خبر وتحليل – «البرهان».. نيولوك في نيويورك – عمار العركي
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
• مياه كثيرة مرت تحت جسر خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابقة رقم (77)، والذي جاء في أوج الأزمة السياسية، بسبب تغول وتسلط الحرية والتغيير وحميدتي فولكر والرباعية والثلاثية …الخ على الجيش وقائده العام و مجلس السيادة و رئيسه الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
• حينها تم إستقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في محيط مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأمريكية بتظاهرات “قحتاوية” رديئة الصنع و الإعداد بإسم ” الجالية السودانية طالبت فيها المجتمع الدولي بمقاطعة “السلطات العسكرية” تزامناً مع خطاب البرهان .
• جاء خطاب البرهان حينئذٍ محبطاً و مفاجئاً لهم حين قال البرهان ” الجيش قرر الخروج من العملية السياسية” مطالباً الأطراف المدنية بالتوافق على حكومة إنتقالية تقود البلاد إلى الإنتخابات و أكد «دعمهم للعملية السياسية التي قادتها الآلية الثلاثية لبعثة الأمم المتحدة لدعم الإنتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) و الإتحاد الإفريقي و إيقاد ، وتأييدهم لكل المبادرات الساعية لحل الأزمة في البلاد خاصة المبادرات الوطنية».
• أما قاصمة ظهرهم، كانت عندما تناول البرهان بعدم الرضا و الشجب و التحفظ، على آداء “فولكر” العدائي و المهدد للإستقرار السياسي .
• غداً الخميس 21 سبتمبر، و في توقبت عالي المشاهدة عالمياً عندما تكون الرابعة في نيويورك و التاسعة في لندن وغالبية عواصم أوروبا ، و الحادية عشر في الشرق الأوسط و العاشرة في الخرطوم يطل السيد رئيس مجلس السودان على الجمعية العامة و العالم (بنيولوك جديد) متحللاً من قيود الماضي و كثير من الضغوط الخارجية و الداخلية سيظهر البرهان وحده على المشهد بعد ذهبت الحرية و التغيير أدارج الرياح و تحول الأسطورة و مدلل أوروبا و الرباعية “حميدتى و أتباعه ” إلى إرهابيين و دعمه السريع بات ميلشيات إرهابية منبوذة دولياً.
• سيخاطب البرهان الجمعية العامة و العالم بمظهر مغاير مؤكداً على تنفيذ كل إلتزامات و تعهدات السودان في الخطاب السابق خاصة في محاربة الميلشيات الإرهابية في الخرطوم للحفاظ على السودان و حماية الأمن و السلم الإقليمي و الدولي من شرور و خطر هذه الجماعة الإرهابية التي تهدد الإستقرار الإقليمي و الدولي.
• سيخاطب البرهان الجمعية والعالم و قد أوفى تعهداته بخروج الجيش من العمل السياسي و الذي يدار عن طريق الغالبية من أهل السودان المدنيين و السياسيين و الأحزاب و المنظمات و الأكاديميين و الإدارات الأهلية التي توافقت و تواثقت على حوار سوداني – سوداني أعلن في العاصمة “أسمرا” تم التنفيذ في حاضرة ولاية البحر الأحمر “أركويت”.
• خلاصة القول و منتهاه:
من خلال التطورات السياسية الداخلية وردود الأفعال الخارجية تجاه الاوضاع فى السُودان نتوقع ان يكون الخطاب في مجمله إيجابي جداً ومنتج تجاه تلك التطورات
نتوقع خطاب إستثنائي يجد صدى و تأثير من قبل المُخاطبين به و المقصودين برسائله بعد أن يُصحح الخطاب الصورة الذهنية الخاطئة و المُشوشة عن السودان و أوضاعه
الخطاب و الفعاليات المصاحبة واللقاءات الجانبية التي سيجريها البرهان إلى جانب النشاط و الفاعلية الدبلوماسية لمكتب السودان بالأمم المتحدة و المندوب الدائم ، نتوقع إحداث إختراقات كبيرة و إنفتاح ايجابي حيال علاقات السودان بالمجتمع الدولي في إتجاه إستقراره و تحقيق جملة من مصالحه الإستراتيجية .
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: البرهان خبر وتحليل
إقرأ أيضاً:
تاح تاح تاح تحسك بالسلاح”: الأغنية السياسية في الحرب (2-2)
ملخص
جاء الغناء عن حب الوطن في السودان مدراراً ومن بابين، الأول هو حب مطلق مثل “أمتي يا أمة الأمجاد والماضي العتيق”، أما الثاني فهو ما نعى فيه المغنيون غربتهم عن الوطن في المهاجر وذاع ذيوعاً كبيراً خلال أيامنا في واقع النزوح الاستثنائي المأسوي بعد الحرب.
أما سيدة الأغنية السياسية ليومنا للقوات المسلحة فهي الفنانة ندى القلعة. فلا يمر يوم إلا ولها عبارة عن طبيعة الجيش من جهة خوضه الحرب العادلة ومؤسسيته مقارنة بـ”الدعم السريع”، أو جغرافيا المعارك وانتصارات الجيش. فميزت القوات المسلحة بميلادها في شرعية الدولة وتخرج ضباطها في الكلية الحربية “مصنع الرجال” في قولهم، واستحقوا صفة “جنابو” بخلاف ضباط “الدعم السريع” الذين نالوا رتبهم كفاحاً بما عرف بـ”رتب الخلاء”:
حبابو
القالو ليهو جنابو
حباب القوة الجايا بالشرعية
حباب الكاكي الدخلو ليه الكلية
وتطرق الفنانة ندى باب التاريخ الوطني لتضع انتصارات القوات المسلحة في سياقها، بل لترد على مزاعم “الدعم السريع” مثل أنه خرج ليقضي على دولة 56 التي ظلمت هامش السودان ظلماً كثيراً، فقالت:
ستة وخمسين دحرنا ظلم وحقب
العلم رفرف وأزهرينا خطب
و”أزهرينا” هو الزعيم إسماعيل الأزهري أول رئيس لوزراء السودان خلال الفترة الانتقالية 1954-1956، والذي اشتهر بأنه رافع علم استقلال السودان. ثم جاءت بواقعتين من نضال السودانيين ضد القوى الأجنبية، فكانت الأولى هي اغتيال المك نمر زعيم شعب الجعليين على النيل الأوسط، لإسماعيل باشا نجل الخديوي محمد علي باشا في 1822. فكان إسماعيل بعد غزو السودان التقى بالمك وطالبه بضرائب أثقلت عليه، ولما احتج رمى إسماعيل بغليونه على وجه المك فأضمرها المك وقبل بدفع ما عليه. وليرضى عنه إسماعيل دعاه لتناول العشاء بداره، وأحسن الطعام لهم والشراب، وكان قومه يزربون ديوانه بالحطب في هذا الأثناء، وبإشارة منه أشعلوا النار فيها لتحرق إسماعيل ومن معه. فقالت ندى “حرقناه فحم”.
أما إشارتها الثانية فكانت إلى مستر هارولد ماكمايكل مفتش شمال مديرية كردفان خلال العشرينيات والسكرتير الإداري للحاكم العام الإنجليزي لاحقاً، الذي أمضى أمراً أغضب الناظر عبدالله وجاد الله، زعيم شعب الكواهلة والمقاتل تحت راية مهدي السودان، فنزع قلم المفتش من يده وكسره. وصار الناظر يعرف بـ”كسار قلم مكميك” (ماكمايكل). وفي فروسيته نظمت مستورة بت كوكو أغنية لا تزال موضع إعجاب كثير. وقالت ندى القلعة عنه “رايو مكملو كسار قلم مكميك”. وللأغنية مطلع:
احترامو وجب
دا شعب صعب
رغم أنو عظيم إلا غضبو كعب (كأب، قبيح).
مين بيقدرنا، “أفارقة زنج عرب”
وتعقد ندى القلعة فتوح القوات المسلحة عقداً في غنائها. فلها أغنية تبدأ بـ”العصا” (أي المطلع) التقليدي لأغنية الفروسية:
أنا يا ليل هوي الليلة
وهي التي يرقص الرجال “العرضة” على وحي حماستها رقصة يبدون فيها على مشية الصقر الفخور.
وتحصي في أغنياتها المدن التي استردها الجيش من “الدعم السريع” كل بصفتها، فأم درمان مثلاً “بناسها مركز الفراسة”. وقالت عن مدينة مدني، خشو (أي “الدعم السريع”) مدني غلطة وكانت أكبر ورطة.
وتعود في أخرى لتطلع فيها بـ”عزة تفخر بأولادها”، و”عزة” هذه عائدة إلى شاعر الحركة الوطنية خليل فرح الذي تقدم ذكره، فـ”عزة” عنده هي الوطن. ومضت ندى القلعة تعدد متحركات القوات المسلحة الأخيرة التي فكت الحصار عن معسكرات القوات المسلحة، فتذكر أنه بفضل هذه المتحركات “الإشارة (سلاح) قالدت القيادة”. ونوهت بتسلم الجيش لمصفى الجيلي. وتذكر أسلحة الجيش واحداً بعد واحد، المدفعية والعمل الخاص وأمن يا جن (هكذا يصف أفراد جهاز الأمن والاستخبارات مؤسستهم). ووثقت لاندياح الجيش شمال مدينة الخرطوم بحري:
شرق النيل دي بجيها جية
بخش الشمس حية
دي بحري بجيها جية
شمبات دي بجيها جية
وللدعامة غرزة وكية
وتتسرب عبارات القوات المسلحة إلى غنائها، فذاع في أوقات حصول الجيش على تسليح أحدث جاء في وقته عرف بـ”العدة الجديدة”، فقالت ندى:
أديك النجيضة
وكلو بالعدة الجديدة
بل وتتوقف عند لحظات درامية في المعركة. فكان الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقف في فيديو راج عند كبري بيكة بمدينة مدني، وقال إنه قال للطيار إن كان بوسعه أن يرسل صاروخاً يدخل في فجوة في الجسر اختفى فيها جماعة من “الدعم السريع”، ففعل. فقالت ندى:
طيارنا سويت البدع
صاروخك بالملي بيقع
سوخوينا (السوخوي) والميج الطلع
الدعامي من صوتو اتخلع
لا أعتقد أن مساعي المجتمع الدولي لإيقاف الحرب في السودان عدت هذه الأغاني السياسية التي تغذي الحرب باستنفار بوسيط الإبداع لقيم الفروسية في المحاربين وغير المحاربين. وليست هذه التعبئة قاصرة على القوات المسلحة. فبين قوات “الدعم السريع” جنس من غناء الفروسية تضطلع بها نساء عرفن بـ”الحكامات” (مفردها حكامة). بل ذاع قبل مدة أن واحدة منهن خلعت لباسها وقالت إنها لن ترتديه إلا حين يأتي لها فرسانها وعليهم غار النصر. بل كان أول الالتفات لدور هؤلاء الحكامات خلال نزاع دارفور في العقد الأول من هذا القرن. فعادة ما حملت مقررات مجالس الصلح التي سعت إلى طي الخلاف توصية بإقناعهن بالتوقف عن تلك الحماسة الضارة للرجال. فالحرب لا تخاض في ميدانها، إنها تخاض غناء كذلك. فلهؤلاء الفنانات قول حتى في أدق دقائق الحرب. فلما حمل المجتمع الدولي على القوات المسلحة لتفاوض خرجت الفنانة ميادة قمر الدين بأغنية “ملوك القل”:
تاح تاح تاح تحسم بالسلاح
ما في مفاوضات ودا الكلام الصاح
للحرب القائمة في السودان ثقافة، وهي ثقافة للحماسة واستحقار الموت للقضية. فترى جنود القوات المسلحة والمستنفرين والجمهور “يعرضون” على وقعها متشربين معانيها ريثما يعودون للميدان من جديد. وهي ثقافة محجوبة عن “المبعوث الخاص” الذي يعتقد أنه يعرف كيف يطوي صفحة حربنا بأمر تكليفه العالي.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب