وضع البنك وصندوق النقد الدوليان ثقتهما في المغرب لعقد اجتماعاتهما السنوية في موعدها المحدد الشهر المقبل، رغم الزلزال الذي ضرب مناطق بالبلاد وذهب ضحيته أكثر من 2900 شخص، وسط ترحيب مغربي واسع.

يأتي ذلك، في وقت أُعلن أن صندوق النقد سيمنح المغرب قرضا بأكثر من مليار دولار لمواجهة الكوارث.

وأعلنت المؤسستان الماليتان الدوليتان ووزارة الاقتصاد والمالية المغربية -الاثنين- أن الاجتماعات السنوية ستجرى الفترة من 9 و15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل في مراكش التي تبعد 72 كيلومترا فقط من موقع الزلزال، مع إجراء بعض التغييرات للتكيف مع الظروف.

وفي رد فعل رسمي للمغرب، اعتبرت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أمس أن "هذا القرار يؤكد الثقة التي يحظى به المغرب لدى المؤسستين الدوليتين" خصوصا بعد التفاعل الفوري مع آثار الزلزال.

وقالت في تصريحات صحفية -نقلتها وكالة المغرب العربي للأنباء (الرسمية)- إن هذا القرار يمثل ثمرة عمل مشترك بين الحكومة والمؤسستين الماليتين الدوليتين، وهو ما مكنهما من الوقوف على "التدبير الفعال والناجع للأزمة وإعطاء الأولوية للتكفل بالمواطنين ضحايا هذه الأزمة، والتأكد أن البنيات التحتية والتجهيزات، التي ستمكننا من تنظيم هذا الحدث، تضمن أيضا الأمن التام للمشاركين".

وأضافت الوزيرة "قرار تنظيم الاجتماعات في موعدها المحدد يعكس جودة الشراكة المتينة مع المغرب بشكل عام، وكذا الإرادة القوية لدعم بلادنا في هذه الظرفية الصعبة".

وزيرة الاقتصاد المغربية: هذا القرار يؤكد الثقة التي يحظى به المغرب لدى المؤسستين الدوليتين (رويترز)

ويتوقع أن يجذب اجتماع البنك وصندوق النقد الدوليين ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص إلى مدينة مراكش أشهر المدن السياحية بالمغرب.

وتعليقا على هذا القرار، قال بدر الزاهر الأزرق الأستاذ الباحث في قانون الأعمال بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء إن هذا الاجتماع سيعطي دفعة قوية لجهود إعادة الإعمار، وسيعيد الثقة لدى مختلف الفاعلين بالإمكانات التي يتوفر عليها المغرب.

وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن قرار الإبقاء على عقد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في المغرب بمثابة اعتراف بالمجهودات التي قامت بها المملكة خلال الأيام القليلة الماضية على صعيد إنقاذ المتضررين من الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز.

ورأى الأزرق أن القرار ستكون له آثار إيجابية مباشرة، في وقت عبرت فيه المؤسستان الماليتان الدوليتان عن رغبتهما في توجيه دعم مالي للمغرب سواء على شكل قروض ميسرة دون شروط أو منح.

ولم يستبعد أن تتحول اجتماعات الخريف المقبلة للصندوق والبنك الدوليين إلى منصة لتوجيه الدعم من قبل دول وجهات مانحة أخرى لمساعدة المملكة في جهود الإعمار.

وأكد أن خطوة المؤسستين الماليتين الدوليتين ستعزز الثقة في المغرب كوجهة سياحة عالمية وسياحة، وتبعث رسائل طمأنة للسياح وتدفع باتجاه مزيد من تدفق الزائرين نحو مراكش والمدن المجاورة. كما أكد أن مراكش بدأت قبل وقت في الاستعداد لاحتضان هذه الفعالية العالمية من تجهيز الفنادق وتطوير البنية التحتية.

دعم جهود المغرب

اتخذ كبار مسؤولي الصندوق والبنك الدوليين قرارهم، بعد طلب مباشر من السلطات المغربية، للمضي قدما في الاجتماعات.

وقال مسؤولو البنك وصندوق النقد الدوليين والمغرب في بيان مشترك "أثناء تطلعنا إلى إجراء الاجتماعات، من المهم للغاية أن نجريها بطريقة لا تعرقل جهود الإغاثة الجارية وتحترم الضحايا والشعب المغربي".

وأضافوا "في هذا الوقت العصيب للغاية، نعتقد أن الاجتماعات السنوية تتيح أيضا فرصة للمجتمع الدولي للوقوف إلى جانب المغرب وشعبه، الذي أظهر مجددا صموده في مواجهة المأساة. ونظل ملتزمين أيضا بضمان سلامة جميع المشاركين".

من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي المغربي مهدي الحلو أن قرار الصندوق والبنك الدوليين بمثابة اعتراف بالجهود التي قامت بها السلطات والشعب المغربي لاحتواء كارثة الزلزال وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية.

وقال للجزيرة نت إن مثل هذا القرار تأكيد دولي على أن المغرب جاهز لاستقبال المشاركين في الاجتماعات السنوية للمؤسستين الدوليتين، خاصة وأن الفنادق في مراكش وباقي المدن الكبرى لم تتأثر بالزلزال.

ورأى الحلو أن هذه الخطوة من جانب الصندوق والبنك الدوليين ستكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية تأثيرات رمزية قبل ذلك.

وأضاف أن انعقاد هذه الاجتماعات سيعيد الثقة للسياحة بمراكش والمناطق المتضررة، وسينعش الحياة الاقتصادية فيها في ظل مشاركة أكثر من 14 ألف مندوب وممثل لنحو 190 دولة.

وتستقطب مراكش ما يقارب نصف النشاط السياحي المحلي بفضل بنيتها السياحية، إذ تضم نحو 70 ألف سرير في 250 فندقا مصنفا، وأكثر من 1300 دار ضيافة، حسب بيانات 2022.

وتشير بيانات مرصد السياحة إلى أن عدد الوافدين لمراكش بالفصل الأول من السنة الجارية، أي ما بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران الجاري، عبر مطار مراكش المنارة، بلغ مليونا و652 ألفا، مقابل 876 ألفا سنة 2022. في حين بلغت ليالي المبيت خلال الفترة نفسها 4 ملايين و384 مقابل مليونين و35 ألفا الفترة ذاتها عام 2022.

وارتفعت عائدات السفر من العملة الأجنبية الناتجة عن النشاط السياحي لغير المقيمين بالمغرب إلى 48 مليار درهم (حوالي 4.7 مليارات دولار) مقابل 28 مليار درهم (2.7 مليار دولار) الفترة ذاتها من السنة الماضية بارتفاع 69%.


قرض من صندوق النقد للمغرب

في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام رسمي بأن صندوق النقد سيمنح المغرب قرضا بقيمة 1.3 مليار دولار.

ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء -عن مدير الصندوق كريستالينا جورجيفا- إن الصندوق "وقع مع المغرب اتفاقا على مستوى الخبراء من أجل تمويل طويل المدى بقيمة 1.3 مليار دولار" موجها لتعزيز قدرة المملكة على التخفيف من تداعيات التغيرات المناخية.

وبحسب الوكالة فإن هذا القرض طويل الأجل يمتد على 20 سنة مع فترة سماح مدتها 10.5 سنوات، وأضافت جورجيفا أنه سيكون للمغرب قدرة أكبر على مواجهة الكوارث في المستقبل.

ويحتاج القرض حاليا موافقة مجلس المديرين في صندوق النقد الدولي، والذي يتوقع النظر فيه باجتماعات الخريف للصندوق والبنك الدوليين.

وتجمع الاجتماعات السنوية محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية والتنمية، والمديرين التنفيذيين من القطاع الخاص والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والأكاديميين، لمناقشة القضايا ذات الاهتمام العالمي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاجتماعات السنویة والبنک الدولیین ملیار دولار صندوق النقد هذا القرار

إقرأ أيضاً:

وزير مغربي سابق يدعو إلى تحرير الفلسطينيين من الاحتلال والصهيونية

دعا الحبيب الشوباني، الوزير المغربي السابق وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في المغرب، الرباط إلى إعادة النظر في التطبيع مع الاحتلال، وأكد أن المطلوب لمواجهة حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون، العمل من أجل تحرير مزدوج: تحرير الفلسطينيين من الاحتلال واليهودية من الصهيونية.

جاء ذلك في تصريحات  للسياسي المغربي الحبيب الشوباني، نشرها حزب العدالة والتنمية اليوم على صفحته على منصة "فيسبوك".

وأكد  الشوباني، أن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني لم يعد يرتكز على أية مرجعية واضحة، "بل أصبح يعني القبول التام بالمشروع الصهيوني الذي ينفي وجود دولة فلسطينية مستقلة".

وأوضح أن التطبيع مع الكيان الصهيوني الآن يتم دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية، لأن المشروع الصهيوني يهدف إلى إلغاء حقوق الفلسطينيين، معتبرا أن المغرب ورغم تأكيده عن عدم تخليه عن القضية الفلسطينية، إلا أن هذا الموقف يظل تضامنيا وشكليا فقط، لأنه يواجه صعوبة كبيرة في التطبيق، مادام الكيان الصهيوني نفسه لا يعترف أصلاً بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.

وأشار الشوباني إلى أن "إسرائيل لا تؤمن إلا بدولة خالصة لليهود، ما يعني استمرار الإبادة والتهجير وإلغاء الحياة في غزة وضم الضفة".

ولفت الانتباه إلى أن طبيعة المشروع الصهيوني لا تقبل الحلول، مشيرا إلى أن مشروع القسيم لم يعد مشروعا خاصا بالصهيونية وإنما ضمن مشروع هيمني إمبريالي على المنطقة، وذكر أنه من أجل حل هذا الصراع، "يجب اللجوء إلى الحل والتحرير المزدوج، بحيث يتم بموجبه تحرير فلسطين والفلسطينيين من الاحتلال، وإلى جانب ذلك، تحرير اليهود واليهودية من الصهيونية، بما يضمن تأسيس دولة فلسطينية ديمقراطية يعيش فيها المسلم واليهودي والمسيحي والدرزي".

واستطرد: "الكيان الصهيوني يسعى دائما إلى تحقيق أهدافه الخاصة فقط، بل إنه يحاول توسيع المنطقة والسيطرة عليها بكل مقدراتها"، مبرزا أنه "حينما يقول نتنياهو سنغير المنطقة، فهو بذلك يشير إلى وجود خرائط من أجل تقسيم المقسم".

وبخصوص كتابه الجديد، "المسألة اليهودية في عصر الطوفان: في بناء سردية المأزق الوجودي للحل الصهيوني للمسألة اليهودية"، قال الشوباني، إن ما يقع في غزة وفي لبنان يفرض أخلاقيا على كل إنسان عنده القدرة أن يفكر أن يساهم في بناء الوعي المجتمعي، لأن الإعمار المادي والإغاثي الذي يتنافس فيه الجميع أساسي وضروري وواجب أن يتصاعد، ولكن هناك إعمار لا يقل أهمية وخطورة وهو الاعمار الفكري.

وأبرز أن الإعمار الفكري يقتضي أن نفهم ما الذي يقع بالضبط وأن ندرك طبيعة الموضوع، مضيفا أن موضوع القضية الفلسطينية عنده جذور والاهتمام بالقشور من خلال الأخبار وغيره لا يطرح الموضوع طرحا علميا دقيقا.

وصدر مؤخرا للدكتور الحبيب شوباني الوزير السابق كتاب جديد بعنوان: "المسألة اليهودية في عصر الطوفان: في بناء سردية المأزق الوجودي للحل الصهيوني للمسألة اليهودية"، تزامنا مع الذكرى لأولى لمعركة طوفان الأقصى.

ويستعرض الوزير والبرلماني سابقا في الكتاب الصادر عن دار النشر الخيام، المآزق والحلول الفاشلة التي عرفتها سيرورة "المسألة اليهودية" تاريخيا، والتي انتهت بالمأزق الوجودي الذي أحدثه طوفان الأقصى بنسفه لفكرة "الوطن القومي اليهودي الآمن بقوة الردع والسيطرة العسكرية"، وتحويل معركة 7 أكتوبر فلسطين المحتلة إلى أخطر مكان على أمن اليهود في العالم.

ويعرف المغرب مظاهرات شعبية ضخمة في كافة مدنه الكبرى بشكل شبه يومي على مدى العام الماضي رفضا للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة ومطالبة بوقف التطبيع مع الاحتلال.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، استأنف المغرب وإسرائيل علاقتهما الدبلوماسية بوساطة أمريكية، في خطوة أعربت قطاعات شعبية وقوى سياسية في المملكة عن رفضها، وأعقب ذلك زيارة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى الرباط، توقفت مع بدء الحرب على غزة.

وحوّلت تل أبيب قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب "الإبادة الجماعية" نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 148 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

إقرأ أيضا: هل ينهار التطبيع بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي بسبب العدوان على غزة؟

مقالات مشابهة

  • توترات البحر الأحمر أفقدت مصر 70% من إيرادات قناة السويس
  • ترحيب دولي واسع بقرار الجنائية الدولية اعتقال “نتنياهو وغالانت “.. وحماس تعتبره سابقة تاريخية
  • العلاقات التجارية المصرية التونسية لم تبلغ المستوى المطلوب.. وندعو لزيادة الاستثمارات المصرية بتونس
  • محمد يوسف: العلاقات التجارية المصرية التونسية لم تبلغ المستوى المطلوب
  • وزير مغربي سابق يدعو إلى تحرير الفلسطينيين من الاحتلال والصهيونية
  • بعثة صندوق النقد الدولي تختتم مراجعتها الرابعة في مصر
  • صندوق النقد: دولة عربية تؤكد التزامها بسعر صرف مرن
  • انتهاء زيارة مراجعة قد تمنح مصر أكثر من 1.2 مليار دولار
  • رئيس الوزراء: 5 محافظات ستدخل المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل بتكلفة 115 مليار جنيه
  • النجار: صندوق التنمية يهدف لحشد مدخرات العراقيين المقدرة بـ ٧٠ مليار دولار