تسلط موجة الإضرابات، التي يشهدها قطاع التعليم في المناطق المحررة، الضوء على إحدى تداعيات انهيار قيمة العملة المحلية خلال السنوات الماضية والفارق الكبير بين قيمتها اليوم وما كانت عليه قبل اندلاع الحرب عام 2015م.

وتشهد 5 جامعات حكومية بالمناطق المحررة منذ الأحد الماضي إضرابا شاملا، احتجاجاً على رفض تنفيذ مطالبها بتحسين الظروف المعيشية لمنتسبيها، تنفيذا لبيان مشترك أعلنته نقابات جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة، وانضمت إليها جامعة تعز.

نقابات التدريس بالجامعات الحكومية أبدت، في بيانها، استياءها من ما وصفته بالتجاهل المتعمد من قبل الحكومة في تلبية المطالب التي رفعتها، خلال الفترات الماضية وآخرها في بيان الوقفة الاحتجاجية التي جرى تنظيمها أمام قصر المعاشيق الرئاسي بالعاصمة عدن في 27 أغسطس الماضي.

وذكرت، في بيانها، قائمة بهذه المطالب، كان على رأسها تحسين الوضع المعيشي بإعادة قيمة الراتب إلى ما كان عليه قبل مارس 2015م، مشيرة إلى ان راتب الأستاذ الجامعي كان حينها يساوي نحو 1200 دولار أمريكي، مقارنة بنحو 200 دولار فقط حالياً.

وفي حين تشهد المدارس الحكومية بالعاصمة عدن حالياً إضراباً لرفض قرار وزارة المالية بتحويل صرف الرواتب إلى البنوك التجارية، إلا أنها سبق وأن شهدت العام الماضي اضراباً مماثلاً للمطالبة برفع الأجور وصرف العلاوات المتوقفة، وتم رفعه بعد تدخل المحافظ احمد لملس وتعهده بصرفها من إيرادات المحافظة.

ورغم انتظام الحكومة الشرعية في صرف المرتبات لكافة الموظفين بالمناطق المحررة مقارنة بمناطق سيطرة مليشيات الحوثي، إلا أن الانهيار الكبير في قيمة العملة المحلية خلال السنوات الأخيرة أفقد قيمة هذه الرواتب وجعلها في مواجهة غير متكافئة مع أسعار السلع التي شهدت ارتفاعاً مستمراً مع ثبات قيمة المرتب بالعملة المحلية.

وقبيل اندلاع الحرب في اليمن أواخر مارس من عام 2016م، كان سعر صرف الدولار الأمريكي نحو 215 ريالاً، في حين يبلغ حالياً 1425ريالاً في المناطق المحررة، ما يعني ان متوسط راتب المعلم الذي كان يساوي قبل الحرب نحو 250 دولاراً، بات اليوم لا يساوي أكثر من 35 دولاراً فقط بالمناطق المحررة.

وتسبب لجوء حكومة الشرعية عقب الحرب إلى طباعة العملة المحلية دون غطاء من العملة الصعبة إلى انهيار قيمتها، وتضاعف ذلك، مع قيام مليشيات الحوثي أواخر عام 2018م بحظر التداول بالعملة الجديدة ما أدى إلى تكدسها في المناطق المحررة وفقدان قيمتها امام العملات الأجنبية، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في مايو الماضي.

التقرير سلط فيه الضوء على أزمة الاقتصاد في اليمن وانقسامه وما خلقه من فارق في قيمة العملة المحلية بين مناطق الشرعية ومليشيات الحوثي، حيث تطرق إلى لجوء الحكومة المعترف بها دولياً إلى تمويل عجز المالية العامة بزيادة المعروض من النقود (طباعة العملة) لمواجهة الضغوط المالية المتزايدة التي تفاقمت جراء توقف إنتاج وتصدير النفط في عام 2015م.

ويشير التقرير إلى استقرار الريال اليمني لفترة وجيزة في أوائل عام 2019 في أعقاب وديعة كبيرة للمملكة العربية السعودية من العملات الأجنبية في البنك المركزي في عدن، ومع استنفاد هذه الوديعة تدريجياً، أعلن الحوثيون أن صنعاء لم تعد تقبل أوراق النقد الجديدة التي تصدرها الحكومة المعترف بها دولياً، الأمر الذي أدَّى فعلياً إلى انفصال السياسة النقدية بين المنطقتين.

وحول أسباب استقرار العملة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، يشير تقرير البنك الدولي إلى بقاء المركز المصرفي والتجاري لليمن في صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة وما يعني ذلك استفادتها "من زيادة التدفقات الوافدة من تحويلات المغتربين والمعونات الخارجية التي تُنفَّذ من خلال النظام المصرفي الرسمي"، في حين واصلت قيمة الريال التراجع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً.

يقدم التقرير صورة من صور الفشل الذي يعتري الأداء الحكومي في الجانب الاقتصادي من جهة ومن جهة أخرى فشلها في مواجهة المعركة الاقتصادية التي تشنها عليها مليشيات الحوثي، وما سببه ذلك من تداعيات كارثية على رأسها انهيار قيمة العملة المحلية، والتي باتت الدافع الأول لمشهد الإضرابات الذي تعاني منه اليوم المناطق المحررة في قطاع التعليم.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی المناطق المحررة

إقرأ أيضاً:

الحكومة تكشف خطة الدولة لزيادة مواردها من العملة الصعبة

قال المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، إن الحكومة لديها مصادر للعملة الصعبة سواء السياحة أو تحويلات المصريين من الخارج، وهناك خطة كبيرة لزيادة مواد العملة الصعبة مثل استراتيجية جديدة للصناعة وزيادة عائدات الدولة عن طريق زيادة الصادرات والسياحة الوافدة وغيرها من الاستراتيجيات .

وأضاف خلال تصريحات تليفزيونية: «هناك تقارير وتقييمات دولية عديدة، وسننجح في تحقيق مستهدفات الدولة وبنهاية 2025 سيكون هناك انخفاض في التضخم باقل من 10‎%‎ مع استمرار انخفاض حجم الدين الخارجي وزيادة للنمو ونحن في طريقنا لجني عملية الإصلاح».

وأجاب المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، على سؤال «هل الالتزام بسعر صرف مرن قد يودي لانخفاض آخر في قيمة الجنيه أمام الدولار؟»، قائلا: «إطلاقا فالبنك المركزي والدولة ملتزمة بسعر صرف مرن، ولن نتوقع انخفاضا كبيرًا ويمكن أن سعر الصرف المرن يتحرك صعودا وهبوطا».

أكد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، ستبدأ اليوم الثلاثاء المراجعة الرابعة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع الحكومة المصرية ممثلة في مختلفة الوزارات والجهات المعنية.

وقال إن الهدف من المراجعة متابعة ما تم تنفيذه من إصلاحات الفترة الماضية وما سيتم «اتخاذه من إجراءات وما سيتم تحقيقه من مستهدفات بعملية الإصلاح خلال الفترة المقبلة.

وذكر متحدث مجلس الوزراء، أن جزء من عملية التقييم والمراجعة سيرتبط بمتابعة الأعباء التي يواجهها الاقتصاد المصري في ضوء التطورات الإقليمية، ومن المهم جدا أن الظروف والتطورات الإقليمية تؤخذ في الاعتبار، والحكومة المصرية ستراعي أن لا يضع البرنامج أعباء إضافية على كاهل المواطنين .

 

مقالات مشابهة

  • الحكومة تكشف خطة الدولة لزيادة مواردها من العملة الصعبة
  • حملة الحكومة اليمنية لإبطاء انهيار الريال تستمر
  • احتجاجات غاضبة في أبين احتجاجًا على انهيار العملة ورفع الأسعار
  • أسعار الذهب اليوم في ظل استمرار انهيار العملة في مناطق الحكومة الشرعية
  • نقابة "آي جي ميتال" الألمانية تواصل الإضراب بقطاع المعادن
  • السلطات المحلية في حضرموت تغلق عددا من محال الصرافة المخالفة
  • اقتصادية النواب تُثمن نجاح الحكومة في توفير العملة الصعبة
  • السويس: انتظام حركة الملاحة البحرية رغم موجة الطقس السيئ
  • بيانات تركية: قيمة التجارة الخارجية بالعملة المحلية تلامس 25 مليار دولار خلال 9 أشهر
  • أول رد من الحكومة الشرعية على تقرير الخبراء بشأن تحالف الحوثي والقاعدة