يمن مونيتور/ تقرير خاص

تواصل جماعة الحوثي المسلحة تنفيذ مشروعها التدميري الذي يستهدف التعليم وتفخيخ المناهج الدراسية بأفكار إيدلوجية وطائفية.

وخلال السنوات الماضية عملت الجماعة المسلحة على تغيير المناهج الدراسية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها بهدف نشر أفكارها ومعتقداتها المحشوة بالعنصرية والكراهية والعنف، بعد ما عملت على حذف بعض المواضيع الدراسية، واستبدلتها بمواضيع تخدم مشروعها الطائفي.

وتقابل تلك الممارسات برفض واسع في أوساط المواطنين الذين يدركون خطورة ذلك على أطفالهم وتأثيره على مستقبلهم الملغم بالأفكار التي تشجع على الكراهية والعنف.

تلغيم تربوي

كما استخدمت الجماعة قوتها العسكرية في نشر فكرها الطائفي عبر تنظيم فعاليات ودورات طائفية، وأجبرت المعلمين ووكلاء المدارس في جميع المحافظات التي تحت سيطرتها لحضورها إجباريا.

وقالت مصادر تربوية في صنعاء إن الحوثيين أجبروا معلمين، وتربويين، بالمدارس الحكومية والأهلية، على حضور الدورات الخاصة التي نظمت لنشر معتقداتهم في أوساط التربية والتعليم.

أحد هذه المصادر فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال في حديث ل ”يمن مونيتور“ تتم عملية اختيار المعلمين وفقا للخطة المسبوقة، التي تهدف إلى الحضور والمشاركة في الدورات الطائفية تحت مسمى ورش تدريبية، متوعدين باتخاذ عقوبات صارمة لمن لم يخضع لحضور الدورات.

وأضاف: ركزت الجماعة بشكل أساسي على حضور مدرسي مادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية في دوراتها الطائفية، وهي المواد التي شهدت تعديلات واسعة، بما يناسب معتقداتهم الطائفية.

وفي السياق ذاته يقول أحد المشاركين في الدورات التي أقيمت بمحافظة البيضاء فضل عدم ذكر اسمه، في حديث ل ”يمن مونيتور“: إنه تم إجبارهم على حضور الدورة التي تستمر لمدة أسبوع وتقام في المدارس والمجمعات الحكومية منذ مطلع العامين الماضيين، وتهدف من خلالها استقطاب أكبر قدرا من المعلمين.

ويذهب إلى أن الجماعة تولي المراكز الصيفية أهمية كبيرة، وتحشد لها الإمكانات الضخمة، وتنفق مبالغ طائلة لدعم هذه المراكز وتكثف الحملات الإعلامية لها وتستخدم وسائل الترهيب والترغيب، لضمان الدفع بمئات الآلاف من النشء لهذه المراكز البعيدة وإبعادهم عن التعليم، والتي تنحصر مهمتها في زرع أفكار الولاية والعصمة لما يسمى آل البيت الذين يتزعمهم عبد الملك الحوثي وأسرته.

وأكد أنها تلزم جميع المعلمين في كافة المدارس للاستماع إلى محاضرات مؤسس حركة جماعة الحوثيين في يوم الأربعاء من كل أسبوع، مطلقين عليه “اليوم الثقافي”.

وأضاف: أن الجماعة الحوثية أجبرت الطلبة للاستماع إلى أنشطتهم عبر المذياع المدرسي، وتدرك المليشيات أن ما تقوم به من دورات غير مقبولة لدى التربويين ولا المجتمع بشكل عام.

استبدال المعلمين

وخلال السنوات الماضية أقدمت الجماعة على إقالة العديد من مديرين المدارس والموظفين في مكاتب ووزارة التربية واستبدالهم بعناصر تابعة لهم، وكان أخرها إقالة مدير مدرسة الشهيد ناجي حميد في محافظة إب جنوب اليمن، واستبداله بموظف تابع له.

وفي ظل التغييرات المتتالية التي تشهدها المدارس في مناطق سيطرة المليشيات، يتم تعيين أشخاص موالين لهم لا يحملون شهادات تربوية.

يؤكد عبد الله قاسم أحد المعلمين ل ”يمن مونيتور“ ما تقوم به الجماعة من تغيرات في أوراق التربية في المناطق المسيطرة عليها، أمر يهدد العملية التعليمة، من خلال نشر أفكارهم المتطرفة في أوساط المدارس، وهو الأمر الذي يجعل مستقبل البلاد على كف عفريت حد وصفه.

وأضاف: مع التعديلات الكبيرة في المناهج الدراسية تعتزم المليشيات بتكثيف الدورات الطائفية، وهو الأمر الذي يستدعي تنبه المجتمع لمثل هذه المخاطر.

وأكد أنها استغلت المراكز الصيفية والإذاعات المدرسية والتعديلات في المناهج الدراسية ووسائل الإعلام التابعة لها، لحشو عقول الطلبة بالعنصرية والاقتتال.

من جانبها تقول إحدى معلمات مدرسة مؤتة الواقعة بمديرية معين، في العاصمة المحتلة صنعاء، فضلت عدم ذكر اسمها، ل ”يمن مونيتور“: إن معلمي المدرسة كغيرهم يعانون من انقطاع الرواتب وغياب الكتاب المدرسي؛ فالتعليم طالب وكتاب وسبورة ووسائل تعليمية، فإذا غابت إحدى هذه المقومات أدت إلى ضعف التعليم،

وأوضحت أن ارتفاع رسوم التسجيل أدى إلى انقطاع بعض الطلبة عن التعليم بسبب الظروف المادية.

وأكدت أن استبدال الكوادر التعليمية بمتطوعات من خريجات الثانوية العامة، ومن هن مواليات للجماعة، أدى إلى ضعف العملية التعليمية، إذ إن كثيرا من المتطوعات لا يملكن الخبرة الكافية وغير مؤهلات تربويا ونفسيا لأن يصبحن معلمات وهن وغير مؤهلات للاستيعاب وتقبل الطلبة بقدراتهم العقلية المختلفة من ذكي ومتوسط وبطيء فهم.

وأضافت: إذا كانت المتطوعة هشة في مستواها التعليمي فكيف ستبني أجيال قوية ومتعلمة، ومع ذلك هناك عددا محدودا من المتطوعات أبرز قدراتهن وأبدعن في أداء واجبهن.

مدارس بأسماء” وهمية “

ولم يكتف الحوثيون في تعديلات المناهج الدراسية واستبدال المعلمين قط، بل أقدموا على تغيير أسماء مئات المدارس الحكومية والخاصة، واستبدالها بأسماء من مقاتليها وقادتها.

وكانت قد حذرت مصادر تربوية من مساع وترتيبات حوثية ، لطمس هوية نحو 15 ألف مدرسة في المناطق الخاضعة لسيطرتها ضمن مساعي تجريف الهوية الوطنية للمدارس ومؤسسات الدولة واستبدالها بأسماء قيادات حوثية وأسماء تحمل صبغات مذهبية وأمامية طائفية من مورثهم الديني تكريسا للمشروع الإيراني الفارسي في اليمن.

بالإضافة إلى استبدال أسماء وطنية. كمسميات الثورة مثل” 26 سبتمبر “والزبيري، وغيرها من المسميات الوطنية، بأسماء قتلاها وسط رفض مجتمعي واسع، حيث لا يزال الأهالي والطلبة يطلقون عليها المسميات القديمة عدا في الكشوفات التي يتم التعامل بها مع الجهات المعنية الخاضعة لسيطرة المليشيا.

ففي محافظة إب أقدمت المليشيات العام الماضي، إلى تغيير اسم إحدى المدارس باسم زعيمها الصريح” حسين الحوثي، بعد أسبوع من إقالة مدير المدرسة.

في هذا العام في نفس المحافظة كذلك قالت مصادر تربوية ”إن مليشيا الحوثي غيرت اسم مجمع ”صلاح الدين الأيوبي“ بمنطقة الجوالح في مديرية مذيخرة، بعد عشرات السنين من إنشائه، بمسمى طائفي يكرس السلالة الحوثية في أذهان الوسط الطلابي في ظل استمرار في المحافظة ذات الغالبية السنية، إلى مجمع ”زيد بن علي“.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الطائفية العنف اليمن المناهج الدراسیة یمن مونیتور

إقرأ أيضاً:

الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن

وعلى الرغم من التوجهات الأميركية المتجددة لتصعيد الأعمال الحربية على الحديدة تحت حجة وقف هذه الهجمات، فإن المعطيات والوقائع على الأرض تكشف أن هذه الرؤية تتسم بالعشوائية وعدم الاستناد إلى تحليل دقيق للواقع العسكري.

إن الدعوات الأميركية لشن هجوم بري على الحديدة تطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الاستراتيجية. فالمنطق العسكري يقول إن استهداف السفن في المياه الإقليمية لم يكن يوما مرتبطا بموقع جغرافي معين، بل كان مرتبطا بالقدرة على استهداف الأهداف البحرية عبر تقنيات متنوعة.

إذ إن أنصار الله لم يعتمدوا في استهداف السفن على الزوارق المسيرة إلا بعد شهور طويلة من استخدام صواريخ وطائرات مسيرة أُطلقت من مختلف المناطق اليمنية.

وبالتحديد، منذ بداية هجمات أنصار الله على السفن التجارية، تم استهداف 153 سفينة خلال الأشهر السبعة الأولى من المواجهات، ولم يحتاج المهاجمون إلى الزوارق المسيرة في تلك الفترة. بل كانت الهجمات تتم عبر صواريخ مجنحة وطائرات مسيرة أُطلقت من 12 محافظة يمنية. وهذا يثبت أن استهداف السفن لا يعتمد على الحديدة أو على منطقة معينة في البحر الأحمر، بل هو جزء من استراتيجية عسكرية شاملة تتوزع فيها العمليات من عدة مواقع في اليمن.

واليوم، وبعد مرور أكثر من عام على بداية هذه الهجمات، بلغ إجمالي السفن المستهدفة 202 سفينة، منها اثنتان فقط استُهدِفتا عبر الزوارق المسيرة في البحر الأحمر أما بقية السفن، فقد تم استهدافها بصواريخ وطائرات مسيرة، وصواريخ باليستية متطورة انطلقت جميعها من مختلف المناطق اليمنية، باتجاه مسرح العمليات البحري الذي يشمل البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط. هذه الوقائع تؤكد أنه لا توجد علاقة حتمية بين الهجمات على السفن وبين الحديدة بشكل خاص.

يستند التحليل العسكري إلى الوقائع الميدانية، ولا يمكن تجاهل المعطيات التي تؤكد أن الهجمات على السفن لن تتوقف في حال شن حرب برية على الحديدة. بل إن النتيجة ستكون كارثية، حيث ستجد المملكة العربية السعودية نفسها في مواجهة ردود فعل عسكرية عنيفة من قبل أنصار الله، سواء في البحر أو على الأرض وفي حال تم تنفيذ الهجوم البري على الحديدة، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة في الهجمات على السفن السعودية والنفطية، التي تشكل جزءا رئيسيا من الاقتصاد السعودي. ومن الممكن أن يكون الرد الحوثي على أي تصعيد في الحديدة جزءا من استراتيجية عسكرية أوسع تشمل استهداف المنشآت النفطية الحيوية للمملكة

وبالتالي حدوث ازمة عالمية في اسواق الطاقة بالعالم

علاوة على ذلك، فإن ما يبدو أنه اقتراح عسكري عشوائي يتجاهل تماما حقيقة أن أنصار الله يمتلكون القدرة على استهداف السفن باستخدام تقنيات أخرى لا تعتمد على موقع جغرافي معين.

لذلك، يمكن الاستنتاج بأن إشعال حرب على الحديدة لن يؤدي إلى توقف الهجمات على السفن، بل سيؤدي إلى تصعيد أكبر في المواجهات، وسيضر بمصالح الأطراف المتورطة في هذا النزاع، وعلى رأسها السعودية التي تساهم بشكل مباشر في دعم القوات المعادية في اليمن.

هذه المعطيات العسكرية تؤكد أن الرهان الأميركي على استهداف الحديدة كوسيلة لوقف الهجمات على السفن هو رهان خاطئ. بل إن التصعيد العسكري في هذه المنطقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ ستزيد الضغوط على المملكة العربية السعودية التي قد تجد نفسها في مواجهة تهديدات متعددة، سواء كانت في البحر أو على الأرض.

في النهاية، يعكس الموقف الأمريكي تجاه الحديدة فشلا في فهم تعقيدات الواقع العسكري اليمني، ويجسد عجزا في قراءة التفاعلات الاستراتيجية على الأرض. وإذا كانت الولايات المتحدة تظن أن الهجوم على الحديدة سيقيد قدرة أنصار الله على استهداف السفن، فهي بذلك تقامر بمصالحها الإقليمية وتضع الأمن السعودي والاقليمي في خطر أكبر.

وما كان من المفترض أن يكون خطوة نحو وقف الهجمات البحرية عبر وقف العدوان الاسرائيلي على غزة قد يتحول إلى تصعيد عسكري شامل، مع ما يترتب عليه من عواقب كارثية على الأمن الإقليمي، لا سيما بالنسبة للمملكة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم.
- عرب جورنال / كامل المعمري -

مقالات مشابهة

  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • نتنياهو يخيّر سكان غزة بين الحياة والموت والدمار.. والمقاومة تواصل استهداف الاحتلال
  • اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر
  • المعدة والجهاز العصبي.. طبيبة أطفال: هذه الأطعمة والمشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
  • أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
  • تركيا تدين استهداف اليمن سفينة شحن تركية كانت في طريقها للكيان الصهوني .. كاريكاتير
  • 22 منظمة حقوقية تطالب بحماية أطفال اليمن من العنف والتجنيد
  • خبيرة جودة تقترح حلولًا لتقليص تسرب المعلمين من المدارس الأهلية.. فيديو
  • الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن
  • مجلة أمريكية: كيف ستتعامل إدارة ترامب مع الحوثيين وهل استهداف قيادة الجماعة ضمن بنك أهدافها؟ (ترجمة خاصة)