قالت رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز تشاتام هاوس للبحوث، سنام وكيل، إن السياسة الغربية تجاه إيران تفتقر إلى الأهداف والمقاصد، وذلك في أعقاب الصفقة الأمريكية الإيرانية أخيراً والتي تنج عنها إطلاق سراح 5 سجناء وفك تجميد أموال طهران.

وأضافت وكيل في مقال لصحيفة "فايننشال تايمز"، أن إيران على الصعيد المحلي، قمعت مواطنيها خلال عام الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً بينما يتم احتجاز الأجانب والمواطنين مزدوجي الجنسية في السجون الإيرانية للحصول على فدية.

وعلى الصعيد الإقليمي، فإن طهران مفترسة أيضاً، من خلال دعمها بالوكالة للجماعات الإرهابية مثل حزب الله اللبناني، فضلاً عن برنامجها النووي المتقدم.

ومع ذلك، أضافت الخبيرة في الشأن الإيراني،  أنه وعلى الرغم من مجموعة هذه التحديات التي طال أمدها، فإن السياسة الغربية تجاه إيران غير مقيدة ولا اتجاه لها. إذ فشلت الحكومات الغربية في صياغة أو نشر استراتيجية متسقة ومتوازنة وموحدة تغير أو تقيد أنشطة طهران.

انقسامات تكتيكية

وتوضح وكيل، أن الجمع بين الحرب في أوكرانيا، وتحديد أولويات التحديات الجيوسياسية مع روسيا والصين، وأزمة الشرق الأوسط بعد الحربين في أفغانستان والعراق، قلل بالتأكيد من رغبة الغرب في التحرك. كما أدى انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018 إلى خلق انقسامات تكتيكية.

وأصبحت سياسة إيران قضية سياسية حزبية ليس فقط في واشنطن، ولكن أيضاً في المملكة المتحدة وأوروبا، إذ كانت هناك سياسة رجعية وغير متسقة تهدف إلى احتواء الأزمات الإيرانية، بدلاً من حلها.

وكان هذا واضحاً في الأسبوع الماضي، كما تشير وكيل، عندما تداخل الإفراج الذي طال انتظاره عن 5 مواطنين أمريكيين-إيرانيين مزدوجي الجنسية محتجزين ظلماً في إيران مع الذكرى السنوية الأولى لمقتل أميني. أثارت وفاتها في حجز الشرطة شهورا من الاحتجاجات الوطنية تحت شعار "المرأة، الحياة، الحرية".

Nazanin Zaghari-Ratcliffe: a political hostage in Iran finally returns home https://t.co/b2NTCq6TTU | opinion

— Financial Times (@FT) March 18, 2022

ودعمت الحكومات الغربية بقوة الاحتجاجات التي اجتاحت إيران بعد ذلك، وأخرجت النساء والطلاب والمجموعات العرقية وأطفال المدارس. وأدانوا القمع الإيراني وفرضوا موجات من العقوبات على حقوق الإنسان وحاولوا تسهيل الوصول إلى الإنترنت.

تباطؤ الإدانات

وفي التحركات التي أشعلت وميض الأمل في أن يأتي المزيد من الدعم، التقى الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بقادة المعارضة الطموحين.

ثم، على الرغم من الزيادة في عمليات الإعدام والتقارير عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتعذيب والاغتصاب وحتى قتل تلميذات المدارس بالغاز، تباطأت الإدانات الغربية.

وبدلًا من ذلك، تأرجحت السياسة لصالح المشاركة البراغماتية من أجل مواجهة الأزمات الأمنية المتعلقة بالإفراج عن الرهائن، وبرنامج إيران النووي المتقدم، وصادرات طهران من الطائرات بدون طيار لدعم حرب روسيا ضد أوكرانيا. مثل هذا التواصل مع إيران في وقت الاضطرابات الداخلية كشف بوضوح عن رسائل السياسة الغربية المختلطة.

وبالنسية لاتفاق تبادل السجناء، هذا ليس أول تبادل من هذا القبيل. ففي مارس (آذار) 2022، تم إطلاق سراح الرهائن البريطانيين الإيرانيين نازانين زغاري راتكليف وأنوشه عاشوري بعد مفاوضات حول سداد ما يقرب من 400 مليون دولار من الديون البريطانية المستحقة لإيران منذ ما قبل ثورة 1979.

As the U.S. and Iran pursue a possible prisoner exchange, President Biden could soon face a decision about whether to release billions of dollars in funds to Iran. https://t.co/ScjPidDoYx

— NBC News (@NBCNews) June 16, 2023 حلقة الرهائن

وبحسب المقال، فإن إيران تحتجز العديد من الرعايا الأجانب والمواطنين مزدوجي الجنسية. وفي حين أنه ينبغي أن يكون واضحاً أن الحكومات الغربية ستعمل على تأمين إطلاق سراح مواطنيها، فإن هناك حاجة ماسة إلى موقف موحد واستراتيجية لكسر هذه الحلقة المفرغة من أخذ الرهائن.

ولتأجيل الأزمات المحتملة مع انطلاق الحملة الانتخابية الأمريكية، يقال أيضاً،  بحسب "فايننشال تايمز"، إن إدارة بايدن تفاوضت بهدوء على تفاهم غير مكتوب حول برنامج إيران النووي. وقد تباطأت طهران تدريجياً في تخصيب اليورانيوم وخفضت مخزوناتها. في المقابل، ما سمح لها بزيادة مبيعات النفط على الرغم من العقوبات.

وهذه بالتأكيد مناورة محفوفة بالمخاطر عندما لا يكون هناك اتفاق رسمي لمنع إيران من تزويد روسيا بطائرات بدون طيار. في حين أن الاقتصاد المتدهور هو حافز واضح لطهران للإمساك بالكرة، لا سيما مع وصول التضخم رسمياً لحوالي 40% والعملة التي عانت من انخفاض خطير في قيمة العملة، ليس هناك ما يضمن أن حساباتها لن تتغير.

وترى وكيل أنه من شأن اتباع نهج أكثر فعالية أن يؤدي إلى قيام الدول الغربية بتطوير توازن بين الدبلوماسية والردع. وهذا يتطلب استمرار المشاركة للحصول على اتفاقيات سياسية موثقة لاحتواء برنامج إيران النووي ومبيعات الصواريخ والطائرات بدون طيار، مع وضع خطوط حمراء قابلة للتنفيذ من خلال العقوبات والضغط وحتى الخيار العسكري.

واختتمت الخبيرة في الشأن الإيراني مقالها بالقول: "يجب تنسيق الدفاع عن حقوق الإنسان والوقوف في وجه أخذ الرهائن بين الشركاء الغربيين. فقط بالوضوح والوحدة يمكن تخفيف أزمة احتجاز طهران للرهائن محلياً أو إقليمياً أو نووياً".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني إيران أمريكا

إقرأ أيضاً:

مناورات إيران وروسيا والصين.. رسائل إستراتيجية في توقيت حساس

في خطوة لافتة تأتي في سياق إقليمي ودولي يشهد تحولات متسارعة على مستوى التوازنات العسكرية والإستراتيجية، أعلنت وكالة تسنيم الإيرانية عن بدء مناورات بحرية مشتركة بين روسيا والصين وإيران في ميناء تشابهار.

الحدث لا يقتصر على بعده العسكري، بل يتداخل مع سياقات سياسية واقتصادية تعكس أولويات الدول المشاركة فيه، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الغربية على هذه القوى وسعيها لتعزيز شراكاتها الدفاعية في مواجهة التحديات المتزايدة.

يتزامن إجراء هذه المناورات مع مرحلة دقيقة من التوترات المتزايدة بين إيران والولايات المتحدة، حيث تواجه طهران ضغوطا متصاعدة تتعلق ببرنامجها النووي وقدراتها الصاروخية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية التي تستهدف مفاصل اقتصادها.

وتضفي التهديدات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشن عمل عسكري ضد إيران إن استمرت برفض التفاوض، على المناورات بعدا إضافيا يتجاوز الأبعاد العسكرية التقليدية إلى رسائل سياسية واضحة.

????سفن حربية صينية وروسية تدخل المياه الإيرانية#ايران pic.twitter.com/p9jywMfCW9

— وكالة تسنيم للأنباء (@Tasnimarabic) March 10, 2025

موقع المناورات

كما يضفي الموقع الذي اختير لتنفيذ هذه المناورات بعدا إستراتيجيا خاصا، فميناء تشابهار، المطل على المحيط الهندي، لا يمثل مجرد قاعدة بحرية إيرانية، بل يعد نقطة محورية في المشروعات الاقتصادية الإقليمية، كما يتمتع بأهمية جغرافية تجعله مركزا لطرق التجارة الدولية والطموحات اللوجستية الإيرانية.

إعلان

وفي ظل هذه الاعتبارات، يبرز تساؤل حول ما إذا كان اختيار هذا الموقع يعكس توجهًا لتعزيز النفوذ البحري الإيراني، أو أنه يحمل في طياته رسائل أوسع تتجاوز الحدود الإقليمية لتشمل موازين القوى العالمية.

وبالنظر إلى الظروف الدولية الراهنة، فإن هذا التطور يثير اهتمام الأوساط السياسية والعسكرية، حيث يتزامن مع عزلة دولية متزايدة تواجهها روسيا نتيجة حربها في أوكرانيا، إلى جانب التنافس الحاد بين الصين والولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

هذه العوامل مجتمعة تضع المناورات البحرية الثلاثية في سياق أوسع من مجرد تعاون عسكري، لتشكل حدثًا يحمل أبعادًا متعددة على المستويين الإقليمي والدولي.

???? إيران تصدر أنيميشنا ترحيبيا بالضيوف الأجانب المشاركين في مناورات الحزام الأمني

أطلقت إيران أصدرت أنميشنا ترحيبيا بالضيوف الأجانب المشاركين في مناورات الحزام الأمني البحري 2025 المشتركة في شمال المحيط الهادي.
وتحدث الأنميشين بلغات متعددة أي بكل لغات الدول المشاركة في المناورات… pic.twitter.com/Qg3sgE4Y4l

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) March 10, 2025

ردا على تهديد ترامب

ويرى القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم أن هذه المناورات في تشابهار تأتي ردا على تهديدات ترامب بشن هجوم على إيران، لافتا إلى أنه على ترامب أن يعلم أن إيران ليست وحيدة والدول الحليفة مثل روسيا والصين حاضرة إلى جانبها، وأن شن هجوم عسكري على إيران يعني الهجوم على الصين وروسيا، على حد قوله.

كما أوضح في حديثه للجزيرة نت، أنه بناء على الاتفاقيات طويلة المدى بين إيران والصين (25 سنة) وروسيا (20 سنة) والتي تتضمن بعض التعاون العسكري والأمني والمخابراتي كما تضم مناورات ثلاثية مشتركة بين البلدان الثلاثة ووفقا لجدول معين، تنظم مناورات كل فترة معينة بين هذه البلدان.

إعلان

وأردف كنعاني "أن رسالة هذه المناورات واضحة وهي أن دول آسيا القوية ومنها الصين وروسيا وإيران وكذلك الدول الراغبة بالتعاون لتأمين أمان المنطقة قادرة على فعل ذلك".

أهمية جيوستراتيجية

من جهة أخرى، وفي حديث للجزيرة نت، أكد خبير الأمن الدولي عارف دهقاندار أن اختيار ميناء تشابهار لإجراء المناورات المشتركة بين إيران والصين وروسيا ينبع من الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة.

وأوضح أن تشابهار، باعتباره الميناء الإيراني الوحيد المطل على المحيط، يوفر وصولا مباشرا إلى المياه الحرة، ويقع في موقع إستراتيجي بالقرب من المحيط الهندي، ما يجعله نقطة محورية في التحكم في طرق التجارة البحرية وبوابة حيوية للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.

وأضاف دهقاندار أن تشابهار يُعد جزءًا من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، كما يكتسب أهمية خاصة لروسيا التي تسعى إلى توسيع وجودها في المياه الدافئة، كما أشار إلى أن وجود هذه القوى الثلاث في تشابهار قد يحمل رسالة معينة إلى واشنطن وإدارة ترامب، لاسيما في ظل اعتبار الهند شريكا إستراتيجيا للولايات المتحدة في شبه القارة الهندية.

وفيما يتعلق بتوقيت إجراء النسخة السابعة من المناورات المشتركة "حزام الأمن البحري 2025″، أشار دهقاندار إلى أن هذا التوقيت يحمل دلالة مهمة، حيث تأتي هذه المناورات في ظل تزايد التهديدات الإسرائيلية والأميركية بشن هجوم عسكري على إيران للحد من برنامجها النووي.

العصا والجزرة

وأوضح أن هذا التصعيد الإقليمي، إلى جانب سياسة "العصا والجزرة" التي يتبعها ترامب، يزيد من تعقيد المشهد، مما يجعل هذه المناورات بمثابة إشارة إلى استعداد طهران لمواجهة أي تهديدات محتملة.

ومع ذلك، شدد دهقاندار على أن هذه المناورات لا ينبغي تفسيرها على أنها مؤشر على تشكل تحالف شرقي ضد الغرب، مؤكدًا أن روسيا والصين، كقوتين عالميتين، لديهما إستراتيجيات ومصالح خاصة بهما، وينبغي تحليل سلوكهما في إطار المنافسة بين القوى الكبرى.

إعلان

وأضاف أن إيران، باعتبارها قوة إقليمية، لها دورها الخاص في المعادلات الدولية، وينبغي لها، خاصة في المجال العسكري، أن تعتمد على قدراتها الذاتية بدلًا من التعويل على القوى الكبرى.

وخلص دهقاندار إلى أنه رغم تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة خلال فترة حكم ترامب، فإن إقامة هذه المناورات لا تعني بالضرورة تشكيل تحالف رسمي ضد الغرب، بل تمثل نموذجًا للتعاون البراغماتي بين الدول الثلاث وفقًا لمصالحها المشتركة.

واعتبر أن رد الفعل الهادئ من قبل إدارة ترامب على هذه المناورات يؤكد أنها لا تُشكل تهديدًا حقيقيًا للولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • خامنئي يعارض المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامج إيران النووي
  • خامنئي يتهم ترامب بـالخداع في دعواته للمفاوضات النووية
  • إيران قد تخسر العراق.. ترامب وإمكانية استغلال الخوف في مفاوضات الملف النووي
  • وزيرة إسرائيلية: لن نتقدم في المرحلة الثانية من صفقة الرهائن وسنواصل الحرب
  • صفقة أم ضربة؟ غيوم الحرب تتلبّد في سماء إيران
  • مظاهرات في تل أبيب للمطالبة بصفقة تبادل وإعادة الأسرى من غزة
  • مناورات إيران وروسيا والصين.. رسائل إستراتيجية في توقيت حساس
  • الخارجية الأمريكية: ويتكوف سيواصل العمل على صفقة الرهائن من خلال قطر
  • عراقجي: لن نتفاوض تحت الضغط وبرنامجنا النووي كان وسيبقى سلميا
  • إيران: برنامجنا النووي سليم ونرفض الضغوط الغربية