ومع الارتفاع الكبير الذي تشهده مستويات الاستثمار العالمي في مجال الطاقة المتجددة، تبقى قارة واحدة متراجعة في هذا المجال، وهو ما كشفته مجلة "فوربس" في تقرير جديد صدر الأربعاء.

شهد عام 2021 مستويات قياسية من الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة على مستوى العالم، بلغت 434 مليار دولار. ومن هذا المبلغ، ذهب 0.

6 بالمئة فقط إلى إفريقيا، وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة "RES4Africa".

هذه الأرقام "المحبطة"، تلتها "بارقة أمل" للقارة السمراء، عبر خطوات أعلنت عنها دولة الإمارات، والتي برزت كواحدة من أكبر المستثمرين في إفريقيا.

خطوات إماراتية نحو إفريقيا

في قمة المناخ الأفريقية الأخيرة التي عقدت في العاصمة الكينية نيروبي، أعلن سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP28 ، عن تمويل بقيمة 4.5 مليار دولار لمشاريع الطاقة النظيفة في جميع أنحاء القارة.

كما أعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، الرائدة عالميا في مجال الطاقة النظيفة، وهي واحدة من أكبر المستثمرين في مجال الطاقة النظيفة في العالم، عن مبادرة جديدة بالشراكة مع Africa50، منصة الاستثمار في البنية التحتية لعموم إفريقيا، لاستثمار ما يصل إلى 10 مليارات دولار في مشاريع الطاقة النظيفة التي تستهدف إنتاج 10 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.

وتأتي هذه الإعلانات في أعقاب مبادرة أطلقتها دولة الإمارات العام الماضي، والتي عرفت باسم "الاتحاد 7"، لتوفير الطاقة النظيفة لـ 100 مليون شخص في جميع أنحاء إفريقيا بحلول عام 2035.

ويقول المختصون إن كل هذه الخطوات تمثل "جرعة أمل" لآفاق الطاقة المتجددة في إفريقيا.

خذلان غربي

كان سلطان الجابر قد انتقد الاقتصادات الغربية المتقدمة لفشلها في الوفاء بتعهداتها في مجال الاستثمار في الطاقة المتجددة للعالم النامي، وسلط الضوء بشكل خاص على الخلل في التوازن بين إفريقيا وبقية العالم فيما يتعلق بالاستثمار الأخضر.

وقالت أوبري هروبي، عضو المجلس الأطلسي ومستشارة للأسواق الإفريقية: "تشعر الدول الأفريقية أن الغرب خذلها فيما يتعلق بتمويل المناخ".

وأضافت: "دولة الإمارات العربية المتحدة تسد هذا الفراغ بطريقة مجدية.. هذا يدل على أنهم يأخذون الاستثمار المناخي في إفريقيا على محمل الجد، وهذه إشارة مهمة قبل انعقاد مؤتمر الأطراف COP28 .

ستستضيف دولة الإمارات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP-28) القادم. ووفقا للبيانات الرسمية، فإن تمويل المناخ في العالم النامي سيكون على رأس جدول الأعمال.

ومن جهته، أشار الجابر في كلمة ألقاها في مصر خلال الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقي في مايو الماضي إلى أن "دول إفريقيا الـ54 هي الأقل بين دول العالم في التسبب بتغير المناخ، ومع ذلك، فإنهم يعانون من أسوأ العواقب".

وأشار الجابر أيضا إلى إن التمويل المناخي الحالي إلى إفريقيا غير كاف على الإطلاق، مؤكدا أن القارة تحتاج إلى أكثر من عشرة أضعاف حجم التمويلات الحالية في مشاريع المناخ.

وقال الجابر: "معالجة الفجوة المالية هي أولوية قصوى لرئاسة COP28 وفريقي".

الإمارات مستثمر رئيسي في إفريقيا

وإلى جانب الطاقة المتجددة، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كمستثمر رئيسي في إفريقيا على مدى العقد الماضي. ووفقا لدراسة أجرتها شركة " White and Case"، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها رابع أكبر مستثمر عالميا في إفريقيا بعد الصين والولايات المتحدة وأوروبا.

في الفترة من 2012 إلى 2022، سجلت دولة الإمارات ما يقرب من 60 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في القارة، وفقا لأسواق الاستثمار الأجنبي المباشر والدراسة.

وسيط بين الدول الناشئة والغربية

وأشارت "فوربس" إلى أن ارتفاع مستويات استثمار دولة الإمارات في إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم الناشئ قد مكنها من لعب دور الوسيط فيما يتحول إلى نقاش مثير للجدل بين دول "الناشئة"، التي تتعارض أحيانا مع دول الغرب المتقدمة، بسبب ما تعتبره "النفاق بشأن المناخ".

وتشير حجة الدول الناشئة إلى أن الاقتصادات المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة بنت نموها على الوقود الأحفوري، ولديها الآن الموارد والقدرة على التحرك نحو صافي انبعاثات صفرية في المستقبل، ولكن البلدان النامية التي لم تشهد نفس النمو بعد يمكن أن يتم استبعادها من التطوير المستقبلي إذا كان الوقود الأحفوري محدودا للغاية.

ولتخفيف هذه المخاوف جزئيا، تعهدت الاقتصادات المتقدمة في العالم بتقديم 100 مليار دولار سنويا لتمويل المناخ بحلول عام 2020 للعالم النامي.

هذا التعهد تم لأول مرة في كوبنهاغن خلال مؤتمر الأطراف COP15. ويقول المنتقدون إن هذا المبلغ غير كاف على الإطلاق لمواجهة هذا التحدي.

تغيير غير عادل

يشير العديد من المتخصصين إلى أن القارة ستظل بحاجة إلى الوقود الأحفوري لفترة طويلة من أجل تحقيق أهداف التنمية. ويعترف جيود مور، العضو البارز في مركز التنمية العالمية ووزير الأشغال العامة السابق في ليبيريا، بحجم مشكلة المناخ، لكنه يقول إن الإصرار على تحول إفريقيا من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة أمر "غير واقعي وغير عادل".

أما راهول تونغيا، وهو عضو في معهد بروكينغز، فأكد أن البلدان الفقيرة هي دول منخفضة الانبعاثات بالفعل، وتطبيق حظر استخدام الوقود الأحفوري عليها فورا أمر غير عادل.

وأضاف قائلا: "من المؤسف أن الاندفاع نحو الصفر تم تفسيره على أنه حظر على الدعم العام لطاقة الوقود الأحفوري الجديدة بلا هوادة. وهذا أمر غير عادل وغير قابل للتطبيق على حد سواء".

جسر بين إفريقيا والعالم

وفي خضم هذا النقاش، أشارت أوبري هروبي إلى أنه "يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تلعب دورا مهما كجسر بين البلدان النامية والاقتصادات المتقدمة. إنهم يتمتعون بالمصداقية في كلا العالمين.

وأيد جيود مور كلام هروبي: "العالم يبحث عن دول يمكنها توفير طريق ثالث.. يمكن لدولة الإمارات أن تلعب هذا الدور بسبب علاقاتها الوثيقة مع العواصم الغربية وعلاقاتها المتنامية في جميع أنحاء إفريقيا والأسواق الناشئة."

وتعد دولة الإمارات مستثمرا رئيسيا في الطاقة النظيفة في الداخل وفي جميع أنحاء العالم، كما تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة اثنتين من أكبر عشر مجمعات للطاقة الشمسية في العالم.

ويقول باولو غوميز، رئيس مؤسسة أورانغو الإفريقية للاستثمار إن "إعلان الإمارات خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، كما أنها تحدد المسار الصحيح لقمة COP28 المقبلة ".

ومع ذلك، يشير غوميز إلى أن جانبا رئيسيا من مشكلة الطاقة في إفريقيا يرجع إلى سوء إدارة شركات المرافق العامة، ولابد من إصلاح هذا الأمر لمعالجة فقر الطاقة في جميع أنحاء القارة، إذ يفتقر نحو 600 مليون أفريقي إلى القدرة على الوصول إلى الكهرباء.

ومع توفر البنية التحتية المناسبة، تتوقع وكالة الطاقة الدولية سيناريو طموحا لزيادة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إفريقيا بمقدار ثمانية أضعاف بحلول عام 2030.

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات إفريقيا الإمارات الطاقة النظيفة الطاقة المتجددة الاستثمار المناخي المناخ الاستثمار الأجنبي المباشر الوقود الأحفوري كوبنهاغن الأسواق الناشئة الطاقة الشمسية رئيس COP28 مؤتمر الأطراف COP28 الإمارات إفريقيا الإفريقي المناخ قمة المناخ إفريقيا الإمارات الطاقة النظيفة الطاقة المتجددة الاستثمار المناخي المناخ الاستثمار الأجنبي المباشر الوقود الأحفوري كوبنهاغن الأسواق الناشئة الطاقة الشمسية مناخ الطاقة المتجددة فی مجال الطاقة ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

حزب العدل: مصر تسعى لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة عبر خطط طموحة

أكد أحمد بدرة، مساعد رئيس حزب العدل لشئون تنمية الصعيد، أن مصر تعمل بخطى حثيثة لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة المتجددة، مستفيدة من مواردها الطبيعية، خاصة الطاقة الشمسية

وأوضح بدرة، أن البلاد تتبنى خططًا طموحة لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2035، مشيرًا إلى أن الطاقة الشمسية تمثل محورًا أساسيًا لهذه الاستراتيجية، مشيرا إلى أن افتتاح محطة أبيدوس للطاقة الشمسية في كوم أمبو بأسوان بقدرة 560 ميجاوات يأتي استكمالًا لنجاح محطة “بنبان”، أكبر محطة طاقة شمسية في الشرق الأوسط وأفريقيا بقدرة 1.8 جيجاوات.

وأضاف أن هذه المشروعات تُعزز مكانة مصر كمنتج ومصدر رئيسي للطاقة النظيفة، مع شراكات دولية بارزة، مثل التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لتطوير مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، موضحا أن تصدير الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة الشمسية إلى دول مثل السعودية يُمثل جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز الطاقة المتجددة إقليميًا، مما يحقق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة.

وشدد على أهمية الاستثمار في الطاقة الشمسية، لما تتمتع به مصر من موارد مثالية، مثل الإشعاع الشمسي المرتفع والمناخ الصحراوي والمساحات الواسعة، وطرح عدة أهداف لتحقيق هذه الاستراتيجية أولها زيادة قدرة التوليد وتطوير مشروعات ضخمة مثل مجمع “بنبان”، فضلا عن تعزيز الاستثمارات وجذب الاستثمارات المحلية والدولية بفضل الحوافز والإعفاءات، علاوة على تصدير الطاقة وبناء شبكات كهرباء إقليمية لتحويل مصر إلى مركز لتصدير الكهرباء.

ولفت إلى أن المناطق المستهدفة تتمثل في الصحراء الكبرى، وهي مواقع مثالية لبناء محطات شمسية كبيرة، وجنوب مصر وتطوير المشروعات مثل “بنبان” لدعم التنمية الاقتصادية، فضلا عن الريف المصري وتحسين الشبكات وتعزيز وصول الكهرباء المتجددة، وآخرها الساحل الشمالي والذي يحوي مشروعات مشتركة للطاقة الشمسية وتحلية المياه.

واختتم حديثه مؤكدا على أن هذه الجهود تتماشى مع رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، التي تهدف إلى تحقيق التنمية طويلة الأجل والحفاظ على البيئة، ما يُعزز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا كمورد رئيسي للطاقة النظيفة.

مقالات مشابهة

  • شركة إماراتية تنفذ مشروعا ضخما في مصر.. تعرف على الشروط!
  • إنتاج الكهرباء بالمصادر المتجددة للطاقة في ارتفاع بالمغرب
  • حياتنا: رؤية إماراتية تُجسد الطموح والابتكار
  • أستاذ هندسة: الدولة تستهدف التحول إلى الطاقة المتجددة لمواجهة تغير المناخ
  • أستاذ هندسة الطاقة: الدولة تستهدف التحول إلى الطاقة المتجددة لمواجهة تغير المناخ
  • حصاد 2024.. خطوات إماراتية رائدة لتحقيق التنمية المستدامة
  • تقديرا لجهودها في إنجاح مؤتمر COP28.. رئيس دولة الإمارات يمنح وزيرة البيئة «وسام زايد الثاني»
  • رئيس دولة الإمارات يمنح وزيرة البيئة وسام زايد الثانى من " الطبقة الأولى"
  • «امارات» و«لوتاه للوقود الحيوي» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في الطاقة المتجددة
  • حزب العدل: مصر تسعى لتصبح مركزا إقليميا للطاقة المتجددة عبر خطط طموحة