السومرية نيوز – دوليات

توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وإيران إلى اتفاق دبلوماسي نادر بين الخصمين اللدودين، يقضي بتبادل سجناء بين الطرفين والإفراج عن 6 مليارات دولار إيرانية كانت تخضع لعقوبات برعاية قطرية.
هذه الصفقة الشاقة بين البلدين والتي استمرت أشهراً قد تفتح الباب أمام صفقات أخرى بين طهران وواشنطن، أهمها الاتفاق النووي المجمد منذ ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.



منتصف أمس الإثنين أطلقت الولايات المتحدة سراح خمسة إيرانيين محتجزين لديها، مقابل الإفراج عن خمسة أمريكيين محتجزين لدى طهران، بعد أن توسطت قطر في اتفاق يتم بموجبه أيضاً الإفراج عن ست مليارات دولار من أموال إيران المجمدة.

كيف حدث تبادل السجناء؟
بدأ تنفيذ الاتفاق عندما أكدت قطر أن الأموال حُولت إلى حسابات مصرفية في الدوحة.

وبموجب الاتفاق، من المتوقع أن يغادر الأمريكيون الخمسة مزدوجو الجنسية الذين كانوا مسجونين في إيران إلى الدوحة، ومنها إلى الولايات المتحدة.

وفي المقابل، أطلقت الولايات المتحدة سراح خمسة إيرانيين كانوا محتجزين لديها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن اثنين من المواطنين المفرج عنهم عادا إلى إيران، بينما سيبقى اثنان في الولايات المتحدة بناء على طلبهما، وسينضم الخامس إلى أسرته في دولة ثالثة.

وأثار تحويل الأموال الإيرانية انتقادات من الجمهوريين الأمريكيين الذين يقولون إن الرئيس الديمقراطي جو بايدن يدفع في الواقع فدية للإفراج عن مواطنين أمريكيين، بينما دافع البيت الأبيض عن الاتفاق.

والسؤال المهم الذي لا يزال بلا إجابة هو ما إذا كان الاتفاق قد يؤدي إلى اتفاقيات مستقبلية لتسوية خلافات تمتد من الأزمة النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى نفوذ طهران في أنحاء منطقة الشرق الأوسط عبر وكلاء بينهم حزب الله المدجج بالسلاح في لبنان على حدود إسرائيل.

كيف تم التفاوض على الاتفاق؟
قالت مصادر ومسؤولون مطلعون لرويترز إن الاتفاق تم بعد أشهر من اتصالات دبلوماسية ومحادثات سرية ومناورات قانونية، وكانت المفاوضات برعاية قطر.

واستضافت الدوحة ثماني جولات على الأقل لاجتماعات سرية غير مباشرة بين طهران وواشنطن، منذ مارس/آذار 2022.

وكانت الجولات السابقة مخصصة بشكل رئيسي للخلاف النووي بين طهران وواشنطن، لكن بمرور الوقت تحول التركيز إلى السجناء إذ أدرك المفاوضون أن المحادثات النووية لن تؤدي إلى شيء لأنها معقدة.

وأُعلن عن الاتفاق لأول مرة، في العاشر من أغسطس/آب، عندما سمحت إيران لأربعة مواطنين أمريكيين محتجزين بالانتقال من سجن إيفين في طهران إلى الإقامة الجبرية في المنزل. وكان الخامس محتجزاً بالفعل في المنزل.

وبعد شهر، رفعت واشنطن عقوبات للسماح بتحويل أموال إيرانية إلى بنوك في قطر، التي ستضطلع بدور المراقبة كي تضمن أن إيران ستنفق الأموال على سلع لا تخضع لعقوبات.

من هم السجناء؟
– سيامك نمازي

سيامك نمازي (51 عاماً) هو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، ألقى الحرس الثوري الإيراني القبض عليه عام 2015 أثناء زيارته لعائلته في طهران. وبعد أشهر، ألقت السلطات القبض على والده المريض، باقر، بعد أن عاد إلى إيران لزيارة ابنه المحتجز. وصدر حكم عليهما في عام 2016 بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمتي التجسس والتخابر مع الحكومة الأمريكية.

ووضعت السلطات باقر نمازي، وهو حاكم إقليم سابق في إيران، قيد الإقامة الجبرية في عام 2018 لأسباب طبية، وغادر إيران في عام 2022 لتلقي العلاج بالخارج. ويحمل باقر نمازي الجنسيتين الأمريكية والإيرانية أيضاً، وسبق أن عمل لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

– عماد شرقي

انتقل شرقي (59 عاماً) وزوجته في 2017 إلى إيران قادمين من الولايات المتحدة. وألقت السلطات القبض على شرقي، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، لأول مرة في عام 2018 عندما كان يعمل لدى شركة سارافان هولدنج، وهي شركة استثمارات في مجال التكنولوجيا.

وبعدها أطلقت سراحه بكفالة بعد ثمانية أشهر وبرأته محكمة ثورية من تهمة التجسس وتهم أخرى متعلقة بالأمن، لكنه ظل ممنوعاً من السفر.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، استدعته محكمة ثورية أخرى وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس. ولم يُسجن في البداية، لكن وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن السلطات ألقت القبض عليه أثناء محاولته الفرار من إيران، في يناير/كانون الثاني 2021.

– مراد طهباز

ألقت السلطات الإيرانية القبض على طهباز، وهو ناشط بيئي يبلغ من العمر 67 عاماً ويحمل ثلاث جنسيات هي الأمريكية والإيرانية والبريطانية، في عام 2018.

وصدر حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في عام 2019 بتهمة "التجمهر والتواطؤ ضد الأمن القومي الإيراني" و"التواصل مع حكومة العدو الأمريكي لغرض التجسس".

ولم يُكشف عن هويتي السجينين الرابع والخامس. ومن غير المعلوم عدد المواطنين الأمريكيين المحتجزين في إيران نظراً لأن عائلاتهم والحكومة الأمريكية لا ترغب عادة في نشر أسمائهم على أمل إطلاق سراحهم بهدوء.

أما الإيرانيون الخمسة الذين ستطلق الولايات المتحدة سراحهم، فهم: مهرداد معين أنصاري، وقمبيز عطار كاشاني، ورضا سرهنك بور كفراني، وأمين حسن زاده، وكاوه أفراسيابى، وفقاً لمسؤولين إيرانيين.

وقالت الخارجية الإيرانية إن اثنين من المفرج عنهم في إطار الاتفاق سيبقيان في الولايات المتحدة، وإن آخر سيتوجه إلى دولة ثالثة للحاق بأسرته، فيما سيعود اثنان إلى الوطن.

وتطالب إيران منذ سنوات بالإفراج عن رعاياها المحتجزين في الولايات المتحدة. وقال مصدر قضائي إيراني لرويترز إن هناك ما لا يقل عن 12 سجيناً إيرانياً تحتجزهم الولايات المتحدة بشكل رئيسي بسبب "خرق العقوبات الأمريكية على إيران".

لماذا تم تجميد أموال إيرانية في كوريا الجنوبية؟

انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015 مع ست قوى عالمية، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران بهدف تقليص صادراتها من النفط الخام للحد الأدنى، في إطار حملة ممارسة "الحد الأقصى من الضغط" على الجمهورية الإسلامية.

وكوريا الجنوبية كانت في العادة من بين أكبر المشترين للنفط الإيراني، وتلقت في 2018 إعفاء مؤقتاً من العقوبات الأمريكية لتتمكن من مواصلة شراء النفط الإيراني لعدة أشهر بعدها.

لكن بعد أن فرضت واشنطن حظراً كاملاً على صادرات النفط الإيرانية وعلى قطاعها المصرفي في 2019، تم تجميد إيرادات النفط الإيرانية في سول، وكانت قيمتها سبع مليارات دولار.

وقالت السلطات الإيرانية إن طهران خسرت ما يقرب من مليار دولار من أصولها المودعة في البداية في سول، بسبب انخفاض قيمة العملة الكورية الجنوبية مقابل الدولار الأمريكي.

هل ستتحسن العلاقات الإيرانية الأمريكية؟

استخدمت المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران العداء للولايات المتحدة دائماً كعامل حشد للجماهير، برغم العزلة السياسية والمشكلات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات، منذ قطع واشنطن للعلاقات مع طهران بعد فترة وجيزة من الثورة الإسلامية في 1979.

وربما يسمح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بتحسن محدود في العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تصفها إيران بأنها "الشيطان الأكبر"، في ظل تنامي الغضب العام في بلاده من التحديات الاقتصادية وتبعاتها، لكن مصادر إيرانية مطلعة ترى أن تطبيع العلاقات الكامل مع واشنطن سيعني تجاوز خط أحمر للثورة الإسلامية.

ويقولون إن الزعامات الدينية تخشى أن يُضعف تطبيع العلاقات مع واشنطن شرعية الجمهورية الإسلامية ونفوذها في المنطقة، إضافة إلى إلحاق الضرر بسلطة خامنئي في الداخل الإيراني.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی إیران فی عام

إقرأ أيضاً:

من الحروب التجارية إلى الذكاء الاصطناعي: المنافسة الأمريكية- الصينية

أصبح التنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين هو المنافسة الجيوسياسية المحددة في القرن الحادي والعشرين، حيث اتسع نطاقه ليشمل السياسات الاقتصادية، والاستراتيجيات العسكرية، والطموحات الإقليمية، والتقدم التكنولوجي.

وتتجلى هذه المنافسة المتعددة الأوجه بوضوح في حربهما التجارية، التي تميزت بالتعريفات العقابية التي تعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية والتحالفات الاقتصادية من جنوب شرق آسيا إلى أمريكا اللاتينية. وفي الساحة العسكرية، تستفيد الولايات المتحدة من شبكتها الواسعة من القواعد والتحالفات عبر منطقة المحيط الهادئ الهندية، في حين تعمل الصين على تعزيز نفوذها في بحر الصين الجنوبي وتوسيع مبادرة الحزام والطريق، مما يعكس استراتيجيات متباينة للسيطرة على المناطق البحرية والإقليمية الحاسمة.

ويشكل الغزو المحتمل لتايوان نقطة اشتعال متقلبة، حيث يجعل الموقع الاستراتيجي للجزيرة منها ساحة معركة حاسمة لاستعراض القوة، حيث تدعم الولايات المتحدة تايوان من خلال مبيعات الأسلحة والضمانات الدبلوماسية، التي تواجهها التدريبات العسكرية المكثفة والضغوط الدبلوماسية التي تمارسها الصين.

وفي الوقت نفسه، فإن السباق من أجل التفوق في الذكاء الاصطناعي يشهد قيام البلدين بالاستثمار بكثافة في البحث والتطوير، حيث تستفيد الولايات المتحدة من مراكز الابتكار لديها، بينما تقوم الصين بتسخير موارد البيانات الهائلة والمبادرات التي تقودها الدولة.

يستكشف هذا المقال كيف تستخدم الولايات المتحدة والصين أصولهما الجغرافية بشكل استراتيجي لتأمين الانتصارات في مجالات المنافسة الرئيسية هذه، مما يوفر تحليلا شاملا للآثار الأوسع على الاستقرار العالمي وتوازن القوى المتغير.

معركة التعرفة الجمركية

رفع الرئيس الأمريكي جو بايدن الرسوم الجمركية بشكل حاد على السلع المصنوعة في الصين في أيار/ مايو، مدعيا أن "الحكومة الصينية خدعت الولايات المتحدة من خلال ضخ الأموال في الشركات الصينية، مما ألحق الضرر بالمنافسين الذين يحترمون قواعد التبادل التجاري". وتسلط هذه الخطوة الحاسمة الضوء على استراتيجية أوسع في ظل إدارة بايدن، وتهدف إلى إحياء صناعات التكنولوجيا الفائقة الأمريكية وتقليل الاعتماد على الواردات الأجنبية، وخاصة من الصين. وتتضمن الاستراتيجية تقديم إعانات دعم كبيرة لقطاعات الطاقة المتجددة وأشباه الموصلات، مما يضمن بقاء الولايات المتحدة في طليعة الإبداع التكنولوجي. وتشكل زيادة الرسوم الجمركية عنصرا حاسما في هذه الاستراتيجية، مما يؤكد من جديد التزام الإدارة بتكافؤ الفرص أمام الشركات الأمريكية.

ومع ذلك، لم تقف الصين مكتوفة الأيدي في مواجهة هذه التعريفات. وفي مناورة جديدة، تهرّب المصدرون الصينيون من الرسوم الجمركية الأمريكية عن طريق إعادة توجيه البضائع عبر المستودعات بالقرب من الحدود المكسيكية. على هذه النقطة الحدودية بالذات، يتم تفريغ الحاويات وإعادة تعبئتها، ثم نقلها إلى الولايات المتحدة، مستغلين ثغرة في قواعد التجارة الأمريكية المعروفة بإعفاء "الحد الأدنى". وتسمح هذه القاعدة للطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار بدخول الولايات المتحدة معفاة من الرسوم الجمركية، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في مثل هذه الواردات. وفي عام 2023، وصلت صادرات الصين تحت هذا الإعفاء إلى أكثر من 1.4 مليار حزمة بقيمة لا تقل عن 66 مليار دولار، مقارنة بـ500 مليون حزمة في عام 2019. وتسلط هذه الزيادة الكبيرة الضوء على التحديات التي تواجه إنفاذ التعريفات الجمركية والتشوهات المحتملة في البيانات التجارية التي تسببها.

الثغرة ليست مجرد سهو بسيط؛ فهو يمثل خللا كبيرا في استراتيجية الرسوم الجمركية الأمريكية. ويسعى بعض المشرّعين الأمريكيين الآن إلى سد هذه الثغرة، وهي خطوة، على الرغم من كونها ضرورية، قد تؤثر بشكل غير متناسب على الأمريكيين ذوي الدخل المنخفض الذين يعتمدون على السلع المستوردة الأرخص.

التنافس على الأسواق الاقتصادية والأنظمة البنكية

وبالإضافة إلى حرب الرسوم الجمركية، هناك صراع موازٍ يختمر حول نفوذ الشركات الصينية الكبرى في الشرق الأوسط، خصوصا بعد الزيارات الأخيرة للرئيس الإماراتي محمد بن زايد ومن ثم زيارات المسؤولين السعوديين إلى الصين. وقد شهد الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج، استثمارات كبيرة من الشركات الصينية مثل شركة "Xiaomi". وتؤكد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الموقعة بين الإمارات والصين على عمق العلاقات الاقتصادية التي بدأت تقلق الولايات المتحدة. ودعت الولايات المتحدة مرارا وتكرارا إلى الحد من نفوذ الشركات الصينية، وضغطت على الدول العربية لإعادة النظر في عقود النفط والغاز المبرمة مع الصين.

ويمتد هذا الصراع الجيوسياسي إلى النظام المالي العالمي، حيث تتنافس الولايات المتحدة والصين على الهيمنة. ويشكل ظهور "البترو يوان" تطورا مهما في هذا السياق. تمثل العضوية الكاملة للمملكة العربية السعودية في مشروع "M Bridge"، وهي مبادرة للعملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC)، تحولا نحو معاملات العملات الفورية ومنخفضة التكلفة عبر الحدود. وتتحدى هذه الخطوة، التي تسمح ببيع النفط السعودي إلى الصين باستخدام اليوان، هيمنة الدولار الأمريكي في تجارة النفط العالمية.

تايوان في وسط التنافس الأمني والعسكري

تقع تايوان حاليا في قلب التنافس الأمني والعسكري المتصاعد الذي له آثار كبيرة على الاستقرار الإقليمي والعالمي. وتقوم الصين بتكديس المعادن والموارد الحيوية الأخرى، وهو ما يفسره الكثيرون على أنها مقدمة محتملة لمحاولة غزو تايوان والسيطرة عليها. ويذكرنا هذا المخزون الاستراتيجي بالسوابق التاريخية، مثل تكديس ألمانيا النازية للمعادن وأهمها النحاس، قبل غزوها لبولندا في عام 1939.

تنبع مناورات الصين الاستراتيجية من قلقها المتزايد بشأن الجهود الدولية الرامية إلى الحد من صعودها كقوة عالمية. وقد أعرب الرئيس الصيني شي جين بينج بصراحة عن أن البيئة الخارجية للصين أصبحت على نحو متزايد غير مؤكدة ولا يمكن التنبؤ بها، واتهم الولايات المتحدة صراحة باتباع سياسة "الاحتواء الكامل والقمع الكامل للصين". ويسلط هذا الاتهام الضوء على التوترات المتزايدة بين القوتين العظميين.

وفي الوقت نفسه، تعمل الولايات المتحدة بنشاط على مواجهة طموحات الصين في مناطق مختلفة. وفي بحر الصين الجنوبي، تكثف الولايات المتحدة جهودها لتحدي مطالبات الصين الإقليمية التوسعية وعسكرة المنطقة. وأصبح الممر المائي الاستراتيجي، الذي يعد حيويا للتجارة الدولية، نقطة اشتعال للتنافس بين الولايات المتحدة والصين، حيث تقوم الولايات المتحدة بعمليات حرية الملاحة وتعزيز التحالفات مع الشركاء الإقليميين.

علاوة على ذلك، تعمل الولايات المتحدة على كبح النفوذ العسكري الصيني في الشرق الأوسط. وحثت الحلفاء على الامتناع عن التعاون العسكري مع الصين، خاصة في مجال تكنولوجيا الصواريخ الباليستية وقطاعات الدفاع الأخرى. ودفعت العلاقات العسكرية المتنامية بين الإمارات العربية المتحدة والصين الولايات المتحدة إلى وضع عقبات أمام تسليم طائرات إف-35 إلى الإمارات، مما يسلط الضوء على التزامها بالحد من موطئ قدم الصين العسكري في المنطقة.

الذكاء الاصطناعي أحد أهم مساحات الصراع

تعد المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي جانبا مهما من التنافس الاستراتيجي الأوسع بينهما. وتستثمر الدولتان بكثافة في أبحاث الذكاء الاصطناعي والابتكار، حيث حققت الصين خطوات كبيرة بسبب استثماراتها الكبيرة في رأس المال الاستثماري وقدرتها على تعبئة مجموعات كبيرة من البيانات. وفي عام 2017، شكلت الصين 48 في المئة من رأس المال الاستثماري العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، مقارنة بنحو 38 في المئة للولايات المتحدة. وقد أدى هذا الالتزام المالي إلى تسريع تقدم الصين في مجالات مثل تقنيات التعرف على الوجه والمراقبة.

على الرغم من التقدم السريع الذي حققته الصين، تحافظ الولايات المتحدة على تفوقها في مجالات حيوية مثل مواهب الذكاء الاصطناعي والأبحاث المتطورة. تستفيد الولايات المتحدة من نظام جامعي قوي وتركيز عالٍ من أفضل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي. وتتصدر الشركات الأمريكية، مثل "Google" و"OpenAI"، تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، بما في ذلك نماذج اللغات الكبيرة التي تظل متفوقة على نظيراتها الصينية مثل روبوت "ERNIE" التابع لشركة "Baidu".

يعد الذكاء الاصطناعي أيضا عنصرا حاسما في الاستراتيجيات العسكرية لكلا البلدين. وتهدف الصين إلى تحقيق "ذكاء" جيشها، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملية صنع القرار، وتحسين الأنظمة المستقلة، وتعزيز قدرات القيادة والسيطرة. ويشكل هذا الهدف جزءا من طموح الصين الأوسع لتصبح قوة عسكرية عالمية المستوى بحلول منتصف القرن. وعلى العكس من ذلك، تركز الولايات المتحدة على دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية ولكنها تواجه تحديات، مثل مقاومة شركات التكنولوجيا الكبرى للانخراط في مشاريع الذكاء الاصطناعي العسكرية. وتتناقض هذه المقاومة مع التكامل السلس الذي حققته الصين بين جهود الحكومة والقطاع الخاص.

كما تشكل المنافسة الشديدة في مجال الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين مخاطر استراتيجية، بما في ذلك الصراعات العسكرية المحتملة والتهديد بالحرب النووية. ولإدارة هذه المخاطر، تبنت الولايات المتحدة نهجا متعدد الأوجه، بما في ذلك الحد من وصول الصين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وإدارة الذكاء الاصطناعي العسكري بشكل مسؤول، ومواصلة الجهود الدبلوماسية للتخفيف من المخاطر الاستراتيجية. على سبيل المثال، يقيد "قانون تشيبس" صادرات أشباه الموصلات إلى الصين، بهدف الحد من قدراتها على تطوير الذكاء الاصطناعي.

وتؤكد الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد آل نهيان، إلى الولايات المتحدة، على وجود ربط أمريكي بين الحصول على التكنولوجيا الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي وبين تقليل الاعتماد على الشركات الصينية في هذا المجال، بحسب السفير وليام روباك، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد دول ‏الخليج في واشنطن.

مقالات مشابهة

  • من الحروب التجارية إلى الذكاء الاصطناعي: المنافسة الأمريكية- الصينية
  • مستشار خامنئي: طهران ستدعم حزب الله إذا شنت إسرائيل حربا شاملة
  • مستشار خامنئي لا يستبعد تغيير إيران لعقيدتها النووية عند وجود تهديد جدي
  • إيران: لا نريد حربًا إقليمية لكن ندعم حزب الله في حال التصعيد
  • قبل المحاكمة.. القصة الكاملة عن قضية طفل شبرا الخيمة
  • لوبي الكونغرس الأمريكي: تحالفات كردية ومعارضة عراقية ضد بغداد
  • WSJ: كيف تحدت إيران أمريكا لتصبح قوة دولية؟
  • قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية
  • نيويورك تايمز: مواجهة بين إصلاحي ومحافظ متشدد في جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة الإيرانية
  • وول ستريت جورنال: كيف تحدت إيران الولايات المتحدة لتصبح قوة دولية؟