الحياد والموضوعية في سياق ينضح بالانحياز والعنصرية
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
الحياد والموضوعية في سياق ينضح بالانحياز والعنصرية.
الإسلام فى موسوعة كامبردج لتاريخ الإسلام (1970) سلسلة لا نهائية من الحروب والصراعات.
هل كان الدين هو العامل الحاكم لفهم المنطقة أم أنه لابد من الإشارة لأثر الهيمنة الثقافية والاقتصادية؟
يستغل المستشرقون أفكار باحثين غربيين لم يدرسوا الإسلام أو يكتبوا عنه بل كتبوا موضوعات أخرى، لإضفاء الشرعية على منطقهم وانحيازاتهم.
«موسوعة كامبردج لتاريخ الإسلام»، 1970، تقول عن نفسها إنها تتناول «تاريخ الإسلام»، وغاب عنها تمامًا أى شرح لماهية الإسلام كدين وعقيدة أصلًا.
استخدم المستشرقون وأتباعهم أفكار فيبر ليؤكدوا وجهات نظرهم بالقفز من كتاباته لنتيجة لم يقلها: بسبب الإسلام، لا يفهم المسلمون التجارة وعاجزون عن الرشادة الاقتصادية!
«لماذا عنوان (أساليب القتال الإسلامية) رغم أن الفصل يدور حول سوسيولوجيا بعض الجيوش الإسلامية؟ وهل معنى ذلك أن هناك أساليب قتال (مسيحية) و(شيوعية) وأخرى رأسمالية؟»
* * *
مازلتُ فى هذه السلسلة أعرض أهم ما جاء فى كتاب إدوارد سعيد «الاستشراق»، وتناول المقال السابق النقد اللاذع الذى وجهه للغربيين الذين يدرسون «الشرق» أو «الإسلام»، الذين يزعمون الحياد والموضوعية بينما تنضح لغة خطابهم ومنطقهم الفكرى بالانحياز والعنصرية.
فى هذا السياق، يضرب «سعيد» مثالًا بالغ الأهمية حول الكيفية التى يستغل بها المستشرقون أفكار باحثين غربيين لم يدرسوا الإسلام أبدًا ولا كتبوا عنه وإنما كتبوا فى موضوعات أخرى، وذلك من أجل إضفاء الشرعية على منطقهم وانحيازاتهم.
فهو شرح كيف استخدموا كتابات عالم الاجتماع ماكس فيبر. و«فيبر»، عالم الاجتماع الذى عاش فى نهايات القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20، يعرفه القاصى والدانى من الباحثين فى العلوم الاجتماعية، فهو نشر كتابًا شهيرًا فى الستينيات حول العلاقة بين البروتستانتية والرأسمالية.
وفيه يربط «فيبر» بين صعود الرأسمالية فى الغرب والقيم الموجودة فى البروتستانتية تحديدًا (لا المسيحية عمومًا) مثل «ضبط النفس والمنطق الرشيد».
ورغم أن لكاتبة السطور نقدها الخاص لأفكار «فيبر» ليس فقط فى ذلك الموضوع وإنما دراساته حول العلاقة بين القيم والتقدم الاجتماعى، فإننى سأقتصر هنا على تقديم أفكار إدوارد سعيد عن استخدام المستشرقين كتابات «فيبر»، ويشرح كيف تم تطويعها لخدمة انحيازاتهم.
فرغم أن الرجل لم يكن مستشرقًا ولم يكتب عن الإسلام، فقد استخدم المستشرقون وأتباعهم أفكاره على نطاق واسع ليؤكدوا وجهات نظرهم المسماة «علمًا» ويضفوا المزيد من الشرعية عليها، عبر القفز من كتاباته لنتيجة لم يقلها «فيبر»، مؤداها أن المسلمين، وبسبب الإسلام، لا يفهمون فى التجارة، وعاجزون عن الرشادة الاقتصادية!
وحتى يدلل «سعيد» على أن العلاقة بين الأكاديميا والمعانى المتخيلة عن الشرق ظلت ثابتة منذ القرن الثامن عشر، يقوم بتحليل وافٍ لـ«موسوعة كامبردج لتاريخ الإسلام»، الصادرة عام 1970.
فيقول «سعيد» إن موسوعة تقول عن نفسها إنها تتناول «تاريخ الإسلام»، وغاب عنها تمامًا أى شرح لماهية الإسلام كدين وعقيدة أصلًا. فلا يوجد فيها فصل يتناول ذلك الموضوع وإنما تركت القارئ الغربى ليخمن المعنى مما تقدمه الموسوعة. ثم إنه غاب عنها المنهج أيضًا. فالإسلام فى الموسوعة عبارة عن سلسلة لا نهائية من الحروب والصراعات.
ويعطى مثالًا بتاريخ الخلافة العباسية، فيقول إن أى شخص عنده معرفة ولو بسيطة بتلك المرحلة يعرف أنها كانت أوج النهضة فى الحضارة الإسلامية. «إلا أنك على مدار أربعين صفحة لا تجد إشارة لذلك مطلقًا، وإنما تجد صراعات قصر الخلافة. ثم تنتقل الموسوعة إلى الانحدار فى الزمن المعاصر دون أى إشارة للاستعمار أو الصهيونية».
ثم يقدم لنا «سعيد» ملاحظة لامعة بخصوص فصل عنوانه «أساليب القتال الإسلامية»، فيسأل: «لماذا ذلك العنوان رغم أن الفصل يدور حول سوسيولوجيا بعض (وليس كل) الجيوش الإسلامية؟ وهل معنى ذلك أن هناك أساليب حرب (مسيحية)، وأساليب حرب (شيوعية) وأخرى رأسمالية؟».
أكثر من ذلك، فإن الموسوعة تقدم الإسلام باعتباره ثقافة قائمة على السرقة والاقتباس، فالأدب العربى كتبه الفارسيون، «دون أى دليل»، على حد تعبير «سعيد».
ويختم «سعيد» ذلك الجزء بالقول إن «الإسلام فى تلك الموسوعة» لا توجد فيه شعوب ولا حضارة. ثم يطرح السؤال الأكثر عمقًا وأهمية، وهو ما إذا كان الدين هو العامل الحاكم لفهم المنطقة أم أنه لابد من الإشارة لأثر الهيمنة الثقافية والاقتصادية؟ قائلًا إن تلك هى المسألة التى تحتاج للدراسة والتحليل، بل وللرؤى المختلفة.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي
المصدر | المصري اليومالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الاستشراق المستشرق الإسلام التجارة إدوارد سعيد تاريخ الإسلام
إقرأ أيضاً:
حارس النصر السابق: كريستيانو رونالدو يرحب بالدخول في الإسلام
خرج حارس النصر السعودي السابق وليد عبد الله بتصريحات مثيرة عن الأسطورة كريستيانو رونالدو قائد النصر، حول إمكانية اعتناق الدين الإسلامي.
وكانت تقارير صحفية قد أشارت في عدة مناسبات إلى أن "الدون" يرحب بالدخول في الإسلام، بسبب اندماجه وتكيفه الواضح مع الثقافة السعودية.
وقال وليد في تصريحات عبر برنامج "الحصة الأخيرة" الذي يعرض على قناة السعودية: "لم أخش الحديث أمام رونالدو في غرفة خلع الملابس للمرة الأولى، لقد وقفت وتحدثت مع الجميع بصفتي قائد الفريق، ولم أشعر بالتوتر كما قال البعض"، وفقا لما نشرته الصحف السعودية الرياضية اليوم الاثنين
وأضاف "حين يؤذن للصلاة ونحن في المران يطلب رونالدو من المدرب إيقاف الحصة التدريبية حتى ينتهي المؤذن".
وأضاف "كنت قريبا من كريستيانو في البداية، لأنه كان لا يعرف ثقافة البلد والنادي وغيرها من الأمور، فهو كان يرحب بذلك، ويسألني دائما عن بعض التفاصيل".
وتابع "رونالدو يحب أن يدخل الإسلام، فقد تحدثت معه عن هذا الأمر، وكان مهتما بذلك، لقد سجد مرة في الملعب بعد التسجيل، بالإضافة إلى أنه يحث اللاعبين دائما على الصلاة وغيرها من الأمور التابعة للدين الإسلامي".
وأكمل "عندما سجد رونالدو، صرخ جميع اللاعبين في صوت واحد (الله أكبر)، فهو يطالب اللاعبين بالانتظام في الصلاة، وعند سماع الأذان يطلب من المدرب إيقاف التدريبات".
ويعتنق كريستيانو رونالدو الديانة المسيحية لكن اسمه ارتبط في العديد من الأوقات السابقة باعتناق الإسلام خاصة مع انتقاله للنصر قبل قرابة عامين.
وشدد "بعيدا عن دخوله إلى الإسلام أو لا، فهو لاعب ملتزم وانضباطي إلى أعلى درجة، وهذا هو السبب في وصوله لهذه المكانة".
وأتم "رونالدو ونجله متواضعان للغاية، فالولد يتعامل مع أصدقائه ببساطة واضحة، وأعتقد أن كل شخص يأتي إلى السعودية، يحبها ويرتاح فيها".
يذكر أنه قبل الانتقال إلى النصر في شتاء 2023 بعد نهاية عقده مع مانشستر يونايتد الإنجليزي، تحدثت تقارير عن وجود محاولات من زميلي الدون السابقين في ريال مدريد الإسباني، الألماني مسعود أوزيل والفرنسي كريم بنزيمة، لحثه على اعتناق الإسلام.