مؤرخ ومفكر فرنسي يتنبّأ بانهيار العولمة وتفكك أوروبا
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
"سقوط العالم والجغرافيا السياسية للصراعات والتنافس في عام 2023" كتاب جديد للمؤرخ الفرنسي جان بابتيست نوي، من إصدار دار "أرتيلييه جيوفانجيلي" للنشر، يرى فيه أنّه وبعد قرون من الريادة العالمية لأوروبا، فإنّ التحليل المُبتكر للجغرافيا السياسية لفهم العالم الجديد الناشئ بشكل أفضل، يدلّ على أنّ القوى الكبرى تفقد هيمنتها، وأوروبا المعاصرة تشهد مرحلة صعبة من التغيير والتفكك يبدو أنها لم تكن تتوقعها ولا تُدركها جيداً.
ومن خلال استدعاء أفكار الفلاسفة وأبرز المفكرين الاستراتيجيين، يرسم بابتيست نوي صورة لعالم قديم في حالة تراجع، ويتوقع عصراً جديداً مختلفاً للغرب، حيث هناك اليوم صراعات وتنافسات متعددة، عسكرية وسياسية، ولكن أيضاً اقتصادية وحضارية، صراعات من أجل السيطرة على الطاقة، وحروب العملات، وعسكرة آسيا، والمواجهة بين الصين والولايات المتحدة، وروسيا والغرب.
أوروبا ساحة للقتالوبرأيه فإنّ السيوف مسلولة في كل مكان، وأوروبا هي بالفعل إحدى ساحات القتال الرئيسية، بما في ذلك حروب الأراضي، حيث يُشكّل بحر البلطيق نقطة توتر بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، فضلاً عن الحرب الأوكرانية، وتباين ولاء الدول في شرق أوروبا ما بين موسكو وبروكسل، ولا تقل الصراعات الخارجية، وأهمها سوريا وناغورنو كاراباخ، خطورة على مُستقبل الاتحاد الأوروبي الذي باتت تحكمه السياسات العاطفية وليس المصالح.
يحمل جان باتيست نوي شهادة الدكتوراة في التاريخ الاقتصادي، وهو رئيس تحرير مجلةConflits ، التي تُساهم في تجديد المدرسة الفرنسية في الجغرافيا السياسية. وهو أستاذ جامعي، ومؤلف العديد من الأعمال في الاقتصاد السياسي والتاريخ الدبلوماسي.
يقول في كتابه "إذا نظرت إليه اليوم عن كثب، فإنّ العالم المعاصر يبدو وكأنّه يعود لأحوال القرن التاسع عشر، في تجزئته وتعدديته، ولكن في ظل التكنولوجيا والعولمة المتأصلة في بداية الألفية التي من المفترض أن تعمل على التقارب وليس التباعد. إلا إنّه على العكس تماماً، فإنّ العالم اليوم أقرب ما يكون إلى التمزّق أكثر من أيّ وقت مضى، وفي الوقت نفسه يخضع لاضطرابات تُجزّئه بما في ذلك النزاعات المحلية، ورفض تدخل الغرب، وعودة الثقافات الوطنية للدول".
واستعاد المؤلف بفكر الفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه، المعروف بنظريته في الميديولوجيا، وهي نظرية نقدية في انتقال المعنى الثقافي في المجتمع البشري على المدى البعيد، والذي كان أوّل من رأى بوضوح تمزّق العالم من جديد عندما تحدث عن "ما بعد الحداثة القديمة"، وهو تناقض استفزازي متعمد لإظهار أنّ العولمة، من خلال إنتاج الطابع الرسمي، تنتج انعكاساً للتمايز.
Géopolitique de l’épée
par Georges FELTIN-TRACOLhttps://t.co/sHdvFDIvJ2 #JeanBaptisteNoé pic.twitter.com/vYlEmAoQYr
ووفقاً لما جاء في الكتاب، فإنّ ما بعد الحداثة المعولمة يخلق فراغاً في الانتماء، لدرجة أنّه في حالة حدوث أزمة في المؤسسة السياسية، فإنّ الجذور العشائرية والقبلية هي التي تعود إلى السطح لتشكل نماذج جديدة لتحديد الهوية. وعلى هذا الأساس، أعلن دوبريه، في عام 1971، أنّ العولمة "النيوليبرالية" تتمثّل في تفكيك الدول القومية، وسوف تؤدي إلى ظهور القبلية الجديدة: أي القبيلة في ظلّ الأمة.
ويرى المؤرخ والمفكر الفرنسي في كتابه أنّ صحوة السكان الأصليين والهويات ليست معارضة في الأساس للعولمة، ولكنّها إحدى عواقبها، إذ لا يُمكن أن توجد بدون العولمة. وهي رغبة العديد من الشعوب والدول في الوصول إلى التطور التكنولوجي (الحداثة)، ولكن مع رفض تام للتغريب (إنهاء العولمة). ولذلك فإنّ هناك ظاهرة مزدوجة تتمثل في التوحّد والتشرذم، وهذا التشظّي هو نتاج رغبة ثقافية مقلدة وعملية انبهار ونفور، لذا ترى بعض الدول أنّه يجب تقليد الغرب في قوته، ولكنّها وشعوبها تقف في ذات الوقت ضدّ قيمه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أوروبا عولمة
إقرأ أيضاً:
هذه نهاية من يسرقون التاريخ.. نشطاء يعلقون على مقتل مؤرخ إسرائيلي بجنوب لبنان
أثار مقتل باحث الآثار الإسرائيلي زئيف إيرلتش موجة سخرية على مواقع التواصل، وأبدى نشطاء استغرابهم من وجود باحث في الخطوط الأمامية للقتال، متهمين إياه بمحاولة سرقة التاريخ وتزييفه.
وقتل إيرلتش (70 عاما) خلال وجوده إلى جانب قوات الاحتلال بالقرب من مدينة صور وعلى بعد نحو 6 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وكان القتيل رائد احتياط متقاعد في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد خدم ضابطا في المشاة والاستخبارات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987.
وحصل إيرلتش على الماجستير في التلمود وتاريخ شعب إسرائيل من الولايات المتحدة، وكان أشهر الباحثين بالتاريخ والجغرافيا في إسرائيل، وعمل بشكل أساسي في المواقع الأثرية بالضفة الغربية.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن إيرلتش دخل إلى الأراضي الفلسطينية أكثر من مرة خلال الحرب الحالية، ونشرت فيديوهات لظهوره داخل عدد من المواقع الأثرية محاطا بجنود إسرائيليين، دون أن تحدد هذه الأماكن.
وقال جيش الاحتلال إن إيرلتش قتل خلال وجوده مع القوات بصفته المدنية وبالمخالفة للتعليمات العملياتية رغم أنه كان يلبس زيا عسكريا ويحمل سلاحا خاصا، وأعلن الجيش فتح تحقيق عاجل في الحادث.
ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد كان إيرلتش برفقة صديقه رئيس أركان لواء غولاني المقدم احتياط يوآف ياروم الذي أصيب هو الآخر.
وتم استهداف الباحث الإسرائيلي خلال وجوده في موقع أثري يطلق عليه في اليهوية "مقام النبي شمعون" بقرية "شمع" جنوبي لبنان.
ورغم مسح المكان من جانب قوات الاحتلال قبل أن يبدأ إيرلتش عمله فقد تمكن مقاتلان من حزب الله من شن هجوم من مسافة صفر على الموجودين في المكان.
سرقة التاريخوعجت مواقع التواصل بردود الفعل على مقتل الباحث الإسرائيلي، فكتب محسن "لا يمكن أن يكون باحث وهو في الجبهة الأمامية، هذا مجرم يريد أن يسرق ويحرف تاريخ لبنان، وهو أخطر الجنود".
أما بسام فكتب "تمكن حزب الله من تحديد موقع زئيف ليتم سحقه هو ومجموعته، لواء غولاني شبه انتهى، وهناك غضب في منصات المستوطنين بعد أن وقع عدد كبير من القتلى، بينهم قائد اللواء الذي أصيب بجروح مميتة".
بدوره، قال الشيخ "الغريب أن هذه المنطقة كانت تحت سيطرتهم من 1978 لسنة سنة 2000، لماذا لم يأت الباحث على رواقة ودرس القلعة ومقام شمعون الصفا؟ لماذا اليوم تحت الخطر؟".
كما قال سامح "مقتل هذا الباحث وكتاباته هي رسالة لكل اللبنانيين أن معركتهم ضد إسرائيل لا تخص حزب الله وحده، بل معني بها كل لبناني مسلم ومسيحي ودرزي، ومن كل الأديان والمعتقدات".
وأخيرا، كتبت هيفاء "جاء ليزيف التاريخ وينبش لهم عن تاريخ في قبور الأنبياء فطوى حزب الله تاريخه وزيفه وزيف كيانه".
يشار إلى أن شقيق القتيل قال إن شقيقه لم يدخل بصفة مدنية كما يدعي الجيش، مؤكدا أنه كان يعمل لصالح الجيش وبصفة عسكرية.
21/11/2024