لجريدة عمان:
2024-11-27@03:57:02 GMT

كوارث غير طبيعية !

تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT

كوارث غير طبيعية !

لطالما كانت وسائل الإعلام تتحدث عن الدور الذي يلعبه تغير المناخ في الكوارث الجوية القوية، ويمكن تلخيص الفكرة العامة التي نادت بها وسائل الإعلام بقولنا «الاحتباس الحراري يجعل بعض الظواهر الجوية أكثر انتشارا، ولكن هناك حالات جوية استثنائية لا نستطيع أن نرجع أسبابها إلى تغير المناخ». هذه الفكرة كانت صحيحة في القرن العشرين، لكنها بكل تأكيد فكرة خاطئة اليوم.

وقد نُشرت الدراسة الأولى التي تعلل حدوث الحالات الجوية النادرة بسبب التغير المناخي في عام 2004، وكانت الدراسة تُعنى بموجة الحر الأوروبية التي كانت في صيف عام 2003، وبعدها توالت العديد من الدراسات الأخرى وبلغت أكثر من 50 دراسة ضمن ما يعرف بـ «World Weather Attribution» أو «إسناد الطقس في العالم»، وهي أشبه بجمعية أكاديمية دولية تدرس أسباب الظواهر الجوية النادرة مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة والجفاف والعواصف، تأسست في عام 2015 من قبل علماء المناخ، وتهدف إلى التوصل إلى علاقة هذه الظواهر بالنشاط البشري وما إذا كان النشاط جعلها أكثر حدوثا.

في العام الماضي، قدمنا دارسة حول الأمطار الموسمية في باكستان، التي أدت إلى فيضانات عارمة وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1500 إنسان، وخسائر مالية تُقدر بحوالي 30 مليار دولار، وأظهرت الدراسة أن تلك الأمطار أصبحت أكثر شدة بنسبة تصل إلى 75 % وذلك بسبب التغير المناخي، ودراسة أخرى حول موجات الحر الشديدة التي شهدتها جنوب أوروبا وبعض مناطق أمريكا الشمالية في هذا الصيف، وبينت الدراسة أن تلك الموجات لن تحدث لولا وجود التغير المناخي أيضا.

ومثل هذه الدراسات تعد دليلا رئيسيا اعتمد عليه أحدث تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الحكومية، التي تعنى بتغير المناخ، وأشار التقرير أن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري «يؤثر بالفعل على الكثير من الظواهر الجوية والمناخية الاستثنائية في كل المناطق».

وهناك عِلمٌ يعرف بـ «علم التعزيز»، ويكشف عن مدى التأثيرات ومدى تفاوتها الناتج عن التغير المناخي بسبب النشاط البشري، وتسبب ظواهر جوية ذات تأثير مدمر بشكل هائل ويتضرر منها أفقر سكان العالم، الذين يعيشون في الجنوب العالمي، وهي دول منخفضة الدخل ومستعمرة في كثير من الأحيان، وفي ذات الوقت هي الدول الأقل مساهمة في الانبعاثات الكربونية.

لماذا هذا الأمر مهم؟ لماذا يجب معرفة أن موجات الحر ستتكرر أكثر مع الاحتباس الحراري، وليس هذا فقط، بل أيضا علينا معرفة مدى تزايد حدة الظاهر الجوية، كل ذلك يجب علينا معرفته لأنه يتيح لنا ربط الفهم النظري بالتجارب الحقيقية، بالتالي يجب علينا اتخاذ تدابير وسياسات للسيطرة على التغير المناخي بل ومقاضاة المتسببين.

ويمكننا قياس حجم الغازات الدفيئة التي أطلقتها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي منذ بداية الثورة الصناعية إلى اليوم، كما نملك اليوم قاعدة بيانات هائلة توضح حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بشركات الوقود التقليدي «الأحفوري»، والدول المنتجة له، اليوم نستطيع معرفة حجم الكوارث الجوية وكمية الأضرار الناتجة عنها بسبب التغير المناخي نتيجة النشاط البشري.

ليس من المصادفة أن يقرر مؤتمر COP27 بالعام الماضي إنشاء صندوق لدعم الدول الفقيرة وتعويضها عن الخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي، وليس من المصادفة كذلك أن مقاطعة «مولتنوما» في ولاية «أوريغون» قررت مقاضاة شركات الوقود الأحفوري والمطالبة بمبلغ يفوق الـ50 مليار دولار بسبب الأضرار التي خلفتها موجة حر شديدة حدثت في عام 2021.

اليوم تتوفر لدينا الأدلة لمحاسبة الدول والشركات التي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة تغير المناخ نتيجة أعمالها، ولدينا دراسات فردية عديدة تسلط الضوء على موضوع مهم، وهو كيف يمكن للمجتمعات تعزيز قدرتها على تحمل الظروف الجوية القاسية ومواجهة أضرارها المتزايدة في المستقبل.

كل دراسة قدمنها أظهرت أن معاناة الكثير من الناس من الكوارث الجوية الاستثنائية كانت لعدة أسباب منها خروجهم أثناء تلك الحالات لكسب المال لعدم وجود مصادر دخل أخرى، وكذلك بسبب نقص المعلومات حول كيفية التصرف في حالة حدوث الكارثة الجوية، ومن ضمن الأسباب الجودة الرديئة للمنازل التي يعيشون بها، وأمور أخرى عديدة، ولكن ببساطة يمكن إرجاء تلك المآسي بسبب ضعف المسؤولية والأنظمة الاجتماعية أو غيابها أساسا.

رغم أن تغير المناخ في الغالب له تأثير سيئ على الحالات الجوية ويزيدها قسوة، إلا أن الكثير من الأضرار يمكن تجنبها، وليس تفادي تلك الحالات، وهذا ما يبدو محبطا، ولكن الدراسات تمنحنا القدرة على جعل العالم أفضل، نحن بحاجة ملحة إلى مكافحة حرق الوقود الأحفوري، ويمكننا حينها إنقاذ العديد من الأرواح وتحسين جودة حياتهم.

خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغیر المناخی تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية

يمانيون – متابعات
في إطار معركة “أولي البأس” نفذ مجاهدو حزب الله اليوم الأحد عملية نوعية استهدفت قاعدة حتسور الجوية الصهيونية في عمق الكيان جنوب يافا المحتلة التي يطلق عليها العدو تسمية “تل أبيب”.

وتعد هذه هي العملية الثانية التي يتم استهداف القاعدة بصواريخ مجنحة لأول مرة يتم الكشف عنها.

فما هي قاعدة حتسور الجوية؟

قاعدة حتسور الجوية، هي مطار عسكري وقاعدة عسكرية جوية رئيسية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، تقع في بئر السبع، بالقرب من “كيبوتس حتسريم” جنوب “تل أبيب” وشرقي مدينة أسدود، وتبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 150 كلم.

تم إنشاء القاعدة في أوائل الستينيات، وأعلن تشغيلها في 3 أكتوبر 1966، كما يوجد في “حتسيريم” متحف القوات الجوية الإسرائيلية، وبها أكاديمية الطيران التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي منذ ابريل 1966.

تم بناء القاعدة بأمر من قائد القوات الجوية الإسرائيلية، عيزر وايزمان، وصممها المهندس المعماري يتسحاق مور، وكان القائد الأول للقاعدة يوسف الون.

وتضم قاعدة “حتسور” جناحاً جوياً رئيساً، يحوي على تشكيل استطلاع مؤهل وأسراب من الطائرات الحربية، وتعد مقراً لأسراب 101 أو ما يعرف باسم “المقاتل الأول” الذي يمثل نخبة سلاح الطيران للعدو، وسُمي “105” العقرب لأنه يحمل العقرب كشعار.

واستهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان -حزب الله- القاعدة للمرة الأولى في21 – 11 – 2024م بصلية من الصواريخ النوعية المجنحة.

وكشف حزب الله عن إدخال سلاح الصواريخ المجنحة للحرب المتواصلة مع جيش العدو الصهيوني خلال هذه العملية.

مقالات مشابهة

  • مصر تشارك في إطلاق نداء باكو للعمل المناخي من أجل السلام
  • «التغير المناخي» تطلق مبادرة إماراتنا خضراء
  • جدل عالمي بعد قرار "كوب 29" بتمويل 1.3 تريليون دولار للتغير المناخي.. هل تنفذ الدول الصناعية التزاماتها تجاه الدول الفقيرة؟
  • البنك الدولي: مصر تحقق نموا اقتصاديا كبيرا من خلال العمل المناخي
  • المشاط تؤكد التعاون مع دول أفريقية لنقل الخبرات المصرية في تطوير منصات العمل المناخي
  • بعد اتفاق محادثات «كوب 29».. هل تكفي 300 مليار دولار لمكافحة التغيّر المناخي؟
  • عاجل - التغير المناخي يهدد المعالم الأثرية.. كيف تحركت مصر في السنوات الأخيرة؟
  • ما هي قاعدة “حتسور” الجوية الصهيونية التي استهدفها حزب الله للمرة الثانية
  • كوب29.. تفاصيل اتفاق 300 مليار دولار سنويًا لدعم جهود مواجهة التغير المناخي حتى 2035
  • مصر تمنع صحفيات سودانيات من حضور برنامج دولي عن التغير المناخي