هـل بـات بالإمكـان التخاطـر مـع الآلات ؟
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
يبدو أن حلم التواصل المباشر مع الآلات بواسطة الفكر أصبح في متناول البشر، وهو ما أثبتته مختلف التجارب، لكنّ «نقطة التحوّل» تكمن في وضعه موضع التنفيذ وإتاحته على نطاق واسع، وهو ما لا يزال بعيد المنال.
وأثبتت مختبرات وشركات عدة أن التحكم ببرامج الكمبيوتر ممكن بواسطة التفكير بفضل غرسات في الدماغ، وأن العكس صحيح أيضا، إذ يمكن تحفيز الدماغ مما يُحدث استجابة جسدية.
وأحدث الإنجازات في هذا المجال سجّل في لوزان في نهاية مايو الفائت، عندما تمكُّن شخص مُصاب بشلل نصفي في فقرات من رقبته، للمرة الأولى من استعادة السيطرة طبيعيًا على المشي من خلال التفكير، وذلك بفضل دمج تقنيتين تعيدان الاتصال بين الدماغ والحبل الشوكي.
وفي مايو أيضًا، طوّر علماء أمريكيون وحدة فك ترميز تتيح، من خلال تصوير الدماغ والذكاء الاصطناعي، ترجمة أفكار الشخص إلى لغة من دون التحدث، بعد تدريب الدماغ من خلال تمضية ساعات طويلة في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي.
وتركّز أبحاث التواصل بين الدماغ والآلات في الوقت الراهن على المصابين بالشلل. ويتم اختبار الأجهزة في الغالب ضمن بيئة طبية، مع أن بعضها بات يُستخدم أكثر فأكثر.
ويقول أستاذ علم الأعصاب في جامعة بنسلفانيا مايكل بلات «نستخدم (غرسات) + يوتا أراي+ (من شركة +بلاك روك+) في المختبرات، وهي تعمل. أعرف أشخاصًا يستخدمونها للتحكم بكراسيهم المتحركة».
دماغ متمرّد
لكنّه ينبّه إلى أن «الدماغ لا يستسيغ وضع أشياء فيه، لذا فإن جهاز المناعة يهاجم هذه الأجهزة (...) وبمرور الوقت تنخفض جودة الإشارة مما يتسبب بفقدان معلومات».
وكلما كانت الغرسات أقرب إلى الخلايا العصبية، زادت دقة الإشارة وكانت أغنى، لكنّ زرعها في مواقع كهذه يتطلب عمليات جراحية معقدة، تكون مُكلِفة ومُرهِقة ويقل احتمال استمرارها على المدى الطويل.
وتعوّل شركة «سينكرون» الأمريكية على دعامة يتم إدخالها في الدماغ عبر الوريد الوداجي بعملية جراحية باتت مألوفة في عمليات القلب، ولا تستدعي فتح الجمجمة.
بمجرد وضعها في مكانها، تتيح «الدعامة» للمريض استخدام تطبيقات المراسلة أو تصفح الإنترنت من دون استخدام اليدين أو الصوت، من خلال النقر بواسطة الفكر فحسب.
ويوضح الشريك المؤسس لشركة «سينكرون» توم أوكسلي أن الغرسات الدماغية للتحكم بالأجهزة بلغت «نقطة تحول» في الوقت الراهن. ويشرح أن التركيز في المرحلة السابقة كان على ما يمكن أن تحققه هذه التقنية، أما الآن «فالهدف هو جعل العملية قابلة للتكرار وبسيطة وفي متناول عدد كبير من الناس».
وحصلت «سينكرون» عام 2021 على موافقة من السلطات الصحية الأمريكية لإجراء تجارب سريرية. وزرعت دعامات من هذا النوع لعشرات المرضى الذين يعانون مرض «شاركو» (شلل العضلات التدريجي).
ويقول الدكتور ديفيد بوترينو من مستشفى ماونت سيناي في نيويورك: «كان الهدف هو التحقق من إمكان تسجيل نشاط الدماغ ومن أن لا آثار ضارة لذلك، حتى بعد عام».
ويؤكد أن هذه المهمة أنجزت، وبالتالي حصل المرضى على مكسب ثمين هو الاستقلالية مع أن «طباعة» رسالة أمر مرهق ويستغرق وقتا طويلا.
وبدعم خاص من جيف بيزوس («أمازون») وبيل غيتس، جمعت «سينكرون» 75 مليون دولار في فبراير.
كائنات نصف بشرية
وتأمل شركة «نيورالينك» التي أطلقها الملياردير إيلون ماسك في عام 2016، في تمكين المصابين بالشلل من المشي مجدداً، وفي إعادة البصر إلى المكفوفين، وتطمح حتى إلى علاج الأمراض النفسية مثل الاكتئاب.
ومن الممكن أيضاً للمرء أن يبيع غرسته لمن يحلم ببساطة بأن يكون «سايبورغ»، أي كائنا نصف بشري ونصف آلي.
ويرى الملياردير أن زيادة الإنسان قدرات دماغه على هذا النحو ستتيح للبشرية تجنّب طغيان الذكاء الاصطناعي عليها وهو ما يُعتبر «تهديداً وجودياً». كذلك أشار إلى إمكان حفظ الإنسان ذكرياته على الإنترنت وتحميلها إلى جسم آخر أو روبوت.
لا يستبعد رئيس «تيسلا» و«إكس» («تويتر» سابقا) أيضًا «التخاطر التوافقي» بين البشر لتبادل «أفكارهم الحقيقية» في حالتها الخام، من دون المرور بمصفاة الكلمات.
وتلقت الشركة الناشئة في مايو الفائت من إدارة الأغذية والعقاقير (الجهة المسؤولة عن القطاع الصحي في الولايات المتحدة) الإذن باختبار غرسات دماغية على البشر، وجمعت 280 مليون دولار للاستثمار في هذا المجال.
ويتولى روبوت إجراء عملية جراحية لزرع هذه الغرسة في الدماغ، وهي بحجم قطعة نقود معدنية.
وحتى اليوم، اختُبرت هذه الغرسات على حيوانات فحسب وخصوصا على قردة تعلمت كيفية «اللعب» بلعبة الفيديو «بونغ» من دون عصا تحكم أو لوحة مفاتيح.
وهذه التجربة مماثلة لتجارب عدة أخرى، كتلك التي أجريت عام 1969، عندما تولى الباحث الأمريكي إيبرهارد فيتز تعليم قرد تحريك إبرة على عداد من طريق التفكير، بواسطة أداة تَواصُل بين الدماغ والجهاز.
وكالة فرنس بريس العالمية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
كيف يؤثر "الشخير" على سلوك المراهقين؟.. دراسة حديثة تجيب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين بكلية الطب في جامعة ماريلاند الأمريكية عن تأثير الشخير على السلوكيات لدى المراهقين، حيث يزيد من احتمالية تعرضهم لمشكلات سلوكية مثل قلة الانتباه وخرق القواعد والعدوانية، وفقًا لما نشرته مجلة JAMA Network Open.
اعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 12,000 طفل شاركوا في دراسة وطنية للتنمية المعرفية لدماغ المراهقين (ABCD)، والتي تتابع نمو الدماغ وصحة الأطفال في الولايات المتحدة. شملت الدراسة أطفالًا تتراوح أعمارهم بين 9-10 سنوات، وتابعتهم سنويًا حتى سن 15 عامًا لتقييم مدى تكرار الشخير وتأثيره على قدراتهم السلوكية والمعرفية.
وأظهرت النتائج أن المراهقين الذين يشخرون ثلاث مرات أو أكثر أسبوعيًا يواجهون مشكلات سلوكية مثل ضعف الانتباه وصعوبة بناء العلاقات الاجتماعية والتعبير عن مشاعرهم. ومع ذلك، لم يُلاحظ تأثير على القدرات المعرفية مثل القراءة أو الذاكرة مقارنة بمن لا يعانون من الشخير. كما أشارت النتائج إلى أن معدلات الشخير تنخفض تدريجيًا مع التقدم في العمر حتى دون علاج.
أوضح الدكتور أمال إيزايا، رئيس قسم طب الأنف والأذن والحنجرة للأطفال في جامعة ماريلاند، أن مرحلة المراهقة تتميز بمرونة الدماغ في مواجهة المؤثرات السلبية، مما يفسر استمرار الأداء المعرفي الجيد لدى هؤلاء المراهقين رغم الشخير المتكرر. ونصح باستشارة طبيب الأطفال لإجراء فحص للنوم في حال ملاحظة مشكلات سلوكية قبل التشخيص باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).
وأضاف مارك تي غلادوين، عميد كلية الطب بجامعة ماريلاند، أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات يُتيح تسريع الدراسات بشكل كبير، حيث يعتزم فريق البحث توسيع نطاق الدراسة لتشمل مجموعات بيانات أكبر وتحليل أعمق للعلاقة بين الشخير وتأثيره على الدماغ.