المرأة وتنامي دورها فـي الاقتصاد
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
يقال إنَّه للخروج من ضبابيَّة «ما بعد الحداثة»، وتكسيرها للسياقات يجِبُ أن يفسحَ الطريق إلى المرأة، وأن يرفعَ الحاجز غير المرئي الذي يَحُول دُونَ وصولها إلى المناصب التي تُعبِّر عن طموحها وجلدها المعهود في تنمية الأُسرة، بالإضافة إلى إلغاء التمييز القانوني والتنظيمي والاجتماعي ضدَّها في بعض البُلدان، والذي لا يزال يمنعهن من البحث عن عمل يبتكرن فيه، وحينها تتوافر الإجابة عن السؤال المقصود: هل تتمكن المرأة من المساهمة بشكلٍ كامل في النُّمو الاقتصادي المحلِّي والدولي؟ خصوصًا إذا تمتَّعت بنَفْسِ الفرص التي يحصل عليها الرجُل للمشاركة في أسواق العمل، وذلك دُونَ الالتفات إلى الإشاعة الرائجة من أنَّها بالفعل أخذت كُلَّ الفرص لتتساوى مع الرجُل ولَمْ تستفِدْ مِنْها، ودليل عدم صحَّة هذه المقولة إذا قارنَّا بَيْنَ نصيب المرأة من التمثيل الوزاري أو تولِّيها للمناصب العُليا في أيٍّ من بُلدان العالَم، سواء المُدَّعي بتطبيق كُلِّ أشكال المساواة أو المحافِظ.
فيما تضيف الدراسات المنصِفة للمرأة أنَّه إذا ارتفع عدد النساء العاملات وتساوى مع الرجال، خصوصًا في البُلدان الناشئة أو النامية فإنَّه سيؤدِّي إلى ارتفاع الناتج المحلِّي الإجمالي لتلك المُجتمعات التي تُعنى بذلك بنسب تتراوح ما بَيْنَ 4% إلى 9%، ممَّا يعني أنَّ المرأة العاملة يُمكِنها المساهمة بشكلٍ أكثر اكتمالًا في اقتصادات بُلدانها؛ لأنَّ زيادة مستوى مشاركة المرأة في سُوق العمل من شأنها أن تُعزِّزَ الأداء الاقتصادي بارتفاع مستوى الإنفاق الأُسري على التعليم خصوصًا للفتيات، ممَّا يزيد من الإبداع في الإنتاجيَّة. إلى جانب مواجهة التأثير المترتِّب على ارتفاع سنِّ العامل فيحدُّ من الشيخوخة السكَّانيَّة، خصوصًا وأنَّه من السَّائد أنَّ نسبة النساء في العديد من البُلدان يكُونُ أكثر من الرجال، ويصل إلى 60% من عدد السكَّان.
وتتعدَّد الحلول الناجزة لإفساح المجال أمام المُجتمعات التي تحلم بالمساهمة الفعَّالة للمرأة في التنمية ورفاهيَّة الأُسرة، وأوَّل هذه الحلول إصلاح السِّياسات الحكوميَّة في مجالَي الضرائب والإنفاق، إذ يُسهم فرض الضرائب على الدخل الفردي وليس دخل الأُسر، مع ربط فوائد الضمان الاجتماعي بالمشاركة في قوَّة العمل، أو التدريب، أو برامج سُوق العمل النشطة، مع توفير فرص للتدريب مَرِنة ترتكز على إدارة الوقت بشكلٍ أفضل لظروفهن، ثمَّ يأتي العنصر الأهم والذي بسببه تبتعد المرأة عن العمل هو عدم توافر أماكن لرعاية الأطفال خلال فترة العمل، ثمَّ النظر بصورة إنصاف أكبر حَوْلَ المساواة في الأجور، وإذا توافرت تلك الظروف ستُسهم بالفعل في ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في قوَّة العمل بصورة إيجابيَّة.
إنَّ المرأة لدَيْها القدرة والاستعداد لِتُسهمَ مع أخيها الرجُل في تنمية المُجتمع وتنشيط اقتصاده، إنَّما ينقصها اعتماد المُجتمع والوقوف على قدراتها وإفساح المجال لها؛ لكَيْ تتبوَّأَ المناصب العُليا تساويًا مع الرجُل، في كُلِّ المجالات وليس مجالًا بعَيْنِه بحجَّة أنَّها امرأة ولا تقدر، والعالَم يمتلك أمثلة عديدة لنجاح المرأة في تولِّي أعلى المناصب في بُلدانها وقادة شعوب ودوَل للقمَّة اقتصاديًّا. بقي فقط أن نقولَ إنَّ هذه الأمثلة قليلة، وتريد أن يفسحَ المجال لِيزدادَ أعدادها، فهي تستحقُّ الوثوق بها من أجْل المساهمة في الاقتصاد المحلِّي والعالَمي.
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
هل يجب صيام الست من شوال بشكل متواصل؟.. اعرف آراء الفقهاء
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه: “هل لا بُدّ في صيام الستة أيام من شوال أن تكون متتابعة بعد يوم العيد؟، أم أنَّ هناك سعة في ذلك ويمكن تفريق صيامها على مدار شهر شوال؟”.
قالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن صيام 6 أيام من شوال فيه توسعة؛ فيجوز تفريق صيامها على مدار الشهر، ولا يجب التتابع فيها، وإن كان التتابع في صومهم بعد عيد الفطر أفضل وأولى، إلَّا إذا عارضه ما هو أرجح منه من المصالح؛ مثل: صلة الرحم، وإكرام الضيف.
وورد في السنة المشرفة، الحثّ على صيام 6 أيام من شوال عقب إتمام صوم رمضان، وأنَّ ذلك يعدلُ في الثواب صيام سنة كاملة؛ فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر».
التتابع في صيام الست من شوالاختلف الفقهاء في الأفضل في صيامها هل هو التتابع أو التفريق؟، على النحو التالي:
ذهب الحنفية إلى أفضلية التفريق؛ قال الإمام الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (ص: 151، ط. دار الكتب العلمية): [(وندب تفريق صوم الستّ من شوال)، ولا يُكْرَه التتابع على المختار] اهـ.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أفضلية التتابع؛ قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 184، ط. دار الكتب العلمية): [يُسْتحبُّ لمَن صام رمضان أن يتبعه بستٍّ من شوال كلفظ الحديث، وتحصل السنّةُ بصومها متفرقةً، (و) لكن (تتابعها أفضل) عقب العيد؛ مبادرةً إلى العبادة، ولما في التأخير من الآفات] اهـ.
وذكرت دار الإفتاء أن هذه الأفضلية عند هؤلاء الفقهاء يمكن أن تنتفي إذا عارضها ما هو أرجح؛ كتطييب خواطر الناس؛ إذا كان الإنسان يجتمع مع أقاربه مثلًا على وليمة يُدْعَى إليها، فمثل هذه الأمور من مراعاة صلة الرحم وإدخال السرور على القرابة لا شكّ أنَّها أرجحُ من المبادرة إلى الصيام عقب العيد أو التتابع بين أيامه، وقد نصّ علماء الشافعية والحنابلة على أنَّ الكراهة تنتفي بالحاجة.