استقبل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، اليوم في مكتبه، ممثل الإمام السيد علي السيستاني في لبنان ورئيس جمعية آل البيت الخيرية حامد الخفاف، الذي قدّم دعوة له لحضور مهرجان الصادقين الشعري السادس الذي سيقام تحت عنوان "والله لا يحب الفساد". 
من جهة أخرى، اعتبر المفتي قبلان، في تصريح اليوم، أنه "لا يمكن السكوت عن نحر البلد والإمعان بتمزيقه، وإصرار البعض على القطيعة الحوارية رغم الكوارث التي تطحن البلد خيانة عظمى"، لافتاً إلى أنه "وبكل صراحة كارتيلات الخارج والداخل وسواتر أممية وغربية لا تهدأ في سياق مشروع ينخر البلد ويمزّق أرضيته وشعبه ودولته، بما في ذلك ضرب بنية لبنان البشرية وإغراقه بالنزوح والجريمة ونسف القوة اللبنانية العاملة والأجيال المتعلمة، واليوم الموسم الدراسي للنازحين وليس للطلاب اللبنانيين".


وأكّد أنه "على الحكومة أخذ قرار بإغلاق جمعيات الأمم المتحدة وجمعيات السفارات وفتح البحر أمام النزوح وقلب الطاولة والضرب بيد من حديد، وأي فوضى في لبنان يعني فوضى في أوروبا". 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

قراءة في قضايا العمل وقوانينه

تتشابك قضايا العمل في مجرياتها وتأثيراتها المجتمعية والاقتصادية؛ فتُحدث في داخلنا متاهات من التساؤلات تدفعنا إلى البحث عن الحلول لمشكلات أهمها أزمة الباحثين عن العمل، ومنظومة تقويم الأداء الوظيفي، وجدل التقاعد وقانونه الجديد. قبل الولوج إلى هذه القراءة وتشعباتها نحتاج إلى القول: إنه لا وجود لتقدم وتطور حضاري دون وجود تحديات مصاحبة؛ فنجد المشكلات مع كل تقدم وتنمية تواجه المجتمعات، منها مشكلات العمل التي لا ينحصر وجودها في دولة دون أخرى، إلا أن التفاوت في حجم هذه المشكلات هو ما يمكن أن يكون معيارا وقياسا لقدرة المجتمعات والحكومات على إيجاد الحلول المناسبة التي يمكن أن تخفف من وطأة الأزمات الناتجة.

تعتبر أزمة العمل وخصوصا أزمة الباحثين عن العمل أحد أكبر المعضلات التي تواجه دول العالم دون استثناء ومنها سلطنة عُمان التي تبذل الحكومة بمؤسساتها المعنيّة الجهود الممكنة للوصول إلى أقل معدلات للبطالة؛ فاستنادا إلى الواقع من زاويته المجتمعية بشموليّتها الاجتماعية والاقتصادية، وعبر ما نلتقطه من فئة الشباب الباحثين عن عمل يمكننا المحاولة في طرح قراءة لبعض مفاصل هذه المشكلة، وتحديد بعض مسبباتها مثل ضعف وجود الكوادر الوطنية في سوق العمل الذي يمكنه أن يشغلها بتعليمه الجامعي الذي تنفق الحكومة الأموال الطائلة عليه أو عبر إكسابه الخبرة المطلوبة بواسطة التدريب، وهنا الإشارة إلى سوق العمل في القطاع الخاص الذي يملك فرصا وافرة لكثير من المهن والتخصصات، وكذلك يرجع البعضُ تدني نسبة التعمين في القطاع الخاص لأسباب أهمها ضعف الحد الأدنى للرواتب وعدم توافقه مع غلاء المعيشة، والذي يمكن لبعض مؤسسات القطاع الخاص استغلاله بشكل قانوني يضمن تنفيذها لشرط نسبة التعمين، وفي المقابل تقليل التكلفة المالية الناتجة من التوظيف، وتحقيق مكاسب ربحية تضع الباحث عن العمل أمام خيارات صعبة منها عدم الاستمرارية في العمل نتيجة الإحساس بالضَّيْم وعدم المساواة، وهنا تتجلى الظاهرة النفسية التي نحتاج إلى الالتفات إليها المتولّدة عند الباحث عن العمل، أو الفاقد للحقوق المالية العادلة والمكافِئة للوظيفة ومهامها، أو عند الاضطرار لترك الوظيفة أوالفصل التعسفي، وهذه الظاهرة النفسية لها تأثيرها من جميع النواحي منها الفردية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي يمكن أن ترتبط بزيادة معدلات الجريمة والتفكك الأسري والاجتماعي، والأمراض النفسية التي تعوق مسيرة التنمية نظير تراجع معدلات الأداء والإبداع عند فئات الشباب الذي يعدّ عمادَ المجتمعات وأركانها.

لا يمكن أن نوجّه أصابع الاتهام إلى جهة معيّنة ونحمّلها المسؤولية بمجملها؛ إذ يتحتم أن ندرك أن مسؤولية أزمة الباحثين عن العمل يتشارك جميع عناصر المجتمع في مواجهتها وتقليل معدلاتها؛ فيأتي الوعي المجتمعي -المتعلق بفهم حركة العمل وأدواته وفلسفته- وتأسيسه على عاتق جميع عناصر المجتمع نفسه أفرادا ومؤسسات، ومن السهل أن نقرّب مغزى الوعي المجتمعي وأهميته في واقع حركة العمل الحر والمؤسسي التي يمكن لأيّ مجتمع أن يتبنى وجودها، ولنا في مدن وولايات عُمانية الأمثلة الناجحة على ذلك منها مدينة نزوى التي تعطي نموذجا واقعيا لوجود الوعي المجتمعي الخاص بفلسفة العمل الذي ليس بالضرورة أن يُحدَّ بأيّ ظرف خارجي يتعلق بتحديات القطاع الخاص أو القطاع العام؛ فانتهجت مدينة نزوى وغيرها من المدن والولايات العمانية توجها غيّر من قواعد العمل المألوفة؛ إذ نجد نشاطا في سوق العمل بمختلف مجالاته يدب في هذه الولايات ويتحرك بسواعد أبنائها الذين يقتنصون الفرص التي يمكن تسخيرها في تحقيق التنمية الاقتصادية واستدامتها؛ فنجد نموا صاعدا في قطاع السياحة الذي لم يعد حكرا على القوى العاملة الأجنبية بل نرى لهذا القطاع شركات أهلية تُعنى بجذب الشباب العُماني الباحث عن العمل؛ فتجعل منه شريكا يساهم بخبرته وعلمه ويستفيد من الناتج بشكل مجزٍ؛ فيعيد تشكيل خبراته التي يمكن أن تلهمه إلى توسيع دائرة العمل وتطويره، وكذلك يمكن لهذه الشركات الأهلية المساهمة في التنمية المجتمعية التي يمكنها أن تمنح الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للجميع.

في جانب آخر فإن تعويلنا على دور الوعي المجتمعي لفلسفة العمل -الذي أمكن أن نرى نتائجه في بعض الولايات العمانية ومدنها- لا ينبغي أن نجعله بديلا يمنع حق مشاركة الكوادر العمانية في سوق العمل العام والخاص الذي سقنا بعض مسببات ركوده التي يمكن أن تعالج بقرارات تعيد النظر في قوانين العمل منها رفع الحد الأدنى للأجور، ورفع نسبة التعمين للوظائف بجميع مستوياتها الصغيرة والمتوسطة والكبيرة -وفي هذا المفصل لا ننكر الحراك الذي تبذله الحكومة عبر تحديثها المستمر لنسب التعمين ورفعها وفقا للتخصصات التي يمكن للكوادر العمانية أن تتولى تنفيذها-، ورفع معدلات الأمان الوظيفي -الذي أيضا نرى تحسّنه وفقا لمستجدات قانون العمل والحماية الاجتماعية-، وينبغي أن يصاحب أيّ مستجدات في هذه القوانين متابعة حثيثة ودقيقة يمكن بواسطتها تحقيق أقصى تنفيذ ممكن لهذه القوانين.

من منظور آخر يخص حركة العمل واستدامته لابد أن نلتفت في قراءتنا الحالية إلى منظومة التقويم الوظيفي وأدواتها المستعملة التي تتفاوت في آليتها وقياساتها وأدواتها من قطاع إلى آخر، إلا أننا في هذا المقال المعني بقضايا العمل نركّز على المنظومة الحالية المعتمدة في القطاع العام المدني التي يراها كثيرٌ من العاملين في القطاع العام بأنها منظومة بحاجة إلى مراجعة شاملة تعيد آلية تقويم الأداء الوظيفي بشكل مرضٍ وعادل للجميع مما يقلل من ظاهرة الإحباط وعدم المبالاة وضعف الأداء، وفي هذا الشأن من الممكن أن ندخل الذكاء الاصطناعي ونماذجه للمساعدة سواء في تحليل كفاءة هذه المنظومة وتحديد نقاط ضعفها أو في إعادة بنائها وتشغيلها. كذلك قانون العمل الذي ارتبط به نظام التقاعد الجديد بحاجة إلى إعادة النظر في مفاصله الكثيرة التي تخص الحاضر والمستقبل وتخص الزوايا المتعلقة بالأداء الوظيفي والاجتماعي والأسري والنفسي؛ فهذه زوايا من السهل أن تجتمع في تشكيل مجتمع منهك لا يرى وضوحا لمستقبله الذي يستحق أن يكون في صورة أكثر مرونة من حيثُ الميولات الشخصيّة ورغباتها، وتمنح فرص استئناف الحياة بصور أخرى؛ فتسمح لكوادر وطنية أخرى أن تكمل مسيرة العمل دون تأخير يسرق سنوات العمر من الجيلين السابق والجديد.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

مقالات مشابهة

  • حذرته من “السيناريو الكابوس”.. مجلة “ذا أتلانتيك” لنتنياهو: لا نصر عسكري تحققه في لبنان
  • قراءة في قضايا العمل وقوانينه
  • المفتي عبدالله: الحوار الوطني حاجة ملحة في الظروف الصعبة
  • سامي الجميل: للتركيز على زراعات ذات قيمة تفاضلية عالية
  • المفتي دريان في رسالة السنة الهجرية: الوحدة الوطنية كانت وستبقى القاعدة الأساس في مقاومة الاحتلال
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • باحث سياسي: إسرائيل في حالة فوضى تزداد بمرور الوقت
  • عز الدين: العدوّ أعجز من أن يقوم بهجومٍ بريٍّ على لبنان
  • هل يمكن أن تؤدي المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب أهلية في لبنان؟.. تقرير يجيب
  • ما نحن عليه اليوم هو الأفضل... القطاع العقاري مكبوت ولا أفق للتحسن!