف التي تم التوقيع عليها في ميثاق قوي الحرية والتغيير  الموقع عليه  في يناير 2019 الذي تم الانقلاب عليه بالتوقيع على” الوثيقة الدستورية” المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر وقننت الجنجويد دستوريا، وحتى” الوثيقة الدستورية” كما أوضحنا سابقا تم الانقلاب عليها، كما في التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات  ومناصب، وأخيرا تم إطلاق رصاصة الرحمة  عليها بتدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى  في تشكيل حكومة، وجاء الاتفاق الإطارى بتدخل إقليمي ودولي، الذي أدي للصراع بين الجيش والدعم السريع حول مدة دمجه في الجيش، واشعل نيران الحرب الجارية حاليا، التي تتطلب مواصلة المقاومة الجماهيرية لوقفها ومنع تمددها واطالة  أمدها، واسترداد الثورة في ذكراها السادسة  وذكرى الاستقلال من داخل البرلمان..

5

في ذكرى الاستقلال من داخل البرلمان وثورة ديسمبر نستلهم تجربتها في عدم تكرار انتكاسة  ثورة اكتوبر 1964، وانتفاضة مارس – أبريل 1985، مهم مواصلة الثورة في أوسع حراك جماهيري حتي تحقيق أهدافها في الآتي:

المحاسبة وعدم الافلات من العقاب في جرائم الحرب، ومجزرة فض الاعتصام وبقية الجرائم ضد الإنسانية.

تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة

– أن تضع الدولة يدها علي كل الشركات العاملة في الذهب والبترول، وتخصيص جزء من عائداته لتنمية مناطق الانتاج والمحافظة علي البيئة، ومراجعة كل الاتفاقات حول تأجير الأراضي الزراعية التي تصل الى 99 عاما، لمصلحة شعب السودان والمناطق المحلية.

– رفض سياسة التحرير الاقتصادي، وتحسين الأوضاع المعيشية وتركيز الأسعار ودعم السلع الأساسية، ومجانية خدمات التعليم والصحة وتوفير خدمات المياه والكهرباء، وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية لدعم الإنتاج وتقوية الصادر والعملة المحلية وتوفير العمل للعاطلين، الخ. وتقليل الصرف علي جهاز الدولة وميزانية الأمن والدفاع التي تصل 76%، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والتنمية، ووقف الحرب التي اورث شعبنا الفاقة والمسغبة.

–  تحقيق السلام والحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة بالأتي:-

* الديمقراطية وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.

* رفع حالة الطوارئ، واطلاق سراح  كل المحكومين.

*الترتيبات الأمنية بحل كل المليشيات “دعم سريع، جيوش الحركات.. الخ”، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية..

*  تسليم البشير والمطلوبين في جرائم الابادة الجماعية للجنايات الدولية.

* عودة النازحين لمنازلهم وقراهم، وإعاد تأهيل واعمار مناطقهم وتعمير ما دمرته الحرب، وعودة المستوطنين لمناطقهم، والتنمية المتوازنة.

* قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة، وحماية ثقافة ولغات المجموعات المحلية.

* قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، الذي يقرر كيف تحكم البلاد؟، ويضع الإطار لدستور ديمقراطي بمشاركة الجميع، وقانون انتخابات ديمقراطي ولجنة مستقلة تضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

– الغاء كل الاتفاقيات العسكرية التي تفرط في سيادتنا الوطنية، والخروج من محور حرب اليمن وعودة قواتنا منها، وقيام علاقاتنا الخارجية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري، التفاوض لعودة كل الاراضي السودانية المحتلة. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.

الوسومالاستقلال البترول البشير الجنائية الدولية الجنجويد السودان الفترة الانتقالية الكيزان المليشيات اليمن انتفاضة مارس أبريل 1985 تاج السر عثمان بابو ثورة اكتوبر 1964 ثورة ديسمبر

مقالات مشابهة

  • استفتاء 19 ديسمبر .. جذوة الثورة ما تزال حية
  • في ذكراها السادسة كيف تم إجهاض ثورة ديسمبر؟
  • ثورة يحبّها الأعداء… إلى حين!
  • استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية 
  • ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.
  • في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب
  • شاهد بالفيديو.. لحظة وصول الصاروخ اليمني إلى وسط “تل أبيب” وحجم الدمار الكبير الذي ألحقه بالمنشآت الصهيونية
  • السلام طريق إنقاذ الوطن وبنائه على أسس جديدة
  • ماذا حدث لثورتنا: أسأل عن الطبقة في قيادتها
  • هل كانت ديسمبر نصف ثورة؟