عالم متعدد الأقطاب.. هل تتجاوز واشنطن تحالفاتها التقليدية؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
في ظل تكيف المشهد العالمي مع عالم ناشئ متعدد الأقطاب، تحتاج الولايات المتحدة إلى توسيع تواصلها الدبلوماسي، بما يتجاوز التحالفات التقليدية عبر الأطلسي.
ويتضح هذا بشكل خاص في ظل التوسع الوشيك لمجموعة "بريكس" لتضم أعضاء جدد من أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.
وفي هذا السياق، فإن منطقة آسيا الوسطى- التي تضم كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان - هي منطقة تعرضت للإهمال لفترة طويلة في حسابات السياسة الخارجية الأمريكية.
وقال الأكاديمي الأمريكي مايكل روسي المحاضر في العلوم السياسية في جامعة روتجرز في ولاية نيوجيرسي والأستاذ الزائر في جامعة ويبستر في طشقند في تقرير نشرته مجلة "ناشونال انتريست" الأمريكية، إنه حتى انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في عام 2021، كانت واشنطن تنظر إلى آسيا الوسطى كممر لوجيستي لعملياتها العسكرية. إلا أن هذه الرؤية الضيقة، فشلت في إدارك الأهمية الجيوسياسية الأوسع للمنطقة.
ورأى روسي أنه "نظراً لأن آسيا الوسطى لها حدود مع روسيا والصين وإيران، تستطيع الولايات المتحدة أن تصبح شريكاً إضافياً لهذه المنطقة لتحقيق التعاون الاقتصادي والتنمية. وهذا سيمنح الولايات المتحدة نفوذاً استراتيجياً في منطقة محاطة بمنافسين جيوسياسيين".
#روسيا و #الصين تؤكدان تقاربهما في مواجهة السياسات الأمريكية https://t.co/dOci9OI4br
— 24.ae (@20fourMedia) September 19, 2023وتعد دول آسيا الوسطى، التي كانت تعتبر لفترات طويلة بمثابة مفترق طرق للتجارة، لاعبين أساسيين في العديد من المشروعات الدولية والمبادرات بقيادة الصين وروسيا والهند وإيران وتركيا.
وتنبع هذه الأهمية من الموقع المركزي للمنطقة في أوراسيا ومواردها الطبيعية الوفيرة، بما في ذلك الهيدروكربونات والمعادن الثمينة. وسوف يكون عدم تعميق العلاقات مع دول آسيا الوسطى في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تحديات اقتصادية فرصة ضائعة بالنسبة للولايات المتحدة.
وأشار روسي إلى أن كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى، أظهرت اهتماماً ملحوظاً بتعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من علاقاتها الاقتصادية والتجارية واسعة النطاق مع روسيا، رفضت كازاخستان دعم غزو جارتها روسيا لأوكرانيا. ويتوافق هذا الموقف مع التزام كازاخستان بميثاق الأمم المتحدة وسياستها الخارجية "متعددة الاتجاهات" والتي تستهدف تحقيق توازن في العلاقات مع القوى المتعددة.
وأعرب الرئيس الكازاخي قاسم جومارات توكاييف، في مناسبات عديدة، بشكل علني موقف بلاده من الحرب، وجدد التأكيد أنه على الرغم من احتفاظ كازاخستان بعلاقات إيجابية مع روسيا، فإنها لن تتجاهل العقوبات الغربية. ويسلط هذا الموقف الضوء على إمكانات كازاخستان كشريك استراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة.
وأوضح روسي أن واشنطن ستكسب الكثير من خلال توسيع تأثير قوتها الناعمة في كازاخستان وتعزيز علاقات سياسة واقتصادية أوثق مع مختلف دول آسيا الوسطى.
كازاخستان تدعم خطة السلام الصينية في أوكرانيا
https://t.co/UUWyxaF1H0
ويرى روسي أن أول المكاسب هو أن التعاون مع آسيا الوسطى يسمح للولايات المتحدة بتنويع ملفها الجيوسياسي. ويمكن أن تكون المنطقة وسيطا استراتيجيا في محادثات مع دول بعيدة بشكل تقليدي عن نطاق نفوذ أمريكا. وفي ظل المشهد المتغير بسبب الحرب في أوكرانيا وتوسع مجموعة "بريكس"، تعتبر واشنطن متخلفة في تحقيق تقدم دبلوماسي في العالم النامي، خاصة بالمقارنة مع بكين وموسكو.
وفي ظل تعرض التحالفات التقليدية للضغوط وظهور تحديات عالمية جديدة، ينبغي على الولايات المتحدة أن تنظر إلى ما هو أبعد من شركائها التاريخيين لتنويع علاقاتها الاستراتيجية. وفي هذا السياق، تمثل آسيا الوسطى مخزوناً من الإمكانات غير المستغلة التي يمكن أن تكون محورية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية.
وأشار روسي إلى أن ثاني المكاسب هو أن الولايات المتحدة لديها مصلحة استراتيجية في تعزيز التواصل الإقليمي وتبسيط سلاسل الإمداد وتحسين طرق الطاقة في آسيا الوسطى. وهناك مزايا مباشرة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، خاصة في طرق التجارة التي لا تمر بروسيا.
وفي العام الماضي، أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مبادرة المرونة الاقتصادية في آسيا الوسطى. ويهدف هذا البرنامج إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتطوير ممرات تجارية بديلة وتعزيز قدرات الشحن وتحديث البنية التحتية على طول الطريق التجاري عبر بحر قزوين، الذي يبدأ من جنوب شرق آسيا والصين، ويمر عبر كازاخستان وبحر قزوين، ثم يمتد إلى الدول الأوروبية.
وأكد الرئيس توكاييف هذا الرأي في خطابه الأخير عن حالة الأمة، حيث شدد على ضرورة أن تتطور بلاده لتتحول إلى مركز عبور داخل المشهد الأوراسي. وأضاف أن المكسب الثالث هو أن الولايات المتحدة تستطيع التعاون مع دول آسيا الوسطى بشأن التحديات العالمية، التي تتراوح بين الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ وبين الأمن العالمي. على سبيل المثال، يمكن أن يذهب الجهد المنسق بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى بعيدا في تخفيف تهديدات مثل التشدد والإرهاب، وكذلك وضع حد لتجارة المخدرات التي مصدرها أفغانستان.
وبالنسبة لدول آسيا الوسطى، فإن التعاون الأوثق مع واشنطن سيسمح لها بتعميق العلاقات مع قوة عالمية، ستكون قيمة بشكل خاص في مجالات مثل تبادل التكنولوجيا وقدرات الدفاع والتنمية الاقتصادية، مما يجعلها علاقة تحقق المكاسب لكل الأطراف المعنية. ومن التطورات الجديرة بالترحيب تقديم مشروع قانون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى الكونغرس الأمريكي لإنهاء قيود فترة الحرب الباردة بالنسبة لكازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان ومنح هذه الدول وضع العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة.
#بريكس.. خطوة إضافية نحو عالم متعدد الأقطاب وإنهاء نفوذ الدولار #تقارير24https://t.co/mQrnvIUk7K pic.twitter.com/Hybtec09HB
— 24.ae (@20fourMedia) August 21, 2023واعتبر روسي أن القمة المقبلة لقادة مجموعة "سي1+5" على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل فرصة ممتازة أخرى للولايات المتحدة لتعميق مشاركتها مع آسيا الوسطى. وتستهدف منصة "سي1+5"- التي تأسست عام 2015، والتي تضم الولايات المتحدة ودول آسيا الوسطى الخمس- تعزيز الحوار والتعاون. ومع مشاركة الرئيس بايدن، تقدم القمة فرصة جيدة للولايات المتحدة لتعزيز روابطها الدبلوماسية مع دول المنطقة.
وقد وفرت علاقات آسيا الوسطى المتوترة بشكل متزايد مع روسيا والحذر المتنامي من النفوذ الصيني فرصة للولايات المتحدة لتحسين وضعها عبر استثمار مستدام طويل المدى في المنطقة. ومن المرجح أن تتركز المشاركة الأمريكية على المدى القريب على طرق القوة الناعمة مثل المبادرات التعليمية والأسواق الاستهلاكية والسياحة، نظرا للعلاقات الممتدة بين دول آسيا الوسطى وروسيا ومشرعات البنية التحتية الكبيرة التي تقوم بها الصين.
ومع ذلك، بالنظر إلى المدى المتوسط والطويل، يجب أن تكون منصات مثل مجموعة "سي5 1+" محفزات لتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية. ومن الممكن أن يحقق الاستثمار الأمريكي الاستباقي في التعليم والاقتصاد والثقافة للأجيال الناشئة في آسيا الوسطى مكاسب كبيرة للولايات المتحدة لأعوام قادمة.
واختتم روسي تقريره بالقول إن الفشل في إدارك الأهمية الاستراتيجية لآسيا الوسطى والتحرك للاستفادة من هذه الأهمية سيكون بمثابة فرصة ضائعة بالنسبة لواشنطن. وستصبح هذه المنطقة محوراً رئيسياً في شبكة أوراسية سريعة التطور، تربط الدول والشعوب والصناعات. وتجاهل هذا الحراك يمكن أن يترك الولايات المتحدة على الهامش، لتفقد فرصة القيام بدور مهم في منطقة تكتسب أهمية متزايدة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني واشنطن للولایات المتحدة الولایات المتحدة دول آسیا الوسطى فی آسیا الوسطى مع روسیا روسی أن مع دول
إقرأ أيضاً:
هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟
في أقل من شهرين و في (٥٣) يوم بالضبط منذ دخوله البيت الأبيض فعل ترامب بالولايات المتحدة الأفاعيل !!
فخلال هذه المدة القصيرة إتخذ قرارات و إجراءات داخلية و خارجية و أدلى بتصريحات ربما تكلف بلاده الكثير :
ـ بدأ الحرب التجارية و حرب تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي مع الصين !!
ـ أثار معارك مع جيرانه الجنوبيين المكسيك ، و بنما التي طالبها بتسليم (قناة بنما) التي تعتبر أهم ممر مائي في العالم و تربط بين المحيطين الهادي و الأطلسي و مولت بلاده شقها و إنشاءها بعد شرائها الإمتياز من فرنسا في العام 1902 و اكتمل العمل فيها في العام 1914 !!
ـ دعا جارته الشمالية كندا لأن تصبح الولاية رقم (٥١) ضمن ولايات بلاده !!
ـ طلب من الدنمارك أن تبيعه جزيرة غرينلاند حماية للأمن القومي لبلاده (و بالمناسبة هذا طلب امريكي قديم) !!
ـ أهان الرئيس الأوكراني زلينسكي الذي دعاه إلى البيت الأبيض على الهواء مباشرة بحضور وزير خارجيته الذي تبادل معه الأدوار ، و طالبه بإعطاء الولايات المتحدة نصف المعادن في بلاده مقابل ما قدمته لها من سلاح و تمويل في حربها ضد روسيا المستعمرة منذ فبراير 2022 !!
ـ أهان القادة الأفارقة و لم يدعهم لحفل تنصيبه و وصفهم بالكلاب !!
ـ دعا إلى تهجير سكان غزة إلى مصر و الأردن الأمر وجد رفضاً حاسماً من الدولتين و من الدول العربية و غالبية بلدان العالم بما فيها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن !!
ـ فرض رسوم جمركية عالية على الواردات من الصين ، دول الإتحاد الأوروبي ، كندا ، المكسيك الأمر الذي دفع هذه الدول للتعامل بالمثل فخسر الإقتصاد في أقل من شهر ترليونات الدولارات !!
أما داخلياً فقد بدأ ترامب خوض المعارك في جبهات عديدة أبرزها :
ـ معركته ضد سلفه بايدن و أنصاره حيث لا يفوت أي فرصه لمهاجمته بأقذع العبارات و انتقاد فترة حكمه التي دائماً ما يصفها بأنها دمرت الولايات المتحدة !!
ـ معركته ضد المثلية حيث أمر بطرد المثليين من الخدمة و منع أنشطتهم في المدارس و هدد بوقف الدعم الفيدرالي عن أي ولاية تخالف توجهاته و قراراته للحد من نفوذ المثليين !!
ـ معركته ضد صناديق الضمان التي وصفها بالفساد و قال في أحد تصريحاته أنهم إكتشفوا أن هذه الصناديق تصرف مرتبات و معاشات لأكثر من 120 ألف موظف و معاشي غير موجودين أصلاً !!
ـ معركته ضد وكالة العون الامريكي التي وصف من يديرونها بأنهم متطرفون ، و أنها تقوم بتمويل أنشطة مشبوهة و ذكر تحديداً أنها مولت أبحاث وباء الكورونا الذي فتك بعشرات الملايين على إمتداد العالم ، فأوقف تمويلها و أعطى العاملين فيها إجازات مفتوحة !!
ـ معركة مساعده إيلون ماسك المكلف بملف وزارة الكفاءة الحكومية مع الجهاز البيروقراطي للدولة حيث فصل حتى الآن عشرات الآلاف من الموظفين و في الأيام الماضية أرسل إيميلات لحوالي (2 مليون) موظف فيدرالي طالبهم بإرسال تقارير عن إنجازاتهم و من لا يرد خلال فترة زمنية محددة سيعتبر مستقيلاً من وظيفته !!
(ما يقوم به إيلون من فصل و تشريد للموظفين هو مماثل تماماً لما كانت تقوم به لجنة التمكين سيئة الذكر في بلادنا خلال الحقبة القحتاوية الحمدوكية) !!
بالأمس و في خطوة مناقضة تماماً لما ظل يردده منذ حملته الإنتخابية بأن الولايات المتحدة في عهده الجديدة لن تدخل في اي حرب خارجية قام ترامب بالإشراف بنفسه على ضرب عشرات المواقع في اليمن بدعوى محاربة الحوثيين الذين أصبحوا يمثلون أكبر مهدد للتجارة العالمية عبر مضيق باب المندب و البحر الأحمر !!
محللون وصفوا هذه الخطوة بأنها محاولة للهروب من المشاكل الكبيرة التي تسببت فيها سياساته الداخلية و الخارجية الأمر الذي أدى تململ واسع في أوساط الشعب الأمريكي و بصفة خاصة رجال الأعمال الذين بدأوا في البحث عن ملاذات آمنة خارج بلادهم لإستثماراتهم و أموالهم !!
بهذه السياسات التي يتبعها هل يسعى ترامب و ساعده الأيمن إيلون ماسك إلى تفكيك الولايات المتحدة ؟؟
و إذا صح هذا الإفتراض الذي تبدو نتائجه واضحة هل يمكن وصف ترامب بغورباتشوف الولايات المتحدة !!
ننتظر لنرى !!
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 مارس 2025