بعد أن فشلت في تحقيق نصر عسكري على الأرض، تتبنى السعودية استراتيجية جديدة للخروج العسكري من جارها اليمن، تقوم على التوصل إلى تسوية في الشمال مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ودعم وكلاء لضمان نفوذ غير مباشر في الجنوب الذي يتزايد فيه نفود الانفصاليين والإمارات الداعمة لهم.

تلك القراءة طرحتها إليونورا أرديماني في تحليل بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) ترجمه "الخليج الجديد".

ومنذ 2015، تقود السعودية تحالفا عسكريا عربيا يدعم القوات الموالية للحكومة الشرعية اليمنية في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

إليونورا  قالت إن "السعوديون يهدفون، في المقام الأول، إلى تأمين اتفاق ثنائي مع الحوثيين لتحقيق الاستقرار على الحدود ومنع الهجمات الجديدة المحتملة ضد المملكة".

واستدركت: "مع ذلك، لم تتم دعوة أي من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي (اليمني) أو ممثلين عن الحكومة االمعترف بها من الأمم المتحدة لحضور المحادثات السعودية الحوثية (استمرت في المملكة 5 أيام حتى أمس الثلاثاء)".

واعتبرت أن "هذا يشير إلى أن المملكة تقترب من حل الصراع في اليمن من منظور الحدود، وبالتالي تقليص أهدافها الأولية، التي كانت تتمثل في الهزيمة العسكرية للحوثيين وإعادة الحكومة إلى صنعاء، كما أنه ليس من المؤكد أن وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين سيؤدي إلى عملية يمنية أوسع بقيادة الأمم المتحدة".

اقرأ أيضاً

اتفاق سعودي إماراتي أمريكي على تنسيق الجهود لحل أزمة اليمن

وكلاء في الجنوب

"عندما أدركت السعودية أنها لا تستطيع تغيير ميزان القوى في الشمال الغربي الذي يسيطر عليه الحوثيون، تحول تركيزها الاستراتيجي نحو الجنوب"، كما أضافت إليونورا.

وأوضحت أن "المملكة تراجع استراتيجيتها في المناطق الجنوبية باليمن لتوسيع النفوذ العسكري والسياسي السعودي، وبالتالي تحدي النفوذ الملحوظ الذي بنته الإمارات منذ 2015 على حساب الرياض".

وأردفت: "مثلا، قامت السعودية بدعم وتمويل قوات الدرع الوطني، التي تم الإعلان عنها في يناير/كانون الثاني (الماضي)، تحت قيادة رئيس المجلس القيادي الرئاسي رشاد العليمي المقرب من السعوديين".

و"مع قوة تقدر بـ20 ألف مقاتل، يتألف الجزء الأكبر من قوات الدرع الوطني بشكل رئيسي من رجال قبائل الصبيحة السلفية من محافظة لحج (جنوب)، وقد أضفى العليمي الطابع الرسمي على هذه القوات كوحدة احتياطية تحت إشرافه المباشر، وخارج وزارة الدفاع"، كما زادت إليونروا.

واستطردت: "لاحقا، تم تنظيم قوات الدرع الوطني، التي تم إنشاؤها في الأصل في ضواحي عدن ولحج وأبين، في عدة ألوية في المحافظات الجنوبية وانتشرت في وادي حضرموت، الجزء الشمالي الغني بالنفط من محافظة حضرموت المتاخمة للسعودية".

ولفتت إلى أن "المواجهة تتصاعد بين القوات المدعومة من السعودية والإمارات في عدن وحضرموت، ولا تزال عدن (العاصمة المؤقتة) خاضعة إلى حد كبير لسيطرة قوات الحزام الأمني، المدعومة من الإمارات والمرتبطة بالمجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال (عن شمال اليمن)".

اقرأ أيضاً

أكاديمي إماراتي يجدد دعمه لانفصال جنوب اليمن: قضية تحرر وطني

3 آثار رئيسية 

لكن استراتيجية السعودية الجديدة في اليمن، بحسب إليونورا، "لها ثلاثة آثار رئيسية، فأولا، تُضعف بشكل غير مباشر المؤسسات الرسمية في اليمن".

وأوضحت أن "استبعاد الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي من المحادثات الدبلوماسية مع الحوثيين، فضلا عن إنشاء قوات شبيهة بالوكالة (في الجنوب) ترعاها السعودية، يقوض المؤسسات الرسمية والقطاع الأمني".

وتابعت: "ثانيا، توفر المحادثات الثنائية مع الحوثيين نفوذا سياسيا أكبر (للجماعة) في مواجهة الحكومة؛ نظرا لأن السعوديين اعترفوا بشكل متزايد بالحوثيين كمحاورين، بينما قاموا ضمنيا، ولكن بقوة، بتقليص مثل هذا التأييد للحكومة".

و"ثالثا، تثير هذه الاستراتيجية منافسة أكبر بين السعودية والإمارات في اليمن، حيث تتنافسان على النفوذ في المناطق الجنوبية"، كما أردفت إليونرا.

وقالت إنه "للمرة الأولى منذ عقود، بدلا من التعامل مع اليمن باعتباره "فناءها" أو كامتداد لمجالها الداخلي، تتعامل السعودية معه باعتباره قضية سياسة خارجية لها آثار أمنية ذات صلة".

ورأت أن ذلك "يرجع على الأرجح إلى أن الرياض لم تعد قادرة على فرض قواعد اللعبة، وتفتقر إلى محاورين راسخين بين السياسيين والحلفاء القبليين، ولذلم تختار التسوية والنفوذ غير المباشر، في محاولة لتعظيم المكاسب من خروجها العسكري من اليمن".

و"في حين أن هذه الاستراتيجية قد تدعم انسحاب الرياض من اليمن وتنجح في مواجهة القوات الموالية للإمارات في مناطق محددة، فمن غير المرجح أن تواجه النزعات الانفصالية الأوسع أو توقف التمزق المستمر في الدولة اليمنية الموحدة"، كما ختمت إليونورا.

اقرأ أيضاً

اليمن لا يرتاح.. شمال يقترب من السلام وجنوب يتجه نحو الانفصال

المصدر | إليونورا أرديماني/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: اليمن السعودية تسوية الإمارات الحوثيون نفوذ فی الیمن

إقرأ أيضاً:

غارات أميركية وبريطانية على الحديدة وحجة غربي اليمن

قالت جماعة أنصار الله (الحوثيين) اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة وبريطانيا شنت خمس غارات على محافظتي الحديدة وحجة غربي اليمن، في أعقاب إعلان الجيش الأميركي تدميره زورقين مسيّرين في البحر الأحمر وموقعي رادار في مناطق تسيطر عليها الجماعة.

وذكرت قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين أن الطائرات الأميركية البريطانية استهدفت بغارتين مديرية اللحية بالحديدة، كما استهدفت منطقة الجاح، في مديرية بيت الفقيه، بالمحافظة نفسها.

ولم تتطرق القناة إلى تفاصيل أخرى بشأن نتائج القصف، فيما لم يصدر تعليق بعد من الجانب الأميركي أو البريطاني.

وفي تطور آخر ذكرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين أن غارتين أميركية وبريطانية استهدفت منطقة في مديرية ميدي التابعة لحجة، دون أي تفاصيل بشأن نتائج هذا الاستهداف في تلك المحافظة الخاضع معظم مناطقها لسيطرة الحوثيين، وترتبط بحدود برية مع السعودية.

ومنذ مطلع العام الجاري، تعلن جماعة الحوثي إسقاطها مسيّرات أميركية في البلاد، في ظل إعلانها المتكرر عن تعرض مناطق يمنية بينها العاصمة صنعاء ومحافظة الحُديدة الساحلية لغارات أميركية بريطانية، تقابلها الجماعة بتأكيد استمرار هجماتها البحرية ضمن ما تسميه نصرة لقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي.

وفي وقت سابق، أعلنت الجماعة استهدافها 4 سفن بالبحرين الأحمر والمتوسط، إحداها أميركية، والثلاث الأخريات "انتهكت حظر الوصول إلى موانئ إسرائيل"، قبل أن تعلن القيادة العسكرية الوسطى الأميركية "سنتكوم" تدميرها زورقين مسّيرين في البحر الأحمر وموقعي رادار في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن.

تحديث من القيادة المركزية الأمريكية ليوم 3 يوليو/تموز

خلال الـ 24 ساعة الماضية، نجحت قوات القيادة المركزية الأمريكية من تدمير موقعي رادار للحوثيين المدعومين من إيران في المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن وزورقين مسيّرين في البحر الأحمر.
تقرر ان مواقع الرادار والزوارق المسيّرة… pic.twitter.com/ky5KhsoV6m

— U.S. Central Command (@CENTCOMArabic) July 3, 2024

وفي 12 يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر البيت الأبيض بيانا مشتركا مع 10 دول، موضخا أنه "ردا على هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية" في البحر الأحمر، بدأت القوات المسلحة الأميركية والبريطانية هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق تسيطر عليها الجماعة في اليمن.

مقالات مشابهة

  • السعودية تفوز على الإمارات وتتوج ببطولة غرب آسيا للشباب
  • وزير خارجية السعودية يكشف عن موقف المملكة من نشر قوات دولية في غزة
  • تحضيرات لزيارة رئيس وزراء المجر الاثنين وجلسة لمجلس الوزراء الثلاثاء والمواجهات تتصاعد جنوبا
  • غارات أميركية وبريطانية على الحديدة وحجة غربي اليمن
  • وزير النقل بحكومة الحوثيين للجزيرة نت: لم نخطف طائرات اليمنية
  • تنسيقية لجان مقاومة سودانية: قوات الدعم السريع تسيطر على منطقة الميرم في الجنوب
  • بيان أمن عدن يفشل في تهدئة قبائل أبين
  • رويترز: غرق ناقلة نفط قبالة سواحل اليمن لم يستهدفها الحوثيون
  • خلافات السعودية والإمارات المتصاعدة خلقت تعقيدات في طريق حل الأزمة اليمنية (ترجمة خاصة)
  • عفراء أحمد…عن معنى البيت في ذاكرة اليمني