هموم الـ77 .. هر أسود وغرفة مظلمة
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
لَمْ أجد أيَّ اختلاف في المضمون، ولا في الأهداف بَيْنَ قمَّة مجموعة الـ77 التي انعقدت خلال هذا الأسبوع في العاصمة الكوبيَّة هافانا وقمَّة الجنوب التي انعقدت فيها عام 2001 باستثناء أنَّ عنوان القمَّة الجديدة أُعطيتْ فيه خصوصيَّة معيَّنة لمشاركة الصين فيها. لقَدْ أُتيح لي أن أكُونَ ضِمْن الوفد العراقي برئاسة محمد سعيد الصحَّاف وزير الخارجيَّة العراقي الأسبق الذي شارك في قمَّة الجنوب آنذاك، وكانت كُلُّ محرِّكات تلك القمَّة تنصبُّ على أهمِّية إيجاد مفاتيح دوليَّة لخدمة قضايا التنمية مع تحريرها من سطوة النزعات الاحتكاريَّة المُدمِّرة وما زلتُ أذكر الخلاف الذي نشِبَ بَيْنَ الرئيس فيديل كاسترو الذي أدار أعمال القمَّة والرئيس النيجيري بسانجو بشأن أولويَّات دوَل الجنوب، وعِنْدها خرجتُ بقناعة أنَّ مصطلح قمَّة الجنوب بحاجة ماسَّة إلى بَلْوَرَة وحدة مواقف دوليَّة تكُونُ ملزمة لجميع دوَل المجموعة، وهو أمْرٌ خارج التغطية حتمًا نظرًا لتباين المواقف ونزعة المنافسة الغامضة وما يتمُّ في الغرف المغلقة، بل وصل بي الاعتقاد أنَّ مهمَّة الإمساك بمواقف موَحَّدة بخصوص ذلك تُشابه إلى حدٍ ما محاولة الإمساك بهِرٍّ أسود في غرفة مظلمة، خصوصًا مع احتمال استخدم الهِرُّ مخالبه.
على أيِّ حال مِثلما سمعتُ في قمَّة الجنوب عام 2001 من شكاوى وردت في المداخلات العامَّة عن نقص العدالة في السَّاحة الدوليَّة، أرى أنَّ المشهد تكرَّر في البيان الختامي لقمَّة الـ77 قَبل أيَّام، الأمْرُ الذي يعني طغيان المنافسة المتوَحِّشة مع تناقص شديد في الفرص البيئيَّة المتاحة للتنمية والتجارة الحُرَّة. وإذا كانت القمَّة الجديدة لَمْ تستعِنْ بتقارير منظَّمة الشفافية العالَميَّة للكشف عن حجم المظلوميَّة في الفرص، فقَدْ ظلَّ بيانها رهْنَ تجاذبات واضحة لكثرة التمنِّي فيه. إنَّ الإفصاح عن النيَّات الحسَنة لا يعني بأيِّ حالٍ من الأحوال توافر المجال التطبيقي الرحب لها، وبموجب ذلك، الغصَّة التي لمحتها على مُحيَّا كوفي أنان الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة في قمَّة 2001 أراها الآن تتكرر لدى أنطونيو جوتيريش أمينها العامِّ الحالي، خصوصًا مع إشارة بعدم وجود توظيف دولي بسياقات صحيحة لمواجهة المعضلات التي تضرب العالَم في الوقت الحاضر.
لا شكَّ أنَّ الانقسامات في المواقف على أشدِّها الآن إزاء المواجهة الروسيَّة الأوكرانيَّة، والأسلحة السِّياسيَّة كاتمة الصوت منتشرة على المنصَّات الدوليَّة، وفرص السكوت وغضُّ النظر على قدَمٍ وساقٍ، ثمَّ كيف يُمكِن لدوَل هذه المجموعة الكبيرة التي يزيد عددُها على مئة دَولة أن تتَّحدَ في مواقف مشتركة مع تباين الاستعدادات للالتزام بوقف الإفلاس البيئي أو على الأقل تحجيم التدهور، وعدم وجود مفاهيم مشتركة لمواجهة المعضلات إلَّا في البيانات الإعلاميَّة فحسب؟ وكيف يُمكِن توطين الأولويَّات لمعالجات مخلِصة بشأن قضايا الديون والاحتكارات الصارمة والحصارات على حُريَّة انتقال التكنولوجيا وهي محكومة بشروط الملكيَّة الفكريَّة، وأيَّة فرص لحماية البيئات البحريَّة خزين العالَم من الغذاء إذا كانت البوارج الحربيَّة تجوبها مع هامش يومي هائل من الفضلات التي ما زال رميها في المياه الوسيلة الشَّائعة؟
إلى ذلك أيضًا، أنَّ التحدِّيات التي تطرَّقت إليها قمَّة الـ77 نسخة مكرَّرة من التحدِّيات التي تطرَّقت إليها مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها في وقت سابق من هذا الشهر، لكنَّ هذا التَّشابه في القراءة يَحْكمه التناقض في السُّبل الكفيلة للمواجهة ما دام هامش المصالح الحصصيَّة الاحتكاريَّة المبيَّتة هو الذي يَحكُم الأولويَّات.
عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الجنوب
إقرأ أيضاً:
قط أسود في الكاف!
والله زى ما بقولك كده، كابتن مصر وهدافها، ونجم ليفربول والكرة الإنجليزية، محطم الأرقام الكروية العالمية، كابتن «محمد صلاح» خارج ترشيحات الكرة الذهبية الإفريقية لهذا العام (2024).
عباقرة الاتحاد الإفريقى المعتزلون، اختاروا (10 لاعبين أفارقة يلعبون خارج القارة السمراء) للتنافس على جائزة «الكاف» لأفضل لاعب إفريقى لهذا العام، أشهرهم «أشرف حكيمى»، لاعب باريس سان جيرمان الفرنسى، والمغربى «سفيان رحيمى»، لاعب العين الإماراتى.. وهلمَّ جرا.
مطالعة بقية الأسماء المجهولة كرويًا فى القائمة تصيبك بدهشة ممزوجة باستغراب، تترجم استهجانًا.. ما هكذا يا سَعْدُ تُورد الإبل، وبالمثل: ما هكذا يا باتريس تُورد الترشيحات، وباتريس موتسيبه Patrice Motsepe هو رجل أعمال جنوب إفريقى وأحد أقطاب صناعة التعدين فى إفريقيا، يترأس حاليًا الكاف (الاتحاد الإفريقى).. يوصف بـ«ملياردير الكرة الإفريقية»!!
لا تسألن عن السبب، سبب استبعاد صلاح من قائمة العشرة المبشرين بالجائزة الذهبية، ولن يجيبك دهاقنة الاتحاد الإفريقى، ليس لديهم إجابة مقنعة.. للأسف الصغار يتحكمون فى ترشيحات الكبار، فحسب الانحيازات العمياء، والترشيحات الغبية، والوصاية على الجائزة من متنفذين كرويًا من خارج القارة السمراء.
هناك قط أسود فى الغرفة المظلمة، عندما تتجاهل الترشيحات الإفريقية التى يقررها (كباتن منتخبات القارة، ومدراؤها الفنيون، وخبراؤها المعتمدون) ترشيح لاعب بحجم ووزن صلاح، كيف هذا؟ هل هذه ترشيحات نظيفة، خلو من الهوى والوصاية والرعاية؟!
صلاح رقم صعب كرويًا، بأرقامه وأهدافه وتمريراته الحاسمة وموقعه ومكانته الكروية العالمية.. صلاح لو بيلعب برجل واحدة لا تُخطئه الترشيحات المنصفة.
عندما تتجاهل الترشيحات العمياء ضيقة الأفق «ميسى» الكرة الإفريقية، فى موسم استثنائى يقدم فيه صلاح أقوى عروضه فى الملاعب الإنجليزية، مستوجب تجاهل هذه الترشيحات التى تنم عن جهل مطبق بأوزان اللاعبين الأفارقة داخل وخارج القارة السمراء.
بالسوابق يُعرفون، مرات تخطى الاتحاد الإفريقى صلاح ومنح جائزته للاعبين لا يطمحون إليها فى وجود صلاح، مهضومة فى سياق الترضيات الكروية التى ابتُليت بها الكرة الإفريقية.. ولكن تجاهل ترشيحه بالكلية يُترجم عمى كروى، عمى حيثى، هناك من تعمد استبعاد صلاح تلبية لغرض، والغرض مرض كما يقولون.
صلاح لم يطلب الجائزة، ولن يطلبها، ولم يسعَ إليها، الجوائز تسعى إليه عادة، وحصل عليها سابقًا مرات، أخشى القول إن صلاح تجاوزها من زمن، عندما تصغر الجائزة إلى حدود ترشيح لاعبين يتمنون صورة «سيلفى» مع صلاح، ويجتهدون فى الحصول على فانلته افتخارًا.. يبقى فيه حاجة غلط، فيها «إن وأخواتها»، فيها ريحة وحشة، نفاذة، كثير من الأقاويل تلف جوائز الاتحاد، سيما مموليها الخفيين.
معلوم الجوائز على المستوى العالمى تحكمها مصالح الشركات الراعية، تترجم أموالًا وعطايا ومنحًا وساعات ذهبية، وفضائح الجوائز الكروية تزكم الأنوف، والفساد للركب، والجوائز الإفريقية بالضرورة ليست استثناء، هناك تربيطات ومصالح وتمويلات، ولكن استبعاد صلاح تمامًا من الترشيحات، هذا يجاوز حديث التربيطات والتمويلات والرعايات، هذا فعل انتقامى، تحركه أرواح شريرة، صلاح مستبعد لأنه صلاح (فخر المصريين) وليس لأسباب كروية أخرى..
حمدي رزق – صحيفة المصري اليوم