بجملة من القرارات والتهديدات، المقيدة للحريات، تلاحق ولاية الجزيرة، جنوبيِّ العاصمة الخرطوم، الصحفيين، فما هي ردة فعل أهل السلطة الرابعة يا تُرى؟.

مدني: التغيير

نقلت وكالة السودان الرسمية للأنباء (سونا)، عن والي الجزيرة، إسماعيل العاقب، تهديدات طالت الصحفيين، ومما جاء فيها إن الولاية ستضع كل من يتخابر أو يتواصل مع العدو في غياهب المعتقلات والسجون.


التصريح جاء في لقاء إعلامي لحكومة الولاية، وخلاله ساق أحد الحضور بعدما عرّف نفسه بأنه منتم لقبيلة الصحفيين، اتهامات خطيرة للصحفيين، إذ اتهمهم بالتخابر لصالح قوات الدعم السريع –شبه العسكرية- وعاب على الوالي إقدامه على زيارة الصحفيين في أحدى مراكز الإيواء، بحاضرة الولاية ود مدني.
وفرّ عدد كبير من الصحفيين وأسرهم إلى ولاية الجزيرة، باعتبارها أحدى الولايات المتاخمة للعاصمة الواقعة في أتون حرب مدمرة منذ 15 أبريل الماضي،  والتحق بعضهم  بذويه ومعارفه، فيما أضطر كثيرون إلى استئجار منازل بأرقام فلكية، ويقبع عدد غير قليل منهم في دور إيواء غير مجهزة بالمرة.
ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع، معركة كسر عظم، في عددٍ من ولايات البلاد، على رأسها العاصمة الخرطوم، وأقاليم دارفور وكردفان، مع نشوء جيوب للقتال بكلٍ النيل الأزرق وشرق السودان.
وأدت الحرب إلى مقتل آلاف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، وإلى تشريد ما يزيد عن 5 ملايين سوداني عن مساكنهم.
أحوال الصحفيين
تتبدى معاناة السودانيين من أهوال الحرب، بشكل جلي في قطاع الصحافة، حيث توقفت الصحف الورقية التي تعاني في الأصل، من الصدور بصورة تامة، وتعطل عدد كبير من المواقع الإلكترونية، خاصة المهنية والمدافعة عن الحريات والنظم المدنية، فيما تنشط المواقع ذات الصلة بالإسلاميين وطرفيّ النزاع في تأجيج نار الحرب، والتحريض على القوى المدنية بما في ذلك الصحفيين.
وينشط عدد قليل من الصحفيين السودانيين في مراسلة وكالات ومواقع أنباء إقليمية ودولية، فيما يتحمل نزر يسير من المواقع الإلكترونية –رغم شح الإمكانات- بأداء أدواره في التبصير بالآثار الوخيمة للصراع، وأهمية الانتقال المدني، وعدم صوابية اللجوء للخيار العسكري.
ولا تنتهي معاناة الصحفيين بفقدان الوظيفة، حيث يهدد ذات المصير من يواصل في رسالته جراء الصعوبات المتصلة بسوء شبكات الانترنت، وتردي خدمة الإمداد الكهربائي.
وعلى صعيد الحريات، واصل طرفيّ النزاع الصحفيين استهداف الصحفيين، قتلاً وتنكيلاً واعتقالاً وتشريداً، ويضج تقرير نقابة الصحفيين السنوي بسلسلة طويلة من الممارسات المنتهكة لحق الصحفيين في الحصول على المعلومات، أو التغطية الميدانية، ومن ثم تصنيفهم في قوائم سوداء، وصولاً إلى الأضرار المباشرة التي تطالهم وأسرهم.
وفي ولاية الجزيرة على وجه الخصوص، تمّ التضييق على الصحفيين بربط عملهم بالحصول على تصاديق أمنية، وجرى اعتقال بعض الزملاء بواسطة قوى أمنية، وصولاً إلى تهديدات الوالي الأخيرة.

رد الفعل

علمت (التغيير) إن نقابة الصحفيين السودانيين، بصدد صياغة بيان رداً على تهديدات الوالي.
وقال صحفي يمارس نشاطه من مدينة مدني –فضل حجب اسمه خشية الملاحقة الأمنية- إن عمليات التضييق المتزايدة، تضطرهم إلى ممارسة عملهم بسرية –أسوة بالمعارضين للحرب- خشية من المداهمة والاعتقال.
ولفت إلى إصرار طرفي الصراع على كيل الاتهامات للصحفيين المهنيين، يستهدف نقلهم من خانة الحياد إلى إلى لأحد طرفيّ الصراع.
وقال إن حديث الوالي عن اعتقال من يتواصل على العدو، تصريح يعكس نوايا السلطة في التدخل في أعمال الصحفيين من خلال فرض إملاءات عليهم تنعكس سلباً على تغطياتهم، وتجعلهم بوقاً للجيش، أسوة بما يفعله الدعم السريع بالصحفيين المحاصرين في المواقع التي تدين بالسيطرة لقواته.
وأضاف الصحفي، إن ولاية الجزيرة تعج بالمشكلات ذات الصلة بأدوار الحكومة في خدمة الأهالي، مرورا بالأزمات الأمنية وعلى رأسها تنامي السرقات وعمليات النهب والسطو المسلح، وسقوط عدد من مناطق الولاية في يد قوات الدعم السريع، وصولاً إلى الاختراقات الأمنية التي يتم الكشف عنها بين فينة وأخرى، انتهاء بالتهديدات المتكررة بنقل سيناريو الخرطوم إلى الجزيرة.
وتابع: ترك الوالي لكل هذه المشكلات، ومحاولة تحويل الصحفيين إلى عدو للسلطة والمدن، ليس إلا محاولة للهرب أماماً من مشكلات الولاية التي لا تعد ولا تحصى.

كيانات تتحدث

تم إخضاع حديث الوالي، إلى نقاشات كثيفة بين الصحفيين أنفسهم، وفي مجموعات التواصل التي تجمعهم.
ورغم قيادة تيار ذو صلة بالإسلاميين وطرفيِّ النزاع -وبعض  أفراده يقولون بانطلاقهم من منصات مهنية- لرأي بخطل الحياد في المواقف الكبرى؛ ما يزال كفل كبير من الصحفيين يتمسك بالحياد باعتباره أحد أركان العمل الصحفي، ويرى في إضفاء شرعية على الحرب بأنه عمل لا يقل خطورة عن حمل السلاح والانخراط في العملية العسكرية الجارية بالبلاد.
وفي الصدد، حذر التجمع الديموقراطي للصحفيين (مستقل) من التحريض على الصحفيين بولاية الجزيرة.
وطالب الوالي بمسائلة مطلق الاتهامات للصحفيين بأنهم “طابوراً خامساً لصالح قوات الدعم السريع”، ورفع القيود المفروضة عليهم، عاداً استمرار هكذا ممارسات بأنه مسمم ومعكر للأجواء.
وشدد البيان على تمسك الصحفيين برفض الحرب، ودعمهم لخيار الانتقال المدني الديموقراطي.

الخيارات

إزاء حملة التضييق الجارية ضد الصحفيين، تتضاءل فرص الصحفيين في ممارسة أعمالهم بشكل يهدد مهنيتهم كما ويمثل عقبة أمام إعالة أنفسهم وأسرهم.
ولا يتبقى من خيارات في حال أرادوا النجاة بمهنيتهم من العمل بصورة سرية، أو التخفي وراء اسماء مستعارة، وليس نهاية بالهجرة خارج البلاد، لتواصل البلاد نزفها للعقول بعدما نزيفها المستمر للدماء منذ قرر العسكر خوض حربهم “العبثية” فوق رؤوس المدنيين.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ولایة الجزیرة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد النازحين وزيادة المقابر في ولاية الجزيرة بالسودان

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان، الثلاثاء، ارتفاع عدد النازحين السودانيين من ولاية الجزيرة إلى أكثر من 135 ألفا، في حين تقدم السودان بشكوى ضد تشاد بعد اتهامها بتسليح "مليشيات متمردة".

وأشار المكتب إلى تقارير عن وجود أطفال مفقودين أو غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عنهم بين النازحين، وآخرين مصابين بطلقات نارية متعددة واعتقالات تعسفية ومحتجزين في أجزاء من الجزيرة.

وكشف عن وقوع "عنف واعتداء جنسي" ضد الفتيات والمراهقات، أدى إلى انتحار بعضهن.

كما حرقت المحاصيل الغذائية ودمرت أنظمة الطاقة الشمسية التي تعمل على أنظمة إمدادات المياه.

ووثق ناشطون سودانيون، عبر مقاطع مصورة، توافد نازحين من 120 قرية في ولاية الجزيرة إلى مدينة "الفاو" بولاية القضارف (شرق السودان) بعد فرارهم من مجازر قوات الدعم السريع.

من جانبها، قالت منصة "نداء الوسط-ولاية الجزيرة" إن قوات الدعم السريع ما زالت تحاصر 10 آلاف مواطن بمدينة الهلالية لليوم 12 على التوالي.

وبينت أن أعداد الوفيات في المدينة في تزايد، مع وجود مصابين كثر لم يتلقوا العلاج أو الإسعافات اللازمة، فضلا عن حالات التسمم نتيجة تناول مواد غذائية فاسدة وزعت عليهم، وتدهور الحالة الصحية للمرضى وكبار السن والأطفال، وتم تأكيد 40 حالة وفاة حتى اللحظة.

بدورها، كشفت "شبكة أطباء السودان" عن تلقيها تقارير وصفتها "بالمؤلمة" من ناجين؛ تفيد بتصفية قوات الدعم السريع 11 مواطنا عند محاولتهم الخروج من مدينة سنجة بولاية سنار (جنوب شرق السودان)، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع منعت الأهالي من الخروج من المدينة وأجبرت الشباب والأطفال على القتال في صفوفها، بينما يعيش المواطنون في ظروف مأساوية.

توسع المقابر

وفي سياق متصل، كشف مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأميركية عن تمدد كبير في مواقع المقابر بشرق ولاية الجزيرة، وسط السودان، وذلك يؤكد ارتكاب قوات الدعم السريع فظائع جماعية ضد المدنيين.

وأكد المختبر أن هذا التوسع مع الأدلة المتاحة يعزز التقارير التي تُفيد بارتكاب قوات الدعم السريع فظائع جماعية واسعة النطاق ضد المدنيين ومجتمعاتهم في ولاية الجزيرة.

وشدد التقرير على أن قوات الدعم السريع نهبت وأتلفت الأسواق والمرافق الطبية في تمبول والشرفة، بالإضافة إلى إحراق الحقول الزراعية عمدا.

وأوضح أن تحليل صور الأقمار الصناعية لمقبرتين في رفاعة يُظهر زيادة سريعة في الاضطرابات الأرضية، بما يتوافق مع تلال الدفن مقارنة بالصور الأرشيفية.

وأشار إلى أن المقبرة الأولى تُظهر زيادة بنحو 80 تلة بين 5 يوليو/تموز و31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بينما زادت المساحة الإجمالية للمقبرة الثانية من نحو 660 مترا مربعا إلى حوالي ألف متر مربع بين 29 سبتمبر/أيلول و31 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وتتحدث تقارير حقوقية عن أن ضحايا هجمات الدعم السريع في مناطق شرق الجزيرة يزيد عددهم على ألف قتيل، بينما ينشر الأهالي صورا لأفراد مفقودين من أسرهم.

وشدد على أن هذه النتائج تتوافق مع تقارير تحدثت عن هجوم قوات الدعم السريع على السريحة في 25 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، الذي أسفر عن مقتل 124 شخصا على الأقل وإصابة 200 آخرين.

مقالات مشابهة

  • بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية
  • مصادر لـالحرة: عشرات القتلى في حصار تفرضه قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • النازيون السمر.. الدعم السريع وهولوكوست التوحش في السودان
  • كشف تفاصيل كارثية في الجزيرة على يد قوات الدعم السريع.. 1000قتيل وإحتجاز مواطنين رهائن وتهجير قسري وحصار
  • ارتفاع عدد النازحين وزيادة المقابر في ولاية الجزيرة بالسودان
  • السودان... مقتل 10 مدنيين بجرائم للدعم السريع في ولاية الجزيرة
  • اتهممها تسليح الدعم السريع..السودان يشكو تشاد لدى الاتحاد الإفريقي
  • مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
  • السودان.. ميليشيا الدعم تقـ.تل 10 مدنيين في ولاية الجزيرة
  • بالفيديو .. كيكل يكشف أسباب إنسلاخه من الدعم السريع وإعترافات عن تفاصيل خطيرة لإنتهاكات قواته في الجزيرة