siddiqmeheasi20@gemail.com
فى ستينات القرن الماضى زارنا فى صحيفة السودان الجديد وفد ّاريترى برئاسة الراحل عثمان صالح سبى خليفة حامد عواتى مفجّر الثورة الأريترية ضد الأحتلال الأثيوبى والمبشّر بها فيما بعد .
جاء الوفد للتعارف وفتح الباب لنشر بيانات العمليات العسكرية التى كان يقوم بها الثوار ضد الجيش الأثيوبى , كان برفقة الوفد شاب قمحى اللون رقيق العود هامس الصوت عرّف نفسه بعمر جعفر السّورى وهو من اب سودانى هو جعفر السّورى اول رئيس تحرير لصحيفة الجزيرة الناطقة بأسم مشروع الجزيرة ومن ام ارتيرية من مصوع .
ظل عمر يزورنا من وقت لآخر حاملا بيانات العمليات العسكرية التى كان يقوم بها الثوار ضد الجيش الأثيوبى فأزدادت اواصر الصداقة بيننا حتى فاتحنا برغبته فى الأنضمام الينا كمحرر فى اسرة التحرير وقد كان , صار عمر زميلا لنا يغطى اخبار البرلمان فنجح ايما نجاح حتى صرنا نتميزعلى الصحف الأخرى بمانشتيات مثيرة زادت من عدد القراء للصحيفة ,ويومذاك اكتشفنا انه لم يكن يهتم كثيرا بمداولات النواب داخل الجمعية التأسيسة ولكنه كان يسعى من داخل كافتيريا الجمعية لمعرفة ماتخبيه تلك الخطب الحماسية ,فيحصل على ماوراء الكواليس للمواقف الحقيقية للمعارضة والحكومة معا ,وكان بذلك يجعل الصحيفة سباقة على الصحف المنافسة " فيزداد توزيعها فنضطرفى كثير من الأحياين لطباعة نسخ ليلية لتلبية حاجة القراء ,وتلك كانت صفة الصحفى الذى ينظر الى ماوراء الحدث وليس الحدث نفسه.
كان فى قيادة السودان الجديد فضل بشير رئيس التحرير , ويحى العوض مدير التحرير ثم محمود محمد مدنى ديسك الأخبارالداخلية,وعمرالسورى البرلمان ,وكمال الجزولى "صفحة مشاتل الفيروز"وشخصى الأخبارالخارجية.
لفت تميّز عمر السّورى فى الحصول على الأخبارالنوعية نظر الصحفى الكبير الراحل سعد الشيخ صاحب وكالة انباء الخرطوم واحد اساطين صحافة ذلك العصر فعرض عليه العمل معه بالوكالة ففارقنا تحريريا ولكنه لم ينقطع عنا كصديق ,وظل يباشرنا يوميا فى امسياتنا عندما كانت "الخرطوم جميله وليلا يسهر بالكهارب" كما يصفها صديقنا الشاعر كامل عبد الماجد لم يشغل كل ذلك الراحل عن الثورة الاريترية التى كان يحملها فى وجدانه كقضية حرروطنى نذر لها نفسه دون اى شىء اخر.
لم يمكث عمر طويلا فى السودان ففى عام 9711 بعد انقلاب هاشم العطا والهجمة الشرسة التى شنها جعفرالنميرى ضد كل اليساريين بما فيهم الثوارالأرتريين ,هاجر عمر الى خارج السودان قاصدا سوريا فعّين مسئولا عن الجهازالاعلامى للثورة الآرتيرية وكان جهاز الأعلام و مقره دمشق وله مكاتب فى بغداد ,وبيروت , وروما تابع للمجلس الثورى بقيادة ادريس احمد ادم واحمد ناصر.
كوّن عمر السورى شبكة علاقات واسعة مع كبار المسئولين فى حزب البعث العربى الحاكم فى كل من دمشق وبغداد ,وكذا المثقفين السوريين من ادباء وشعراء وباحثين وامتد نشاطه الى لبنان ليقيم صلات قوية مع كل رموزها السياسية والأدبية ,فساعد ذلك على تسليط مزيد من الضوء على الثورة الأريترية وهو جهد فردى تعجزعن القيام به مؤسسات ومراكز بحوث سياسية واجتماعية ,ليس ذلك وحده بل أن نشاط الراحل امتد حتى الى اوربا بدولها المختلفة شرقية وغربية رسولا للثورة محاضرا عن تاريخها صعودها ,وهبوطها ,انتصاراتها وأنكساراتها ساعده فى ذلك انه كان يتقن ثلاثة لغات ,الانجليزية ,والايطالية ,والألمانية.
في منتصف سبتمبرعام 1980 وصل عمر جعفر السّوري الأمين العام المساعد الى الخرطوم مندوبا من اتحاد الصحفيين العرب ليبحث مع المسئولين السودانيين عملية التشريد الواسعة التى طاولت عددا كبيرا من الصحفيين المعارضين للنظام فى وكالة السودان للانباء والصحف الأخرى .
وكان الآتحاد قد تلقى مذكرة مسهبة من نقابة الصحفيين السودانيين تشرح فيها الظروف والملابسات التي تمت فيها عملية التشريد الجماعية التي قام بها يومذاك اسماعيل الحاج موسى وزير اعلام النميرى ضد المعارضين للنظام , وكان موضوع النقابة السودانية قد طرح في جدول أعمال المكتب الدائم لاتحاد الصحفيّين العرب وأمانته العامة في أكثرمن اجتماع فى بغداد .
جاء عمر السّوري إلى الخرطوم ليبحث الأزمة مع المسؤولين في السودان وفي مقدمتهم وزير الإعلام، وعلى غير ما توقع مندوب الاتحاد كانت مقابلة الوزير له صاخبة وعدائية في مجملها وحاول عمر أنْ يُهدّئ من انفعالات الوزير وتوتره طيلة المقابلة التي استمرت حوالي الساعتين ونصف دون جدوى استمعَ خلالها إلى الوزير وهو يقرأ على مسامعه مقالات مطوّلة كتبها في جريدة الأيّام حول الصحافة ودورها فى المجتمع , وهي مقالات وصفها مندوب الاتحاد بالسطحية والفجة والمثيرة للغثيان، ولولا أنّه هضم إفطاره الَّذي تناوله مبكراً لتقيأ على مكتب الوزير الَّذي كان يثير الشفقة و الازدراء .
وقبل نهايّة الاجتماع بخمس دقائق، دخل إلى مكتب الوزير كلٌّ من الفاتح التيجاني الَّذي كان يشغل منصب وكيل وزارة الإعلام آنئذ، ومصطفى أمين المدير العام لوكالة السودان للأنباء وقتذاك ,وطه المجمّر المدير الإداري للوكالة, كانوا يحملون ملفات وأوراقاً معهم استغرب مندوب الاتحاد دخولهم قبيل انتهاء الاجتماع,حيّاهم عمر السوري و تبادل معهم أحاديث قصيرة فقد عمل معهم مِنْ قبل وتربطه بهم صداقات ولكنه لم يخطر بباله أنّ تلك الملفات كانت مراسيم إقالة لأعضاء لجنة النقابة التنفيذية من عملهم الصحفي وليس النقابي, لم تستغرق إذاعة أخبارالإقالة وقتا طويلاً. فلم يكد يصل عمر السوري الى الفندق الكبير القريب من وزارة الإعلام حتى تلقى تأكيدا للنبأ في مكالمة تلفونية من يوسف الشنْبَلي.الأمين العام الشرعى للنقابة .
كانت مجزرة الصحفيّين إهانة لاتحاد الصحفيّين العرب وإعلاناً لرفض الحكومة لأيّة وساطة وتصعيداً في الموقف,صارح الوزير مندوب الاتحاد أثناء الاجتماع أنّ السلطة ستمضى في معركتها ضد من اسماهم بالعناصر الشيوعية التي تسيطر على النقابة ,واتهم الوزير اتحاد الصحفيّين العرب نفسه بأنّه أداة عراقية، وأنّ ما يحدث الآن هو تدخل في شؤون السودان الداخلية، وأنّه يرفض المناقشة في هذا الموضوع، كانت القضية بالنسبة للحاج موسى قضية كرسي أو لا كرسي، وإذا لم يُظهر هذا التشدد ويوغل في إجراءاته التعسفية ضد المُعارضَة الصحفية فأن النميرى كان حتما سيطيح به وهوحريص على كرسيه وليذهب المفصولين الى الجحيم .
لم يتوصل مندوب الاتحاد إلى شيء، وقد خرج بانطباع أنّ وزيرالإعلام مُصِرٌّعلى استمرار معركته ضد نقابة الصحفيّين الشرعية التى اتهمها بالشيوعية .
رحم الله عمر جعفر السوّرى واسكنه فسيح جناته والهمنا واسرته واصدقاؤه ومجايليه الصبر والسلوان فقد رحيله ثقيلا ثقيلا على النفوس .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«الوزير» يبحث مع محافظ ومستثمري بورسعيد تحديات المناطق الصناعية بالمحافظة
بحث كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل مع محب حبشي محافظ بورسعيد، والمستثمرين بالمحافظة، التحديات والمشكلات التي تواجههم وتم مناقشة الإجراءات اللازمة لتذليل هذه التحديات.
وقد تم خلال الاجتماع استعراض الموقف التنفيذي للمناطق الصناعية المعتمدة والمجمعات الصناعية بمحافظة بورسعيد والتي تضم 5 مناطق صناعية بإجمالي مساحة 26211 فدانا تشمل المنطقة الصناعية بجنوب بورسعيد الرسوة والتي تقع على مساحة 797.4 فدان، وامتداد المنطقة الصناعية بجنوب بورسعيد الرسوة والتي تقع على مساحة 367.4 فدان، والمنطقة الحرة العامة ببورسعيد والتي تقع على مساحة 183 فدانا، بالإضافة إلى المنطقة الصناعية ببورسعيد الجديدة والتي تقع على مساحة 1289 فدانا، والمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد المنطقة الاقتصادية والتي تقع على مساحة 23574 فدانا إلى جانب 3 مجمعات صناعية قائمة بالمحافظة وهي مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بامتداد جنوب الرسوة والذي يقع على مساحة 43.2 فدان، ومجمع "58 مصنع" والذي يقع على مساحة 10392 متر مربع، ومجمع 3 يوليو للصناعات الصغيرة والمغذية والذي يقع على مساحة 13065 مترا مربعا، كما تم استعراض الموقف الحالي لتخصيص وتشغيل الأراضي الصناعية بكل منطقة، إلى جانب مناقشة وضع الترفيق ونسب تنفيذها بهذه المناطق.
وخلال اللقاء أكد كامل الوزير، أن محافظة بورسعيد من أبرز محافظات الجمهورية التي تحقق مؤشرات نجاح في مختلف القطاعات و أن مؤشرات التنمية الصناعية بالمحافظة مرتفعة ولا يوجد بالمحافظة أي مناطق صناعية غير مخططة، مضيفا أنه جاري حالياً دراسة إقامة مجمع للمصانع الجاهزة للتشغيل على مساحة 73.3 فدان بالمنطقة الصناعية بامتداد جنوب الرسوة لخدمة المصانع الصغيرة وذلك في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والصناعات الهندسية والغذائية والكيميائية بمساحات للوحدة تتراوح بين 250-500 متر مربع ومضاعفاتها، موجهاً بضرورة الحصول على موافقة وزارة البيئة والإدارة العامة للحماية المدنية على مواصفات البناء الخاصة بالمجمع الصناعي الجديد وذلك لمراعاة أي تعديلات أو ملاحظات ترد من هذه الجهات خلال مرحلة الإنشاء، كما تم مراعاة إنشاء نقطة شرطة وإطفاء وإسعاف لخدمة المجمع والمنطقة الصناعية المجاورة وكذلك إنشاء مخازن وأماكن خدمات ومنافذ بيع وورش ومعارض لخدمة المجمع والمنطقة الصناعية المجاورة.
وأوضح أنه جاري نقل ولاية كل الأراضي الصناعية الجديدة للهيئة العامة للتنمية الصناعية باعتبارها الجهة الوحيدة المنوط بها تخصيص الأراضي الصناعية للمستثمرين وذلك لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للدولة للصناعة، لافتاً إلى أن كل الأراضي الشاغرة والمسحوبة في المناطق الصناعية بالمحافظة سيتم طرحها على منصة مصر الصناعية الرقمية في الطرح القادم، مع مراعاة إضافة شرط جديد لاشتراطات المفاضلة في التخصيص وهو أن تكون الأولوية في التخصيص لأبناء المحافظة، حيث سيتم تطبيق هذا الشرط بعد التأكد من استيفاء المستثمر المتقدم لباقي اشتراطات المفاضلة التي تشمل استيفاء الشروط الفنية، والملاءة المالية وتوافق النشاط للمنطقة الصناعية.
وأشار الوزير إلى ضرورة توفير جميع سلاسل الإمداد والقيمة المضافة لقيام صناعة الغزل والنسيج في محافظة بورسعيد باعتبارها من أبرز الصناعات التي تشتهر بها المحافظة بما يسهم في إقامة صناعة حقيقية، حيث يتوقف تعميق هذه الصناعة المحورية على توفر صناعات الغزل والمنسوجات والصباغة ثم الملابس الجاهزة وذلك في إطار خطة ورؤية الدولة المصرية لتوفير الصناعات المغذية لكل صناعة لتحقيق الاستدامة وتقليل الاعتماد على استيراد مستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى ضرورة توجيه التمويلات الواردة من شركاء التنمية الدوليين لخدمة المستثمرين الصناعيين ولا سيما صغار المصنعين.
ولفت وزير الصناعة إلى أنه فيما يخص المناطق الصناعية الخاضعة لولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فيمكن رفع كفاءة الصيانة والمرافق بهذه المناطق من خلال التنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وشركاتها التابعة للقيام بالأعمال المطلوبة مقابل رسوم تحصلها من المستثمرين أو من خلال تشكيل جمعية مستثمرين للمنطقة الصناعية تتولي صيانة كافة مرافقها الداخلية بالتنسيق مع الجهات المختصة وتقديم خدمات الأمن والنظافة وتحصيل مصروفات الصيانة ومقابل الخدمات من مستثمري المنطقة الصناعية للصرف منها على أغراضها بما يسهم في رفع كفاءة المنطقة الصناعية والتيسير على المستثمرين، وذلك على غرار التجربة الناجحة لنظام المطور الصناعي في مصر، موجهاً بالتنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية لتعيين جهة واحدة فقط تكون معنية بصيانة وتشغيل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء للمناطق الصناعية لحل التداخل القائم بين الجهات المسؤولة عن هذه الشبكات.
كما وجه وزير الصناعة، اللجنة المجمعة للتفتيش على المصانع بالتأكد من التزام المصانع باشتراطات التراخيص الصناعية والتي تشمل قيام المصنع الذي ينتج عنه صرف صناعي بإنشاء وحدة معالجة صرف صناعي خاصة بالمصنع لمعالجة الصرف الصناعي قبل صرفه على شبكة الصرف العامة.
واستعرض الوزير عدداً من التحديات التي تواجه المستثمرين الصناعيين بالمحافظة ومن أبرز التحديات مشكلة ضعف شبكة الصرف الصحي بالمناطق الصناعية بالمحافظة، حيث عرض المستثمر محمد البنا صاحب مصنع البنا للبلاط الآلي مشكلته المتمثلة في عدم قدرته على تملك مصنعه القائم في إحدى المناطق السكنية بمحافظة بورسعيد، حيث أكد الوزير أنه تقرر عدم إصدار التراخيص الصناعية لبعض الأنشطة الصناعية خارج المناطق الصناعية المعتمدة والتي تمثل خطورة على المواطنين.
كما عرض 7 مصانع متخصصة في تداول وتصدير الأسماك التحديات التي تواجههم فيما يخص التصدير للخارج، حيث وجه الوزير باتخاذ كافة الإجراءات الفورية اللازمة للتغلب على هذه التحديات بالتنسيق مع الجهات المعنية مثل هيئة سلامة الغذاء ووزارة الاستثمار والتجارة الخارجية لتنضم هذه المصانع لقائمة المصانع التي تصدر للخارج بما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي، وعرض هذه الحالة على اللجنة الوزارية للتنمية الصناعية.
وعرض المستثمر على فتحي، رئيس جمعية مستثمري العصافرة وصاحب مصنع لتصنيع الملح المكرر طلبه بضرورة الاهتمام بصناعة الملح لزيادة صادرات مصر منها، حيث أكد الوزير على ضرورة تشجيع إقامة مناطق صناعية متكاملة في قطاعات بعينها مثل صناعات الغزل والنسيج والملح والبويات وتوطين الصناعات المغذية لها.
كما عرض المستثمر عبد الكريم عمر صاحب مصنع للأحذية والمنتجات الجلدية مشكلته بشأن عدم توفير المطور الصناعي مالك المنطقة المقام عليها المصنع المرافق اللازمة، ثم نشوب حريق في مصنعه مما أدى إلى تضرر المصنع بالكامل، حيث أكد الوزير على ضرورة عدم تشغيل أي مستثمر لمصنعه في منطقة صناعية ما لم تتوفر إجراءات الحماية المدنية اللازمة لحماية الممتلكات والعمالة داخل المصنع.
اقرأ أيضاًغدا.. لقاء وزير الصناعة مع المستثمرين بمحافظة بورسعيد
وزير الصناعة يبحث مع نظيره السعودي تعزيز التعاون بين مصر والمملكة
وزير الصناعة يشهد توقيع عقد تمويل مشترك لصالح الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية