"سلام إلى الأرض من الفضاء، سلام إلى الوطن وقادته.. الحلم أصبح حقيقة والمسيرة مستمرّة"، هذا ما كتبه رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، عبر حسابه الشخصي في منصة "إكس"، قبل نحو 6 أشهر من اليوم، عندما ذهب في مهمة علمية، لاستكشاف الفضاء الخارجي.

حلم النيادي

بعد رحلة سلطان النيادي إلى الفضاء، كأول رائد فضاء عربي، استطاع تحقيق إنجازات علمية مبهرة، مثل السير في الفضاء، وإجراء تجارب علمية عدة، أصبح قدوة ونموذجاَ ومثلاً أعلى للعديد من الأجيال الجديدة في العالم العربي، الذين رأوا أن حلم السفر إلى الفضاء ليس مستحيلاً ولا مقتصراً على الجنسيات الأجنبية فقط، وقد انعكس ذلك في الاحتفاء الكبير طوال ستة أشهر برحلة النيادي، ومتابعة يومياته في الفضاء من كافة الجنسيات والأجيال.


يُعلق رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي لـ 24 على أهمية الزخم الإعلامي حول تغطية تجربة النيادي قائلاً: "كان للتغطية الإعلامية وتسليط الضوء على رحلة النيادي، أثر كبير في تشويق الجمهور، ومتابعتهم لرحلته عن كثب".

سلام إلى الأرض من الفضاء.. ????

سلام إلى الوطن وقادته.. سلام إلى كل من حمل طموح زايد في قلبه ووجّه أنظاره نحونا في الفضاء..

الحلم أصبح حقيقة والمسيرة مستمرّة ???????? pic.twitter.com/KUpP8zzpdj

— Sultan AlNeyadi (@Astro_Alneyadi) March 8, 2023
مُهمة خيالية

ويكمل "المهمة فريدة من نوعها للعرب، وليس للإماراتيين فقط"، إذأصبح العرب برأي الحمادي "يفتخرون بتجربة عربية شبابية ناجحة في عالم الفضاء".
ويؤكد الحمادي أن "من خلال سلطان النيادي تمكنا من ملاحظة حجم التطور التكنولوجي الحاصل بين الأرض والفضاء، وكيف استطاع إنسان في السماء البعيدة التواصل مع الأرض بكل سهولة".
وقد انعكست تغطية أخبار النيادي في"توطيد علاقته مع المتابعين لتجربته، ونجحت المهمة في صناعة بطل إماراتي جديد، ومن قبله هزاع المنصوري، ليصبح قدوة للأطفال في المدراس والبيوت يحلمون أن يصبحوا مثله" وفقاً للحمادي.
ويعبر رئيس جمعية الصحفيين الإماراتية عن سعادته بتجربة النيادي التي شكلت انطلاقة عربية نحو الفضاء، قائلاً:"سيكون لها مردودها على الإنسان العربي في كل مكان".

للفضاء.. لن أقول وداعًا بل إلى اللقاء

إلى اللقاء بمهمة جديدة في محطة الفضاء الدولية أو في وجهة أبعد..

وقبل العودة، أحمد الله على نعمة الإمارات التي حولت أحلامنا إلى نجاحات.. وأشكركم على ثقتكم ومحبتكم..
دعواتكم لنا بالسلامة.. أشوفكم على خير.. pic.twitter.com/sj5E2nPIig

— Sultan AlNeyadi (@Astro_Alneyadi) September 3, 2023
التعلم بالنمذجة

أما تأثير تجربة النيادي على الأجيال الحالية، فقد تطرقت إليها الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية كريمة العيداني، في حديثها لـ 24 قائلة إن هذا يندرج تحت ما يسمى التعلم بالنمذجة، وهو نوع من التعلم الذي يعتمد على تقليد السلوك الذي يؤديه النموذج وهو شخص آخر.

وتشرح ذلك بقولها: "سلطان النيادي اليوم، يمثل صورة من صور التعلم بالنمذجة لدى الأطفال والمراهقين الإماراتيين عن طريق المحاكاة والتقليد أيضاً".
وتوضح: "التعلم بالنمذجة "التعلم الرمزي أو النمذجة المصورة "والذي فيه يتم الاعتماد على أي مصدر يمكن التعلم من خلاله، شريطة أن يكون قادراً على إنتاج سلوك قابل للمحاكاة، من قبل أشخاص خياليين أو حقيقيين، مثل مصادر الإنترنت، وألعاب الفيديو، والأفلام، والقصص، والكتب، والمنهج التعليمي".
ويقوم هذا التعلم "على اكتساب خبرة، أو فكرة، أو تعلم مهارة، من خلال مراقبة وملاحظة السلوكيات التي تصدر من الآخرين الذين يُمثلون نماذج التعلم، ثم حفظها فتقليدها" بحسب العيداني.


النيادي.. قدوة الأجيال

وتعتبر العيداني أن خطة التعلم بالنمذجة مهمة، لأنها تشكل "إحدى العمليات الهامة في بناء وتعديل السلوك، وعملية أساسية في التعلم الإنساني".

6 أشهر والوطن في قلبي.. اليوم الحمد لله أنا في قلب الوطن، وعلى أرضه الطيبة. ????????

أعود لأسلِّم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أمانة علم الوطن..
أعود لأقبِّل تراب وطني الذي ينبت طموحًا وأحلامًا.
أعود لنكمل رحلة الاستكشاف معًا. pic.twitter.com/KVThtdhHsY

— Sultan AlNeyadi (@Astro_Alneyadi) September 18, 2023

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني سلطان النيادي الفضاء الخارجي سلطان النیادی سلام إلى

إقرأ أيضاً:

هل يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة بيئة التعلم؟

 

 

أمل بنت سيف الحميدية **

يشهد التعليم العالمي تحوّلًا مُتسارعًا بفعل الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرد تقنية مساعدة؛ بل أصبح محركًا رئيسًا يُعيد تشكيل العملية التعليمية؛ ففي العقود الماضية كان التعليم يعتمد على التلقين والمناهج الثابتة، أما اليوم فقد دخلت أدوات التحليل الذكي والتعلم التكيفي والفصول الافتراضية إلى المدارس والجامعات، لتفتح آفاقًا جديدة أمام الطلبة والمعلمين.

هذا التحول ليس خيارًا ترفيهيًا؛ بل ضرورة تفرضها متغيرات العصر ومتطلبات بناء رأس مال بشري قادر على المنافسة، وهو ما أكدته رؤية "عُمان 2040" التي وضعت التعليم أولوية وطنية للتنمية.

وتكمُن أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم في قدرته على جعل العملية التعليمية أكثر عدلًا وتخصيصًا ومرونة. فقد أوضحت منظمة اليونسكو في تقرير "الذكاء الاصطناعي في التعليم" الصادر عام 2023، أنَّ النماذج التعليمية الذكية تتيح مُتابعة تقدم الطلبة بشكل فردي، وتقديم محتوى يتناسب مع مستوياتهم وسرعتهم في الاستيعاب. كما إن الاستثمار في هذه الأدوات يدعم المعلمين في أدوارهم التربوية والإبداعية، ويحررهم من المهام الروتينية مثل إعداد الاختبارات أو متابعة الحضور. وفي السياق العُماني، يعدّ هذا التحول مُتسقًا مع الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 التي تستهدف بناء نظام تعليمي متطور قادر على استيعاب الثورة الرقمية.

ويُؤكد تقرير الثورة الرقمية للذكاء الاصطناعي في التعليم العالي الصادر عن البنك الدولي لعام 2023، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في التعليم العالي، عبر أدوات تحليل البيانات التعليمية والتنبؤ بمعدلات النجاح وتخصيص المناهج. كما يشير تقرير المسارات الرقمية للتعليم "تمكين أثر أكبر للجميع" الصادر عن البنك الدولي عام 2023، إلى أنَّ بناء بيئة تعليمية رقمية متكاملة يتطلب خططًا استراتيجية طويلة المدى تشمل البنية التحتية والتشريعات والتدريب المستمر للكوادر.

وبحسب الدليل الصادر عن منظمة اليونسكو بعنوان الذكاء الاصطناعي والتعليم: دليل لصانعي السياسات (صدر عام 2021)، فإنه يوضح كيفية إدماج الذكاء الاصطناعي في التعليم بصورة أخلاقية تكفل العدالة وتكافؤ الفرص. ويشير إلى ما ينطوي عليه الذكاء الاصطناعي من مخاطر وفوائد، داعيًا إلى استخدامه بما يضمن المساواة والشمولية. كما يتناول قضايا التحيُّز في الخوارزميات وضرورة معالجتها عند تصميم النظم التعليمية، ويؤكد على خضوع السياسات ذات الصلة لمبادئ أخلاقية تراعي الأبعاد المجتمعية، ويربط ذلك بحق التعليم العادل وإتاحة فرص متكافئة لجميع المتعلمين.

ومن الأمثلة التطبيقية، استعرضت دراسة كمالوف وزملاؤه عام 2023 المنشورة على منصة (arXiv) نماذج عملية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الصفوف الدراسية، مثل أنظمة التدريس التكيفي، التي تقوم على تخصيص عملية التعليم وفق احتياجات كل طالب، إضافة إلى الاختبارات الذكية التي تكيّف أسئلتها وفق مستوى المُتعلِّم؛ وهي نماذج يمكن أن تجد طريقها إلى المدارس في سلطنة عُمان.

إنَّ التحولات الرقمية تطرح تحديات موازية، من أبرزها الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية، واحتمال انحياز الخوارزميات، وضعف جاهزية المعلمين للتعامل مع الأدوات الجديدة. وقد شددت منظمة اليونسكو في تقريرها حول الذكاء الاصطناعي التوليدي عام 2023، على أهمية تطوير سياسات واضحة لضمان الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات، مع التركيز على مبادئ الأخلاق والشفافية وإتاحة الوصول للجميع. وتؤكد رؤية "عُمان 2040" ضرورة بناء قدرات وطنية في البحث العلمي والتعلم الرقمي، وهو ما يعزز مكانة المعلم كشريك أساسي في التحول، وليس مجرد منفّذ للتقنية.

وبناءً عليه، يمكن صياغة خارطة طريق محلية لتبني الذكاء الاصطناعي في التعليم في سلطنة عُمان. تبدأ هذه الخارطة بتقوية البنية التحتية الرقمية في المدارس والجامعات، ثم تدريب المعلمين على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بكفاءة، يلي ذلك إطلاق برامج تجريبية في عدد من المؤسسات التعليمية لتقييم جدوى النماذج المختلفة، وأخيرًا توسيع التطبيق على نطاق وطني مع مراجعة دورية للنتائج. وهذا التدرج يتوافق مع ما أوصى به تقرير التقنيات المتقدمة من أجل التعليم الصادر عن البنك الدولي عام 2023، الذي أكد أن نجاح دمج التقنيات الحديثة يتطلب التوازن بين الابتكار والبُعد الإنساني.

إنَّ مستقبل التعليم في سلطنة عُمان يسير نحو نموذج ذكي ومستدام يجمع بين التقنية والقيم الإنسانية. فالذكاء الاصطناعي لا يُراد له أن يكون بديلًا عن المُعلِّم؛ بل شريكًا يسهّل مهمته ويعزز دوره في بناء القيم وتوجيه التفكير. ويبقى الهدف الأسمى إعداد جيل قادر على التكيّف مع متغيرات العالم الرقمي، مع الحفاظ على الهوية الوطنية. وهكذا، فإن الذكاء الاصطناعي يصنع الأدوات، أمَّا التعليم فهو الذي يصنع الإنسان القادر على توظيفها لخدمة التنمية والمجتمع.

** كاتبة وباحثة تربوية

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مستقبل مراكز مصادر التعلّم في ظل الذكاء الاصطناعي
  • جائزة سلطان بن علي العويس تكرم الفائزين .. نوفمبر المقبل
  • نيابة عن رئيس الدولة.. سلطان النيادي يحضر احتفالات أوغندا بذكرى استقلالها
  • مدير المركز العربي للأثريين العرب، أن التراث الإنساني ليس عملاً ترفيهيًا بل هو واجب إنساني يضمن استمرارية الهوية ونقلها للأجيال القادمة
  • في الذكرى الـ62 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة .. جنوب الوطن بين الاحتلال والتواطؤ
  • هل يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة بيئة التعلم؟
  • كيف مهّد الحمام الطريق للذكاء الاصطناعي؟
  • جهاز القاهرة الجديدة يواصل حملاته المكثفة لإزالة الإشغالات بأحياء بيت الوطن
  • كيبليمو وفيسا بطلا ماراثون شيكاغو
  • الغبار القمري.. ناسا تخطط لإقامة مدن زجاجية على القمر| تفاصيل