برامج اكتشاف الكويكبات القاتلة قد تساعد في إنقاذ العالم
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
كثيرا ما نغالي في تقدير قدرة التكنولوجيا على حل المشكلات العالمية. لكن عندما يتعلق الأمر بإنقاذ العالم من ضربات الكويكبات، قد تثبت بعض سطور الشيفرات أنها منقذنا الحقيقي.
يشرف علماء الفلك على التلسكوبات الفضائية التي تمسح السماء بحثا عن صخور فضائية شاردة، لكن تحركاتها المنتظمة تقوم على الآحاد والأصفار.
تحتاج الخوارزميات التقليدية إلى أربع صور للجسم المتحرك، يجري التقاطها خلال ليلة واحدة، وذلك للتأكد مما إذا كان صخرة فضائية حقيقية. لكن البرنامج الجديد الذي أنشأه باحثون في جامعة واشنطن يقلل عدد الملاحظات الليلية اللازمة بمقدار النصف، مما يعزز قدرة المراصد على التعرف السريع على هذه المقذوفات الحجرية. وقد تبين بالفعل للبرنامج، المسمى بهليولينك ثلاثي الأبعاد [HelioLinc3D] أن المسوحات القديمة قد غفلت عن كويكب قريب من الأرض.
فمن خلال تحليل البيانات المأخوذة من مسح أطلس الذي تموله وكالة ناسا (وأطلس هو نظام التنبيه الأخير لاصطدام الكويكبات الأرضية)، اكتشف البرنامج كويكبا فشل أطلس والمسوحات المماثلة له في رؤيته، ويبلغ طول الكويكب 600 قدم، وهو من النوع القادر على تدمير مدينة كبيرة.
تم تصنيف الكويكب الذي يحمل اسم س ف 289/2022 [2022 SF289] في فئة الكويكبات «محتملة الخطورة» بناء على حجمه وقربه. ولكن على الرغم من أن أقرب اقتراب لهذا الكويكب يقع على بعد 140 ألف ميل من مدار الأرض، أي نصف المسافة إلى القمر، فلا يوجد خطر اصطدام خلال القرن المقبل ومن المحتمل جدا أن لا يوجد خطر اصطدام خلال عدة آلاف من السنين القادمة.
لن يعزز هليولينك ثلاثي الأبعاد فقط جهود مسوح الكويكبات الموجودة مسبقا. فقد تم تصميمه خصيصا لمرصد فيرا سي روبين في شيلي. وسوف ترى مرآة المرصد الضخمة والكاميرا الضخمة والعين الممتدة كل شيء تقريبا في سماء الليل بتفاصيل غير مسبوقة، من النجوم المنهارة البعيدة إلى الكويكبات التي تسبح في المياه الخلفية لمجرتنا.
على أمل فهرسة أكبر عدد ممكن من الأجسام، تم تصميم تلسكوب روبن لاكتساح السماء بسرعة كل ليلة. ودون هليولينك ثلاثي الأبعاد، لن يتمكن المرصد من الكشف عن حي الكويكبات المحيط بكوكبنا. «والدليل على ذلك هو اكتشاف اسم س ف 289/2022» كما قال آري هاينزي المطور الرئيسي لشركة هليولينك ثلاثي الأبعاد والباحث بجامعة واشنطن.
لقد عثرت عائلة تلسكوبات المسح لصيد الكويكبات على أكثر من اثنين وثلاثين ألف كويكب قريب من الأرض حتى الآن. وأغلب هذه الكويكبات القادرة على إلحاق دمار على نطاق الكوكب كله قد تم العثور عليها لأنه من الأسهل اكتشاف الصخور الكبيرة المتلألئة في ضوء الشمس.
أما الكويكبات التي يبلغ طولها 460 قدما على الأقل -أي تلك القادرة على تدمير المدن أو البلدات الصغيرة في حال اصطدامها بالأرض- فهي أكثر شحوبا بكثير ومن هنا يصعب تحديد موقعها. وفي الغالب لا يجري اكتشافها في الوقت الراهن، حيث تم العثور على حوالي 10500 من إجمالي العدد المتوقع البالغ 25000 تقريبا.
الصور الأربع في الليلة الواحدة اللازمة لخوارزميات المسح التقليدية لاكتشاف الكويكبات لم تكن تتيسر دائما بسبب الظروف الجوية القاسية أو الشحوب الشديد للجسم أو حضور وهج نجم أو مجرة أكثر إشراقا. وبالتالي يمكن التقاط كويكب في صور استقصائية متعددة عبر ليال عديدة دون أن يتم التعرف عليه ـ وليس هذا بالمثالي للدفاع عن كوكبنا.
يستطيع مرصد روبن، الذي ينتظر أن يبدأ في عام 2025 مسحه للسماء طوال 10 سنوات، أن يرى أجساما شديدة الشحوب، ومنها الكويكبات القادرة على تدمير المدن. وباستخدام هليولينك ثلاثي الأبعاد، يحتاج المرصد إلى صورتين فقط كل ليلة، عبر ثلاث ليال مختلفة وغير متتالية، لتأكيد وجود كويكب.
قال ماريو جوريتش، عالم الفلك في جامعة واشنطن ورئيس فريق مشروع هليولينك ثلاثي الأبعاد: «إننا احتجنا إلى مائتي عام لننتقل من كويكب واحد معروف إلى مليون، وبناء على الموعد الذي نبدأ فيه، سوف نحتاج إلى ما بين ثلاثة أشهر وستة لمضاعفة هذا الرقم».
قالت ميج شوامب، عالمة الفلك بجامعة كوينز بلفاست، وغير المشاركة في هذا العمل، إن أدوات الجيل القادم من روبن لن تصنف الكويكبات فحسب، بل و«جميع الأجسام المتحركة»، ومنها المذنبات والعوالم الجليدية من وراء نبتون والكيانات بين النجمية.
وأضافت أن مرصد روبن سيكون آلة للاكتشافات، وأن هليولينك ثلاثي الأبعاد «هو محرك هذه الآلة التي ستعيد كتابة النظام الشمسي» وأملنا هو أن نكتشف عددا لا يحصى من الجزر، داخل ذلك البحر الخالي المظلم، وأن نكتشف جميع البقايا الخادعة من لحظة خلق النظام الشمسي.
جريدة «نيويورك تايمز»
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الذبابة القاتلة تحصد أطفال قرية باندغيو السودانية بمرض الكالازار
ورصدت حلقة برنامج "عمران 5" بتاريخ 2025/3/15 معاناة سكان هذه القرية التي باتت بؤرة للمرض، إذ أكد الأهالي أن الذبابة الرملية الناقلة للطفيلي تعيش بكثافة في المنطقة، مما يجعل الإصابة شبه حتمية في ظل عدم توفر العلاج المناسب.
وروى أحد السكان قصته المأساوية بفقدانه 4 من أطفاله بسبب المرض، مشيرا إلى أن الأعراض تبدأ بحمى شديدة، قبل أن تتفاقم سريعا وتنتهي في كثير من الأحيان بالموت.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 424 وفاة و800 إصابة في السودان جراء مرض ينتقل عبر المياهlist 2 of 4بين الخوف والنزوح والموت.. قصص مأساوية لأصحاب الأمراض المزمنة في السودانlist 3 of 4الحرب تخرج 20 مستشفى و40 مركزا صحيا عن الخدمة في ود مدنيlist 4 of 4الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودانend of listوأضاف أن قلة الوعي وضعف الإمكانيات الطبية جعلا الأمر أكثر تعقيدا، إذ يضطر المصابون إلى السفر مسافات طويلة إلى مستشفى القضارف وسط طرق وعرة، وغالبا ما يكون الوقت قد فات لإنقاذ حياتهم.
وخلال الجولة في القرية استعرض البرنامج مشاهد مؤلمة لأسر فقدت أبناءها بسبب الكالازار، في حين كان البعض الآخر يواجه المصير نفسه دون أمل في الحصول على علاج قريب.
وأوضح أحد الأطباء أن هذا المرض يهاجم الطحال والكبد والجهاز المناعي، ويتسبب في تضخم الأعضاء الداخلية وانخفاض عدد خلايا الدم، مما يجعل المصابين عرضة لمضاعفات قاتلة.
ولم تقتصر الأزمة على المرض ذاته، بل تفاقمت بسبب انعدام الرعاية الصحية الأساسية، إذ لا توجد في القرية وحدة صحية مجهزة ولا كادر طبي دائم، مما يدفع الأهالي إلى الاعتماد على علاجات بدائية أو انتظار حملات صحية نادرة.
إعلانوعندما سُئل أحد السكان عن المستشفى الأقرب أشار إلى رحلة تستغرق ساعات وسط طرق ترابية قد تعني الفرق بين الحياة والموت للمرضى.
مبادرة وزارة الصحةوأمام هذه المأساة بادر فريق من وزارة الصحة بإطلاق حملة رش لمكافحة الذبابة الرملية، في محاولة للحد من انتشار المرض، وتضمنت الحملة رش المنازل والمناطق السكنية بمبيدات خاصة تستهدف أماكن توالد الذبابة، إضافة إلى تقديم العلاجات المتوفرة للمرضى.
وقال أحد مسؤولي الحملة إن هذه الجهود تمثل خطوة أولى نحو تقليل معدلات الإصابة، لكنها غير كافية دون تعزيز القدرات الصحية في المنطقة.
ودعا المسؤول نفسه الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لإنشاء مركز صحي مجهز بالأدوية والتجهيزات اللازمة، معتبرا أن استمرار الوضع الحالي يعني المزيد من الوفيات.
ورغم المأساة فإن الأهالي لم يفقدوا الأمل، إذ استقبلوا الفريق الصحي بحفاوة كبيرة، متشبثين بأي بارقة أمل قد تنقذ أطفالهم من المصير المحتوم.
وبينما كان البرنامج يوثق مشاهد الحملة ظهر أحد الأطفال المصابين بـ"الكالازار" وهو يبتسم رغم ألمه، مما يعكس صلابة سكان القرية في مواجهة التحديات القاسية.
ويظل السؤال بشأن مدى قدرة هذه الجهود المحدودة على إنقاذ أرواح الأطفال، في ظل تفشي المرض وغياب بنية صحية قادرة على التعامل معه، في حين يبقى أمل أهل القرية معلقا بتدخل أوسع يوفر لهم ولأمثالهم حقا أساسيا في الحياة، وهو العلاج قبل فوات الأوان.
16/3/2025