السودان: الوالي و«أركان حربه» يحاصرون الصحفيين بـ«الجزيرة»
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
بجملة من القرارات والتهديدات، المقيدة للحريات، تلاحق ولاية الجزيرة، جنوبيِّ العاصمة الخرطوم، الصحفيين، فما هي ردة فعل أهل السلطة الرابعة يا تُرى؟.
مدني: التغيير
نقلت وكالة السودان الرسمية للأنباء (سونا)، عن والي الجزيرة، إسماعيل العاقب، تهديدات طالت الصحفيين، ومما جاء فيها إن الولاية ستضع كل من يتخابر أو يتواصل مع العدو في غياهب المعتقلات والسجون.
التصريح جاء في لقاء إعلامي لحكومة الولاية، وخلاله ساق أحد الحضور بعدما عرّف نفسه بأنه منتم لقبيلة الصحفيين، اتهامات خطيرة للصحفيين، إذ اتهمهم بالتخابر لصالح قوات الدعم السريع –شبه العسكرية- وعاب على الوالي إقدامه على زيارة الصحفيين في أحدى مراكز الإيواء، بحاضرة الولاية ود مدني.
وفرّ عدد كبير من الصحفيين وأسرهم إلى ولاية الجزيرة، باعتبارها أحدى الولايات المتاخمة للعاصمة الواقعة في أتون حرب مدمرة منذ 15 أبريل الماضي، والتحق بعضهم بذويه ومعارفه، فيما أضطر كثيرون إلى استئجار منازل بأرقام فلكية، ويقبع عدد غير قليل منهم في دور إيواء غير مجهزة بالمرة.
ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع، معركة كسر عظم، في عددٍ من ولايات البلاد، على رأسها العاصمة الخرطوم، وأقاليم دارفور وكردفان، مع نشوء جيوب للقتال بكلٍ النيل الأزرق وشرق السودان.
وأدت الحرب إلى مقتل آلاف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، وإلى تشريد ما يزيد عن 5 ملايين سوداني عن مساكنهم.
أحوال الصحفيين
تتبدى معاناة السودانيين من أهوال الحرب، بشكل جلي في قطاع الصحافة، حيث توقفت الصحف الورقية التي تعاني في الأصل، من الصدور بصورة تامة، وتعطل عدد كبير من المواقع الإلكترونية، خاصة المهنية والمدافعة عن الحريات والنظم المدنية، فيما تنشط المواقع ذات الصلة بالإسلاميين وطرفيّ النزاع في تأجيج نار الحرب، والتحريض على القوى المدنية بما في ذلك الصحفيين.
وينشط عدد قليل من الصحفيين السودانيين في مراسلة وكالات ومواقع أنباء إقليمية ودولية، فيما يتحمل نزر يسير من المواقع الإلكترونية –رغم شح الإمكانات- بأداء أدواره في التبصير بالآثار الوخيمة للصراع، وأهمية الانتقال المدني، وعدم صوابية اللجوء للخيار العسكري.
ولا تنتهي معاناة الصحفيين بفقدان الوظيفة، حيث يهدد ذات المصير من يواصل في رسالته جراء الصعوبات المتصلة بسوء شبكات الانترنت، وتردي خدمة الإمداد الكهربائي.
وعلى صعيد الحريات، واصل طرفيّ النزاع الصحفيين استهداف الصحفيين، قتلاً وتنكيلاً واعتقالاً وتشريداً، ويضج تقرير نقابة الصحفيين السنوي بسلسلة طويلة من الممارسات المنتهكة لحق الصحفيين في الحصول على المعلومات، أو التغطية الميدانية، ومن ثم تصنيفهم في قوائم سوداء، وصولاً إلى الأضرار المباشرة التي تطالهم وأسرهم.
وفي ولاية الجزيرة على وجه الخصوص، تمّ التضييق على الصحفيين بربط عملهم بالحصول على تصاديق أمنية، وجرى اعتقال بعض الزملاء بواسطة قوى أمنية، وصولاً إلى تهديدات الوالي الأخيرة. رد الفعل
علمت (التغيير) إن نقابة الصحفيين السودانيين، بصدد صياغة بيان رداً على تهديدات الوالي.
وقال صحفي يمارس نشاطه من مدينة مدني –فضل حجب اسمه خشية الملاحقة الأمنية- إن عمليات التضييق المتزايدة، تضطرهم إلى ممارسة عملهم بسرية –أسوة بالمعارضين للحرب- خشية من المداهمة والاعتقال.
ولفت إلى إصرار طرفي الصراع على كيل الاتهامات للصحفيين المهنيين، يستهدف نقلهم من خانة الحياد إلى إلى لأحد طرفيّ الصراع.
وقال إن حديث الوالي عن اعتقال من يتواصل على العدو، تصريح يعكس نوايا السلطة في التدخل في أعمال الصحفيين من خلال فرض إملاءات عليهم تنعكس سلباً على تغطياتهم، وتجعلهم بوقاً للجيش، أسوة بما يفعله الدعم السريع بالصحفيين المحاصرين في المواقع التي تدين بالسيطرة لقواته.
وأضاف الصحفي، إن ولاية الجزيرة تعج بالمشكلات ذات الصلة بأدوار الحكومة في خدمة الأهالي، مرورا بالأزمات الأمنية وعلى رأسها تنامي السرقات وعمليات النهب والسطو المسلح، وسقوط عدد من مناطق الولاية في يد قوات الدعم السريع، وصولاً إلى الاختراقات الأمنية التي يتم الكشف عنها بين فينة وأخرى، انتهاء بالتهديدات المتكررة بنقل سيناريو الخرطوم إلى الجزيرة.
وتابع: ترك الوالي لكل هذه المشكلات، ومحاولة تحويل الصحفيين إلى عدو للسلطة والمدن، ليس إلا محاولة للهرب أماماً من مشكلات الولاية التي لا تعد ولا تحصى.
تم إخضاع حديث الوالي، إلى نقاشات كثيفة بين الصحفيين أنفسهم، وفي مجموعات التواصل التي تجمعهم.
ورغم قيادة تيار ذو صلة بالإسلاميين وطرفيِّ النزاع -وبعض أفراده يقولون بانطلاقهم من منصات مهنية- لرأي بخطل الحياد في المواقف الكبرى؛ ما يزال كفل كبير من الصحفيين يتمسك بالحياد باعتباره أحد أركان العمل الصحفي، ويرى في إضفاء شرعية على الحرب بأنه عمل لا يقل خطورة عن حمل السلاح والانخراط في العملية العسكرية الجارية بالبلاد.
وفي الصدد، حذر التجمع الديموقراطي للصحفيين (مستقل) من التحريض على الصحفيين بولاية الجزيرة.
وطالب الوالي بمسائلة مطلق الاتهامات للصحفيين بأنهم “طابوراً خامساً لصالح قوات الدعم السريع”، ورفع القيود المفروضة عليهم، عاداً استمرار هكذا ممارسات بأنه مسمم ومعكر للأجواء.
وشدد البيان على تمسك الصحفيين برفض الحرب، ودعمهم لخيار الانتقال المدني الديموقراطي.
إزاء حملة التضييق الجارية ضد الصحفيين، تتضاءل فرص الصحفيين في ممارسة أعمالهم بشكل يهدد مهنيتهم كما ويمثل عقبة أمام إعالة أنفسهم وأسرهم.
ولا يتبقى من خيارات في حال أرادوا النجاة بمهنيتهم من العمل بصورة سرية، أو التخفي وراء اسماء مستعارة، وليس نهاية بالهجرة خارج البلاد، لتواصل البلاد نزفها للعقول بعدما نزيفها المستمر للدماء منذ قرر العسكر خوض حربهم “العبثية” فوق رؤوس المدنيين.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ولایة الجزیرة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
???? دخول المشتركة للزرق هو بمثابة إزالة للغموض ونزع للسحر عن مليشيا الدعم السريع
دخول المشتركة للزرق هو بمثابة إزالة للغموض ونزع للسحر عن مليشيا الدعم السريع.
كان هناك دائما تصور بأن ما يظهر من المليشيا وإمكانياتها هو ليس كل شيء، ليس كل ما عندها، وأن هناك أسرار وإمكانيات مخفية؛ معسكرات، معدات، أسلحة وعتاد ومرتزقة وخبراء أجانب، وقاعدة الزرق هي أحد المستودعات لهذه الأسرار والقوة الخفية.
ربما هذا التصور موجود عند كثير من عساكر وضباط المليشيا وحلفاءها المدنيين وداعميها.
القوات المشتركة أنهت أي أساطير حول هذه القاعدة. وهلع الجنجويد ومناداتهم لفزع الزرق من كل مكان بما في ذلك الفاشر كشف كل ورق المليشيا.
في بداية الحرب كانوا يتكلمون عن السيطرة على كامل الدولة، وظهر لبعض الوقت وكأنهم قادرين على ذلك، أما الآن فأصبحوا يتنادون لحماية منطقة في شمال دارفور تسمى الزرق وهي الآن مجرد فرقان تفتقد لأدنى مقومات الحياة، أو على الأقل هكذا أصبحت بعد اجتياح القوات المشتركة.
إذن، ليس الأمر أن القبة بلا فكي، ولكن القبة نفسها لم تعد موجودة.
بعد دحر بقايا المليشيا في الجزيرة والخرطوم والفاشر تكون قد فقدت كل شيء.
حليم عباس