لطالما كانت وسائل الإعلام تتحدث عن الدور الذي يلعبه تغير المناخ في الكوارث الجوية القوية، ويمكن تلخيص الفكرة العامة التي نادت بها وسائل الإعلام بقولنا «الاحتباس الحراري يجعل بعض الظواهر الجوية أكثر انتشارا، ولكن هناك حالات جوية استثنائية لا نستطيع أن نرجع أسبابها إلى تغير المناخ». هذه الفكرة كانت صحيحة في القرن العشرين، لكنها بكل تأكيد فكرة خاطئة اليوم.
وقد نُشرت الدراسة الأولى التي تعلل حدوث الحالات الجوية النادرة بسبب التغير المناخي في عام 2004، وكانت الدراسة تُعنى بموجة الحر الأوروبية التي كانت في صيف عام 2003، وبعدها توالت العديد من الدراسات الأخرى وبلغت أكثر من 50 دراسة ضمن ما يعرف بـ «World Weather Attribution» أو «إسناد الطقس في العالم»، وهي أشبه بجمعية أكاديمية دولية تدرس أسباب الظواهر الجوية النادرة مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة والجفاف والعواصف، تأسست في عام 2015 من قبل علماء المناخ، وتهدف إلى التوصل إلى علاقة هذه الظواهر بالنشاط البشري وما إذا كان النشاط جعلها أكثر حدوثا.
في العام الماضي، قدمنا دارسة حول الأمطار الموسمية في باكستان، التي أدت إلى فيضانات عارمة وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1500 إنسان، وخسائر مالية تُقدر بحوالي 30 مليار دولار، وأظهرت الدراسة أن تلك الأمطار أصبحت أكثر شدة بنسبة تصل إلى 75 % وذلك بسبب التغير المناخي، ودراسة أخرى حول موجات الحر الشديدة التي شهدتها جنوب أوروبا وبعض مناطق أمريكا الشمالية في هذا الصيف، وبينت الدراسة أن تلك الموجات لن تحدث لولا وجود التغير المناخي أيضا.
ومثل هذه الدراسات تعد دليلا رئيسيا اعتمد عليه أحدث تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الحكومية، التي تعنى بتغير المناخ، وأشار التقرير أن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري «يؤثر بالفعل على الكثير من الظواهر الجوية والمناخية الاستثنائية في كل المناطق».
وهناك عِلمٌ يعرف بـ «علم التعزيز»، ويكشف عن مدى التأثيرات ومدى تفاوتها الناتج عن التغير المناخي بسبب النشاط البشري، وتسبب ظواهر جوية ذات تأثير مدمر بشكل هائل ويتضرر منها أفقر سكان العالم، الذين يعيشون في الجنوب العالمي، وهي دول منخفضة الدخل ومستعمرة في كثير من الأحيان، وفي ذات الوقت هي الدول الأقل مساهمة في الانبعاثات الكربونية.
لماذا هذا الأمر مهم؟ لماذا يجب معرفة أن موجات الحر ستتكرر أكثر مع الاحتباس الحراري، وليس هذا فقط، بل أيضا علينا معرفة مدى تزايد حدة الظاهر الجوية، كل ذلك يجب علينا معرفته لأنه يتيح لنا ربط الفهم النظري بالتجارب الحقيقية، بالتالي يجب علينا اتخاذ تدابير وسياسات للسيطرة على التغير المناخي بل ومقاضاة المتسببين.
ويمكننا قياس حجم الغازات الدفيئة التي أطلقتها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي منذ بداية الثورة الصناعية إلى اليوم، كما نملك اليوم قاعدة بيانات هائلة توضح حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بشركات الوقود التقليدي «الأحفوري»، والدول المنتجة له، اليوم نستطيع معرفة حجم الكوارث الجوية وكمية الأضرار الناتجة عنها بسبب التغير المناخي نتيجة النشاط البشري.
ليس من المصادفة أن يقرر مؤتمر COP27 بالعام الماضي إنشاء صندوق لدعم الدول الفقيرة وتعويضها عن الخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي، وليس من المصادفة كذلك أن مقاطعة «مولتنوما» في ولاية «أوريغون» قررت مقاضاة شركات الوقود الأحفوري والمطالبة بمبلغ يفوق الـ50 مليار دولار بسبب الأضرار التي خلفتها موجة حر شديدة حدثت في عام 2021.
اليوم تتوفر لدينا الأدلة لمحاسبة الدول والشركات التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة تغير المناخ نتيجة أعمالها، ولدينا دراسات فردية عديدة تسلط الضوء على موضوع مهم، وهو كيف يمكن للمجتمعات تعزيز قدرتها على تحمل الظروف الجوية القاسية ومواجهة أضرارها المتزايدة في المستقبل.
كل دراسة قدمنها أظهرت أن معاناة الكثير من الناس من الكوارث الجوية الاستثنائية كانت لعدة أسباب منها خروجهم أثناء تلك الحالات لكسب المال لعدم وجود مصادر دخل أخرى، وكذلك بسبب نقص المعلومات حول كيفية التصرف في حالة حدوث الكارثة الجوية، ومن ضمن الأسباب الجودة الرديئة للمنازل التي يعيشون بها، وأمور أخرى عديدة، ولكن ببساطة يمكن إرجاء تلك المآسي بسبب ضعف المسؤولية والأنظمة الاجتماعية أو غيابها أساسا.
رغم أن تغير المناخ في الغالب له تأثير سيئ على الحالات الجوية ويزيدها قسوة، إلا أن الكثير من الأضرار يمكن تجنبها، وليس تفادي تلك الحالات، وهذا ما يبدو محبطا، ولكن الدراسات تمنحنا القدرة على جعل العالم أفضل، نحن بحاجة ملحة إلى مكافحة حرق الوقود الأحفوري، ويمكننا حينها إنقاذ العديد من الأرواح وتحسين جودة حياتهم.
خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التغیر المناخی تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
اليوم.. نظر استئناف صاحب "سايبر" قتل زوجته بسبب خلافات في شبرا الخيمة
تنظر الدائرة الأولي جنايات مستأنف شبرا الخيمة، اليوم الثلاثاء، جلسة استئناف قضية محاكمة صاحب "سايبر"، لاتهامه بقتل زوجته بسبب خلافات أسرية بينهما، بدائرة قسم أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، مع استمرار حبس المتهم لتلك الجلسة.
تعقد الجلسة برئاسة المستشار فوزي يحيي أبو زيد، وعضوية المستشارين، ضياء عبد المنعم شوقي، وحسين رشدي حسين، وأحمد شوقي عبد اللطيف، وإسلام محمد أبو النصر، وأمانة سر حلمي محمود.
وكان قد صدر حكم بالإعدام شنقا بحق المتهم بمحكمة أول درجة، أمام هيئة الدائرة الثانية بمحكمة جنايات شبرا الخيمة، وذلك بعد ورود رد فضيلة مفتي الجمهورية وإبداء الرأي الشرعي فيما اقترفه.
وتضمن أمر الإحالة الخاص بالقضية أن المتهم "محمد ع ص"، 43 سنة، صاحب محل سايبر، لأنه في يوم 25 / 9 / 2024، بدائرة قسم أول شبرا الخيمة، محافظة القليوبية، قتل المجني عليها هند محمد محمود، زوجته، عمداً مع سبق الإصرار.
وتابع أمر الإحالة، أن المتهم عقد العزم وبيت النية على ذلك، وأعد لهذا الغرض سلاح أبيض "كتر"، وانفرد بها بغرفة نومهما، وما أن ظفر بها حتى عاجلها بطعنات متتابعة بعنقها فأرادها في الحال قتيلة، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، التي أودت بحياتها علي النحو المبين بالتحقيقات، كما أحرز بغير ترخيص سلاح أبيض (كتر).
اليوم .. نظر استئناف قضية محاكمة شقيقين لاتهامهما بقتل شخص بالخصوصكما تنظر الدائرة الأولي جنايات مستأنف شبرا الخيمة، اليوم الثلاثاء نظر استئناف قضية محاكمة شقيقين لاتهامهما بقتل شخص وشروعهما في قتل آخر بسلاح ناري "فرد خرطوش"، بدائرة قسم الخصوص بمحافظة القليوبية، للاستعداد والمرافعة، مع استمرار حبس المتهمين لتلك الجلسة.
صدر الحكم برئاسة المستشار فوزي يحيي أبو زيد، وعضوية المستشارين، ضياء عبد المنعم شوقي، وحسين رشدي حسين، وأحمد شوقي عبد اللطيف، وإسلام محمد أبو النصر، وأمانة سر حلمي محمود.
وكان قد صدر حكم بالإعدام بحق المتهمين، في محكمة أول درجة، أمام الدائرة السابعة بمحكمة جنايات شبرا الخيمة، وذلك بعد ورود رد فضيلة مفتي الجمهورية وإبداء الرأى الشرعي في إعدامهم علي ما اقترفوه.
وتضمن أمر الإحالة الخاص بالقضية رقم 15650 لسنة 2022 جنح الخصوص، والمقيدة برقم 3868 لسنة 2022 كلى جنوب بنها، أن المتهمين "مؤمن أ ع"، 20 سنة، عامل، مقيم شارع محمد صبيح قسم الخصوص، و"سيف أ ع"، 21 سنة، عامل، مقيم شارع مياة النار من شارع البنزينة قسم الخصوص، لأنهما في 15 / 11 / 2022، بدائرة قسم الخصوص محافظة القليوبية، قتلا المجني عليه محمود حامد عبد القوي عبد الباسط، عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
وتابع أمر الإحالة، أن المتهمين بيتا النية وعقدا العزم، وأعدا لذلك سلاحاً نارياً "فرد خرطوش" وتربصا للأخير في المكان الذي أيقنا سلفاً تواجده به، وما أن ظفرا به حتى قام الأول بإطلاق عيار ناري صوبه قاصداً من ذلك إزهاق روحه إلا أنه حاد عن الهدف وأصاب المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأشار أمر الإحالة، أن المتهمين شرعا في قتل المجني عليه أشرف محمد على السيد، عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله بأن أعدا لذلك سلاحا نارياً فرد خرطوش، وما أن ظفرا به حتى قام الأول بإطلاق عيار ناري صوبه قاصداً من ذلك إزهاق روحه إلا أنه قد خاب أثر جريمتهما بفعل لا دخل لإرادتهما به وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات.
واستطرد أمر الإحالة، أنه حازا وأحرزا سلاحاً نارياً غير مششخن (فرد خرطوش) بغير ترخيص، كما حازا وأحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري موضوع الإتمام السابق دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازته أو إحرازه.