المولد النبوي بين الخصوصية والعموم «1»
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
أيها الأحبة الكرام.. ونحن نعيش هذه الأيام مناسبة عظيمة جليلة ألا وهي مناسبة المولد النبوي الشريف، والذي هيأ الله تعالى له من التهيئة والخصوصية والذاتية ما جعله مميزًا مخصوصًا، ليس له مثيل بين البشرية، كما جعله من العموم ما جعله عامًا على مر العصور، بل كلما أتت على العالم أعوام كثيرة كلما ازداد المولد النبوي عمومًا في مشارق الأرض ومغاربها.
إن المعتقد السائد والمشهور بين أواسط الأمة الإسلامية المعرفة التامة لمولد الرسول الكريم (عليه أفضل وأكمل التسليم) باليوم والشهر والسنة، فأما عن اليوم فقد أشتهر أن مولده (صلوات ربي وسلامه عليه) كان يوم الاثنين، وذلك لما ورد في كثير من كتب التاريخ والسير الكثير والكثير من القصص والأحاديث الصحيحة والروايات الدالة على ذلك.
وإليك ـ أخي القارئ الكريم ـ إطلالة خفيفة على مشهد المولد النبوي المضيء، بل أشرقت بمولده الدنيا بأثرها، وكانت له من الخصوصية ما يميزه عن غيره من المواليد في زمانه وبعده بل وقبله، ناهيك عن العموم الذي يزيد كل عام ليعلم به الناس جميعا مسلمهم وكافرهم، بعيدهم وقريبهم، فأما عن (الخصوصية) فلا يخفى على أحد ما ورد من أحاديث في الصحيحة كصحيح مسلم ومسند أحمد وسنن البيهقي.. وغيرها من كتب الحديث، أن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) كان دومًا يصوم يوم الاثنين، ولما سُئل عن ذلك قال:(ذلك يوم ولدت فيه)، وأما عن الشهر والعام فقد ولد (صلى الله عليه وسلم) في الثاني عشر من ربيع الأول في العام الذي أُشتهر عن العرب باسم (عام الفيل)،وبالطبع لما لم يكن لديهم تاريخ معروف فقد كانوا يسمون الأعوام بأشهر وأعظم ما وقع فيها من أحداث، وأعظم حدثٍحدثَ في ذلك العام هو هجوم أبرهة الأشرم الحبشي على مكة المكرمة ليهدم الكعبة ويحول الناس من حجهم إلى المسجد الحرام إلى كنيسة تُسمى (كنيسة القليس) باليمن، وردَّ الله كيده وأرسل عليه وجيشه الطير الأبابيل فجعلهم كالعصف المأكول، هذا بالنسبة لمسقط رأسه في مكة، وأما ما كان من الخصوصية في عموم الأرض فيقول صاحب كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، ص: 81):(لما أراد ـ جلّ شأنه، وعزّ سلطانه ـ نقل الملك عن فارس إلى العرب أصدر من المنذرات بذلك ما ملأ به قلوبهم وقلوب أوليائهم رعبًا، فأوّل ذلك: ارتجاس الإيوان، وسقوط الشرفات منه، وذلك عند ميلاد الرسول (عليه أفضل الصلوات) وخمود نار فارس ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام، وذلك في عهد أنوشروان العادل، فلما رأى أنوشروان سقوط الشّرفات وانشقاق الإيوان غمّه ذلك ولبس تاجه وجلس على سريره، وأحضر وزراءه وشاورهم في ذلك، ففي تلك الحال وصل كتاب من فارس بخمود النار، فازداد كسرى غمًّا إلى غمّه وفي تلك الحال قام الموبذانوقص الرؤيا التي رآها، قال: رأيت ـ أصلح الله الملك ـ كأنّ إبلًا ضعافًا تقود خيلًا عرابًا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فقال له كسرى: فأيّ شيء يكون تأويل هذا؟ قال أصلح الله الملك، حادث يحدث من جهة العرب وفشا الحديث بذلك بين العجم وتحدّث به الناس فسكن الرّعب قلوبهم وثبتت هيبة العرب في نفوسهم،و(بهذا الاحتفال بهذا الحدث العظيم ما كان ميلاد محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بأقل شأنًا من ميلاد عيسى ـ عليه السلام ـ بل ميلاد الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أعظم منه، لأنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أكبر نعمة، فيكون ميلاده أيضًا أكبر وأعظم) (دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ 2/ 764)، ويقول صاحب (السياسة الشرعية ـ جامعة المدينة، ص: 50):(ابتداءً من سنة 571م التي شهدت ميلاد الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فشب ـ عليه الصلاة والسلام ـ وسط هذه الحياة القبلية الصاخبة ووقف على جميع نظمها عن كثبٍ وعن تجارب ذاتية عديدة، هيأت له ـ عليه الصلاة والسلام ـ حمل الأمانة وأداء رسالتها بإخراج العرب من ظلمات تلك النظم إلى نور الإٍسلام وإعدادهم في نفس الوقت لنشر هذا الدين في جميع أرجاء العالم، وهكذا حصل الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مسقط رأسه بمكة) .. وللحديث بقية.
محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم ـ صلى الله علیه المولد النبوی وسلم ـ
إقرأ أيضاً:
فضل الصلاة في الصف الأول.. الإفتاء تكشف ثوابها
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الصلاة في الصف الأول أفضل من الصلاة في الصفوف المتأخرة؛ مستشهدة بما رواه الإمام أحمد في "مسنده" وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "سننهم" عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ»، وعلى ذلك فأفضل الصفوف أقربها من الإمام.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن الصلاة في الصفوف المتقدمة في الجماعة لها فضلٌ عظيمٌ كما ورد في سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً».
حكم الجهر بالقراءة في الصلاة السرية.. الإفتاء توضح هل عليه إعادة؟
حكم الصلاة وراء إمام يُخطئ في الفاتحة.. الإفتاء توضح هل يجب إعادتها
هل يجوز تغسيل تارك الصلاة؟.. أمينة الفتوى تجيب
هل تسقط الصلاة الفائتة عن الميت وهل تجزئ عنها الفدية؟.. الإفتاء تجيب
وأوضحت الإفتاء أنه كلما كثر العدد في صلاة الجماعة كان ذلك أفضل؛ روى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْفَجْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: شَاهِدٌ فُلانٌ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ، قَالُوا: نَعَمْ وَلَمْ يَحْضُرْ.
واستشهدت الدار بقول رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَإِنَّ الصَّفَّ الأَوَّلَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ فَضِيلَتَهُ لابْتَدَرْتُمُوهُ، إِنَّ صَلَاتَكَ مَعَ رَجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِكَ مَعَ رَجُلٍ، وَصَلَاتَكَ مَعَ رَجُلٍ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِكَ وَحْدَكَ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَعَالَى».
كما ذكرت ما رواه الطبراني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلَاةُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَزْكَى عِنْدَ اللهِ مِنْ صَلَاةِ أَرْبَعَةٍ تَتْرَى، وَصَلَاةُ أَرْبَعَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَزْكَى عِنْدُ اللهَ مِنْ صَلَاةِ ثَمَانِيَةٍ تَتْرَى، وَصَلَاةُ ثَمَانِيَةٍ يَؤُمُّهُمْ أَحَدُهُمْ أَزْكَى عِنْدَ اللهِ مِنْ صَلَاةِ مِائَةٍ تَتْرَى». و«تترى» أي: متفرقين، و«أزكى» أي: أفضل وأكثر أجرًا.