الموقف السياسي والأمني لسلطة رام الله
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
الموقف السياسي والأمني لسلطة رام الله
ضغوط أمريكا على الاحتلال لا تذكر، وينحصر تأثيرها ويشتد على سلطة رام الله، ما سيضعها أمام اختبار صعب لا يتوقع أن تنجح في تخطّيه سياسيا وأمنيا.
المقاومة تزاحم السلطة بالضفة الغربية بطرحها برنامجا جديدا للمقاومة يحل مكان برنامج السلطة القائم على التنسيق الأمني مع الاحتلال والتفاوض معه.
تتهدد التطبيع توترات إقليمية أثارها طرح بايدن مشروع ممر الهند الشرق الأوسط، مرورا بالكيان الصهيوني، مما أثار اعتراضا تركيّا وإيرانيّا وعراقيّا وهواجس مصرية.
رغم الدعم العربي لتحرك السلطة سياسيا وأمنيا وتوافر غطاء أمريكي فإن الضغوط الإسرائيلية الأمنية والتجاذبات الإقليمية يرجح أن تفضي إلى تفاقم أعباء السلطة.
ضغوط الاحتلال ترفع مستوى التوتر داخل الأراضي المحتلة، التي تعاني من هجمة استيطانية وتهويد المسجد الأقصى، لم تهدأ أو تتراجع، بل تشتد وتزداد عنفا وغلوّا.
الموقف غير المستقر والمضطرب لسلطة رام الله، وتمسكها بنهج سياسي وأمني يرفض المقاومة، أنتج موقفا سياسيا لتحقيق اختراق من رحم اتفاقات أبراهام وجهود أمريكا للتطبيع بين الاحتلال والسعودية.
* * *
أمكن رصد ارتفاع ملحوظ في نشاط الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ أفضى إلى ارتفاع حدة التوتر بين الأجهزة الأمنية والشارع الفلسطيني في مدينة الخليل ونابلس، ومن قَبْل ذلك في مخيمات جنين وطولكرم.
وفي حين تبرر السلطة ارتفاع وتيرة الاعتقالات بملاحقة المجرمين والخارجين على القانون؛ فإن فصائل فلسطينية تستنكر في بياناتها حملة الاعتقالات، التي أفضت إلى اعتقال ما يقارب 300 من النشطاء خلال العام الحالي، بحسب البيانات المتكررة للفصائل الفلسطينية، بما فيها الجبهة الشعبية والديمقراطية والجهاد الإسلامي.
الموقف الأمني
التحركات الأمنية لم تخلُ من محاولات استعادة السلطة في رام الله سيطرتها المطلقة على الضفة الغربية، في موازاة مقاومة متصاعدة للاحتلال انتزعت زمام المبادرة من السلطة وأجهزتها الأمنية.
وباتت تزاحمها في الضفة الغربية، بطرحها برنامجا جديدا للمقاومة يحل مكان برنامج السلطة القائم على التنسيق الأمني مع الاحتلال والتفاوض معه، ما أثار جدلا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول المساحة الواجب إعطاؤها للسلطة، لاستعادة مكانتها وسيطرتها على الأرض في الضفة الغربية، فاتحا الباب لتشكل مسار جديد في السياسية الأمنية الإسرائيلية.
وهذا مسار دعمته واشنطن بقوة؛ بتسليمها مدرعات وأسلحة للسلطة في رام الله من قواعد أمريكية في الأردن يوم الثلاثاء الفائت (12 أيلول/ سبتمبر)، إلى جانب معدات تجسس جديدة تهدف لتطوير قدرات جهاز "المخابرات الفلسطيني".
وهو ما أكدته تصريحات مستشار الأمن القومي في حكومة نتنياهو، تساحي هنغبي، كشف فيها وجود اتصالات بين حكومة الاحتلال وقيادات في السلطة الفلسطينية، ما أثار غضب واستياء وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي أكد أمام أنصاره بأنها لا تمثله ولا تمثل نتنياهو.
لن يستقبل الرئيس الأمريكي جو بادين نتنياهو في البيت الأبيض، بل في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك خلال الأيام القليلة المقبلة، ولوّح (بن غفير) في الآن ذاته بالانسحاب من الائتلاف، إذا لم ينف نتنياهو الأنباء حول الاتصالات وتزويد السلطة بالأسلحة.
الموقف السياسي
الموقف الأمني غير المستقر والمضطرب للسلطة في رام الله، وتمسكها بنهجها السياسي والأمني الرافض للفعل المقاوم، أنتج موقفا سياسيا أشد سوءا سعت من خلاله السلطة لتحقيق اختراق عبر مسار جديد، تخلّق من رحم اتفاقات أبراهام التطبيعية وجهود الولايات المتحدة للتطبيع بين الاحتلال والمملكة العربية السعودية.
فتحركات السلطة السياسية شملت مؤخرا لقاءات مع مسؤولين أمريكيين وسعوديين مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الحالي؛ انخرطت فيها القيادة الأمنية الفلسطينية والقيادة السياسية الصاعدة التي مثّلها حسين الشيخ، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، والمرشح الأوفر حظا لخلافة الرئيس محمود عباس.
وذلك بحسب مجلة فورين بولسي، التي أعد فيها الكاتبان آدم راسغون وآرون بوكسرمان تقريرا عن المسؤول الفلسطيني حسين الشيخ، الذي زار السعودية والعاصمة الأردنية عمّان مؤخرا، حيث نشرت المجلة لقاء مع حسين الشيخ ضمن تقريرها المنشور في شهر أغسطس الماضي؛ ومن قبلها نيويورك تايمز في يوليو 2022 تحت عنوان "زعيم جديد يصعد في الضفة الغربية، لكنه دون شعبية".
تفاعل المسار السياسي والأمني
الموقف السياسي والأمني للسلطة الفلسطينية في رام الله، بات معقدا ومنفتحا على احتمالات أشد تعقيدا، متخلّقة عن ضيق مساحة المناورة التي تتحرك فيها، في ظل تآكل شرعيتها، وصعود الحكومة اليمينية الإسرائيلية الفاشية، وتصاعد التوترات الإقليمية.
مساحة سعت قيادة السلطة في رام الله لتوسعتها عبر الانخراط في حوارت ونقاشات إقليمية حول خلافة الرئيس عباس، ومشاريع تطبيع لا تتوافر على أفق سياسي حقيقي، أو ضمانات لإقامة دولة فلسطينية؛ لتراوح السلطة بذلك المربع ذاته، والمستنقع عينه الذي تحاول الخروج منه.
فمسار التطبيع تتهدده التوترات والتجاذبات الإقليمية، التي عكسها طرح بايدن في قمة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي مشروع طريق الشرق الأوسط الهندي، مرورا بالكيان الصهيوني الذي أثار اعتراضا تركيّا وإيرانيّا وعراقيّا، وحرك الهواجس المصرية تجاه قناة السويس!
كما عكستها تحذيرات وزير الأمن الإسرائيلي يؤاف غالانت بمناسبة حرب أكتوبر/ رمضان 73؛ أكد فيها ضرروة الاستعداد لمواجهة مقبلة تكاد تكون حتمية تشمل لبنان، بالتوازي مع تصريحات لرئيس الأركان هرتسي هيلفي، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر جامعة إيخمان، إلى جانب رئيس الشاباك رونين بار حملت ذات المعنى والدلالة الأمنية.
ختاما، رغم توافر دعم عربي لتحركات السلطة السياسية والأمنية، ورغم توافر الغطاء الأمريكي، إلا أن الضغوط الإسرائيلية الأمنية والتجاذبات الإقليمية يرجح أن تفضي إلى تفاقم أعباء السلطة، بشكل يرفع مستوى التوتر داخل الأراضي المحتلة، التي تعاني من هجمة استيطانية وتهويدية للمسجد الأقصى، لم تهدأ أو تتراجع، بل تشتد وتزداد عنفا وغلوّا.
فالضغوط الأمريكية على الاحتلال لا تكاد تذكر، في حين ينحصر تأثيرها ويشتد على الطرف الفلسطيني الممثل بسلطة رام الله، ما سيضعها أمام اختبار صعب لا يتوقع أن تنجح في تخطّيه سياسيا وأمنيا.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل فلسطين التطبيع الاحتلال سلطة رام الله محمود عباس التنسيق الأمني الكيان الصهيوني السیاسی والأمنی الموقف السیاسی الضفة الغربیة فی رام الله
إقرأ أيضاً:
كيفية التخلص من وساوس الشيطان؟.. الإفتاء توصي بـ7 أمور فيها النجاة
لعل ما يطرح السؤال عن كيفية التخلص من وساوس الشيطان ؟، هو أنها تعد أكثر ما ينغص على الناس صفو حياتهم ويكدر صفوهم ، حيث إن وساوس الشيطان سبب كل مصيبة وبلوى يقع فيها الإنسان، لذا ينبغي معرفة كيفية التخلص من وساوس الشيطان ؟.
8 مخلوقات من الجنة في الأرض.. منها 3 في مصر هل تعرفها؟ كيف تزيد البركة في البيت؟.. الإفتاء توصي بعمل يغفل عنه كثيرون كيفية التخلص من وساوس الشيطانقال الشيخ السيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، إن الإسلام يحث على التفكر والتدبر في آيات الله وفي خلقه، ولكن يجب أن نكون حذرين من أن يتسبب هذا التفكر في الوساوس والشبهات.
وأوضح " عبد الباري" في إجابته عن سؤال: كيفية التخلص من وساوس الشيطان ؟، أنه فيما ورد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي حذر فيه من التفكر في ذات الله وأفعاله، حيث قد يوسوس لنا الشيطان في هذا الأمر ويشغلنا بتساؤلات قد تؤدي إلى الشك.
وأضاف أن القرآن الكريم يدعونا للتفكر والتدبر، ولكن يجب أن يكون هذا التفكر في حدود ما يزيد إيماننا دون أن يؤدي إلى تضليل الشيطان، منوهًا بأن مسألة الوساوس التي قد تصيب المسلم أثناء الصلاة، والتي تعرف بالتشويش أو التفكير المتسلل.
ونبه إلى أنها تعود إلى قلة الاستعداد الكامل للصلاة، لافتا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع لنا خطوات لحماية أنفسنا من هذه الوساوس، مثل الوضوء الصحيح، وأذكار الوضوء، وأذكار ما بين الوضوء والصلاة، إضافة إلى صلاة السنن وذكر الله.
وأكد على ضرورة أن يستعيذ المسلم بالله من الشيطان الرجيم قبل الصلاة، حيث أن الشيطان يسمى "الخناس" في القرآن، ويختبئ ويتراجع عندما يذكر المسلم بالله ويستعيذ منه، مشيرا إلى أنه يجب على المسلم أن يقطع الوسوسة فورًا ولا يسمح لها بالاستمرار، وبدلاً من ذلك يجب عليه أن يتجدد بالاستغفار.
كما نصح بزيادة الاستغفار بشكل دائم، قائلاً: "الاستغفار هو الوسيلة التي يتخلص بها المسلم من التشويش الداخلي ويُطهر قلبه من الشبهات، وأيضًا أن المسلم يمكنه أن يكرر قراءة آيات معينة من القرآن إذا شعر بالوسوسة، وخاصة الآيات التي يشعر فيها بحضور قلبه، حتى لو كانت هذه الآيات بسيطة أو قصيرة.
طرق التخلص من وساوس الشيطانوأفاد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، بأن هناك خمسة أمور تُخلص الإنسان من وساوس الشيطان.
وأوضح «ممدوح»، في إجابته عن سؤال: «دائمًا تأتيني وساوس لا أحبها عن وجود الله فماذا أفعل؟»، أن هناك خمسة أمور تُخلص الشخص من الوساوس، أولها ألا يلتفت إلى مثل هذه الوساوس، بمعنى عدم التوقف عندها، وثانيًا الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وتابع: وثالثًا الإكثار من ذكر الله تعالى باسمه "المُقسط" بياء النداء، بقول "يا مُقسط"، ورابعًا الاشتغال بالمعوذتين، وخامسًا الاستعانة بالدعاء الذي أرشدنا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو "آمنت بالله ورسله" بعد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
وساوس الشيطانورد أن الوسوسة صفة ملازمة للشيطان الذي يوسوس للإنسان بالشر، والوسوسة بمعنى الزلزلة، وتحصل من شياطين الإنس والجن.
وتعد الوسوسة والوَسواس: هي ما يلقيه الشيطان في القلب. وقال الراغب: الوسوسة: الخطرة الرديئة , وقال البغوي: الوسوسة القول الخفي لقصد الإضلال, والوسواسُ: ما يقع في النفس وعمل الشر وما لا خير فيه , وهذا بخلاف الإلهام فهو لما يقع فيها من الخير.
قال ابن القيم رحمه الله: "الوسوسة: الإلقاء الخفي في النفس إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من أُلقِيَ عليه, وإما بغير صوت كما يوسوس الشيطان للعبد".
وورد أن الوسوسة تارة تكون من فعل الشيطان الجني كما قال تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا )(الأعراف:20), وسمى الله تعالى شيطاني الجن والإنس "وسواساً" فقال تعالى: (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ - الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) , وتارة تضاف الوسوسة إلى فعل النفس كما قال تعـالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُه).(ق:16)