اليمن على مفترق طرق توحيد القطاع المصرفي
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
يدفع اليمن كلفة باهظة لاستمرار الانقسام النقدي والمالي نتيجة وجود بنكين مركزيين ونظامين مصرفيين في صنعاء وعدن، مع تعدد السياسات والإجراءات والمعاملات وتدهور العملة المحلية وسط تفاقم للأزمات المعيشية التي أنهكت غالبية السكان.
ويلخص الانقسام النقدي مأساة اليمنيين بسبب الصراع في البلاد منذ نحو تسعة أعوام مع تفاقم أزمة السيولة وانخفاض أسعار الصرف بالتوازي مع انقطاع وتوقف الدورة المالية من المصارف الرسمية إلى شبكات الأموال غير الرسمية ليتنامى نشاط السوق السوداء وسط تضخم كبير لشركات الصرافة وشبكات التحويلات المالية.
ويأمل اليمنيون بأن تتمكن الأطراف المتنازعة في حوار الرياض بين الحكومة اليمنية والحوثيين بوساطة عُمانية من تحقيق اختراق ملموس في حلحلة أهم ملفات الحرب المستعصية على الحل، بما يؤدي إلى إعادة توحيد المؤسسات والسياسة المالية والتداول النقدي كخطوة مهمة ورئيسية لصرف رواتب الموظفين المدنيين المتوقفة منذ نقل إدارة عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن التي اتخذت منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة لها في سبتمبر/ أيلول من العام 2016.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة أن المباحثات التي جرت برعاية سلطنة عمان منذ نحو عام تركزت بدرجة رئيسية في تضييق هوة الانقسام المالي بين طرفي الصراع في اليمن، بما يؤدي إلى إعادة توحيد المؤسسات المالية وصرف رواتب الموظفين المدنيين، حيث تخللت هذه المفاوضات جولات مكوكية بين مسقط وصنعاء قبل أن تحقق الوساطة العمانية نقله نوعية في الجهود المبذولة لإيقاف الحرب بوصول الوفد العماني الوسيط في المفاوضات مع مسؤولين وقيادات من الحوثيين لأول مرة إلى العاصمة السعودية الرياض يوم الخميس الماضي.
وحسب مصادر مسؤولة، فإن البنك الدولي أبدى استعداده للمساعدة في لعب دور مهم في تعزيز التنسيق والتشجيع على تبني أفضل الممارسات من قبل البنكين المركزيين، إذ يقترح خبراء المؤسسة المالية الدولية ضرورة استمرار شركاء اليمن في التنمية بتقديم الدعم مع الحذر من مخاطر ترسيخ انقسام المؤسسات العامة.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي ونائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في الحكومة اليمنية مطهر العباسي لـ"العربي الجديد"، أن الأطراف اليمنية على المحك الآن في الاتفاق على حلحلة الملفات الاقتصادية المعقدة لتخفيف معاناة اليمنيين الذين يدفعون كلفة باهظة جراء الانقسام المصرفي وتعدد النظام المالي والتداول النقدي بحسب المناطق الجغرافية التي يحكمها.
وتوصل خبراء في صندوق النقد والبنك الدوليين أخيراً إلى أن التحديات الاقتصادية ذات التداعيات الأكبر من بين جميع التحديات التي يخلفها الصراع في اليمن هي انقسام السياسة النقدية وتدفقات النقد الأجنبي وتسييل العجز المالي.
ومع تحول السلطات بشكل متزايد إلى التمويل النقدي، ارتفعت استحقاقات البنك المركزي اليمني في عدن على الحكومة المعترف بها دولياً بمتوسط 36% سنوياً بين عامي 2015 و2021، في حين ارتفعت العملة المتداولة بنسبة 24% سنوياً، وفق بيانات رسمية.
كما استنفدت احتياطيات العملة الصعبة بسرعة، ما دفع البنك المركزي إلى التخلي عن الدولار كمرجعية، وتدهور استقرار الاقتصاد الكلي في ظل التضخم السريع وانخفاض قيمة العملة.
مع تقدم الصراع، تطور الاقتصاد اليمني بشكل متزايد إلى اقتصاد مزدوج بحكم الأمر الواقع، حيث تعمل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً ومناطق الحوثيين كاقتصادات وطنية منفصلة. ويتجلى هذا الانقسام بشكل واضح في انقسام سعر الصرف في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً ومناطق الحوثيين.
ووضع انهيار إنتاج النفط وصادراته في عام 2015 المركز المالي والنقدي لليمن تحت ضغط كبير، وتدهور الميزان المالي العام للبلاد، حيث اتسع العجز من متوسط -5.5% من الناتج المحلي قبل الحرب إلى -6.5% من الناتج المحلي الإجمالي بعد الحرب.
ويكشف الخبير المالي والاقتصادي أحمد شماخ، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن أزمة كبيرة يواجهها اليمن ناتجة عن الانقسام النقدي والمؤسسي والمالي وسيطرة الاقتصاد الموازي والسوق السوداء، إذ إن إجمالي الأموال المتداولة خارج البنوك والدورة المصرفية يتجاوز 90%، وهو ما يحتم التوصل إلى اتفاق عاجل لإعادة توحيد المؤسسات النقدية والنظام المصرفي في اليمن.
واشتعل الصراع النقدي والمالي بشكل كبير في نهاية العام 2019 بعد رفض الحوثيين العملة الوطنية الجديدة المطبوعة من قبل الحكومة المعترف بها دولياً بالتزامن مع قرب نفاد الوديعة السعودية الأولى التي قدمتها للبنك المركزي اليمني في العام 2018 والمقدرة بنحو ملياري دولار.
ويرى الباحث المصرفي علي بشير في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رفض الحوثيين العملة الورقية الجديدة أدى إلى قطع روابط السياسة النقدية بين مناطق طرفي الصراع وبروز نظامين مصرفيين وسعرين مختلفين للتداول النقدي.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد العملة الحكومة الحوثي العربی الجدید
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وشركات القطاع الخاص
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الحكومة وشركات القطاع الخاص، جاء ذلك خلال حضوره فعاليات إطلاق تقرير المتابعة الثاني للمنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة.
وأكد رئيس الوزراء، في هذا الصدد، استمرار جهود الدولة التي من شأنها أن تسهم في دعم وتعزيز دور مؤسسات القطاع الخاص للمساهمة بصورة أكبر في العديد من الأنشطة الاقتصادية، وخاصة فيما يتعلق بقطاع الطاقة، لافتا إلى أن ما يتم تنفيذه من مشروعات إنما يأتي في إطار استراتيجية الدولة المصرية لتحقيق التنوع في مصادر الطاقة، ويعكس التزام الحكومة الجاد نحو تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، منوها إلى دور تلك المشروعات في تحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الكهرباء، وصولا لتحقيق المزيد من أهداف التنمية المستدامة المرجوة في هذا الصدد.
وتضمنت الاتفاقيات التي شهدها الدكتور مصطفى مدبولي، اتفاقية إطارية للتعاون بهدف إدراج مشروع تطوير محطة الزعفرانة ضمن محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي"، حيث وقع الاتفاقية كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، و/ باكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، و/ كريم العزاوي، العضو المنتدب لشركة فولتاليا مصر والأردن.
ويُعد مشروع إعادة تأهيل محطة الزعفرانة مبادرة تحويليةً تهدف إلى إعادة إحياء مزرعة الرياح الرائدة في مصر "الزعفرانة"، والتي تقترب من نهاية عمرها التشغيلي، كما أن هذا المشروع يتماشى مع استراتيجية مصر للطاقة المتجددة، وهدفها المتمثل في تحقيق 42% من الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، ويأتي أيضا كناتج للتعاون بين شركتي طاقة عربية وفولتاليا، للاستفادة من خبراتهما لتقديم حل هجين يجمع بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وشهد رئيس الوزراء، توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لإدراج مشروع إنشاء محطة تحلية مياه البحر بالعين السخنة ضمن محور المياه ببرنامج "نُوَفِّي"، ووقع بروتوكول التعاون كل من الدكتور رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، و/ أحمد كجوك، وزير المالية، و/ وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ويستهدف مشروع إقامة محطة تحلية مياه البحر بالعين السخنة إنتاج مليون متر مكعب يوميًا من المياه النظيفة، وتم طرح المرحلة الأولى منه بطاقة إنتاجية قصوى تصل إلى 250 ألف متر مكعب يوميًا في مناقصة بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، ووحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التابعة لوزارة المالية، وذلك بما يسهم في خدمة وتلبية احتياجات المشروعات الصناعية الحالية والجاري تنفيذها والمتوقع تنفيذها خلال العشرين عاما القادمة، وفى مقدمتها المشروعات الخاصة بالهيدروجين الأخضر.
كما شهد رئيس الوزراء توقيع اتفاقية إطارية للتعاون بهدف إدراج مشروعات شركة سكاتك النرويجية في مجال الطاقة المتجددة ضمن محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي"، حيث وقع هذه الاتفاقية كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع/ تيري بيلسكوج، الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك النرويجية.
كما تضمنت التوقيعات التي شهدها رئيس الوزراء، توقيع اتفاقية بين شركة مصر للألومنيوم، وشركة سكاتك النرويجية، لشراء الطاقة وإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاوات، بإجمالي استثمارات أجنبية مباشرة تبلغ 650 مليون دولار أمريكي، وذلك لتوفير الطاقة النظيفة لمجمع الألومنيوم بنجع حمادي، وهو أحد مشروعات محور الطاقة ببرنامج "نُوَفِّي".
ووقع الاتفاقية كل من الدكتور محمود عجور، العضو المنتدب التنفيذي لشركة مصر للألومنيوم، و/ تيري بيلسكوج، الرئيس التنفيذي لشركة سكاتك النرويجية.
وتمت الإشارة إلى أن هذا المشروع يعزز بشكل كبير قدرة مصنع الألومنيوم في نجع حمادي على تلبية احتياجاته من الطاقة، بما يسهم في تحسين الإنتاجية، حيث ان محطة الطاقة الشمسية ستسهم في تقليل التكاليف التشغيلية للمصنع وتعزيز استدامته البيئية، فضلا عن العمل على استيفاء المواصفات الدولية لقواعد الحد من الانبعاثات الكربونية، وتلبية المتطلبات العالمية لتعزيز المنافسة في الأسواق الدولية، حيث يُمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الصناعي، ومن المتوقع أن تستفيد شركة مصر للألومنيوم بشكل كبير من هذه المبادرة الطموحة، التي تسهم في توفير أكثر من 40% من احتياجات المصنع من الكهرباء.