علاقات المغرب وفرنسا.. توتر فاقمه رفض الدعم بعد الزلزال؟

لا شيء جديد في العلاقات الفرنسية- المغربية إلاً المزيد من البرود سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. 

مختارات المغرب.. مستقبل العلاقات الخارجية بعد كارثة الزلزال كارثة الزلزال.. لماذا قبل المغرب مساعدات من دول ورفضها من أخرى؟ الصليب الأحمر الألماني يلغي رحلة إغاثة للمغرب في اللحظة الأخيرة الأسباب الخفية لانقلاب ماكرون على نظام الجزائر "العسكري"

ولم يستطع الزلزال الأخير الذي ضرب بعض أقاليم المغرب وخلّف قرابة ثلاثة آلاف قتيل، أن يقلل من هذا التوتر، بل عمقه، خصوصاً بعد عدم تجاوب المغرب مع أيّ مساعدات رسمية فرنسية، ثم خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي توجه به للمغاربة، والنقاش الذي رافق التغطية الإعلامية الفرنسية.

تعيش فرنسا بشكل عام علاقات متشجنة مع عدد من مستعمراتها السابقة في إفريقيا. العلاقة تضرّرت تماماً مع النيجر بعد الانقلاب الأخير، ووصل حد اعتبار باريس أن سفيرها في النيجر بات محتجزا لدى الانقلابيين. الوضع ليس وردياً كذلك مع مالي وبوركينا فاسو اللتين صعدتا كذلك ضد باريس، بينما في شمال إفريقيا، الوضع يتراوح بين مدٍ وجزر، خصوصاً مع دول المغرب والجزائر وتونس.

بيغاسوس وملف الهجرة

لم يوضح أيّ من المغرب أو فرنسا رسمياً أسباب الجفاء، لكن مصادر هنا وهناك أسهبت في الاجتهاد وذكرت أسباب من هنا وهناك. ملف برنامج بيغاسوس الذي اتهمت وسائل إعلام ومنظمات الرباط باستخدامه ضد شخصيات منها شخصيات فرنسية رفيعة كماكرون (لم يؤكد الإليزيه الاختراق كما نفاه المغرب)، هو أحد الأسباب بلا شك.

ثم يأتي ملف التأشيرات إلى فرنسا التي خفضتها باريس إلى الحد الأدنى "رداً على عدم تعاون في مجال الهجرة"، وهو إجراء اتخذته كذلك بحق الجزائر وتونس.

كما تبين مؤشرات أخرى تضايق المغرب من عدم اتخاذ فرنسا لإجراءات ملموسة تدعمه في نزاع الصحراء، فضلاً عن اتهامات من وسائل إعلام مغربية لباريس بالمساهمة في توتر المغرب مع جهات أوروبية كالبرلمان الأوروبي، والتأثير على قراراته الأخيرة المتعلقة بـ"مزاعم رشاوى مغربية".

"هذه العلاقات متوترة منذ أكثر من سنتين منها ما ذُكر في الصحافة ومنها ما لم يُذكر"، يقول عمر المرابط، باحث مغربي وخبير في الشأن الفرنسي لـDW عربية. ويشير المرابط إلى أن عدم إعلان فرنسا عن نتائج التحقيق في قضية بيغاسوس وبقاؤها في منطقة رمادية، عمّق من الأزمة، تماماً كما حدث مع الاتهامات التي وجهها أعضاء من حزب ماكرون "النهضة" للمغرب من مؤسسة البرلمان الأوروبي.

"نعم هناك أزمة حالية في العلاقات، لكنها استمرار لأحداث سابقة" يقول جان بيار ميليلي، أكاديمي فرنسي وخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، لـDW عربية، متابعاً أنه إضافة لما ذُكر، كانت هناك زيارات متعددة لملك المغرب إلى فرنسا، دون أن يتصل به ماكرون لأسباب تتعلق بقضية بيغاسوس، ما قد يكون دافعاً لملك المغرب لأجل الرد".

هذه الأزمة تعمقت أكثر في الزلزال الأخير. لم يستعن المغرب بفرنسا، وهو ما يراه المرابط رسالة من الرباط بكونها قادرة على مواجهة الوضع دون باريس، وأنه إذا كانت الحاجة لدعم خارجي (تمت الاستعانة رسمياً بأربع دول) ففرنسا ليست بينها، ما يعني "أن زمن التعويل على فرنسا انتهى"، خصوصا أن التغطية الإعلامية الفرنسية للزلزال حسب قوله كانت سلبية واقتربت من "التحريض والتحريف".

هل للأمر علاقة بالجزائر؟

يربط عدد من المغاربة بين الأزمة مع فرنسا وبين علاقات هذه الأخيرة مع الجزائر. تجاوزت الجارة الشرقية للمغرب أزمة كبيرة مع فرنسا بسبب تصريحات ماكرون حول عدم وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار. زار ماكرون الجزائر صيف العام الماضي، كما من المرتقب أن يزور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا في وقت لاحق، مؤكدا في آخر تصريحاته أنه لا توجد أيّ خصومة مع فرنسا.

هل أخفقت فرنسا في علاقة متوازنة مع المغرب والجزائر؟

وبينما عادت المياه لمجاريها بين الجزائر وفرنسا، يزداد الوضع تعقيدا بين المغرب وبين هاتين الدولتين. زيارة مقررة لماكرون إلى المغرب لم تنعقد بعد رغم أنها كانت مقررة بداية 2020، ومؤخرا نفت الرباط وجود أيّ خطط لاستقبال ماكرون ردا على تصريحات فرنسية بتلقي الرئيس الفرنسي دعوة رسمية، وحاليا لا يوجد سفير مغربي في باريس منذ فبراير/شباط الماضي، بينما قطعت الجزائر علاقاتها مع المغرب.

"رهان ماكرون على الجزائر أمر صحيح وأثر بدوره على العلاقات مع المغرب" يوضح ميليلي، مضيفاً: "لا أعرف حقاً ما الذي كسبه ماكرون من ذلك، لكن هذا الرهان حدث في وقت كانت فيه الأزمة كبيرة بين المغرب والجزائر"، مبرزاً كذلك أن "المغرب طالب كذلك باريس بدعم أكبر لموقفه حول الصحراء الغربية كما فعلت دول أخرى مؤخراً".

أخبار كاذبة؟

"خطاب ماكرون الأخير هو رغبة لتعويض ما فات وللتصالح مع المغرب، لكنه لم ينجح"، يقول ميليلي، في إشارته لكلمة ماكرون حول الزلزال التي أشار فيها إلى أن قبول المغرب للمساعدات الدولية أمر سيادي ويعود للسلطات المغربية.

تبقى العلاقة المغربية- الفرنسية استراتيجية، ورغم أزمات كثيرة مرّت بها، إلّا أن المصالح الاقتصادية وحتى السياسية ذوبت الكثير منها. وكانت فرنسا إلى عهد قريب المستثمر الأجنبي الأول في البلاد (فقدت المركز في عام 2022)، بينما المغرب هو المستثمر الإفريقي الأول في فرنسا.

من آخر زيارة لماكرون للمغرب ولقاؤه محمد السادس بمناسبة إطلاق القطار السريع الذي أنجزته شركة فرنسية

ورغم أن فرنسا لها حضور قوي في المغرب، إلّا أن ذلك لا يصل إلى ما عليه الحال في بلدان وسط وغرب إفريقيا التي شهدت انقلابات وتحاول حالياً التحرر من الجلباب الفرنسي، بحكم أن الرباط حافظت على مساحة من الاستقلالية عن باريس. لذلك يرى ميليلي أن الخصومة المغربية- الفرنسية لا علاقة لها بالأحداث في دول إفريقيا جنوب الصحراء.

لكن فرنسا ترى أنها تُواجه بكمٍ من الأخبار الكاذبة والحملات المضللة. ماكرون كان قد نفى سابقاً أن تكون الحكومة الفرنسية وراء اتهام المغرب بموضوع بيغاسوس، أو إصدار البرلمان الأوروبي لقرار يدين المغرب عام 2023 في حرية الصحافة.

كما قال السفير الفرنسي بالرباط، كريستوف لوكورتيي، أن هناك "معلومات كاذبة" تؤثر نوعاً ما على العلاقات بين البلدين، متحدثا لوسائل إعلام أن هناك سوء فهم يتطلب توضيحا وحوارا صريحا. وأشارت سفارته في حادث سابق إلى ضرورة "توخي الحذر إزاء بعض المعلومات التي قد تنشر في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي".

ويرى عمر المرابط، أنّ هناك ضغوطا داخلية فرنسية على ماكرون سواء من اليمين أو من اليسار، وهناك شبه إجماع داخل الطبقة السياسية الفرنسية أن العلاقات مع المغرب مهمة ويجب استعادتها، مضيفاً: "رهان ماكرون بصلح تام مع الجزائر لن يتم لأسباب كثيرة، وبالتالي هناك دعوات متعددة بضرورة تغييره البوصلة نحو المغرب".

إسماعيل عزام

 

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: المغرب فرنسا زلزال المغرب العلاقات المغربية الجزائرية العلاقات المغربية الفرنسية ماكرون والمغرب الملك محمد السادس أخبار المغرب زلزال الحوز المغرب فرنسا زلزال المغرب العلاقات المغربية الجزائرية العلاقات المغربية الفرنسية ماكرون والمغرب الملك محمد السادس أخبار المغرب زلزال الحوز مع المغرب

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. انتقاد لاذع من وزير الداخلية الفرنسي لاتفاقيات 1968 مع الجزائر

منذ تعيينه وزيرا للداخلية، واصل برونو ريتيللو عرض خارطة الطريق الخاصة به. وكذلك رغبته في “إعادة النظام إلى ملف الهجرة”، وهو موضوع شائك أثار بالفعل عدة نقاشات في فرنسا.

وفي مقابلة مع قناة LCI الفرنسية، عاد خليفة جيرالد دارمانين إلى الموضوع القوي لبداية العام، ألا وهو الهجرة.

في هذه المداخلة، يناقش برونو ريتيللو اغتيال الشابة فلبين، البالغة من العمر 19 عاما. على يد مواطن مغربي يتواجد بطريقة غير شرعية في فرنسا. وهو الموضوع الذي أثار ردود فعل عديدة من المشهد السياسي على تطبيق أوامر مغادرة التراب الفرنسي.

في هذا الملف، يشير ريتيللو إلى إمكانية تمديد المدة القصوى لاحتجاز الأشخاص بموجب أوامر مغادرة التراب الفرنسي.

واعتقد أن الحكومة الفرنسية يجب أن تتولى توازن القوى، وذلك لإعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية.

وللقيام بذلك، يشير وزير الداخلية الفرنسي إلى ثلاث ركائز، وهي: التأشيرات، ومساعدات التنمية، والتجارة.

وردا على سؤال حول تطبيق العقوبة المزدوجة، قال السياسي إنه يؤيد الطرد المنهجي بعد انتهاء العقوبة.

“اتفاقية غير متوازنة”

وعاد برونو ريتيليو إلى مسألة اتفاقيات 1968 بين فرنسا والجزائر. التي تسهل هجرة المواطنين الجزائريين إلى الأراضي الفرنسية. علاوة على ذلك، فإن وزير الداخلية شكك في هذا الاتفاق.

وقال “إنه اتفاق غير متوازن، مفيد للغاية للجزائر، ومضر لفرنسا. أنا أؤيد إعادة التفاوض على هذه الاتفاقيات”..

أثارت المقابلة مع برونو ريتيللو مرة أخرى العديد من ردود الفعل.

وأشادت ماريون ماريشال، النائبة اليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي، بتصريحات برونو ريتيلو.

وقالت “اتفاقياتنا مع الجزائر عقوبة مزدوجة من الصعب الاختلاف مع كلمات برونو ريتيليو هذا المساء”.

وللتذكير، دعت ماريون ماريشال، صباح الأحد الماضي، لا سيما في تصريح لقناة BFMTV، إلى مراجعة “الاتفاقيات مع الجزائر والمغرب وتونس”.

علاوة على ذلك، ترى أنه “لا يوجد شيء يبرر اليوم استفادة الجزائريين والمغاربة والتونسيين من تسهيلات التأشيرة”.

Accord de 1968 avec l’Algérie : “Je n’ai aucun tabou. C’est un accord déséquilibré, très avantageux pour l’Algérie, désavantageux pour la France »

pic.twitter.com/gDanbHThRy

— Bruno Retailleau (@BrunoRetailleau) September 29, 2024

مقالات مشابهة

  • الإمارات وقطر.. علاقات أخوية ومستدامة
  • ممثل الجزائر يفضح المغرب في الأمم المتحدة
  • بالفيديو.. انتقاد لاذع من وزير الداخلية الفرنسي لاتفاقيات 1968 مع الجزائر
  • ماذا بعد مهزلة فرض الجزائر تأشيرات الدخول على المغاربة !؟
  • سفير الموزمبيق الجديد: رفع مستوى العلاقات مع الجزائر إلى أعلى المستويات
  • وزير الصحة: نتعاون مع فرنسا لصقل مهارات التدريب للأطقم الطبية في المستشفيات
  • فرنسا: هناك حلول دبلوماسية في لبنان
  • وزير خارجية فرنسا: هناك حلول دبلوماسية في لبنان
  • السليمي: الجزائر لعبت آخر أوراقها قبل اندلاع مواجهة عسكرية محتملة مع المغرب
  • بعد فرض التأشيرة عليهم .. المغاربة يستقبلون القرار الجزائري بسخرية عارمة